الثلاثاء، ١٥ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٣ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

حول الخطأ في رؤية هلال شوال لعام 1432هـ

ما صحة ما قيل من خطأ رؤية هلال شوال في السعودية ومن تبعها على ذلك من الدول؟ وهل يلزمنا قضاء يوم على إفطارنا يوم الثلاثاء؟

حول الخطأ في رؤية هلال شوال لعام 1432هـ
الأحد ٠٤ سبتمبر ٢٠١١ - ١٧:٤٨ م
2479

السؤال:

ما صحة ما قيل من خطأ رؤية هلال شوال في السعودية ومن تبعها على ذلك من الدول؟ وهل يلزمنا قضاء يوم على إفطارنا يوم الثلاثاء؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني)، وفي رواية: (وَفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني)، وبوب عليه أبو داود: "إِذَا أَخْطَأَ الْقَوْمُ الْهِلاَلَ"، فلو فُرض حدوث خطأ في رؤية الهلال بأن أثبته الإمام بشهادة شهود، وكانوا في الباطن مخطئين أو كاذبين؛ لم يكن على الناس قضاء؛ لأن الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس، أي عامة أهل كل بلد على الصحيح.

وما تناقله البعض من خطأ في رؤية هلال شوال هذا العام في السعودية لا يقدح في الرؤية، وحساب بعض الجمعيات الفلكية السعودية وغيرها بعدم إمكان رؤية هلال شوال ليلة الثلاثاء غير معتبر، بل هذا ينبغي أن يجعل مثالاً واضحًا لما لا يصح اعتماده من الحساب في رد شهادة الشهود؛ لافتقاده الشروط التي ذكرها أهل العلم الذين ذهبوا إلى جواز رد الإمام لشهادة الشهود إذا خالفوا الحِساب، فإنهم اشترطوا اتفاق الحُسَّاب وكون الحِساب قطعيًا في عدم إمكانية الرؤية، وأن يبلغ عدد الحُساب مبلغ التواتر.

وكل هذه الشروط مفقودة في هذه الحالة.

فهم قد اختلفوا في وقت غروب الهلال، بعد أن اتفقوا على ميلاده؛ لأن ميلاد الهلال يمكن ضبطه بطريقة قطعية تعرف بحساب لا يختلف عليه.

وقد قرأت بنفسي على مواقع مختلفة للهيئات الفلكية حسابات مختلفة للحظة غروب الهلال في بلاد مختلفة؟ وهل هي قبل غروب الشمس أم بعدها؟ فبالنسبة لـ"مصر"، وكذلك "مكة المكرمة" بعضهم قال: "يغرب قبل الغروب بثلاث دقائق". وبعضهم قال: "بل يغرب بعده".

وبعض مَن قال بولادته قال: "إن قوس الرؤية لا يسمح بالرؤية رغم وجود الهلال"؛ وهذا كلام فاسد رده شيخ الإسلام "ابن تيمية" -رحمه الله-، واعتبر قائله جاهلاً بالحساب وبالشرع؛ لأن هذا الأمر لا يدرك بالحساب أصلاً؛ لأنه يتعلق بعوامل لا يمكن ضبطها مثل: حدة الإبصار، وخبرة الناظر بمكان الهلال، وارتفاع المكان وانخفاضه، ودرجة صفاء الجو، ووجود الضباب والسحب، وعوامل أخرى لا تدخل تحت الحساب؛ فكيف يجزم واحد بأن قوس الرؤية لا يسمح بالرؤية؟!

ولم يبلغ عدد الحُسَّاب مبلغ التواتر حتى نقبل كلامهم ونرد شهادة الشهود بحسابهم.

وأنا أرى صحة القول بجواز رد شهادة الشهود إذا استوفيت الشروط المذكورة، وليس هذا من تقديم الحساب على الرؤية كما يظن البعض ممن ينكر ذلك، بل هو من رد شهادة من قامت القرائن، بل الأدلة على كذبه أو خطئه، ففي هذه الحالة لم تثبت الرؤية والأمر في هذا العام على خلاف ذلك.

ولو كان مذهب القاضي أو المفتي على خلاف هذا، واعتمد ثبوت الرؤية بأي طريق معتبر شرعًا غير مخالف للإجماع لوجب متابعته ومتابعة أهل البلد في فطرهم وصومهم؛ لما ذكرنا مِن الحديث: (الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ)؛ فلو رأى إنسان الهلال بنفسه ولم يأخذ به القاضي أو المفتي؛ فالصحيح أنه يصوم مع الناس ويفطر مع الناس، ويقف عرفة مع الناس، والحاسب الذي أداه حسابه إلى خطأ الناس في الصوم والفطر فعليه أن يصوم ويفطر مع الناس؛ للدليل المذكور.

وقد أخبرني الإخوة الثقات في "السلوم" أن الهلال قد رآه الناس في "السلوم"، وقريبًا من "مطروح"؛ بالإضافة إلى ما اعتمدته "دار الإفتاء المصرية" من رؤية الهلال في مصر.

و"هيئة القضاء الأعلى في السعودية" لم تتراجع -كما زعموا- عن ثبوت الرؤية بشهادة الشهود، ولا تبرعت الدولة بفدية أو كفارة مزعومة عن الأمة! فكل هذا باطل لا أصل له، وإنما ما ذكرتُ من حساب بعض الجمعيات الفلكية السعودية هو الذي جعل كثيرًا من الناس يظنون أن المملكة السعودية هي التي أعلنت ذلك، وليس صحيحًا، فلا خطأ -إن شاء الله- في رؤية الهلال، والحِساب في هذه المرة لم يستوف شروط جواز رد الشهادة به -عند القائل بذلك-؛ فلا قضاء ولا كفارة، والعيد كان يوم الثلاثاء -بحمد الله-.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي