الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

من كواليس الجمعية التأسيسية

فأشهد الله أن الرجل من الذكاء واستحضار نصوص القوانين وحفظها والاطلاع على دساتير العالم ونقدها والتعليق عليها بمكان مما جعل أعضاء اللجنة من الأساتذة الأفاضل يقدرون آرائه ورأيت السيد/ عمرو موسى يبحث عن الشيخ ليجلس بجواره ويقول مازحاً : أنا بقيت تبع حزب النور.

من كواليس الجمعية التأسيسية
الثلاثاء ٠٩ أكتوبر ٢٠١٢ - ١١:٣٦ ص
3780

من كواليس الجمعية التأسيسية :

برهامى فارس لايشق له غبار

::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
كتبه :- عبدالسلام راغب
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
تعلمنا من المنهج السلفى أننا نحترم علماءنا ونجلّهم ولاندعى لهم العصمة ( وكل يؤخذ من قوله ويترك ) إلا النبى صلى الله عليه وسلم وإذا اجتهد الأكابر فأصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر ونتأول خطأهم ماوجدنا لذلك سبيلا .

يتعرض فضيلة الشيخ / ياسر حفظه الله لهجمة شرسة الأسبوع الماضى حتى اللحظة التى أكتب فيها هذه الكلمات وذلك على خلفية لقاء الشيخ بالفريق شفيق مع أن هذا اللقاء كان منذ شهور ولم يكن يعلم بالموضوع شفيق وحده بل كان معه مجموعة من مستشاريه والمجلس العسكرى وجماعة الاخوان فلم يكن سراً ولو كان سبّة لذكره القوم فى حينه لكن لماذا الآن / والآن بالذات تلك الحملة التى تزامنت مع وجود اختلاف فى وجهات النظر بين أبناء حزب النور وهو أمر طبيعى حصل فى جماعة الاخوان من قبل وانشقاق الدكتور ابوالفتوح والزعفرانى عن الاخوان وكذلك ماحصل بين أبناء حزب الوفد ( د.نعمان جمعة ود.السيد البدوى ) وماحدث فى حزب الغد والدكتور أيمن نور .

أقول الهجمة الآن لإضعاف حزب النور ولدور الشيخ ياسر فى الجمعية التأسيسية ( عصفورين بحجر ) وأنا الآن أذكر شيئاً من كواليس الجمعية التأسيسية للدستور والتى شرفت بعضويتها وكيف أن الشيخ لايهدأ ويناقش وينافح ويحاجج لآرائه وحينما بدأنا العمل فى لجنة المقومات الأساسية للمجتمع المصرى جرى الاتفاق على أن نضع دستور 71 كفهرس لنا إما تعديلاً على مواده وإما حذفاً لبعض الألفاظ وإما إضافة مواد مستحدثة واقترح الشيخ جزاه الله خيرا اختصاراً للوقت أن تكون تعديلات أو اقتراحات الأعضاء مكتوبة ثم يتم مناقشتها بعد ذلك ونال هذا الاقتراح من الشيخ استحسانا من أعضاء اللجنة وكان ذلك يوم اثنين من الاسبوع وفى اليوم التالى ( الثلاثاء ) أتى الشيخ حفظه الله بكل المقترحات التى رغب فى تعديلها أو الابقاء عليها من مواد دستور 71 وهى أربعين ونيف مادة مكتوبة كاملة وسلمها للأستاذ/ محمد حمادة وكيل الوزارة بمجلس الشورى ومنسق اللجنة فرأيت الرجل منبهرا من رد فعل الشيخ وانه جهز ذلك فى اسرع وقت فقال له ( ماشاء الله انت جاهز ) وذلك ليتم كتابتها فى مضبطة اللجنة فى حين أن بقية اعضاء اللجنة لم يأتوا بمقترحاتهم الا بعد أسبوع كامل مع انهم أساتذة قانون ومتخصصون ومشهورون منهم ( عمرو موسى - أيمن نور - محمد عمارة - فؤاد بدراوى - نصر واصل - عبدالرحمن البر - حسين حسان - أسامة العبد .......الخ ) مع حفظ الألقاب للسادة الأفاضل .

فأشهد الله أن الرجل من الذكاء واستحضار نصوص القوانين وحفظها والاطلاع على دساتير العالم ونقدها والتعليق عليها بمكان مما جعل أعضاء اللجنة من الأساتذة الأفاضل يقدرون آرائه ورأيت السيد/ عمرو موسى يبحث عن الشيخ ليجلس بجواره ويقول مازحاً : أنا بقيت تبع حزب النور.
أما دفاعه ومنافحته عن مادة الشريعة فحدث عنها ولاحرج فرأيت كيف ينظر لذلك ويقعد ويستدل ويستنبط مماجعل المخالفين له منبهرين بطرحه واستدلالاته وسوف أذكر لكم بعض المقترحات التى ذكرها الشيخ / ياسر فى الجمعية التأسيسية من واقع مضبطة الجلسة فأقولها وبكل صراحة إن عمل الشيخ باللجنة يفوق كل أقرانه مع تقديرنا للجميع ووجدت احتراماً كبيرا من الأعضاء للشيخ واذا تحدّث أصغى الجميع له .

أقول للاسلاميين ماالفائدة الآن فى ذكر وتحليل اللقاء الذى كان بين الشيخ ياسر وبين الفريق شفيق مع أن الشيخ ذكر ملابسات ذلك تفصيليا ؟ حتى وإن اختلف معه من اختلف فهى أصبحت الآن من قدر الله الذى مضى ويُقال فيها مثل كان النبى صلى الله عليه وسلم يقول عن أشياء فعلها ثم تبين له أن المصلحة فى غيرها (( لواستقبلت من أمرى مااستدبرت لفعلت كذا وكذا ..... )) .

رفقاً بالشيخ / ياسر يا معشر الإسلاميين حتى لا يأتى يوم نقول فيه أُكلت يوم أكل الثور الأبيض . ان صلاح الدين الأيوبى رحمه الله ذا عقيدة أشعرية ومع ذلك غفرت الأمة له ذلك لفضله على الأمة ، و لو لم يكن للشيخ فضل إلا منافحته عن العقيدة وتخليصها من الشوائب وأنشأ مدرسة عظيمة وقلعة حصينة لعقيدة التوحيد تأليفاً وتدريساً وتربيةً لكفى الشيخ ذلك .

صدع الشيخ فى وجه الباطل بأن الحاكمية لله فى وقت اختفى فيه كثيرون كانت مؤلفاته فى العقيدة والحاكمية تؤرق النظام وتقض مضاجعهم / ابُتلى بالاعتقال مراراً وضُيـّق عليه وحـُددت اقامته . مهلا أيها الاسلاميين ماذا تركتم للعلمانيين والليبراليين لينتقدوا على الشيخ ، ليس الهدم اليوم لشخص ياسر برهامى وحده وانما هدم للصحوة الاسلامية لأنه رمز من رموزها وأقول هناك باب للنصيحة وأقول للدكتور صفوت حجازى حفظه الله لوكنت مكان الشيخ ياسر الآن ماتتمنى أن يفعله معك افعله أنت معه واعلم أنك قد تـُهاجم وقد هوجمت من قبل ولن يدافع عنك الا إخوانك . إن الهجمة الشرسة الآن على الشيخ ياسر غرضها إضعاف دوره فى التأسيسية .

( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون )

ونقدِّم لإخواننا بعض الاقتراحات التي تَقدَّمْ بها الشيخ ياسر لتعديل بعض مواد الدستور:

المادة الأولى:
:::::::::::::::::::
(النص المقترح): جمهورية مصر العربية دولة نظامها يقوم على الشورى، واندماج مواطنيها واتصالهم في بنيان واحد هو الوطن الواحد، والشعب المصري جزء من الأمة العربية والإسلامية يعمل على تحقيق وحدتها الشاملة.

المبرر للتعديل:
1- استبدال لفظ الشورى بالديمقراطية إيثارًا للفظ العربي المأخوذ من القرآن العظيم الذي هو في عقيدة الأمة فوق كل الدساتير.
2- شرح لفظ المواطنة المذكور في النص القديم بما قررته المحكمة الدستورية العليا في حكمها رقم 8 لسنة 82، جلسة 1-6-2007 حول معنى المواطنة، ونصه: (قيام المجتمع على مزيج من المواطنة والتضامن الاجتماعي، يعني إيمان الجماعة بالانتماء إلى وطن واحد، واندماجها في بنيان واحد، وتداخل مصالحها واتصال أفرادها بعضًا ببعض حتى يكونوا كالبنيان المرصوص يشد بعضه أزر بعض)؛ لأن لفظ المواطنة لفظ لم يسبق استعماله في الدساتير المصرية المتتابعة إلا في التعديل الدستوري لسنة 2007 بدلاً من لفظ اشتراكي الموجود في دستور 71، وهو قد وُضع ليوضح غاية المجتمع المصري وهدفه المنشود.
واللفظ الجديد "المقترح" مع إجماله قد يوحي بأن غاية المجتمع وهدفه هو تحقيق الوطنية وحدها خصوصًا مع وجود بعض الاقتراحات بإضافة لفظ يقوم على المواطنة وحدها، وهو يعارض غاية أكيدة في المجتمع المصري، وهي: "المحافظة على الدين"؛ بالإضافة إلى تحقيق معنى الوطنية، فالشعب المصري (مسلمين ومسيحيين) حريصون على التدين، ويزعجهم تحول بعض أفراده إلى اللا دينية خلاف مجتمعات أخرى تعلي قيمة الوطنية وتهدر قيمة الدين ولا تعبأ بها.
أما إذا كان المقصود من لفظ المواطنة هو مساواة المواطنين أمام القانون في الحقوق والواجبات العامة، فهذا منصوص عليه في القانون في المادة (40)، فلا معنى لتكراره، وأما إذا كان مقصوده الجنسية فله مادة مستقلة.
3- إضافة لفظ: (جزء من الأمة العربية والإسلامية) بدلاً من جزء من الأمة العربية الموجود في دستور 71، يعد تقريرًا لما هو راسخ في نفوس كل المصريين منذ الفتح الإسلامي لمصر إلى الآن من انتماء الشعب المصري للأمة العربية والإسلامية معًا، قال الله -تعالى-: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً) (المؤمنون:52).
وتتأكد أهمية زيادة هذا اللفظ في ضوء بعض المقترحات التي تُثبت انتماء مصر وارتباطها عضويًّا بأفريقيا وآسيا، دون ذكر ارتباطها بالأمة الإسلامية، وإن كنا لا نعارض ذكر هذه الارتباطات الأخرى.
4- ذكر لفظ الوطن الواحد للتأكيد على وحدة الدولة وعدم قبولها للتجزؤ في ضوء دعوات ومخططات خطيرة أصبحت معلومة للجميع تسعى إلى تقسيم مصر إلى عدة دويلات.

المادة الثانية:
:::::::::::::::::::
(النص المقترح): الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية، والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.

المبرر للتعديل:
عقيدة الأمة في دين الإسلام وتعظيم القرآن لا يمكن لأحد أن ينازع فيها، وقد قال الله -تعالى-: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ) (المائدة:49)، فالله قد أنزل الشريعة الصالحة لكل زمان ومكان، وليس فقط "المبادئ" التي يُختلف في تفسيرها بين المقاصد فقط أو ما هو قطعي الثبوت والدلالة معًا؛ مما يفرغ المادة من مضمونها، ويحولها إلى مادة ديكورية تزيينية كما يقول البعض! لأنه من المعلوم أن ما هو قطعي الثبوت والدلالة معًا هو نادر جدًا.
فالواجب على الجمعية التأسيسية أن تكون صادقة في التعبير عن إرادة الأمة في العودة إلى الشريعة الإسلامية وتنظيم الحياة كلها، ونحن لا نطلب الالتزام بمذهبنا أو برأينا، بل نقول بمرجعية الأزهر كمؤسسة واجتهاد جماعي لا فردي المتمثل في "هيئة كبار العلماء" أو "مجمع البحوث الإسلامية" في تحديد ما يؤخذ به في هذا الباب، على أن يكون القدر المتفق عليه بين المذاهب الإسلامية المعتبرة مذاهب أهل السنة والجماعة ليس موضع خلاف، وعلى أن يكون القول المأخوذ به معتبرًا في أحد هذه المذاهب التي يدرِّسها الأزهر.
والشريعة الإسلامية هي الضمان لأتباع الشريعتين: "اليهودية والمسيحية" في التحاكم إلى شرائعهم -كما هو مقرر قانونًا-، وإذا كانت بعض الاقتراحات تضمن زيادة مادة أو فقرة في الدستور تنص على حق أتباع الديانتين: "اليهودية والمسيحية" في التحاكم إلى شرائعهم، وليس إلى مبادئ شرائعهم في أحوالهم الشخصية؛ فكيف يُعطى غير المسلمين هذا الحق ويُحرم المسلمون منه وهم غالبية المجتمع؟!


المادة الثالثة:
:::::::::::::::::::
(النص المقترح): السيادة لله وحده، وقد جعله الله للأمة، فالشعب مصدر السلطات وهو الذي يمارس هذه السيادة ويحميها، ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين في الدستور.

المبرر للتعديل :
التأكيد على نفي ما يتوهمه البعض أن النص على مرجعية الشريعة الإسلامية "يعني إنشاء دولة ثيوقراطية" تُستمد السلطة فيها مِن تفويض إلهي على المفهوم الغربي الذي يكون الحاكم فيه -فردًا أو هيئة- صاحب حق ربوبية، يكون كلامه ككلام الإله والرب؛ قال الله -تعالى-: (وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) (آل عمران:64)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (السَّيِّدُ اللَّهُ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني).
فالنص على السيادة لله وحده يجعل البشر في موضعهم الذي يعتقد الشعب المصري فيه "بمسلميه ومسيحيه" أنهم عبيد لله -سبحانه- وحده، ولا سيادة لأحد؛ ولا حتى حاكمه، ولا ممثليه المنتخبين على أفراده، ويجعل سيادة الأمة والشعب تابعة لسيادة الله -سبحانه وتعالى- لا مناظرة ولا مكافئة لها، ففي النظام الغربي يُسمح بسن تشريعات تحرِّم الحلال وتحلل الحرام، وأما في مجتمعنا فلا بد من وجود سقف وحدود لا تتجاوزها السلطات الثلاث: "التشريعية - التنفيذية - القضائية" هي الشريعة الإسلامية.

المادة الخامسة:
:::::::::::::::::::
(النص المقترح): هو نص دستور 71 قبل التعديل في 2007: "يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب في إطار المقوِّمات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور".

المبرر للتعديل :
حذف التعديل الصادر في 2007؛ لعدم جواز مباشرة أي نظام سياسي أو قيام أحزاب سياسية على أية مرجعية أو أساسي ديني، والذي في حقيقته يتعارض مع نص المادة الثانية من لزوم المرجعية للشريعة الإسلامية.
والنص الأول لا يعني ولا يلزم منه السماح بمنع البعض من دخول أحزاب معينة بسبب الدين؛ لأن كل مَن قبل ما ورد في الدستور الذي ينص على مرجعية الشريعة الإسلامية كان يمكنه دخول أي حزب يلتزم بهذه المرجعية، ولا يمكن منعه قانونًا من ذلك؛ فلا فائدة من التعديل المتعارض مع نص المادة الثانية.

******************
كتبه / عبد السلام راغب - عضو الجمعية التأسيسية

تصنيفات المادة