الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الليبرالي والبطريق!

فإن لم يعتبروا... فهل يعتبرون بالبطريق؟!

الليبرالي والبطريق!
عصام حسنين
الاثنين ١٨ نوفمبر ٢٠١٣ - ١٩:١٥ م
1919
15-محرم-1435هـ   18-نوفمبر-2013      

كتبه/ عصام حسنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإن الأسرة هي قاعدة الحياة البشرية، ونواة المجتمع، وعنوان صلاحه أو فساده، ومِن ثَمَّ رفعته أو ضعته؛ ولذلك شرع الله -تعالى- من الشرائع الحكيمة ما يحفظها، ويحفظ أفرادها؛ سنة الاستخلاف حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

وأول هذه التشريعات: الزواج الذي نظمه بأكمل وأضبط تنظيم مِن: إيجاب وقبول، وشرط ولي، وشاهدي عدل، ورضا زوجين مكلفين، وتعيينهما، وعدم وجود موانع شرعية تمنع اقترانهما، وإشهاره واجب؛ ليتميز عن نكاح السر، ومهر واجب للمرأة؛ تكريمًا لها، وإظهارًا لرغبة الرجل فيها.

وجعل الهدف من الزواج: إقامة حياة آمنة مستقرة، حاديها: المودة والرحمة، ودستورها: حق يقابله واجب، وإشباع الغرائز وتهذيبها من جنسية، وعاطفية، واجتماعية، وأمومة وأبوة، وطلب للولد وتحمل مسئولية تربيته والسعي عليه، قال الله -تعالى-: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(الروم:21)، وقال: (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ(البقرة:187)، وقال: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(البقرة:228)، وقال: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ(البقرة:223)، "أي: في موضع الحرث طالبين الولد"، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ(متفق عليه).

ومن جمال التشريع في الزواج: أنه صان الأعراض أن تدنس بعار الزنا وتبعاته الثقيلة، وصان نطفة الرجل أن توضع في حرام، وأن توضع بلا مسئولية عنها، بل بمسئولية وضبط عجيب في زواج صحيح بمودة ورحمة، واشتياق للولد، وفرح به حملاً، ورضيعًا، وطفلاً يمر بأطوار الطفولة المختلفة، وفي كل طور يقوم كلٌ من الوالدين بواجبه ومسئوليته التي كلفه الله بها، والتي سيسأل عنها أمام الله -تعالى-، كما قال -سبحانه وتعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا(النساء:58)، "وهي تشمل أمانة الدين وأمانة الخَلق بعضهم لبعض", وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ(متفق عليه).

فكل إنسان له رعية وسيسأل عنها أمام الله -تعالى-، ومَن لم يتزوج فمسئوليته جوارحه؛ فأعدوا للسؤال جوابًا، فنحن لم نُخلق عبثًا، ولن نترك هملاً، وإنما خلقنا بالحق وللحق، (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى(القيامة:36)، "أي: لا يؤمر ولا يُنهى!"، بل حتى البهائم العجماوات والحشرات تقوم بمسئوليتها بطريقة تبعث على العجب، تنطق بقول الله -تعالى-: (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى(طه:50)، ومن هذه العجماوات مَن جعله الله -تعالى- آية للبشر في تحمل مسئولية التكاثر والرعاية للصغير، ومثاله: "البطريق الإمبراطور!".

يقول الأستاذ "هارون يحيى": "هناك حيوان يظهِر عزمًا غريبًا في الحفاظ على بيضه، وصبرًا لا مثيل له، وتفانيًا مثيرًا للدهشة, وهذا الحيوان هو "البطريق الإمبراطور"، فهذا الحيوان يعيش في القطب الجنوبي الذي يتميز بظروف بيئية قاسية جدًّا، تبدأ أعداد كبيرة من هذا الحيوان تقدر بـ 25000 بطريق رحلتها للتزاوج, ويقدر طريق الرحلة بعدة كيلومترات لاختيار المكان المناسب للتزاوج, وتبدأ هذه الرّحلة في شهر مارس وأبريل (بداية موسم الشتاء في القطب الجنوبي), ومن ثَمَّ تضع الأنثى بيضة واحدة في شهر مارس أو حزيران، والزوج من البطريق لا يبني عشًا لبيضته، بل لا يستطيع ذلك لعدم وجود ما يبني به في بيئة مغطاة بالجليد، بيد أنه لا يترك بيضته تحت رحمة برودة الجليد؛ لأن هذا البيض معرض للتجمد بمجرد تعرضه لبرودة الجليد القاسية, لذا يحمل بطريق الإمبراطور بيضه على قدميه ويقترب الذكر من الأنثى بعد وضعها للبيضة الوحيدة بعدة ساعات لاصقًا صدره بصدرها ويرفع البيضة بقدميه، ويحرص كلاهما أشد الحرص على ألا تمس البيضة الجليد, ويقوم الذكر بتمرير أصابع قدميه تحت البيضة، ومن ثَمَّ يرفع الأصابع ليدحرج البيضة باتجاهه، وهذه العملية تتم بكل هدوء وإتقان لتجنب كسر البيضة، وأخيرًا يقوم بحشر البيضة تحت ريشه السفلي لتوفير الدفء اللازم.

وعملية وضع البيضة تستهلك معظم الطاقة الموجودة في جسم الأنثى؛ لذا فإنها تذهب إلى البحر لتجمع غذاءها وتسترجع طاقتها، في حين يبقى الذكر لحضن البيض, وتتميز فترة حضن البيض لدى البطريق الإمبراطور بالصعوبة مقارنة بباقي أنواع الطيور، إضافة إلى حاجتها الشديدة للصبر من جانب الذكر, فهو يقف دون حراك مدة طويلة، وإذا لزمت الحركة فإنّه لا يفعل ذلك إلا لأمتار قليلة براحة القدمين، وعند الخلود إلى الراحة يستند الطير على ذنبه كما لو أنه قدم ثالث ويرفع أصابع قدميه بصورة قائمة كي لا تلمس البيضة الجليد، ومن الجدير بالذكر أن درجة الحرارة في الأقدام المغطاة بالريش السفلي أكثر بـ 80 درجة عن المحيط الخارجي؛ لذلك لا تتأثر البيضة بظروف البيئة الخارجية القاسية.

وتزداد ظروف البيئة قسوة كلما تقدم فصل الشتاء بأيامه وأسابيعه حتى إن الرياح والعواصف تبلغ سرعتها 120-160كم في الساعة, وبالرغم من ذلك يبقى الذكر ولمدة أشهر دون غذاء ودون حراك إلا للضرورة، ضاربًا مثلاً مثيرًا للدّهشة في التضحية من أجل العائلة, وتبدي العائلة تضامنًا كبيرًا لمقاومة البرودة القاسية إذ أن حيوانات البطريق تتراص واضعة مناقيرها على صدورها وبذلك يصبح ظهرها مستويًا، ومشكّلة دائرة فيما بينها وسدًّا منيعًا من الريش في مواجهة البرد القارص، وتحدث هذه العملية بإخلاص وتنظيم دقيق دون أن تحدث أية مشكلة بين الآلاف من هذه الطيور المتراصة, وتظل هكذا لمدة أشهر عديدة بصورة من التعاون المدهش والمثير للحيرة والإعجاب، فحتى الإنسان تصيبه مشاعر الملل والأنانية في هذه الظروف القاسية رغم كونه مخلوقًا عاقلاً يسير وفق مقاييس أخلاقية وعقلية، ولكن البطريق يبقى متعاونًا متكاتفًا ويعمل الفرد من أجل المجموعة بأكمل صورة ممكنة، والتضحية التي يبديها هذا الحيوان للحفاظ على البيض تحت هذه الظروف القاسية تعتبر منافية لمفاهيم نظرية التطور التي تدَّعي أن البقاء للأصلح والأقوى، ونكتشف أن الطبيعة ليست مسرحًا للصراع، بل معرضًا للتفاني والتضحية التي يبديها القوي للحفاظ على حياة الضعيف.

وبعد ستين يومًا من الظّروف القاسية يبدأ البيض في الفقس، ويستمر الذكر في تفانيه من أجل الصغير علمًا أن هذا الذكر لم يتغذ أبدًا طيلة فترة الرقود على البيض، ومن المعلوم أن البطريق الخارج لتوه من البيض حيوان ضعيف وصغير يحتاج إلى تغذية وعناية مستمرة، فيفرز الذكر من بلعومه مادة سائلة شبيهة بالحليب يتم إعطاؤها للفرخ الصغير ليتغذى عليها، وفي هذه الفترة الحرجة تبدأ الإناث في العودة وتبدأ بإصدار أصوات مميزة فيرد عليها الذكور بصوت مقابل، وهذه الأصوات هي نفسها التي استخدمت في موسم التزاوج وبواسطتها يعرف الذكر والأنثى بعضهما البعض، وقد وهب الله -سبحانه وتعالى- هذه الحيوانات قدرة التمييز بين الأصوات وهو اللطيف الخبير.

وتكون الأنثى قد تغذت جيدًا طيلة فترة الغياب، ويكون لديها مخزون جيد للغذاء, وتضع هذا المخزون أمام الفرخ الصغير، وهو أول طعام حقيقي يتناوله بعد خروجه من البيض، وقد يتبادر إلى الذهن أن عودة الأنثى تعني خلود الذكر للراحة، ولكن هذا لا يحدث أبدًا, فالذكر يظل على اهتمامه ورعايته لمدة عشرة أيام أخرى، ويقوم خلالها بمسك الفرخ الصغير بين قدميه, ثم يبدأ رحلة بعد ذلك إلى البحر ليتغذى بعد حوالي أربعة أشهر من الصيام عن الحركة والغذاء، ويظل الذكر غائبًا من ثلاثة إلى أربعة أسابيع يعود بعدها إلى الاهتمام بالفرخ كي ترجع الأنثى بدورها إلى البحر لتصيب من الغذاء ما تيسر لها.

تكون هذه الفراخ الصغيرة في المراحل الأولى من حياتها غير قادرة على تنظيم حرارة أجسامها؛ لذا تكون معرضة للموت في حالة تركها وحيدة تحت ظروف البرد القاسية، لذلك يتناوب الذكر والأنثى في عملية الحفاظ على حياة الصغير، وتوفير والغذاء له"(التضحية عند الحيوان).

سبحان الله!

مَن ألهم هذا الطائر أن يحفظ البيضة بهذه الطريقة؟!

ومَن الذي أعطاه هذا الصبر والجلد  حتى يتحمل هذه الأربعة أشهر دون طعام أو حراك؟!

وسبحان الله الذي ألهمه هذا التحمل للمسئولية، وهذه العناية العجيبة بفرخه؛ لا شك أنه إبداع الله البديع -سبحانه جلَّ شأنه!-.

إنها آية من آياته -تعالى- يريها من شاء من عباده حتى يعلموا أنه الحق، وليتعلموا من هذا الحيوان الأعجم تحمل المسئولية، والصبر والجلد في القيام بها، وتعاون الزوجين في تربية الأبناء والسعي عليهم؛ هذه سنة الله في خلقه: التزاوج، والتعاون، والتكامل، في القيام بالمسئولية حتى يرث الله الأرض ومن عليها!

ومن عجب أنك تري من البشر من يريد أن يصادم هذه السنن، وأن يغير منها، وهيهات... فمثلهم كمثل الوعل الأحمق الذي وصفه الأعشى بقوله:

كـناطـح صـخـرة يومًا ليوهنها                       فلم يضرها وأوهن قرنه الوعل

إنها "الليبرالية الإباحية" التي تريد للإنسان أن يعيش متحررًا من الدين، ومن الأعراف، ومن القِيَم والمُثل، وأن يفعل ما يريد سواء بنفسه أو بغيره إذا كانا متوافقين! فيلقي الرجل نطفته في أي رحم دون تحمل مسئوليتها (الزنا)، وقد تبوء المرأة به فتجعله في ملجأ أو في الشارع أو في غيره، وقد تقتله إجهاضًا، وهكذا حياة بلا زواج، بلا أسرة، بلا هدف! إنما قضاء الشهوات وتحصيل الملذات!

باختصار: إنه الهوى وعبادته من دون الله، يأتمر بأمر هواه وينتهي بنهيه!

وكان من ناتج ذلك: "انتشار أولاد الزنا الذين تستعر بهم المجتمعات الغربية - اضمحلال الأسرة - غياب معاني الرحمة والشفقة - عزوف عن الزواج - الشذوذ - الأمراض الجنسية الخطيرة- ... ".

وإذا كان المعبود الهوى؛ فإنهم ينتقلون من انحراف إلى انحراف أشد، وهذا الانحراف الأشد هو "الجندر!"؛ ليقضوا على بقايا مفهوم الأسرة الصحيح عندهم، هذا المصطلح المراد منه إلغاء كافة الفوارق بين الرجل والمرأة!

تقول "فاير ستون" -إحدى الداعيات للجندر-: "إن التقدم التكنولوجي الذي أسهم بإمكانية الجمع بين بويضة المرأة والحيوان المنوي للرجل، والحمل بالجنين خارج الرحم، سيسهم في أن يكون دور المرأة (العملية الإنجابية) ليس أكبر من دور الرجل، خاصة وأن الترتيبات القانونية مثل: (الأمومة بالعقد) جعلت من الممكن للمرأة التي أنجبت تكون غير المرأة التي حملت، والتي حملت غير المرأة التي ربت! وأن النساء حاليًا يمكن لهن إيداع بويضاتهن في بنوك خاصة، كما سيتبرع الرجال بالحيوانات المنوية، ومن ثَمَّ سيتخلص كل من الجنسين من أدوارهما المختلفة في عملية (الإنجاب)، وهذا سيؤدي إلى تقليص كل الأدوار الجنسية... وستتحرر النساء من (عملية الإنجاب) التي ستربطهن بالمنزل، والبقاء بعيدًا عن سوق العمل!".

والعجيب أن "منظمة الأمم المتحدة" تبنتْ هذه الفلسفة الهدامة مخالفة مواثيقها! ففي سنة 1979م صدرت اتفاقية "السيداو" المبنية على الجندرية التي هذا وصفها، ومخول للأمين العام أن يتابع تنفيذها في الدول المصدقة عليها بنفسه، وصدر قراره مؤخرًا في مارس 2004م، بحصول المتزوجين الشواذ على نفس حقوق المتزوجين "التقليديين" في الميراث، والضرائب، والتأمينات الاجتماعية!

حقًّا كما قال البروفيسور "ريتشارد ويلكنز" -رئيس المركز الدولي للسياسات الأسرية-: "إن الغرب قد دخل في دوامة الموت، ويريد أن يجر العالم وراءه".

ولأن الله- -تعالى- يحب العذر، فإنه وجد من عقلائهم من يخضعون لسنن الله الكونية، وينادون بما فطر الله عليه الإنسان، وينهون عن هذه الإباحية المسماة -زورًا- بالليبرالية!

تقول "مارجريت ماركوي" الأمريكية -والتي أسلمت وتسمت بـ"مريم جميلة"-: "إن التحرر للمرأة هو: التحرر من ظلمات الجاهلية التي كانت المرأة متبرجة كاشفة عن مفاتنها".

حقًّا قالت، فالتحرر الحقيقي هو التحرر من عبادة الهوى واتباع الشهوات، والتحرر من خرافات الشرك والوثنية، وعبادة العباد إلى عبادة رب العباد، والخضوع لمنهجه وسننه!

وتقول "شريفة كارلو": "لما وضعتُ الحجاب على رأسي شعرت بالحرية!".

نعم، فالمرأة الغربية مستعبدة لأرباب الشهوات، فلما تحجبت صارت حرة من أسرهم، وبزواجها تصير حرة أكثر بأن تكون متاعًا لزوجها فحسب ومخلصة لبيتها وأولادها... وهذا تقرره "ممثلة فرنسية" كانت تمثل مشهدًا عاريًا أمام الكاميرا، فصرخت في وجه الممثل والمخرج: أيها الكلاب! أنتم أيها الرجال لا تريدون منا النساء إلا أجسادنا، حتى تصبحوا من أصحاب الملايين على حسابنا، ثم انفجرتْ باكية!

وتقول قاضية سويدية -بعد زيارتها للبلاد العربية-: "إن المرأة السويدية فجأة اكتشفت أنها اشترت وهمًا هائلاً -تقصد الحرية التي أعطيت لها- بثمن مفزع؛ هو سعادتها!". 

ويقول المفكر الإنجليزي الشهير "برتراند راسل" في كتابه: "الأخلاق والزواج": "هناك شرط مهم يساعد في دعم الحياة الزوجية، وذلك هو خلو الحياة الاجتماعية من النظم التي تسمح بالمصادقة والمخالطة" (مجلة المجتمع:49/ 20).

وإن سألتَ: مَن وراء هذه الفلسفات الهدامة؟

وجدتَ اليهود الذين وصفهم الله بقوله: (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ(المائدة:64).

في البروتوكول الأول لشياطينهم: "قد كنا أول مَن صاح في الشعب فيما مضى: بالحرية، والإخاء، والمساواة، تلك الكلمات التي راح الجهلة في أنحاء المعمورة يرددونها بعد ذلك دون تفكير أو وعي، إن نداءنا بالحرية والمساواة والإخاء اجتذب إلى صفوفنا من كافة أركان العالم -وبفضل أعواننا- أفواجًا بأكملها لم تلبث أن حملت لواءنا في حماسة وغيرة!".

وفي البروتوكول الرابع: "إن لفظة الحرية تجعل المجتمع في صراع مع جميع القوى، بل مع قوة الطبيعة، وقوة الله نفسها، على أن الحرية قد لا تنطوي على أي ضرر، وقد توجد في الحكومات وفي البلاد دون أن تسيء إلى رخاء الشعب، وذلك إذا قامت على الدِّين، والخوف من الله، والإخاء بين الناس المجرد من فكرة المساواة التي تتعارض مع قوانين الخليقة، تلك القوانين التي نصتْ على الخضوع، والشعب باعتناقه هذه العقيدة سوف يخضع لوصاية رجال الدين، ويعيش في سلام، ويُسَلِّمُ للعناية الإلهية السائدة على الأرض، ومن ثَمَّ يتحتم علينا أن ننتزع من أذهان المسيحيين فكرة الله، والاستعاضة عنها بالأرقام الحسابية والمطالب المادية".

والسؤال الآن: هل يعتبر هؤلاء الهدامون المصادمون لسنن الله بما يقوله عقلاؤهم، ويحذرون مما يريده بهم أعداؤهم فينتظمون في سلك الإيمان، والسنن الكونية والشرعية التي سنها الله؟

فإن لم يعتبروا... فهل يعتبرون بالبطريق؟!

أم أن البطريق أهدى منهم؟!


www.anasalafy.com
موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً