الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

أين السِّرب... ؟! ومَن هو الذي يغرد خارجه؟!

فقد يحلو للبعض أن يصف موقف "الدعوة السلفية" من رفض النزول في فعاليات 21 أو 28 أو 30 يونيو، وكل المظاهرات في هذه المرحلة أنه تغريد خارج السرب الإسلامي

أين السِّرب... ؟! ومَن هو الذي يغرد خارجه؟!
ياسر برهامي
الجمعة ٢١ يونيو ٢٠١٣ - ٢١:٤٤ م
3288
أين السِّرب... ؟! ومَن هو الذي يغرد خارجه؟!

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد يحلو للبعض أن يصف موقف "الدعوة السلفية" من رفض النزول في فعاليات 21 أو 28 أو 30 يونيو، وكل المظاهرات في هذه المرحلة أنه تغريد خارج السرب الإسلامي، وربما سماه بعضهم خرقًا للإجماع الإسلامي -كما زعمه!- ضاربًا بقواعد أصول الفقه الإسلامي في تعريف الإجماع عرض الحائط، وربما قال بعضهم: إن حزب النور فقد مرجعيته الإسلامية لأجل مواقفه المستقلة!

وربما اتهم بعضهم "الدعوة السلفية" بالعمالة، وأنهم صاروا من الفلول!

وربما شبهوا عدم مشاركة الدعوة في مظاهرات التأييد للرئيس بمن تخلفوا عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك أو بمن لم يتخذ مع الرسول سبيلاً!

إلى غير ذلك من مسالك الغلو المرفوض شرعًا؛ قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إياكمْ والغُلُوَّ فِي الدِّينِ فإنّما هَلَكَ مَنْ كانَ قَبْلَكمْ بالغُلُوّ فِي الدِّينِ(رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني).

وإذا كان مَن خرج على أمير المؤمنين الخليفة الراشد علي -رضي الله عنه- الذي كان بالإجماع خير أهل الأرض في زمنه، والذي كان يقيم الشريعة ويسوس الدنيا بها، ومَن خالفه كان بنص كلام النبي -صلى الله عليه- باغيًا كما قال: (تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ)(رواه مسلم)، - لم يكن كافرًا ولا منافقًا ولا حتى فاسقًا مع التأويل؛ فكيف يكون غلو مَن يجعل المطالِب بانتخابات مبكرة علمانيًّا أو ليبراليًّا أو كافرًا أو منافقًا؟!

نعم، هناك من يستغل الظروف المعاصرة ليروج حربه ضد الإسلام والعمل الإسلامي، ولكن ليس هؤلاء هم الكثرة "رغم أنهم المحرِّكون"، ولكن لا يجوز التعميم بسبب الاشتباه، وبسبب أن الممارسات السلبية للحكومة وبعض المواقف غير المقبولة لمؤسسة الرئاسة، وعدم تلبية احتياجات الشعب، هي التي تدفع الأكثر (للتظاهر) الذي لا نشارك فيه، ولا نرضى بإسقاط الرئيس من خلاله؛ إلا لو قَبِل هو بإجراء الانتخابات المبكرة.

وغلو من يجعل المخالف شيطانًا أو متحالفًا مع الشيطان هو فتح لباب التكفير والعنف من جديد, والمناداة بشعارات إسلامية قالها المسلمون في مواجهة الكفار المحاربين للرسول -صلى الله عليه وسلم- ودين الإسلام، نحو: "قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار - والله مولانا ولا مولى لكم!" خطر عظيم قد يؤدي إلى موجة جديدة من التكفير والعنف لابد أن ننتهي عنه ونقف صفًا واحدًا في مقاومته.

ونذكر الجميع بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا(متفق عليه)، وقوله: (إِذا قالَ الرَّجُلُ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَهُوَ كَقَتْلِهِ(رواه الطبراني، وصححه الألباني)، وقوله -صلى الله عليه وسلم- يوم عرفة ويوم النحر بمنى: (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا(رواه مسلم). وقوله: (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ(رواه البخاري).

ونذكر الجميع بقول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ(المائدة:1)، والدستور عقدنا الاجتماعي الذي توافق عليه الشعب إلا قلة.

هذه المسائل التي قررناها هي في الحقيقة ما يطالب به عامة الشعب المصري المسلم وعامة الاتجاه الإسلامي "والذي يمثل غالبيته السلفيون"، و"الدعوة السلفية" هي الدعوة والكيان المنظم الموجود على أرض الواقع، والذي قال عنه بعض المنشقين عن الإخوان: "إنه يبلغ عشرة أضعاف الإخوان"، والكيانات الأخرى التي لو شبهناها بأقمار تدور حول كوكب، فهي في النهاية أتباع كوكب واحد ضمن المجموعة -كالمجموعة الشمسية-، ليس هذا الكوكب بأكبرها.

فالحقيقة أن الذي يغرد خارج السرب هو الذي يخالف أغلبية الشعب المصري المسلم وعامة الاتجاه الإسلامي "ثم السلفي بصفة خاصة"، وإن ظن البعض بسبب كثرة المسميات للهيئات والكيانات التي يعرف الجميع حجمها على الأرض أن الأغلبية أكثرية، والأكثرية أقلية، وربما كاثر البعض بالمشايخ، ولربما كان المشايخ والعلماء الذين يتبنون ما ذكرنا من المسائل أضعاف من يخالفونها.

فأسأل الله الهدى والسداد للجميع، ونسأله أن يحفظ مصر آمنة مطمئنة، ويحفظ أهلها من كل سوء وسائر المسلمين.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

 


تصنيفات المادة