السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

هل الحجة قائمة على من بلغه الإسلام مشوهًا أم هو من الممتحنين في الآخرة؟

السؤال: قرأت في كتاب "دعوة أهل الكتاب" أن مِن أهل الفترة: "من بلغه الإسلام مشوهًا"، وهم يأخذون أحكام الكفر في الدنيا، وفي الآخرة يمتحنهم الله -عز وجل-. فهل هذا يعني أن من نصارى الغرب ممن لم يصله عن الإسلام إلا أنه دين قتل وإرهاب يدخل في أهل الفترة؟ وما الحد الأدنى مِن المعلومات التي إذا علمها الكافر ولم يؤمن دخل النار؟ وهل الكافر مكلف بالبحث عن الإسلام؟ جزاكم الله خيرًا.

هل الحجة قائمة على من بلغه الإسلام مشوهًا أم هو من الممتحنين في الآخرة؟
الخميس ٠٦ أكتوبر ٢٠١١ - ١٧:٢٤ م
6434

السؤال:

قرأت في كتاب "دعوة أهل الكتاب" أن مِن أهل الفترة: "من بلغه الإسلام مشوهًا"، وهم يأخذون أحكام الكفر في الدنيا، وفي الآخرة يمتحنهم الله -عز وجل-. فهل هذا يعني أن من نصارى الغرب ممن لم يصله عن الإسلام إلا أنه دين قتل وإرهاب يدخل في أهل الفترة؟

وما الحد الأدنى مِن المعلومات التي إذا علمها الكافر ولم يؤمن دخل النار؟ وهل الكافر مكلف بالبحث عن الإسلام؟ جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فمَن بلغه عن الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد بلغه الإسلام، ولم يزل طواغيت الكفر يشوهون صورة الإسلام والنبي -صلى الله عليه وسلم- لأتباعهم، ولا تعتبر مسائل مثل: "ادعاء أنه دين إرهاب، وتعدد الزوجات، وتفضيل الذكر على الأنثى في الميراث" شبهات معتبرة.

وأما المقصود بعبارة: "مَن بلغه الإسلام مشوهًا"، فهو إذا لم تصله الشهادتان، مثل: أن يقولوا له: إن الإسلام معناه أن المسلمين يعبدون محمدًا -صلى الله عليه وسلم-، أو أنه دين وثنية أو أنه كان مُصلحًا اجتماعيًا أو نحو ذلك؛ فهذا مِن أهل الفترة الممتحنين.

ولا أظن وجود أمثال هؤلاء في أوروبا وأمريكا، أو حتى في أقصى بلاد الدنيا إلا في الأدغال والغابات ونحو ذلك، فالأذان يُؤذن به في القطب الشمالي، وثورة الاتصالات جعلت أي إنسان يستطيع بضغطة على زر جهاز الحاسوب أن يعرف دين الإسلام، والمسلمون موجودون في العالم كله يعلنون الشهادتين، وعليهما مدار البلاغ، ولقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) (رواه مسلم)، فالحد الأدنى أن يسمع أن محمدًا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له، فإذا وصله ذلك فلم يبحث، وظل على كفره؛ فهو في النار بنص الحديث وإجماع أهل العلم.

قال الإمام ابن حزم -رحمه الله- في كتابه: "الفصل في الملل والأهواء والنحل": "قال الله -عز وجل-: (لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) (الأنعام:19)، وقال -تعالى-: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (الإسراء:15)، فنص -تعالى- على أن النذارة لا تلزم إلا مَن بلغته لا مَن لم تبلغه، وأنه -تعالى- لا يُعذب أحدًا حتى يأتيه رسول مِن عند الله -عز وجل-، فصح بذلك أن مَن لم يبلغه الإسلام أصلاً؛ فإنه لا عذاب عليه.. وقال -تعالى- آمرًا نبيه أن يقول: (إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) (الأعراف:158)، وهذا عموم لا يجوز أن يُخص منه أحد، وقال -تعالى-: (أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى) (القيامة:36)، فأبطل -سبحانه- أن يكون أحد سدى، والسدى هو: المهمَل الذي لا يؤمر ولا ينهى؛ فأبطل -عز وجل- هذا الأمر، ولكنه معذور بجهله ومغيبه عن المعرفة فقط، وأما مَن بلغه ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث ما كان مِن أقاصي الأرض؛ ففرض عليه البحث عنه، فإذا بلغته عنه نذارته ففرض عليه التصديق به واتباعه، وطلب الدين اللازم له، والخروج عن وطنه لذلك؛ وإلا فقد استحق الكفر والخلود في النار والعذاب، بنص القرآن" انتهى بتصرف من "الفصل".

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي