الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

لماذا فشل الإخوان المسلمون

وبناء المؤسسات والدول والأوطان أوسع من هذا المفهوم الضيق فمهما كان حجم الجماعة فهي في النهاية جزء من الدولة

لماذا فشل الإخوان المسلمون
إيهاب شاهين
الخميس ١٦ يناير ٢٠١٤ - ١٧:٢٤ م
3904

لماذا فشل الإخوان المسلمون

كتبه / إيهاب شاهين

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، أما بعد؛

منذ أن نشأت جماعة الإخوان وكان لها رؤية في تغير الواقع من خلال الوصول إلى سدة الحكم ومن خلال ذلك يتم التغيير المنشود وبغض النظر الآن عن مناقشة هذه الرؤية في التغيير والتي نرى أن فيها مغايرة لطريقة الأنبياء ـ تبنت الجماعة هذه الرؤية فكانت المشاركة السياسية بصورة عملية في الانتخابات البرلمانية ـ أما الدعوة السلفية فقامت بتحليل الوقائع السياسية وطرح وجهات النظر فيها بناء على رؤية شرعية ـ نظرا لأن المشاركة العملية في هذه الآونة كان يسيطر عليها فصيل يجعل من جميع الأحزاب المشاركة صوراً كارتونية يتم فيها التنازل عن مبادئ لتحصيل مكاسب وهمية كما أن مفاسد المشاركة كانت أعلى من المصالح المترتبة عليها ـ وعلى كل فقد تبنت الجماعة تلك الرؤية طيلة ثمانين سنة وكانت الخسائر فادحة دون مصالح تذكر في هذا المضمار ـ وكان من شعار الجماعة القرآن دستورنا ـ إشارة إلى التطلع إلى تطبيق الشريعة ـ وبعد صراعات مضنية مع نظام مبارك قامت ثورة 25 يناير وكان الامتحان من الله ـ عز وجل ـ للجماعة أن وصلوا إلى سدة الحكم الذي طالما كان حلماً في حس أعضاء الجماعة سيحقق كل أمل منشود وكل شعار مرفوع ـ لكن سرعان ما زال هذا الحلم في غضون سنة كاملة فكان لا بد من إلقاء الضوء على  بعض الأسباب التي أدت إلى هذا السقوط السريع .

أولاً : عدم شكر النعمة بنصرة وتطبيق الشريعة فالوصول للحكم والتمكين وسيلة بها نُعبد الأرض لله تعالى ونطبق الشرع قال تعالى : ( اللذِينَ إِن ْمَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ ) ، فلم نجد في تلك السنة التي تولى فيها الإخوان الحكم نصرة قضية من قضايا الشريعة بداية من اللجنة التأسيسية والموافقة على كلمة المبادئ بدلاً من الأحكام مروراً بمنح تصاريح المراقص والخمارات لمدة ثلاث سنوات بعد ما كانت تمنح لسنة واحدة ، وأقيمت حفلات برعاية الحزب الحاكم أحيتها مغنيات الفيديو كليب وتدخل الرئيس في خصومة بين شيخ وفنانة لصالح الأخيرة ، والموقف من قضية الضباط الملتحين وانتهاء بالموقف من الشيعة وقانون نقابة الدعاة ووثيقة "سيداو" وصندوق النقد الدولي وغيرها مما يندى له الجبين ـ البعض قد يقول هناك دولاً كثيرة تفعل ذلك ولم تسقط ـ الفارق الأساس أن الجماعة تولت وتكلمت باسم الدين والشرع .

ثانياً : ضيق الأفق في مفهوم الدولة ـ نظرت الجماعة إلى إدارة الدولة على أنها إدارة جماعة أو دعوة وفرق كبير بين إدارة الدولة وإدارة الجماعة ـ الأمر داخل الجماعة الكلمة النهائية تكون لقائد المجموعة أو الأسرة أو على نطاق أوسع المرشد ـ لوجود البيعة بينهم على السمع والطاعة في العسر واليسر ـ أما في إدارة الدولة فالأمر يختلف ـ داخل الدولة أصناف شتى من الناس منهم المتآمر والمناوئ والمخالف في العقيدة وصاحب المصلحة والمتفق في الرؤية والمخالف لها ـ وتوجد كفاءات ليست موجودة في الجماعة فلابد من الاستفادة من سائر الخبرات ومراعاة فقه التعايش مع جميع من في الوطن كما فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع أبى سفيان ـ رضي الله عنه ـ وقد كان رأس الكفر حينما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( إن أبا سفيان رجل يحب الفخر ) وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( من دخل دار أبى سفيان فهو آمن ) فهذا نوع من التطمين المطلوب لم تأخذه الجماعة منهجاً في التعامل داخل الدولة ـ وكما فعل عمر ـ رضي الله عنه ـ مع عمرو ابن العاص ـ رضي الله عنه ـ واستفاد منه في فتح مصر مع أنه قبل الإسلام كان من أسباب هزيمة المسلمين بأحد فلم يكن هناك إقصاء من عمر ـ رضي الله عنه للكفاءات نتيجة تاريخ سابق تابوا منه ـ فإدارة الدولة تفرض على من يديرها أن يتقبل المعارض قبل المؤيد دون التنازل عن المبادئ ـ ويجب عليه أن يُشرك جميع الكفاءات في إدارة الدولة بل وتحميلهم المسئولية لأنهم شركاء في هذا الوطن وكذلك يجب عليه تقديم التطمينات اللازمة للأطراف الداخلية والخارجية على حد سواء ، فالأمر أكبر من إدارة جماعة ويختلف اختلافاً كلياً فالأمر إدارة دولة بحجم مصر تتميز بموقعها الجغرافي وثرواتها التي ينظر إليها الأعداء يريدون السيطرة عليها ـ فضلاً عن دور مصر الرائد في قيادة المنطقة العربية والإسلامية بل والعالم كله عندما تنهض فأعداء الداخل والخارج يقفون بالمرصاد فإذا غابت حكمة القيادة عمن يتولى حكمها ضاعت وخلفت ورائها خسائر فادحة كما قال محرم : احفظوها إن مصر إن تضع *** ضاع في الدنيا تراث المسلمين .

فهذا من أسباب الانهيار أن الجماعة تعاملت مع الدولة على أنها جزء من الجماعة ـ وبناء المؤسسات والدول والأوطان أوسع من هذا المفهوم الضيق فمهما كان حجم الجماعة فهي في النهاية جزء من الدولة ، والحمد لله رب العالمين .

 

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً