الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

العمل الإسلامي

يؤثر الكثيرون ممارسة دور النقد والامتحان ، وأحيانا دور الاتهام والتخوين ،

العمل الإسلامي
ياسر برهامى
الأحد ١٨ نوفمبر ٢٠١٢ - ٠١:٢٣ ص
2790

العمل الإسلامي

 كتبه/ ياسر برهامي*

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فيؤثر الكثيرون ممارسة دور النقد والامتحان وأحيانًا دور الاتهام والتخوين ودائمًا دور المطالبة بالمثالية، بغض النظر عن التفريق بين الممكن المتاح والمرجو المأمول، مع أن دور النقد البنَّاء الحقيقي إنما يقوم به من خبر العمل في المجال الذي يمكث فيه بطول المشاركة فيه ومعرفة سلبياته وإيجابياته وقدرات المشاركين فيه وإمكانياتهم؛ مما يجعل هذا الدور هو أصعب الأدوار وأهمها في حين أن النقد الهدام هو أسهل الأدوار وأحطها.

والعمل الإسلامي اليوم يواجه تحديات هائلة بعد أن وجد أصحابه أنفسهم أمام مسؤولية قيادة الأمة مجتمعًا وشعبًا وبالمعنى العملي وليس المعنى النظري، وفي الاحتياجات الدنيوية وليس فقط الدينية والدعوية، وفي مواجهة أعداء يريدون إفشال المشروع الإسلامي بكل طريق في الخارج والداخل ممن ينتسب إلى الإسلام أو ممن لا ينتسب إليه.

ونحب أن ننبه هنا إلى عدة أمور ضرورية:

أولاً: حاجتنا إلى الإخلاص والتجرد لله -سبحانه- والحذر من الرياء والسمعة والشهرة وطلب الولاية والرياسة خصوصًا بعد اتساع دائرة العمل السياسي - حاجة ضرورية، فهي للقلب كالماء والهواء؛ لأن المسؤولية لا يمكننا حلها إلا بتوفيق الله ومن قصد غير الله وكله لله إلى نفسه، وإرادة الدنيا سبب للفشل والخذلان، قال الله -تعالى-: (مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَة(آل عمران:152)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ... وَالسُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ(رواه الحاكم وابن حبان، وصححه الألباني)، فكان يتعوذ -صلى الله عليه وسلم- من الرياء والسمعة.

ثانيًا: حاجتنا إلى الصدق في القول والعمل والجد في استفراغ الوسع والطاقة في نصرة دين الله -عز وجل- والنصح للأمة حاجة أساسية؛ هي امتثال لقول الله -عز وجل-: (خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ(البقرة:63).

والضعف في العلم أو العمل أو في الدعوة أو في القيام بالمهمات والمسؤوليات الملقاة على عاتقنا في أمور الدين والدنيا تضييع للأمانة نُسأل عنه يوم القيامة.

ثالثًا: إعمال أصل الشورى في كل الأحيان سبب للتوفيق والهداية لأحسن الوجوه والآراء خاصة ونحن في مرحلة غاية في الحساسية والقرارات والمواقف فيها يترتب عليها مصير أجيال، والاستبداد خطر عظيم يهدد مسيرة العمل الإسلامي؛ إذا حصل في طائفة من طوائف وفصائل العمل الإسلامي ترتب على ذلك الخذلان وعدم التوفيق.

رابعًا: إعداد الكفاءات الجادة في جميع المجالات العلمية والعملية والدينية والدنيوية أصبح ضرورة ملحة ولا يمكن تأخرها، وإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في زمنه: (إِنَّمَا النَّاسُ كَالإِبِلِ المِائَةِ، لاَ تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً(متفق عليه)، ويقول عمر -رضي الله عنه-: "اللهم إليك أشكو جلد الفاجر وعجز الثقة"؛ فماذا نصنع نحن إذن إذا لم نبادر بإعداد الكفاءات في كل المجالات؟!

خامسًا: التدرج سنة شرعية وكونية لابد أن تُراعى بضوابطها الشرعية من القدرة والعجز والمصلحة والمفسدة، وترك هذه السنة أو إهمال ضوابطها يؤدي إلى صدام مرير مع الواقع المؤلم قد يؤدي إلى أن تفقد الحركة الإسلامية قواعدها الشعبية وقبولها في المجتمع.

سادسًا: الإفراط في حسن تصوير الواقع والأداء يمنع من رؤية العيوب وإصلاحها، فعبارة: "كله تمام"، وعبارة: "مائة في المائة" لابد أن تختفي من قاموس مصطلحاتنا، كما أن اليأس والتشاؤم والإفراط في سوء الصورة مانع من الانطلاق والتقدم ومحبط للإرادة والعزيمة.

سابعًا: الحمل الثقيل لا يستطيع أحد أن يحملة وحده، فلابد من تقسيم العمل واستعمال كافة الكفاءات والقدرات دون إخلال بالقوة والأمانة، وقضية التخصص أصبحت من الضروريات.

ثامنًا: الدعاء والتضرع من أعظم الأسلحة التي نواجه بها التحديات، والله وحده منه الإعداد ومنه الإمداد وهو حسبنا ونعم الوكيل.

فنسأله -عز وجل- الهدى والثبات (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* نشرت بجريدة "الفتح" عدد (54)، الجمعة 2 محرم 1434هـ - 16 نوفمبر 2012م.

موقع أنا السلفى

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة