الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

أهمية دور النساء في الدعوة إلى الله (خطبة مقترحة)

التنبيه على عظيم دور النساء في العمل الدعوي من خلال بيان بعض المواطن التي تتميز بها المرأة فتؤثر من خلالها في خدمة الدعوة الإسلامية

أهمية دور النساء في الدعوة إلى الله (خطبة مقترحة)
سعيد محمود
الثلاثاء ٠٤ فبراير ٢٠١٤ - ١٩:١٠ م
12528

أهمية دور النساء في الدعوة إلى الله (خطبة مقترحة)

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

الغرض من الخطبة:

التنبيه على عظيم دور النساء في العمل الدعوي من خلال بيان بعض المواطن التي تتميز بها المرأة فتؤثر من خلالها في خدمة الدعوة الإسلامية.

المقدمة:

- الإشارة إلى الخطأ في حصر مسئولية العمل الدعوي في الرجال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ) (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

- الإشارة إلى صور من الفساد المترتب على إهمال العمل النسائي في العمل الدعوي: "تبني كثير من الرجال آراء النساء الخاطئة تأثرًا بهن! - التأثير السلبي على تربية الأبناء - التأثير السلبي على العلاقات بالجيران والقرابات".

- أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- صورة مشرقة بيْن يدي الحديث: قال عنها النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- خَيْرًا مِنْهَا، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلادَ النِّسَاءِ) (رواه أحمد، وحسنه الهيثمي والشوكاني، وصححه الشيخ أحمد شاكر).

الأدلة على مسئولية المرأة في العمل بالدعوة:

- الأدلة العامة على مسئوليتها عن الدعوة إلى الله: قال الله -تعالى-: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران:104).

- التنبيه على ذلك من خلال أمر خير النساء: قال الله -تعالى-: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ... ) (الأحزاب:32)، قال ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-: (وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا) (الأحزاب:32): "أمرهن الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (تفسير القرطبي).

- بيان أن العمل بالدعوة إلى الله من أعظم صفات المؤمنين والمؤمنات: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:71).

- مدخل للعناصر الآتية: دور المرأة المسلمة يزداد أهمية إذا علمنا أنها تؤثر من خلال الأحوال التي تتنوع في وصفها، فهي إما أن تكون أمًا أو زوجة أو بنتًا أو أختًا؛ فهي باختصار: "الأم الداعية، والزوجة الداعية، والبنت الداعية، والأخت الداعية؛ فهي داعية للمجتمع كله".

الأحوال الدالة على أهمية دور النساء في الدعوة

1- مكث الأبناء مع النساء لفترة أطول من الرجال:

يُراد من هذا: أن مِن مجالات الدعوة للنساء الأبناء، وأن لها تأثيرًا على الأولاد؛ بسبب كثرة المخالطة.

- جعلها الشرع مسئولة عن أهل بيت زوجها: قال -صلى الله عليه وسلم-: (أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ... ) (متفق عليه). "وهذا يدل على أن لها تأثيرًا على غير الأبناء مِن خدم وقرابة زوج ونحوه، ولو تأملتَ أكثر لوجدتَ أنها تؤثر على أكثر مِن ضعف المجتمع؛ لأن الغالب في البيوت أن الأبناء أكثر عددًا من اثنين يعني أكثر من الآباء".

- كثرة المخالطة لها أثر بالخير أو الشر: قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالجَلِيسِ السَّوْءِ، كَمَثَلِ صَاحِبِ المِسْكِ وَكِيرِ الحَدَّادِ، لاَ يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ المِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وَكِيرُ الحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً) (رواه البخاري ومسلم).

2- كون الأبناء أكثر التصاقًا بالأمهات من الآباء:

- الإشارة إلى بعض المظاهر التي تعطي النساء هذه الميزة التي ينبغي اغتنامها في الدعوة إلى الله: "كثرة الخدمة والإعطاء - عواطف النساء ودموعهن التي تؤثر على قلوب الأبناء - حفظهن لأسرار الأولاد؛ لاسيما البنات".

- مثال: الشرع يحث على مشاورة النساء في أمر تزويج البنات؛ لقربهن منهن، وهو يظهر في قصة جليبيب -رضي الله عنه- كما في قول الرجل الذي خطب منه النبي -صلى الله عليه وسلم- ابنته لجليبيب فقال له: "يَا رَسُولَ اللهِ، أُشَاوِرُ أُمَّهَا... " (رواه أحمد وابن حبان، وصححه الألباني)، قال الشافعي -رحمه الله-: "والبنات إلى الأمهات أميل، ولقولهن أقبل".

- صور إيجابية لتأثير الأمهات على الأبناء: عن إسحاق بن عبد الله عن جدته أم سليم -رضي الله عنها- أنها آمنتْ برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالت: "فَجَاءَ أَبُو أَنَسٍ وَكَانَ غَائِبًا، فَقَالَ: أَصَبَوْتِ؟ قَالَتْ: مَا صَبَوْتُ وَلَكِنِّي آمَنْتُ بِهَذَا الرَّجُلِ، قَالَتْ: فَجَعَلَتْ تُلَقِّنُ أَنَسًا وَتُشِيرُ إِلَيْهِ قُلْ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، قُلْ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: فَفَعَلَ، قَالَ: فَيَقُولُ لَهَا أَبُوهُ: لا تُفْسِدِي عَلَيَّ ابْنِي فَتَقُولُ: إِنِّي لا أُفْسِدُهُ" (الطبقات الكبرى لابن سعد).

3- تأثير بعض الزوجات على أزواجهن:

- الغالب تأثير الرجال على النساء: قال الله -تعالى-: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ... ) (النساء:34)، لكن لا يمنع أن هناك كثيرًا من النساء لهن تأثير على الأزواج.

ومن ذلك:

- تأثير بعض الزوجات يكون بالخير، وقد يغير أخطر القرارات: (وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (القصص:9).

- تأثير بعض الزوجات يكون بالشر: (قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (يوسف:25).

- فلتحذر الزوجة من التأثير على زوجها بالهوى أو بالجهل لموافقة عاطفتها وإن خالف الشرع: "أم سلمة -رضي الله عنها- يوم الحديبية خير مثال".

4- مكانة البنات المتميزة عند بعض الآباء:

- أعظم مثال من محبة الآباء للبنات: قال -صلى الله عليه وسلم-: (فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي) (متفق عليه).

- تأثير محبة البنات حتى يشفع بهن الزوجات: "زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- يشفعن بفاطمة عند النبي -صلى الله عليه وسلم- في شأن الهدايا".

- تأثير محبة البنات وهن غائبات: عن عائشة -رضي الله عنها-: لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ، بَعَثَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِمَالٍ، وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلادَةٍ لَهَا كَانَتْ لِخَدِيجَةَ، أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ حِينَ بَنَى عَلَيْهَا. قَالَتْ: فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: (إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا، وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا، فَافْعَلُوا)، فَقَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَطْلَقُوهُ، وَرَدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا. (رواه أحمد وأبو داود، وحسنه الألباني).

- بل آثار محبة البنات تتعدى إلى الحفيدات: عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَؤُمُّ النَّاسَ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ وَهِيَ ابْنَةُ زَيْنَبَ بِنْتُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى عَاتِقِهِ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا" (متفق عليه).

5- مكانة الأخوات المتميزة عند بعض الإخوة:

- يُراد من ذلك: أن كثيرًا من الرجال تكون الأخت عندهم في مكانة متميزة ويبذل من أجلها الكثير وربما كانت مستشاره ومحل أسراره، وهذا مجال دعوي للنساء صاحبات هذه المكانة.

- مكانة أخت الرضاع عند الأخ الكريم؛ فكيف بأخت النسب؟ قال أبو عمر ابن عبد البر -رحمه الله- تحت عنوان: "الشيماء أو الشماء أخت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الرضاع: "أغارت خيل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على هوازن، فأخذوها فيما أخذوا من السبي، فقالت لهم: أنا أخت صاحبكم، فلما قدموا بها قالت: يا محمد، أنا أختك، وعرفته بعلامة عرفها، فرحّب بها وبسط رداءه، فأجلسها عليه ودمعت عيناه، فقال لها: "إن أحببتِ أن ترجعي إلى قومك أوصلتك، وإن أحببت فأقيمي مكرّمة محببة"، فقالت: بل أرجع، فأسلمتْ وأعطاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نعمًا وشاء، وثلاثة أعبد وجارية" (الاستيعاب في معرفة الأصحاب).

عود على بدء:

- يختم الخطيب الخطبة بالتذكير بأهمية دور النساء، وبالإشارة إلى الفساد المترتب على إهمال العمل النسائي في العمل الدعوي.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة