الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

عبر وعظات ..في أمر الانتخابات

ترى تقدم مرشح للرئاسة فيخبو نجم غيره بعد أن اجتمعت عليه طوائف حتى لم تعد له فرصة ، ثم

عبر وعظات ..في أمر الانتخابات
ياسر برهامي
الخميس ٢٤ مايو ٢٠١٢ - ٢٣:٤٠ م
6760
 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم .. أما بعد ..

الفتن في زماننا كثيرة وعظيمة ، كذلك آيات الله التي يظهرها لعباده لكي يثبت المؤمنين على دينه وطاعته كثيرة وواضحة ، وهكذا سنته سبحانه ، كلما عظمت الفتن كان معها من الآيات والدلائل ما يزيد المؤمنين بصيرة وثباتا على الحق ، فالدجال أعظم فتنة مابين خلق آدم إلى قيام الساعة وهو مكتوب بين عينيه كافر يقرؤها كل مؤمن ، وكانت المحنة والفتنة في أول الإسلام عظيمة ، وكانت دلائل النبوة تتابع لتجعل أمر النبي صلى الله عليه وسلم كالشمس وضوحا (وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً) (الأحزاب: 22) .

وفي زماننا نجد فتنا عظيمة كمحنة المؤمنين في ظل استبداد وطغيان بلغ مداه ، همَّ معه الطغاة أن يأخذوا بدعاة الحق وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذهم الله فكيف كان عقابه لهم ، وبعد أن كادوا أن يستأصلوا الحق وأهله وتصوروا أنهم فوقهم قاهرون ، صاروا إلى غياهب السجون أو حفر القبور بعد إذلال وامتهان فخفضهم الله بعد أن ارتفعوا ، وأذلهم بعد أن تعززوا بغير طاعته ، فسبحان الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء ويرفع من يشاء ويخفض من يشاء.

وفي أمر الانتخابات من العبر والعظات ما تحار في حكمته عقول ذوي الألباب ، فترى في إظهار الله قدرته على تقليب القلوب كيف يشاء آية بينة على أنه وحده الذي يملك قلوب البشر ، اجتمعت قلوب كثير من الناس على مرشح بعينه حتى ظنوا أن الخلافة قاب قوسين أو أدنى على يديه ، وربما بايعه بعضهم على الموت ، وطعن بعضهم في من خالفه حتى اللعن والطرد من الدين ، واعتبارها مسألة ولاء وبراء ، ثم – ويا للعجب – انفضت الأبدان ثم القلوب وسكنت الجوارح ثم العواطف.

وانكشف للكثيرين ملم يكونوا يرونه :

 فـ"عين الرضا عن كل عيب كليلة ... وعين السخط تبدي المساويا ".

وفتن في ذلك من فتن ، وحي من حي ومات من مات ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ترى تقدم مرشح للرئاسة فيخبو نجم غيره بعد أن اجتمعت عليه طوائف حتى لم تعد له فرصة ، ثم يفشل الأول في مسعاه لسبب أو لآخر ، فتعود فرص الآخر للارتفاع حتى لربما ظن البعض أنها له ، ثم إذا برجل آخر يأخذ صفرا أو واحدا في المائة في استطلاعات الرأي يرتفع سهمه صعودا في يوم أو يومين دون أ يدفع للناس مالا كما دفع غير ، ودون أن يغير له فكرة ، وتتعجب ما الذي غير نظرة الناس هكذا فجأة إلا سببا ظاهرا في الحقيقة حتى يعطوه كل هذه الثقة وكل هذه الأصوات ، ليس شيئا إلا أن تقرأ أن الله هو الخافض الرافع .

تنظر في طوائف وجماعات كانت مؤتلفة ومتفقة فإذا أفرادها يختلفون إلى الانفصال والتباعد بل وربما التبغاض والتعادي ، وتظهر تحالفات جديدة ما كان يخطر على بال أن يجتمعوا يوما من الأيام بعد تباينهم وتباعدهم ، والعجب أن الأفكار مازالت مختلفة ، لكن موازين المصالح والمفاسد غير الله بها الرؤى والتوجهات حتى جمع بعد افتراق وفرق بعد اجتماع .

اجلس منفردا ولو لحظات متأملا متدبرا متفكرا واتل هذه الآيات :

(قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران: 26)

( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (يونس: 3)

( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) (الرعد: 2)

(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (السجدة: 5)

وتدبر قول مؤمن الجن بعد أن سمعوا القرآن (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً) (الجن: 10).

وقد أراد الله بمن شاء من أهل الأرض رشدا ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم .

وإنا لنرجوا أن يكون الله أراد بأهل مصر رشدا بما جرى ويجري ، وإذا أيقنت أنها لرجل مكتوبة قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة إن لم يطلبها طلبته حتى يتبوأها فعند ذلك لن تقلق ، ستفوض الأمر إلى من بيده الأمر و تتوكل عليه قائلا : " اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، آمن بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت "

انتظروا من آيات حكمة الله وقدرته ما يبهر العقول (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (هود: 123) ...والحمد لله رب العالمين

تصنيفات المادة