كتبه/ طالب علم
الحمد لله ، والصلاة
والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وبعد ؛
كأنَّما نزل همّ وغمّ
وحزن من السماء فسكن في
البيوت ، كأنما نزلت شحناء من السماء مثل المطر وتوزعت على القلوب ، وكأنما تسلطت
إشعاعات على الملايين ، فأهاجت الأعصاب ، ووترت النفوس ، وسببت قلقاً هائلاً بين
الناس ، نحن للأسف الشديد نعيش تحت ضغط هائل من الأحداث المتلاحقة يسبب أعراضاً
وأمراضاً نفسية ، وتتراكم الضغوط وتتزايد ولا ندرى إلى أين ستصل ؟ ولكن الظاهر ـ والله
أعلم ـ أن الضغوط مرشحة للزيادة والأحداث متجهة للتصعيد ، ليس في مصر وحدها ، بل في
المنطقة العربية بأسرها ، والكلام لا ينتهي والحوادث لا تتوقف ، والملاحظ في
الحوارات والأحاديث أن أحداً لن يتراجع عن رأيه ووجهة نظره ، فكل من كون وجهة نظر
معينة أو تبنى رأياً محدداً لا يحيد عنه ولا يتركه ولا يتخلى عنه ، بل يحاول أن
يؤكده ويثبته ويبرهن عليه و يقويه ، لذلك أقول للقراء : إن الجدل في موضوع الأحداث
الجارية هو جدلٌ عقيم لا نتيجة من ورائه وبالتالي فلا داعي له ، لهذا أنصح القراء
بعدم الدخول في أي جدل يتعلق بالأحداث فلن ينتهي هذا الجدل إلا بالخصام والقطيعة
والبغض والكراهية والعداء والشحناء والضغينة والضيق والحزن والاكتئاب والنفور
والتدابر ، وكل ما يشبه هذه المعاني ، و مرة أخرى أكرر النصيحة والطلب : لا تدخلوا
في جدال ، ولا تتوسعوا في الحديث عن الموضوعات الجارية ، تفادياً للخسائر
والسلبيات ، وفى حالة الاضطرار يكفى الحديث المختصر والكلمات القليلة لتوضيح موقف
أو بيان حقيقة مع عدم التمادي والإكثار والإطالة ، فالناس يحبون الكلام والحديث
والجدال وربما عندهم الوقت والفراغ والرغبة .. فأكثروا من الكلام عن ذكر الله و
الدعاء و إصلاح النفوس و إصلاح الأحوال القلبية و الإيمانية ، أكثروا الحديث
الرقيق المؤدب بأخلاق عالية و بأصوات هادئة لا تشعلوا الأوضاع أكثر مما هي مشتعلة
ولا تلهبوا المشاعر أكثر مما هي ملتهبة ، أطفئوا نيران الغضب والخصام .. ليحتفظ كل
إنسان بما يراه في داخل نفسه ، الكلام ليس سهلاً بل يجرح ويؤلم ويوجع ويفسد ويهدم ..
كفا نقداُ ولوماُ وعتاباُ .. وكفى شتائمً وسباباً وهجوماً واتهامات لن تنفع ولن
تغير ، بل نريد دعوات ، كل منا يدعوا للآخرين بالرشاد والسداد والتوفيق للصواب
وصلاح الأحوال .
الصف ممزق فلا تمزقوه أكثر فأكثر ، العلاقات مهلهلة
فلا تقطعوها أكثر وأكثر ، قفوا وكفوا رحمكم الله ، وخذوا درساً مما مضى بل دروساً ،
واستعدوا للقادم الذي سيأتي قريباً فهناك أحداث قادمة آتيه قريبة .. أنا مشفق منها
وأتساءل من الآن : هل ستجمعنا وتقربنا من بعض مرة أخرى ؟ أم ستمزقنا أكثر وأكثر ؟
مواقف قادمة ستختلف فيها وجهات النظر ، وتتعدد فيها الآراء والاجتهادات ، وتتنوع
فيها المواقف ، والمطلوب أن نتوحد في مواقفنا ولا ننقسم في تجمعنا ولو وجدت
اعتراضات فلا تتجاوز حد ووصف الاعتراضات إلى انشقاقات وانقسامات .
أكتب هذا الكلام تحصيناً للقراء وحماية للقراء
وتحذيراً وتنبيهاً لا تتوسعوا في الانقسامات والانشطارات والانشقاقات مهما كانت
الظروف والأحوال ومهما كانت المواقف والأحداث ، ولا ترفعوا أصواتكم بالاعتراضات
والاتهامات ، فمن لم يعجبه شيء فليقل هذا لا يعجبني ولا أوافق عليه بصوت خفيض وكفى
، حتى تمر هذه المرحلة الحالكة الخانقة المظلمة بأقل قدر من الخسائر و المفاسد .
يا رب أذهب غيظ قلوبنا ، واجعلنا سلما لأوليائك
وحربا على أعدائك ، ونفّس غضبنا وهدئ روعنا ، وكف شرورنا عن إخواننا وأحبابنا ،
ونجنا من المهالك ، وأخرجنا من هذه المحنه والفتنه سالمين ، وأحفظ ألسنتنا عن
أعراض إخواننا ، واشغلنا بذكرك وما يرضيك .
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com