الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

فوز الإسلاميين هو البداية الفعلية للقضاء على الفتنة الطائفية

فمما يظنه البعض -تعجلاً وتسرعًا- أن فوز المرشحين من التيار الإسلامي بمقاعد في مجلس الشعب، وبالتالي مشاركتهم في الحياة السياسية القادمة في مصر قد يزيد مما اصطلح على تسميته بـ

فوز الإسلاميين هو البداية الفعلية للقضاء على الفتنة الطائفية
علاء بكر
الاثنين ٢٨ نوفمبر ٢٠١١ - ١٩:٣٧ م
3943

فوز الإسلاميين هو البداية الفعلية للقضاء على الفتنة الطائفية

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فمما يظنه البعض -تعجلاً وتسرعًا- أن فوز المرشحين من التيار الإسلامي بمقاعد في مجلس الشعب، وبالتالي مشاركتهم في الحياة السياسية القادمة في مصر قد يزيد مما اصطلح على تسميته بـ"الفتنة الطائفية" في البلاد.

وهذه نظرة يحكمها قصر نظر، ونقص في معرفة الأسباب ووسائل العلاج لهذه الظاهرة؛ لذا يحتاج الأمر إلى توضيح وبيان؛ إذ إن ما يسمى بـ"الفتنة الطائفية" إنما هو من صنع "نظام مبارك السابق"، الذي تعامل مع ما يقع من أحداث ومشاحنات بين أفراد المجتمع من المسلمين والنصارى بطريقة لا تبحث عن الحل الحاسم للأمور، مكتفيًا بتهدئة الأمور بمراضاة أطراف المشكلة مع ترك أسبابها، والتغاضي عن علاجها من الجذور، كمن يطفئ حرائق تشتعل دون أن يبحث عمن يشعلها، ودون أن يأخذ على يديه حتى يمنع تكرارها!

لذا نعيش -وما زلنا- في سلسلة من النزاعات والمشاحنات التي لا تنتهي؛ إذ كلما أطفأنا حريقًا وقع آخر.. خاصة وأن هناك مَن يدفع الحادث دفعًا في اتجاه التصعيد من آنٍ لآخر.

وكان هذا الموقف المفتعل من "نظام مبارك" لاعتبارات منها:

- إرضاؤه للغرب -وخاصة أمريكا- التي ضغطت على النظام المصري مرارًا؛ إرضاءً للمتطلعين من النصارى إلى مكاسب لهم كأقلية باستقواء من جماعات ضغط في المهجر، يهمهم -بمباركة من أطراف مشبوهة- أن تعيش مصر في توتر واحتقان يحول بينها وبين الاستقرار، والأمن والأمان، والتفرع للبناء والتنمية، كما تسعى بتخطيط طويل الأمد إلى تقسيم مصر من الداخل إلى دويلات.

- كما كان "نظام مبارك" حريصًا على إظهار نفسه أمام العالم في صورة مَن يحول بين الإسلاميين وبين السيطرة على مقاليد البلاد؛ باتخاذ التيارات الإسلامية "كفزاعة" يخيف بها الغرب، فيتطلع إلى وجود نظام في مصر يستطيع بقبضته الحديدية أن يمنع هذه التيارات من إحداث تأثيرها في المجتمع، أو الوصول إلى مواقع ومناصب تؤهلها لذلك، ولو أضاع على مصر بذلك ما عند هذه التيارات من كفاءات وتخصصات، وما لديها من القدرات والإمكانيات على البذل والعطاء لأبناء وطنهم.

- وبزوال نظام مبارك وعبر أكثر من عشرة شهور مضت على تنحيه؛ ظهر للجميع في الداخل والخارج ممن يتابع الأمر عن قرب، ويتأمل الأحداث بإمعان وتجرد: أن الإسلاميين هم أحرص الناس على سلامة المجتمع وأمنه، وأسرع الناس في خدمة مجتمعهم، وأنهم أبعد الناس عن الإضرار بالمتواجدين معهم من النصارى على أرض الوطن، فلم تشهد البلاد -شرقًا وغربًا، وشمالاً وجنوبًا طوال الشهور التي انسحبت فيها أجهزة الشرطة من مواقعها، ووقع فيها الاختلال الأمني في كل أرجاء البلاد- أي حوادث اعتداء على كنائس النصارى أو أغراضهم أو ممتلكاتهم، كما ساهمت لجانهم الشعبية التي كوَّنها شباب التيار الإسلامي -خاصة السلفي- في توفير الأمن والأمان للنصارى قبل المسلمين في كل ربوع الوطن.

ولم تفرِّق هذه اللجان في تقديم خدماتها بيْن المسلمين والنصارى، وهذا معلوم للجميع لا يجادل فيه إلا مكابر.

كما ظهر ذلك مِن خلال ما بيَّنته البرامج الانتخابية لأحزاب التيارات الإسلامية، وأعلنه مرشحوها على اختلاف انتماءاتهم، مِن: سلفيين، وإخوان، وجماعة إسلامية، وهي برامج مكتوبة منشورة متاحة للجميع ليطلعوا عليها، فإنهم ملتزمون بعد انتخاباتهم بما يلزمهم به الشرع الإسلامي في معاملة النصارى، حيث إن الإسلام له نظرته الفريدة المتسامحة مع مَن يدينون بغير الإسلام من النصارى في البلد، إذ إن الإسلام يكفل لغير المسلمين حرية العقيدة، وحرية التدين بمعتقداتهم التي يرونها، ويكفل لهم التحاكم لما يمليه عليه دينهم في شئونهم الدينية والأسرية، وأحوالهم الشخصية، ويكفل لهم -أيضًا- الحقوق الكثيرة من: حرية التعلم، والتملك، والتكسب، والتصرف فيما يمتلكون، والالتحاق بالأعمال والوظائف المختلفة.. إلخ.

وهذه كلها حقوق ليست منحة من المسلمين يعطونها لهم متى شاءوا، ويحجبونها عنهم متى أرادوا، ولكنها حقوق كفلها الشرع لهم، ليس لأحد حرمانهم منها.

ولقد أكد العديد من قيادات التيارات الإسلامية أن الحوادث التي وقعت بين مسلمين ونصارى وأثارت الاحتقان والتوتر؛ كانت لأن "النظام السابق" تعمد ألا يتخذ تجاهها مواقف حاسمة رادعة، ولقد كان ينبغي عند وقوع حدث من هذه الأحداث أن يسارع أولو الأمر إلى إيقافها بجدية، والنظر في أسبابها ودوافعها، ثم محاسبة المسئول عنها كائنًا مَن كان.

فلا يُقبل من مسلم أن يظلم نصرانيًّا هو في دولة الإسلام مِن أهل العهد، له حقه في أن يجد النظام الذي يحميه ويحفظ له حقوقه التي كفلها الشرع.

ولا يُقبل من نصراني أن يتعدى حدوده، ويخرج عن قوانين البلاد ونظامها "الذي ارتضته الأغلبية المسلمة"، كما هو الحال في كل بلاد العالم والتي يعيش فيها -أيضًا- نصارى من المصريين وغيرهم، ولا يجرؤون على مخالفة قوانين هذه البلاد التي يعيشون فيها، أو تعريض أمنها للخطر، وبمثل هذا الحزم تُحسم النزاعات وتنتهي، وتزول القلاقل وتنقضي.

إن تطبيق الإسلام يحفظ للجميع حقه وحريته؛ بلا إجحاف ولا تعدٍ؛ فتأخذ الأغلبية المسلمة بدينها، ويلتزم الجميع بنظامه ومنهجه، وتأمن الأقلية غير المسلمة فيه على نفسها ودينها وحرياتها، كما عاش المسلمون والنصارى طوال المئات من السنين السابقة لم يُعرف فيها مثل هذه القلاقل والمحن!

ولله الأمر مِن قبل، ومن بعد.

 

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة