الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

حزب النور والذكاء السياسى

د.إيهاب العزازي

حزب النور والذكاء السياسى
الأحد ٢٣ يونيو ٢٠١٣ - ١٨:٠١ م
1090

 

كنت واحدًا ممن رصدوا وكتبوا كثيرًا عن حزب النور السلفى ودوره في المشهد السياسي المصري بعد الثورة وتوقعت محاولات تفتيته وتقسيمه لأحزاب متعددة لإضعافه بعد حصوله على المركز الثانى في الانتخابات البرلمانية بعد الثورة ومحاولة إظهاره بدور التابع المطيع لكل ما تريده جماعة الإخوان المسلمين، وحذرت كثيرًا من خطورة تبعيتهم للإخوان، وتأثير ذلك على شعبيتهم، ولكن حزب النور قام بمراجعة سياساته ومواقفه بعد محاولات تفجيره وتفتيه وإحراجه لدى الرأى العام بعد أزمة خروج مستشار الرئيس الدكتور خالد علم الدين بفضيحة ملفقة من مؤسسة الرئاسة، بهدف حرق الحزب الوحيد القادر على منافسة الإخوان، وقام الحزب بإعادة هيكلة سياساته وقراراته، وظهر بدور المستقل القادر على صنع سياسات وغير الطامع فى السلطة، بدليل اعتذار عدد من قياداته عن مناصب سياسية وغيرها، والأهم من ذلك هو سرعة تطوير الحزب سياسيًا بشكل يجعل الجميع يقف أمام هذا التميز فى الأداء على الأرض، وخرج الحزب من دور التابع لجماعة الإخوان لحزب قوى يملك مبادرات وسياسات قادرة على فرض نفسها على الجميع. هناك عدة محطات رئيسية تثبت تطور الأداء السياسي لحزب النور وتفرده بشكل مميز، ومنها مبادرتهم الشهيرة التى لاقت إجماع المعارضة المصرية بكافة أطيافها وتجاهلتها مؤسسة الرئاسة ورفضتها فى صمت كبير، وتعتبر هذه المبادرة شهادة ميلاد حقيقية للحزب، فهو درس أهم أزمات الوطن وطرح حلولًا لاحتواء الأزمة وإنهاء حالة الاحتقان السياسة وبداية مصالحة وطنية حقيقية تجمع كافة أطياف العمل السياسي المصري لخدمة مشروع تنمية مصر، ولا يهم ماذا حدث للمبادرة، فهم قدموا خلاصة فكرهم وتجاربهم للرئاسة، وهذا دور الأحزاب تقديم النصائح للحاكم، وهو وقراراته وضميره وتوجهه السياسي فى التعامل مع مثل هذه المبادرات السياسية. حزب النور استطاع النجاة بنفسه وشعبيته من الفخ الدائر حاليًا فى مصر بين مؤيدى ومعارضى الرئيس من خلال الدعوات المتصاعدة بين حركتى تمرد وتجرد، وتعالى أصوات التطرف والجهل، والتى وصلت لحالة من الإرهاب والتخوين لكل من سينزل ضد الرئيس، وتطرفت لحد وصفهم بالكفار والمنافقين، وهنا يتمتع حزب النور بذكاء سياسي كبير، فهو فى الفترة السابقة قدم نصائح عدة لنظام الإخوان، وطالبهم بإصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية وعرض خبراته وكوادره فى خدمة الدولة، ولكن تم تجاهلهم وإقصائهم، ولذلك قرروا عدم المشاركة فى تلك التظاهرات كمؤيدين للرئيس انطلاقًا من شعورهم أنهم ليسوا مجرد تابعين للجماعة تعبر على جثثهم وشعبيتهم ومستقبلهم من أجل مصلحة الجماعة ومستقبلها، وبعد عبور الأزمات تضحى بهم وتحاول تفجيرهم داخلياً وإضعافهم سياسيًا، فهم يتعلمون من تجاربهم بشكل سريع ومميز يستحق كل تقدير واحترام. حزب النور أصدر ببيانه الذى أعلن فيه رفضه المشاركة فى المظاهرات المؤيدة لنظام مرسي شهادة ثقة فى قوتهم وقدراتهم السياسية، فهم يسعون بكل قوة للتعلم من تجارب الإخوان وأخطائهم، فى محاولة لتصدر المشهد فى الفترة القادمة، فهم يسعون شعبيًا ودوليًا ليكونوا البديل الحقيقي لنظام الإخوان بكل ما يملكون من خبرات وحماس ورغبة فى حكم مصر فى المستقبل.   وأهم ما جاء فى بيان الحزب هو رفضه الواضح  توصيف الصراع بأنه صراع بين معسكرين إسلامى وغير إسلامى، وأن كل من يعارض سياسات النظام الحاكم، فهو ضد الإسلام والمشروع الإسلامى، وهنا نرى خطابًا سياسيًا عقلانيًا يحاول احتواء الأزمة والصراع الحالى، وأتوقع فى الفترة المقبلة تصاعد دور الحزب شعبيًا وسياسيًا، وخصوصًا فى أول انتخابات برلمانية، فهم الفصيل الوحيد فى المربع الإسلامى الذى يمتلك أدوات الحشد والمصداقية لدى قطاع كبير من المصريين .
www.anasalafy.com
أنا السلفي

تصنيفات المادة