الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

وقفة عتاب... مع فضيلة الشيخ "مصطفى العدوي"

فإن نفرًا معدودًا من الدعاة والمشايخ يعترضون على الدستور الجديد ويدْعون إلى رفضه وعدم قبوله وحجتهم واحدة، ولولا أن ما يذكرونه من اعتراضات وأسباب لِرفض الدستور قد

وقفة عتاب... مع فضيلة الشيخ "مصطفى العدوي"
محمود عبد الحفيظ
الخميس ١٣ ديسمبر ٢٠١٢ - ١٦:٣٣ م
6920
وقفة عتاب... مع فضيلة الشيخ "مصطفى العدوي"
30-محرم-1434هـ   13-ديسمبر-2012      
عدد الزوار: 73

كتبه/ محمود عبد الحفيظ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإن نفرًا معدودًا من الدعاة والمشايخ يعترضون على الدستور الجديد ويدْعون إلى رفضه وعدم قبوله وحجتهم واحدة، ولولا أن ما يذكرونه من اعتراضات وأسباب لِرفض الدستور قد قُتلت بحثًا في محاضرات المشايخ الأفاضل والإخوة في التأسيسية في الفضائيات والمواقع والمنتديات لكُتبت صفحات في الرد عليها سببًا سببًا وشبهة شبهة من كلام شيوخنا وإخواننا.

ومن أبرز هؤلاء المشايخ الداعين لمقاطعة الدستور فضيلة الشيخ "مصطفى العدوي" -غفر الله له وسامحه-، حيث اشتد فضيلة الشيخ "العدوي" على إخوانه من العلماء والدعاة الذين بذلوا جهدًا عظيمًا هائلاً في الدفاع عن هوية مصر الإسلامية ولإخراج دستور يعبِّر بقدر الطاقة عن هوية مصر المسلمة ويمهد لتطبيق الشريعة، فإذا به لا يكتفِ أن يفتي بإثم من وافق على هذا الدستور، بل قال عن المشاركين من أهل العلم وغيرهم في كتابة الدستور ما نصه: "وإن مما يُتأسف عليه أن الأحزاب التي انتخبها الناس كي تقيم شرع الله -سبحانه تعالى-، خانت الأمانات المنوطة بها وتركتها وراء الظهور عياذًا بالله، وسنحاكمهم ونخاصمهم أمام الله -سبحانه وتعالى-، وأخرجوا لنا دستورًا هو أقذر من الدساتير السابقة التي حُكمت بها مصر في جل بنوده!".

ومن عجبٍ أن الشيخ "مصطفى" في الوقت الذي يرمي فيه المشاركين في كتابة هذا الدستور وصياغته بهذه الاتهامات والطعونات الحادة القاسية يصرح بأنه ما جالس واحدًا منهم أو ناقشه في هذا الأمر الجلل حتى يعلم وجهتهم ومقاصدهم وينظر في ردودهم وأجوبتهم، حيث وردت فتوى على الموقع الرسمي للشيخ "مصطفى العدوي" بعنوان:

هل جلستم مع الإخوة العاملين على الدستور؟

يقول السائل: "أنا إمام وخطيب ويوجد بعض التساؤلات حول فتواكم الأخيرة -حفظكم الله- وهي مسألة الدستور فيسأل الناس هل جلس الشيخ مصطفى مع الذي هم نحسبهم على خير في الدستور أو في اللجنة وناقشهم في مسائل الدستور وما ردهم؟ أم فتواكم مبنية على ما كتبوه فقط؟

فكان جواب الشيخ "مصطفى": "الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبعد؛

فجزاكم الله خيرًا على تواصلكم معنا، شكر الله لكم، أما عن السؤال فأقول -وبالله التوفيق-: ما جالستُ واحدًا منهم، ولكني سمعت من قليل منهم، لكن الذي كُتِبَ وخرج علينا عكفت على دراسته زمنًا طويلاً متفرغًا لذلك فوجدت طامات لا يحل لمسلمٍ أن يقول إنه موافقٌ على الدستور... ".

وهذه الطامات -فُندت مرارًا وتكرارًا- التي يرمي بها الشيخ الدستور وواضعيه بالتبع لو كلف نفسه ليجالس ولو واحدًا من إخوانه -أو طالب علم من تلامذتهم- لتبين له الأمر.

وفي الحقيقة: إن هذا الدستور الذي وصفه الشيخ "مصطفى العدوي" بأنه أقذر من الدساتير السابقة هو بشهادة المنصفين من المخالفين أنفسهم أفضل دستور كتب لمصر في عصرها الحديث -بالمقارنة بما سبق-.

وهو أول دستور تكتبه الأمة بقيادة رموز أزهرية وقامات إسلامية متميزة مثل الدكتور: "حسين حامد حسان"، الجامع بين أعلى درجات التخصص في الفقه وأعلى درجات التخصص في القانون والذي كتب دساتير عدة دول إسلامية، ومثل الدكتور: "نصر فريد واصل" مفتي الديار الأسبق، ومثل د. "محمد عمارة" الذي قال عن هذا الدستور: "إن هذا الدستور شهد له الكثيرون بأنه أعظم دستور في العالم حيث توجد أكثر من 60% لمواده لم يسبق لها مثيل، وهو بشهادة الكثيرين أعظم دستور في تاريخ مصر"، وغيرهم...

لقد ارتقى الشيخ "مصطفى" -سامحه الله- بهذه المقولات القاسية وهذه الطعونات الحادة مرتقى صعبًا، وغرد بعيدًا عن سرب العلماء والدعاة الذين لأول مرة منذ أمد بعيد تتفق كلمتهم -بفضل الله- على مثل هذا النحو.

لم نكن ننتظر من فضيلته أن يشق الصف على هذا النحو خصوصًا والنصارى وغيرهم من المغرضين والحاقدين يستغلون كلامه ويروجون تصريحاته "بالصوت والصورة" التي يدعو فيها لمقاطعة الدستور، ويؤثم من يقبله ويوافق عليه.

كنا ننتظر من فضيلة الشيخ "العدوي" أن يكون عونًا لإخوانه الذين وجهوا له ولغيره الدعوة للحوار وأكدوا عليه أكثر من مرة؛ لحضور ملتقى العلماء والدعاة بالهيئة الشرعية ولم يحضر،  بل حاول د."ياسر برهامي" وم."عبد المنعم الشحات" لقاءه فلم يتيسر ذلك مع علم الشيخ مصطفى بحرص الشيخين على هذه المقابلة.

ونقول للشيخ "العدوي": إن النصارى والعلمانيين والليبراليين والإعلاميين ملئوا الدنيا صراخًا وعويلاً وأعلنوها حربًا على الدولة ومؤسساتها... أترى فضيلتك أن هذا شفقة منهم أن يكون دستور مصر القادم أقذر من الدساتير السابقة أم أنهم يصرحون بأن هذا الدستور لا يعبِّر إلا عن الإسلاميين ويكرس للدولة الدينية -وهذا كلامهم- فمنهم من وصفه بأنه دستور السلفيين، ومنهم من قال: إنه دستور الإخوان، ومنهم من قال: إنه دستور سلفي وهابي، ومنهم من وصف المادة المفسرة للمادة الثانية بأنها مادة كارثية؟ إن لم يكن هذا الدستور معبرًا "ولو بدرجة ما على أقل أحواله" عن هوية الأمة ويمهد لتطبيق الشريعة الإسلامية فهل كانت قيامة القوم تقوم على هذا النحو؟!

ثم نقول: إذا رفض هذا الدستور فمن يضمن أن الدستور القادم سيكون أفضل من الناحية الشرعية؟  خاصة ولا تزال هناك مشاكل أخرى لم تحل، مشاكل أمنية واقتصادية... واستقرار مصر ضرورة من الضرورات، فلا يمكن أن تظل البلاد بلا دستور وبلا مؤسسات فترة طويلة فهذا قد يؤدي إلى انهيار اقتصادي يجعل جموع الشعب هي التي تفشِّل التجربة الإسلامية، وتؤدي إلى حدوث الفوضى. -والله المستعان-.

فإلى النفر من الدعاة ممن لا يزال مصرًا على موقفه في رفضه للدستور دون حجة ظاهرة أو بينة... لا زلنا ننتظر تأييدكم وعونكم وعودتكم -إن شاء الله- لما فيه صالح الوطن وأهل الإسلام، وهذا الظن بكم ونأمل أن تراجعوا أنفسكم فإن الرجوع إلى الحق فضيلة.

وإلى من غرر بهم وانخدعوا بمن دلس عليهم... إن دستورنا -جميعًا- منشور لا مستور، وهو بين أيديكم معروض عليكم لا نطلب منكم إلا أن تقرأوه وتتعرفوا على ما فيه لتحكموا بأنفسكم.

وإلى الرافضين للدستور من المغرضين والحاقدين... اعلموا أن "جولة الدستور" القادمة ليست هي منتهى أحلامنا وغاية أملنا.

إن تحكيم الشريعة الإسلامية مطلب جماهيري شعبي عليه جموع المسلمين المصريين، وإن جموع الشعب المصري المسلمة لن يقر لها بال ولن تهدأ حتى ترى شرع الله -عز وجل- حقيقة ماثلة يتحاكمون إليه ويحكمون به.

وإن غدًا لناظره قريب.

www.anasalafy.com

موقع أنا اسلفي