الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

استقالة من حزب النور!

وما آخذه هنا على فريق من أبناء الدعوة أو الحزب، والذين شاركوا فى إرساء لبناته الأولى، وبذلوا بذلا محمودا فى فاعلياته، مرورا بانتخابات مجلسى الشعب والشورى، وإلى وقت قريب، آخذ عليهم

استقالة من حزب النور!
السبت ٠١ سبتمبر ٢٠١٢ - ١١:٠٢ ص
7727

استقالة من حزب النور!

من بديهيات العمل السياسى أنه يمثل حالة من الصراع بين الآراء والبرامج المختلفة، والتى يظن أصحابها فى أنفسهم أنهم مصلحون وأنهم منقذون، وصراعهم من أجل الوصول للسلطة وتنفيذ أفكارهم الإصلاحية، ومن الخطأ البين أن نظن أن كل الحزب السياسى على قلب رجل واحد، أو أن الآلاف المنضمة للحزب جميعهم مصطفون خلف الفكرة بقناعة واحدة ومتطابقة، ولا يكون ذلك على الإطلاق، ولا أرى مثل هذا التطابق الكامل وقع فى أى زمان ولا فى زمن الصحب الكرام، فبرغم وجود الوحى بين ظهرانيهم، كان النبى - صلى الله عليه وسلم - يستشير أصحابه، ولم يكن الصحب يجتمعون فى كل مرة على رأى واحد، كمثل قصة غزوة أحد الشهير، وقصة "كاد الخيِّران أن يهلكا"، التى اختلف فيها وزيرا المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بحضرته.

وما وقع فى حزب النور فى مرحلته التأسيسية من اختلاف فى أساليب الإدارة، وصياغة الرؤى، وتقديم بعض الأفراد دون بعض، أو حتى صدور قرارات دون تشاور كاف، وغيرها من المآخذ، مرجعه فى الأساس إلى حداثة التجربة الحزبية، لا نقول فى التيار الإسلامى فحسب، ولكن فى مصر بأسرها، ولابد بالفعل من تلافى تلك المشكلات، وفتح قنوات للتواصل الداخلى يكون من شأنها إيجاد سيولة فى حركة الآراء صعودا وهبوطا فى كافة مستويات الإدارة، ومن شأن وجود هياكل منتخبة أن تعجل بحسم هذه المشكلات المعلقة، بالإضافة إلى إيجاد صيغة للتعامل مع المشكلة التى وجدت مع بذرة الحزب الأولى وهى الثنائية بين الدعوة السلفية راعية الحزب، وبين الحزب الممثل السياسى لها، وما تحمله هذه الثنائية من تداخل بين العمل السياسى والدعوى، والذى يرى الكثيرون أنه أثر سلبا على العمل الدعوى، وحمَّل العمل السياسى والحزبى تبعات آراء واختيارات بعض الدعاة، كان من الأجدر بالحزب أن يوفر طاقته لما هو أخطر منها.

وما آخذه هنا على فريق من أبناء الدعوة أو الحزب، والذين شاركوا فى إرساء لبناته الأولى، وبذلوا بذلا محمودا فى فاعلياته، مرورا بانتخابات مجلسى الشعب والشورى، وإلى وقت قريب، آخذ عليهم عدم التعامل مع الخلاف الداخلى بالأسلوب الذى يحفظ على الحزب تماسكه، ويضمن له استقراره، بنشرهم استقالاتهم وأسباب خلافهم بشكل علنى، وربما كان لمآخذ بعضهم نصيب من الصحة، ولكنهم لم يقدروا عاقبة الأمر على الكيان الإسلامى برمته، ولم يقدروا أثر الصدع ومدى اتساعه، وأتساءل ما ضرهم -ولو كانوا على حق- أن ينسحبوا بهدوء، أو يصبروا على أثرة عليهم؟، وما ضرهم لو خفضوا جناحهم ولانوا لإخواهم ولو لم يقدروهم قدرهم، ولو لم يعرف الناس لهم بذلهم؟

كلمة أخيرة: كدر الجماعة خير من صفو الفرد، ولأن أكون ذنبا فى الحق خير من أن أكون رأسا فى الباطل.

جريدة الفتح - عدد44- الجمعة 31 أغسطس 2012

تصنيفات المادة