الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الطريق إلى ثقافتنا (4) الحملة الفرنسية على مصر

"الحملة الفرنسية" على مصر هي المحطة الأبرز بين محطات التغريب في العالم الإسلامي،

الطريق إلى ثقافتنا (4) الحملة الفرنسية على مصر
عبد المنعم الشحات
الخميس ١٣ فبراير ٢٠١٤ - ٢٠:٣٢ م
4548

الطريق إلى ثقافتنا (4) الحملة الفرنسية على مصر

كتبه/ عبد المنعم الشحات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

أولاً: تمهيد:

من الأمور المتفق عليها بين دعاة "الهوية الإسلامية" -أو الثقافة الإسلامية- وبين دعاة التغريب: أن "الحملة الفرنسية" على مصر هي المحطة الأبرز بين محطات التغريب في العالم الإسلامي، وإن كان الأولون يعتبرونها أقصى قاع الانهزامية الثقافية التي سرعان ما أسفرت عن نشاط الأجهزة المناعية داخل المجتمع المسلم، بينما يراها الآخرون هي الماضي الجميل الذي يحنون إليه دومًا ويطالبون بالعودة إليه! "رغم أنهم في سبيل قطع الأمة عن ماضيها يسمون الرجوع إلى هدي خير القرون رجعية، ولله الأمر مِن قبل ومِن بعد!".

وكان من الطبيعي أن يفرد الأستاذ "محمود شاكر" -رحمه الله- لهذه الحملة جزءًا كبيرًا مِن بحثه عن "الطريق إلى ثقافتنا".

فذكر الأستاذ "محمود شاكر" -رحمه الله- ثلاثة مظاهر سبقتْ الحملة الفرنسية على مصر، وهي:

1- وجود المستشرقين في ديار الإسلام يتعلمون العلوم التقنية والحضارية والإسلامية، وينقلون المراجع إلى بلادهم؛ بالإضافة إلى نقلهم لأخبار العالم الإسلامي، وقد ذكرنا حاصل كلامه في ذلك في المقالة الثانية من هذه السلسلة.

2- وجود صحوة إسلامية ويقظة حضارية في القرن الثامن عشر الميلادي مثَّلها محمد بن عبد الوهاب، والزبيدي، والشوكاني، والجبرتي -رحمهم الله-، وقد تحدثنا عليها في المقالة الثالثة من هذه السلسلة.

3- وجود صحوة خاصة أخرى على مستوى دور العلماء في تقويم الحكام قام بها علماء الأزهر تجاه انحراف المماليك عن نهج الإسلام، وانتهت هذه الصحوة إلى إعلان توبة من المماليك عن هذه المظالم، وهي التوبة التي لم تستمر سوى شهر واحد! عادوا بعدها إلى ظلمهم وفجورهم مما جعل العلماء في غاية الحنق عليهم.

ومن مجموع هذه المظاهر الثلاثة جاء قرار "الحملة الفرنسية" على مصر، فالمستشرقون يراقبون فأزعجتهم تلك النهضة الشاملة واليقظة العامة التي وُجدت في أرجاء العالم الإسلامي، وزاد من انزعاجهم أن انتشارها الجغرافي فوق قدرتهم على التحليل وفوق ما يرونه من أسباب ظاهرة "وهم بالطبع غافلون أو متغافلون عن نصر الله لهذه الأمة"، فبدأوا بالتحريض على غزو العالم الإسلامي؛ ذلك التحريض الذي ازدادت وتيرته كلما ازدادت الصحوة رسوخًا، وجاء التحريض على غزو "مصر" خاصة؛ لأنها "قلب العالم الإسلامي"؛ ولأسباب اقتصادية وتجارية.

ثم جاء الصراع بين العلماء والمماليك مما يعني تصدع الجبهة الداخلية المصرية متزامنًا مع التحولات التي جرت في مسار الثورة الفرنسية، ورغبة "نابليون" في تقديم عمل يخدم "الثقافة الفرنسية" تجعله جديرًا بقيادة فرنسا، فجاءت الحملة الفرنسية على مصر والمستشرقون من أمامها يمهدون السبيل لها، مستثمرين ما أشرنا إليه من الحالة الداخلية.

وسوف نعرض لملخص ما ذكره الأستاذ "محمود شاكر" -رحمه الله- في هذا الصدد؛ لأهميته، محافظين على عباراته قدر الإمكان.

ثانيًا: "الحملة الفرنسية" وسلوك المحتل في تفتيت الجبهة الداخلية:

قال الأستاذ "محمود شاكر" -رحمه الله- ما ملخصه: "لما أظل زمان مجيء الحملة الفرنسية نشط الاستشراق نشاطًا سريعًا، خفي الوطء في ميادين مختلفة لبث أفكار درسوها وأحكموها، وأرادوا أن يشيعوها بين جماهير دار الإسلام في مصر؛ للتحكم في تصريف أموره وغاياته، وللتمكن من إشعال نيران الفتن حين تنزل الحملة الفرنسية أرض مصر؛ ليفرِّقوا بهذه الفتن شمل الناس، ويمزقوهم ويشغلوهم عن الكيد الخفي الميكيافلي الذي يراد بهم، وكان أكبر نشاط الاستشراق موجهًا إلى المشايخ الكبار الذين ثاروا بالأمس القريب على طائفة الأمراء من المماليك المصرية مرات حتى خضعوا ووقعوا على "وثيقة توبة" ثم نقضوها بعد شهر من توقيعها!".

1- غرور المماليك بفروسيتهم وتعميق المستشرقين لهذا الداء:

يقول الأستاذ "محمود شاكر" -رحمه الله- ما ملخصه: "لما دنا نزول جند الفرنسيس ثغر الإسكندرية كانت الأخبار قد وصلت إلى القاهرة غامضة، فلم يهتم أمراء المماليك بشيء من ذلك ولم يكترثوا به اعتمادًا على قوتهم، فقالوا -وزعموا-: إنه إذا جاءت جميع الإفرنج لا يقفون في مقابلتهم، وإنهم يدوسونهم بخيولهم، وقد عزز هذا الغرور فريق من المستشرقين لهم مودة بالمماليك يفاوضونهم ويهونون عليهم شأن الفرنسيس، ويمنونهم بالظفر عليهم إذا هم أقدموا على دخول القاهرة، ويزيدونهم إصرارًا على الغرور بقوتهم، وأنهم إذا جاءت الإفرنج فهم قادرون على أن يدوسوهم بخيولهم!".

تعليق:

من المفيد هنا أن نراجع كلام الأستاذ "محمود شاكر" -رحمه الله- عن الغفلة التي أصابتْ العالم الإسلامي بعد فتح القسطنطينية والشعور بالزهو العسكري، وهذا الذي ظل ملازمًا ليس للمماليك فحسب، بل للخلافة العثمانية بأسرها حتى فوجئوا بالغرب انطلاقًا من علوم أخذها المستشرقون عن علوم بلاد الإسلام الشرقية وأخذها آخرون عن جامعات الأندلس يطورون الأسلحة النارية التي حيدت بطولات الفرسان في جيوش المماليك والعثمانيين على حد سواء، ولما جاء السلطان "عبد الحميد" يتدارك هذا اضطر للدخول في حلف مع الألمان؛ ليمدوه بالسلاح وليدربوا جيوشه عليه فهزم معهم، وقسِّمت الخلافة العثمانية التي عُرفت عندهم بتركة الرجل المريض!.

2- المستشرقون وتعميق الخلاف بين المشايخ والمماليك:

قال الأستاذ "محمود شاكر" -رحمه الله- ما ملخصه: "وعندئذٍ خرج الاستشراق من مكامنه، وخرج المستشرقون الذين كانوا يتزيون بزي أهل الإسلام ويجاورون في الأزهر لطلب علم الدين والدنيا مسلمين ويخالطون المشايخ الكبار دروسهم وبيوتهم لا يميزهم شيء عن سائر المسلمين المجاورين في الأزهر من كل جنس ولون!

