الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

شهر البركات (خطبة مقترحة)

فاللهم بلغنا رمضان، وارزقنا حسن العبادة فيه

شهر البركات (خطبة مقترحة)
سعيد محمود
الخميس ١١ يوليو ٢٠١٣ - ١٣:٣٢ م
2826
4-رمضان-1434هـ   11-يوليو-2013     

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

الغرض من الخطبة:

الترغيب في الاستعداد لرمضان بالوقوف على بعض بركاته.

المقدمة:

ـ حديث فيه خمس بركات عظمى وحده: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ(رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني).

ـ معنى البركة: الزيادة والنماء في الخير.

ـ إذا شاء الخطيب قسَّم الموضوع إلى خطبتين مع الإضافة أو التعديل.

البركة الأولى: (فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ):

ـ لعظيم عبادة "الصيام" كتبها الله علينا وعلى العالمين: قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(البقرة:183).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا، وَإِنَّهُ كَادَ أَنْ يُبْطِئَ بِهَا، فَقَالَ عِيسَى: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ لِتَعْمَلَ بِهَا وَتَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا، فَإِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ وَإِمَّا أَنَا آمُرُهُمْ. فَقَالَ يَحْيَى: أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِي بِهَا أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ، فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَامْتَلأَ الْمَسْجِدُ، وَقَعَدُوا عَلَى الشُّرَفِ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ: أَوَّلُهُنَّ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ، فَقَالَ: هَذِهِ دَارِى وَهَذَا عَمَلِي، فَاعْمَلْ وَأَدِّ إِلَىَّ، فَكَانَ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ؟ وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاَةِ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلاَ تَلْتَفِتُوا؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلاَتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ؛ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ، فَكُلُّهُمْ يَعْجَبُ أَوْ يُعْجِبُهُ رِيحُهَا، وَإِنَّ رِيحَ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ... (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني).

ـ محل ركن من أركان الدين: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ(متفق عليه)، فذكر منها: (وَصَوْمِ رَمَضَانَ).

ـ الصيام من أفضل العبادات: عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: أَنْشَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- غَزْوًا، فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ لِي بِالشَّهَادَةِ. قَالَ: (اللَّهُمَّ سَلِّمْهُمْ وَغَنِّمْهُمْ)، فَغَزَوْنَا فَسَلِمْنَا وَغَنِمْنَا، ثُمَّ أَنْشَأَ غَزْوًا آخَرَ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ لِي بِالشَّهَادَةِ. قَالَ: (اللَّهُمَّ سَلِّمْهُمْ وَغَنِّمْهُمْ)، فَغَزَوْنَا فَسَلِمْنَا وَغَنِمْنَا، ثُمَّ أَنْشَأَ غَزْوًا آخَرَ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَيْتُكَ تَتْرَى ثَلاَثاً، أَسْأَلُكَ أَنْ تَدْعُوَ اللَّهَ لِي بِالشَّهَادَةِ، فَقُلْتَ: (اللَّهُمَّ سَلِّمْهُمْ وَغَنِّمْهُمْ)، فَغَزَوْنَا فَسَلِمْنَا وَغَنِمْنَا، فَمُرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَمْرٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ. قَالَ: (عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لاَ مِثْلَ لَهُ). قَالَ: وَكَانَ أَبُو أُمَامَةَ لاَ يَكَادُ يُرَى فِي بَيْتِهِ الدُّخَانُ بِالنَّهَارِ، فَإِذَا رُئِيَ الدُّخَانُ بِالنَّهَارِ عَرَفُوا أَنَّ ضَيْفاً اعْتَرَاهُمْ مِمَّا كَانَ يَصُومُ هُوَ وَأَهْلُهُ. (رواه أحمد والنسائي وابن حبان، وصححه الألباني).

- الصيام سبب للتقوى: فالذي يترك المباح امتثالاً لأمر الله أسهل عليه ترك الحرام إذا أمر بذلك؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الصِّيَامَ لَيْسَ مِنَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَقَطْ إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ أَوْ جَهِلَ عَلَيْكَ فَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ(رواه ابن خزيمة وابن حبان، وصححه الألباني).

البركة الثانية: (تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ):

ـ تفتح أبواب "الجنة ـ الرحمة" حقيقة: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ(متفق عليه).

ـ نعمة عظيمة في هذا الشهر، فأبواب الجنة مغلقة لا تفتح إلا في تمام النعمة: قال -تعالى-: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا... (الزمر:73).

ـ يفتحها الله لهم بعد أن يستشفعوا إليه بأولي العزم من رسله وكلهم يتأخر عن ذلك حتى تقع الدلالة على خاتمهم وسيدهم وأفضلهم -صلى الله عليه وسلم- الذي قال: (فَأَقُولُ: أَنَا لَهَا، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَيُؤْذَنُ لِي، وَيُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا لاَ تَحْضُرُنِي الآنَ، فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ المَحَامِدِ، وَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ... (متفق عليه). فيشفعه ويفتحها تعظيمًا لخطرها، وإظهارًا لمنزلة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وكرامته عليه.

ـ وهنا يدرك الإنسان قيمة فتح أبواب الجنة في رمضان: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ(رواه الترمذي، وصححه الألباني).

ـ إنها الجنة... التي اشتاق إليها الصالحون من هذه الأمة:

عمار بن ياسر -رضي الله عنه- يوم اليمامة، وهو واقف على صخرة يصيح: "يا معشر المسلمين... أمن الجنة تفرون؟! أنا عمار بن ياسر، هلموا إليَّ... ". وأنس بن النضر -رضي الله عنه- بلغ مِن يقينه بالجنة أن شم رائحتها يوم أحد قال: "إني أجد ريح الجنة من وراء أحد!". وعمرو بن الجموح -رضي الله عنه- يصر على القتال حتى بعد أن عذره الله بعرجته؛ طلبًا للتنزه في أرجاء الجنة قائلاً: "أحب أن أطأ بعرجتي الجنة". وأبو الدرداء -رضي الله عنه- يشتكي، وحين يعوده أصحابه في مرضه ويسألونه: "ما تشتهي؟ يقول: أشتهي الجنة!".

ـ إنها الجنة.. دار المجتهدين في ليل رمضان، الصائمين نهاره، المطعمين عباد الله: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَفْشَى السَّلامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ)(رواه أحمد وابن حبان، وحسنه الألباني).

فحـي على جنات عدن فإنها              منازلك الأولى وفيها المخيـم

ولكننا سبي العدو فهل تـرى              نعـود إلى أوطـانـنا ونـسـلـم

البركة الثالثة: (وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ):

ـ تغلق أبواب النار حقيقة: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ(متفق عليه).

ـ نعمة عظيمة في هذا الشهر: فأبواب النار مفتحة طوال العام لا تغلق إلا في رمضان، قال الله -تعالى-: (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا(الزمر:71).

إنها النار... التي يحطم بعضها بعضًا: قال عنها -صلى الله عليه وسلم-: (أُرِيتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَاليَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ(متفق عليه). وقال عنها -صلى الله عليه وسلم-: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا(رواه مسلم).

إنها النار...

ـ التي ينغمس فيها أنعم أهل الدنيا لحظة فتنسيه كل نعيم رآه: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لا، وَاللهِ يَا رَبِّ(رواه مسلم).

ـ النار... التي أعد الله فيها من العذاب الشديد لأهلها ما أعد: قال -تعالى-: (إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ(غافر:71). وقال -تعالى-: (وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ(الحج:21). وقال -تعالى-: (كَلا إِنَّهَا لَظَى . نَزَّاعَةً لِلشَّوَى(المعارج:15-16). وقال -تعالى-: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ . لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ . لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ(المدثر:27-29). وقال -تعالى-: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ . نَارٌ حَامِيَةٌ(القارعة:10-11).

ـ النار... دار الحسرة والندم والويل والثبور: (وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ(يونس:54). (وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا . لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا(الفرقان:13-14). (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ(فاطر:37)، (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ . فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ(الملك:10-11)، (قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ . رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ . قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ(المؤمنون:106-108).

وقال -تعالى-: (وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ . قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ(غافر:49-50). (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ(الزخرف:77). (اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاء عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(الطور:16). (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا . وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا . رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا)(الأحزاب:66-68).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنّ أهْلَ النارِ لَيَبْكونَ حَتَّى لوْ أُجْرَيَتِ السُّفُنُ فِي دُمُوعِهِمْ جَرَتْ وإنَّهُمْ لَيَبْكونَ الدَّمَ(رواه الحاكم، وحسنه الألباني).

فيا عـجـبًا ندري بنار وجـنـة              وليس لذي نشتاق أو تلك نحذر

إذا لـم يـكـن خــوف وشــوق             فماذا بقي فينا من الخير يذكر؟!

البركة الرابعة: (وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ):

ـ نعمة عظيمة يتفضل بها على عباده في هذا الشهر المبارك: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:(إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ(متفق عليه).

- نعمة حبس مَن اشتدت عداوته وكيده ومحاربته: قال الله -تعالى- حاكيًا عنه: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ . ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ(الأعراف:16-17)، وقال في موضع آخر: (فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(ص:82). وقال: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً(فاطر:6).

ـ نعمة حبس من بالغ في الكيد واستعمل الحيلة والمكر فأقسم للوالدين كاذبًا أنه لهما من الناصحين: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ . وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ . فَدَلاهُمَا بِغُرُورٍ... (الأعراف:20-21).

ـ نعمة حبس مَن يزين للإنسان الكفر ويعده ويمنيه: قال -تعالى-: (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ(الحشر:16).

ـ نعمة حبس مَن يفسد بين الناس ويهيج الشر بينهم: قال -تعالى-: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا(الإسراء:53).

البركة الخامسة: (لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ):

قال -تعالى-: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ . سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ(القدر). تلك الليلة المشهودة، كثيرة البركات، إنها ليلة الهدايا والعطايا من الكريم الجواد، ومن ذلك:

ـ من قامها مؤمنًا محتسبًا نال المغفرة لما سلف: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ(رواه البخاري ومسلم).

ـ ومن ذلك: كثرة الملائكة التي تنزل فيها إلى الأرض: قال -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ سَابِعَةٍ أَوْ تَاسِعَةٍ وَعِشْرِينَ إِنَّ المَلاَئِكَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فِي الأَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ الحَصَى(رواه أحمد، وحسنه الألباني).

ـ ومن ذلك: أنها سلام حتى مطلع الفجر لأهل الدنيا من المؤمنين: قال مجاهد: "(سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ): سلام أن يحدث فيها داء أو يستطيع شيطان أن يعمل فيها سيئًا".

ـ كان السلف يخصون ليلة القدر بمزيد اهتمام: فهذا ثابت البناني يلبس أحسن ثيابه ويتطيب، ويطيب المسجد بالنضوح في الليلة التي يُرجى فيها ليلة القدر.

فاللهم بلغنا رمضان، وارزقنا حسن العبادة فيه.


www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة