السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

ماذا نريد في الدستور ؟

فالاختلاف الشديد الحاصل حول كيفية تشكيل الهيئة التأسيسية لكتابة الدستور حقيقته التي يعلمها الجميع أنه محاولة من

ماذا نريد في الدستور ؟
ياسر برهامي
الجمعة ٢٠ أبريل ٢٠١٢ - ٠٩:٥٧ ص
4665

ماذا نريد في الدستور ؟

كتبه /ياسر برهامي

الحمد لله والصلاة  والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم ..أما بعد

فالاختلاف الشديد الحاصل حول كيفية تشكيل الهيئة التأسيسية لكتابة الدستور حقيقته التي يعلمها الجميع أنه محاولة من الأقلية الليبرالية لمنع الأغلبية الإسلامية من أن تكون هي صاحبة الصوت المرجح في كتابة الدستور ،وتأتي قضية الهوية الإسلامية و مسألة مرجعية الشريعة التي على رأس قائمة المخاوف الليبرالية التي استعملت ولا زالت تستعمل وساءل (غير ديموقراطية ) بالمرة لعرقلة تشكيل الهيئة و الضغط الإعلامي لاهارب الناس  من الفزع الإسلامي القادم الذي يريد أن ينفرد بكتابة الدستور ،مع أن الإسلاميين قد أرسلوا رسائل طمأنة كثيرة لغيرهم لكن يبدو أنها فقدت في الطريق ولم يصل ،فهم لم يشكلوا الهيئة التأسيسية من الاتجاهات الإسلامية وحدها بل حتى لم يشكلوها بنفس نسبة الأغلبية في البرلمان ولم يدخلوا أحدا من رموز الحركات الإسلامية في الهيئة ،ولكن كل ذلك قد ذهب أدراج الرياح ،ومعلوم للجميع أن القضية ليست في اختيار الهيئة من داخل البرلمان أو خارجه ،وإنما الأمر لمن سيكون له الأمر حول الكلمة الأخيرة في كيفية الصياغة ،لان المتوقع أن الصياغة التي ستعرض على الشعب بثقافته الحالية ستنال الموافقة ،مع أن هذا ليس مسلما به بعد الثورة لأن أحد الخيارات المطروحة لدى الاتجاه السلفي الذي يمثله أقلية في البرلمان لكنه في حقيقة الأمر التي يعلمها الجميع يمثله أغلبية حقيقية في الشارع ،ثم انه الأكثر تأثيرا من الأغلبية الصامتة التي رغم التأثير السلبي لأداء البرلمان وعدم حل مشاكل الجماهير الذين لا يستوعبون الفرق بين السلطة التشريعية والتنفيذية ،لا تزال هذه الأغلبية الصامتة تثق في الدعاة السلفيين أكثر من كل التيارات الأخرى ،نقول إن أحد الخيارات المطروحة هو دعوة جماهير الشعب لرفض الموافقة على الدستور إذا لم يتضمن بوضوح ما يعبر عن الهوية ويؤكد  إرادة الأمة في العودة إلى الشريعة الإسلامية ،وهى القضية التي اختار الناخبون المرشحين الإسلاميين خصوصا السلفيين من أجلها وجعلوها أمانة في أعناقهم لا يمكنهم أن يخونوها ،بل لم يدخلوا غمار العملية السياسية الا من أجلها .

ونحن نقول بكل وضوح للجميع أننا نريد صياغة واضحة لا تحتمل لبسا و لا التفافا و لا تهربا في قضية المرجعية العليا للشريعة الإسلامية وهي ذاتها تتضمن التدرج ولذا نحرص أ ن تكون صياغة المادة الثانية تنص على أن (الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع )ونرتضي حذف كلمتي (المبادئ والحكام )،و ما ذلك إلا لأن تفسير المحكمة الدستورية العليا لكلمة مبادئ الشريعة الإسلامية بأنها تعني ما كان قطعي الثبوت والدلالة  معا ،مما فهم منه الليبراليون أن السنة كلها خارجة خارج المصدرية ؛لأن عامتها ظني الثبوت اصطلاحا ،وأما القران فهو عندهم (حمال أوجه )وهناك اختلافات في التفسير ،وما لم بكن فيه ،فان زماننا يشهد عجبا في مخالفة الكتاب والسنة والإجماع باسم الاجتهاد وعدم التقليد .

فهذا التفسير العجيب لكلمة مبادئ مع أنها لا تعني ذلك لغة ولا شرعا ولا عرفا ،قد أضاع أكثر من 95% من الشريعة المنزلة ،وقد جرى حوار بيني وبين بعضهم حول قوله تعالى (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما )بعد صرح بإخراج السنة كلها من المرجعية فقال: (ومن قال إن القطع بمعنى الإبانة والفصل ؟؟ )،فقد قال تعالى : (وقطعن أيديهن ) مع أن ذلك كان حرجا فمن جهة اللغة القطع يحتمل الجرح فيمكن أن نأتي بمشرط ونجرح يد السارق جرحا بسيطا ونكون قد طبقنا الآية فالكلام محتمل وليس قطعيا ،إذن فلا تطبيق لهذا الحد وقس على هذا كل الشريعة ، فالربا فيه خلاف في تعريفه ،فالفوائد البنكية هناك من يقول ليست ربا ،والرجم يستعمل بمعنى الشتم وهلم جرا ،فالغرض الحقيقي للبعض هو الهروب مما يريده الشعب ويعتقد من وجوب تطبيق الشريعة وهو فوق ذلك وقبله دين الله الذي  أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يقبل دينا سواه .

ونحن لا نرى إلزاما للناس بمنهج معين ،بل نقول إنما يعي بالشريعة ما أنزله  الله وليست آراء الرجال أو مذاهب العلماء الاجتهادية ،لكن ما كان نصا من كتاب أو سنة وما كان مجمعا عليه عند أهل العلم المعتبرين فلا يجوز مخالفته ، والذي يحدد ذلك قانونيا ودستوريا هو المؤسسة الدينية الرسمية ممثلة في الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية ،وهو بلا شك يحتاج إلى إصلاح من داخله ونظن أن الجميع يحرص على ذلك .

ولا يظن احد أننا نعني بذلك تطبيق الحدود غدا دون ضوابط ، فالشريعة هي التي تتضمن الشروط والضوابط والحدود تمثل بالشروط الصعبة التي حددتها الشريعة زواجر أكثر منها عقوبات ،والشريعة هي التي أتت بمراعاة ضوابط المصالح والمفاسد ،والقدرة والعجز ،وهي التي أتت بتأخير الرجم عن الزانية حتى تضع حملها وترضعه وتفطمه  .

وبتأخير إقامة الحد عن المريض الذي يخشى هلاكه وعند الجمهور أنه تقطع الأيدي في الغزو ،وقال شيخ الإسلام ابن تيمية

 (الأصل أن هذه الحدود تقام على أحسن الوجوه ، فما أمكن إقامته من أمير لم يحتج إلي اثنين ،وما أمكن إقامته بعدد ومن غير   سلطان أقيمت ما لم يكن في إقامتها فساد يزيد على إضاعتها ، فإذا كان في إقامتها فساد يزيد على إضاعتها لم يدفع فساد بأفسد منه )

WWW.ANASALAFY.COM

موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة