الأربعاء، ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٤ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ

فكيف يمكن للعقول الناقصة المحدودة , أن تحيط بعظمة الخالق عز وجل ولذا نهانا الشرع الحنيف أن نتفكر فى ذات الله عز وجل

وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ
الشيخ أحمد فريد
السبت ٢١ يوليو ٢٠١٢ - ١٨:٠٠ م
2997


قال تعالي {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ{ (الزمر67)

نشر فى بعض الجرائد الرسمية, أن علماء الفلك إكتشفوا أن عدد النجوم فى السماء أكبرمن عدد الرمال على شواطىء جميع البحار والمحيطات, وقد بين الله عز وجل فى كتابه أن هذه النجوم مصابيح فى السماء الدنيا فقال تعالى{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِير{ِ (الملك5).

فإذا كانت هذه النجم والأجرام السماوية على كثرتها وعظمتها مجرد زينة فى السماء الدنيا فكيف بالسماء الدنيا ,ثم الثانية, ثم الثالثة, ثم الرابعة, ثم الخامسة, ثم السادسة, ثم السابعة,ثم العرش, والله تعالى استوى على العرش , بائن من خلقه , والسموات لا تقله ولا تظله , وهو عز وجل فوق كل شىء,أكبر من كل شىء, فكيف يمكن للعقول الناقصة المحدودة , أن تحيط بعظمة الخالق عز وجل ولذا نهانا الشرع الحنيف أن نتفكر فى ذات الله عز وجل فقال تعالى {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ{ (191)

وقال تعالى{وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ (20(وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)

فالله عز وجل يعلم ولا يحاط به علماً لعظمته عز وجل, كما أنه عز وجل يرى فى الاخرة ولا يدرك لعظمته عز وجل.

فنحن نعلم من أسماء الله عز وجل وصفاته , ولكن عقولنا القاصرة لا تحيط علماً بالخالق عز وجل كما قال تعالى {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا{ (طه110)

وكما فى الحديث:[ أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته فى كتابك أو علمته أحد من خلقك أو استأثرت به فى علم الغيب عندك ] فلله عز وجل أسماء استأثر بعلمها ولا يعارض قول النبى صلى الله عليه وسلم [ إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة ] . أى من جملة الأسماء تسعة وتسعين اسماً كما فى قوله صلى الله عليه وسلم :[ إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين فى سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ]

أي من جملة درجات الجنة مائة درجه للمجاهدين .

فالله عز وجل يعلم ولا يحاط به علماً لعظمته , وهو كذلك عز وجل يرى في الاخرة كما قال تعالى{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22(إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) .

ولكنه عز وجل لعظمته لا يُدرك كما قال تعالى {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)

فالإدراك فوق الرؤية فقد تحصل الرؤية ولا يحصل الإدراك قال تعالى {فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61(  

فحصلت الرؤية ولم يحصل الإدراك وقد سئل ابن عباس رضى الله عنه عن قوله تعالى { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ(22(إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) .

وقوله تعالى {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَار}

فقال للسائل سوف أضرب لك مثلاً من خلقه أفترى السماء ؟ قال نعم . قال أفتدركها ؟ قال لا . قال الله أعظم وأوجل.

وقد نهانا الشرع أن نتفكر فى ذات الله تعالى شفقة على عقولنا وأمرنا أن نتفكر فى مخلوقات الله فقال النبى صلى الله عليه وسلم [ لا تفكروا في الله وتفكروا فى مخلوقات الله فإن الله خلق ملكا قدماه في الأرض السابعة السفلى ورأسه قد جاوز السماء العليا , ما بين ركبتيه الى عقبيه مسيرة ستمائة عام وما بين عقبيه الى أخمص قدميه مسيرة ستمائة عام والخالق أعظم من المخلوق ]

وقال النبى صلى الله عليه وسلم [ أذن لى أن اتحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش ما بين شحمة أذنه الى عاتقه تخفق الطير خمسائة عام ]

فكيف يمكن للإنسان أن يتصور خلقاً من خلق الله عز وجل بهذه العظمة وإذا عجزنا عن تصور المخلوق فكيف بالخالق عز وجل .

ً قال تعالى {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) .

تصنيفات المادة