الأربعاء، ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٤ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

مؤهلات النصر في جيل الصحابة

... فإن قادة و رموز المجتمع المسلم هم صحابة النبي صلى الله عليه و سلم ، الذين وضعوا أيديهم في يد النبي صلى الله عليه و سلم حتى ارتفعت راية الإسلام خفاقة و انتشر الإسلام في ربوع الأرض.....

مؤهلات النصر في جيل الصحابة
موقع أنا السلفى
الخميس ١٠ يونيو ٢٠١٠ - ٠٢:١١ ص
2484

الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده صلى الله عليه و سلم تسليما كثيرا

و بعد ..

إن كل أمة تعتز بتاريخها و تفخر ببطولات أبنائها و رجالاتها و إن أحق أمم الأرض بهذا الاعتزاز و الفخار هي الأمة الإسلامية لما أنجبته على طول تاريخها من رجال و أبطال يقف التاريخ أمام صفحات بطولاتهم وقفة إعزاز و فخر و ليس هذا فحسب بل لشهادة العزيز الغفار قال سبحانه و تعالى " كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ "

فسبحان من قدمنا على الناس وسقانا من الإسلام أروى كأس و جعل بيننا أفضل نبي رعا و ساس وقال لنا كنتم خير أمة أخرجت للناس .

و إن كل أمة قادة و رموزا يمثلون قيمة و يوجهون الأمة ليصعدوا بالناس إلى القمة ويبلغوا بها درجات الجنة فإن قادة و رموز المجتمع المسلم هم صحابة النبي صلى الله عليه و سلم ، من نقتهم المحن ، و محصتهم الفتن ، الذين وضعوا أيديهم في يد النبي صلى الله عليه و سلم حتى ارتفعت راية الإسلام خفاقة و انتشر الإسلام في ربوع الأرض فمن رام الرفعة و العزة استهدى بهديهم و اتبع طريقهم.

وهذه جملة من المؤهلات التي أهلت الصحابة – رضي الله عنهم – لقيادة البشرية على سبيل الاختصار لا الحصر :

1-        تعظيمهم لأمر الله عز و جل و أمر رسوله صلى الله عليه و سلم :-

كان الصحابة – رضي الله عنهم – يسارعون إلى تنفيذ أوامر الله عز و جل و أمر رسوله صلى الله عليه و سلم عملا بقول الله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ "  ( الأنفال20 )

 و قوله عز و جل " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً " ( الأحزاب 36 )

فهذا موقف الصحابة الكرام رضي الله عنهم – و استجابتهم لأمر الله عز و جل و أمر رسوله صلى الله عليه و سلم و خروجهم إلى حمراء الأسد في صبيحة يوم أحد و قد دعاهم رسول الله صلى الله عليه و سلم للخروج فخرجوا على ما بهم من جراح و ألم تعظيما لأمر الله عز و جل و أمر رسوله صلى الله عليه و سلم و سجل الله عز و جل لهم ذلك الموقف في كتابه الخالد في سورة آل عمران .

2-        صدقهم رضي الله عنهم – في إيمانهم و أقوالهم و أعمالهم :-

و قد وصف الله عز و جل المهاجرين الكرام بالصدق ، فقال تعالى " لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ " ( الحشر 8 )

 و نزل فيهم رضي الله عنهم – قوله تعالى " مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً " ( الأحزاب 23 )

و لا نستطيع أن ننسى موقف أنس بن النضر رضي الله عنه يوم أحد و قوله لسعد بن معاذ الجنة و رب النضر إني أجد ريحها من دون أحد قال سعد : فما استطعت يا رسول الله ما صنع ، قال أنس بن مالك رضي الله عنه : فوجدنا به بضعا و ثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم ووجدناه قد قتل وقد مثل به المشركون فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه .

3- زهدهم في الدنيا و رغبتهم في الآخرة :-

إنما سبق الصحابة رضي الله عنهم بقوة يقينهم بالآخرة الباقية و زهدهم في الدنيا الفنية قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه للتابعين لأنتم أكثر عملا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم لكنهم كانوا خير منكم كانوا أزهد في الدنيا و أرغب في الآخرة

تصف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فراش رسول الله صلى الله عليه و سلم فتقول " كان ينام أدما حشوه ليفا " متفق عليه وهذا عمر رضي الله عنه و هو خليفة المسلمين يرقع ثوبه و ينام على ظنفة رحله متوسدا الحقيبة و يقول هذا يبلغني المقيل.

4- شجاعتهم النادرة و استهانتهم بالحياة الدنيا :-

و كأن صحابة النبي صلى الله عليه و سلم تمثلت لهم الآخرة و تحلت لهم الجنة بنعمائها كأنهم يرونها رأي العين فطاروا إليها طيران الحمام الزاجل لا يلوي شيء و تعددت صور شجاعتهم فهذا عمير بن الحمام يوم بدر يقول " بخ بخ إنها الحياة الطويلة إن أنا بقيت إلى أن آكل تلك الثمرات وألقاها من يده ثم قاتلهم حتى قتل ".

وفي يوم اليمامة أغلقت بنو حنيفة أنصار مسيلمة الكذاب الباب عليهم و أحاط بهم الصحابة فقال البراء بن مالك : يا معشر المسلمين ألقوني عليهم في الحديقة فاحتملوه فوق الجحف ورفعوها بالرمح حتى ألقوه عليهم من فوق سورها فلم يزل يقاتلهم دون بابها حتى فتحه و دخل المسلمون الحديقة من حيطانها و أبوابها يقتلون من فيها من المرتدة من أهل اليمامة حتى خلصوا إلى مسيلمة – لعنه الله – 5- قطع حبال الجاهلية وموالاة الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين :

كان الواحد من الصحابة بمجرد أن يدخل الإسلام يجتهد كل الاجتهاد أن يقطع حبال الجاهلية و أن يخلع على باب هذا الدين مل ماضيه بما فيه من سوءات وظلمات

فهذا عبد الله بن أبي سلول يستأذن النبي صلى الله عليه و سلم بأن يأتي برأس والده رأس المنافقين و هذا حنظلة بن أبي عامر يطلب من النبي صلى الله عليه و سلم قتل أبيه لما آذى الرسول صلى الله عليه و سلم والمسلمين فينهاه النبي صلى الله عليه وسلم  عن ذلك كما نهى عبد الله بن أبي بن سلول .

6- استهانتهم بزخارف الدنيا وزينتها الجوفاء :

علم الصحابة رضي الله عنهم – حقارة الدنيا وزيف زخارفها فاستهانوا بها فلم تبهرهم الأضواء و لم تشغلهم الشهوات ، و ما موقف الصحابي الجليل ربعي بن عامر يوم القادسية عنا ببعيد حين دخل على رستم و قد مزق النمارق و الوسائد التي وضعت له وهو إنما يمزق شهوات الدنيا الفانية وزخارفها الجوفاء .

7- حرصهم على الاجتماع و الوحدة ونبذ الخلاف :

كان الصحابة رضي الله عنهم – من أحرص الناس على أسباب الرفعة و النصر و التي من أسبابها الوحدة و الاجتماع و نبذ الخلاف قال تعالى " وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ " ( آل عمران 103 )

 قال علي رضي الله عنه :- السنة و الله سنة محمد صلى الله عليه و سلم و البدعة ما فارقها ، و الجماعة و الله مجامعة أهل الحق و الفرقة مجامعة أهل الباطل وإن كثروا .

8- مسارعتهم رضي الله عنهم – إلى التوبة والإنابة إن بدرت منهم المعصية:

كما في قصة ماعز الذي أقر عند رسول الله صلى الله عليه و سلم على نفسه بالزنا فأمر بإقامة الحد عليه ثم أتت الغامدية تقر على نفسها كذلك . و كذا الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر حتى نزلت براءتهم من السماء فقد كان الصحابة رضي الله عنهم – من أسرع الناس إلى التوبة و الإنابة و الاعتراف بالذنب ، كما أنهم دائما أسرع الناس إلى الخير فرضي الله عنهم أجمعين .

9- تكافلهم فيما بينهم و مواساتهم لإخوانهم :-

قد مدح الله عز و جل الأنصار الكرام بقوله تعالى " وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ " ( الحشر 9 )

 و كانوا رضي الله عنهم يمتثلون قوله سبحانه " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ "

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قدم عبد الرحمن بن عوف فآخى النبي صلى الله عليه و سلم بينه و بين سعد بن الربيع الأنصاري ، فعرض عليه أن يناصفه أهله و ماله ، فقال عبد الرحمن بن عوف : بارك الله لك في أهلك و مالك " البخاري

10- اتهامهم أنفسهم دائما بالتقصير :-

قال تعالى " وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ "                                                     ( يوسف 53 ) هذا أبو بكر رضي الله عنه يدخل عليه عمر يوما و هو يجند لسانه فيقول له : مه غفر الله لك فيرد عليه أبو بكر قائلا : إن هذا الذي أوردني الموارد "   البخاري

 وهذا أبو الدرداء يصيبه المرض و يدخل عليه أصحابه ليعودوه و يقول له أي شيء تشتكي ؟ فيقول ذنوبي فيقولون له : أي شيء تشتهي فيقول الجنة "

11- أنفتهم و استعلاء الإيمان في قلوبهم :-

هذا الإيمان الذي رفع رأسهم عاليا و أقام صفحة عنقهم فلن تنحني لغير الله أبدا .

12- تزكية نفوسهم بالعبادات :-

وعى الصحابة رضوان الله عليهم عمليا من أن تطهير النفس و تزكيتها هما أساس التغيير المنشود و أساس النجاح و النصر المنشود في الدنيا و الفوز و الفلاح في الآخرة قال تعالى " قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا " ( الشمس 9 )

 " قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى " ( الأعلى 14 ، 15 )                                                 

13- ثباتهم أمام المطامع و الشهوات :-

لا شك في أن قوة الإيمان في قلب العبد تجعله يترفع عن شهوات الدنيا و أغراضها الدنيئة فيصون العرض و يؤدي الأمانة ، و يعف عن الغلول .

14- حرصهم على الأخذ بأسباب القوة :-

عملا بقوله عز و جل " وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ " ( الأنفال 60 )

                                             

وقوله صلى الله عليه وسلم " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف "                                                             رواه مسلم

 15- استنصارهم بالله عز و جل و طلبهم العزة بما أعزهم الله عز و جل به :

و قد كان من هدي الصحابة الكرام أنهم يطلبون النصر من الله عز و جل عملا بقوله تعالى " وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " ( الأنفال 10 )

و يطلبون العزة بما أعزهم الله عز و جل به من الإيمان و العمل بالإسلام و طاعة النبي صلى الله عليه و سلم كما قال عمر : إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله " .

16- ثقتهم بنصر الله عز و جل :-

قال تعالى " وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ " ( الروم 47 )

و قال تعالى " وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ " ( الصافات 173 )                       

و قال صلى الله عليه وسلم " إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها " فكان من ثقة الصحابة الكرام بنصر الله عز و جل يتهمهم المنافقون بالغرور كما قال تعالى " إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ  " ( الأنفال 49 )

تصنيفات المادة