وطافوا على المشايخ الكبار... وبرفق ودهاء ومكر فاتحوهم في شأن الفرنسيس الذين شاع أنهم قد دنا نزولهم أرض مصر، فادعوا أنهم بدافع النصيحة لله ولرسوله وللمسلمين يؤكدون بما عندهم من علم أن الذي يحمل الفرنسيين على القدوم إلى الديار المصرية هو ما كان المماليك يعاملون به الجالية الفرنسية بإذلال واحتقار، ويظلمون تجارهم بأنواع الإيذاء والتعدي كما يظلمون جماهير أمة الإسلام في مصر بألوان من الجور والظلم والمهانة، وإقدامهم على مخالفة الشرع وعلى نقض العهود والمواثيق، وجرأتهم على هيبة المشايخ الكبار بلا رعاية لكرامتهم، وإن كل هدف الفرنسيس هو رفع الظلم الواقع على تجارهم وتخليص حق الأمة الإسلامية من يد الظالمين، والقضاء على دولة المماليك الفاسدة الظالمة، ووضع أمور البلاد في يد العلماء والفضلاء من أهالي مصر!

وظلوا يفتلون لهم في الذروة والغارب برفق ودهاء حتى انتهوا إلى أن الفرنسيس لم يقدموا على نية القضاء على دولة المماليك إلا باتفاق مع السلطان العثماني؛ لأنهم أحباؤه المخلصون! والمماليك كثيرًا ما امتنعوا عن طاعة السلطان ولم يمتثلوا لأمره، وأن الفرنسيين يحترمون النبي -صلى الله عليه وسلم- والقرآن العظيم، وأنهم هم الذين نزلوا في رومية وخربوا كرسي الباب الذي كان دائمًا يحث النصارى على محاربة المسلمين، واستمع المشايخ لهذا وأمثاله، ولقلة علمهم بما هو خارج عن حدود القاهرة الآن مس هذا الحديث قلوب أكثرهم، وغرتهم الأماني، وعدّوه نصيحة لله ولرسوله وللمؤمنين!

وكانوا يخوفون المشايخ من تهور المماليك "رغم أنهم جزء من صناعته"، وأنهم لا علم لهم بقوة الفرنسيس وما في حوزتهم من المدافع والأسلحة مما لا يملك مثله المماليك، وأنه إذا وقعت الواقعة لم تغنِ عن المماليك مدافعهم وأسلحتهم، وأنهم سرعان ما يفرون من وجه الفرنسيس ثم يتفرقون شذر مذر، ويتركون القاهرة مكشوفة بلا حامٍ يحميها أو يدافع عنها".

تعليق:

كانت فتوى "شيخ الإسلام" في المقارنة بين التتار والمماليك مثالاً واضحًا لاعتبار قاعدة المصالح والمفاسد في هذه الخطوب العظيمة، والعلامة "محمود شاكر" هنا يبيِّن بحزن وأسى أن المشايخ قد غرر بهم بأن الفرنسيين أرفق بالمسلمين من المماليك!

وما زال الخطأ يتكرر في أزمنتنا المعاصرة، ولعل حوادث التاريخ تجعلنا نقطع بأن الاستعانة بالكفار لدفع ظلم حاكم ظالم هو من الاستجارة من الرمضاء بالنار، ونحن نرى أمام أعيننا كيف آل أمر الاستعانة بالأمريكان للقضاء على ظلم "صدام"!

ومِن هذا الدرس يمكننا أن نقول: إنه لا يحق لأية دعوة إسلامية أن تحبِّذ أي تدخل من دول الكفر ضد جيوشها "مهما بلغت الانحرافات الداخلية، ومهما بالغ الآخرون في معسول وعودهم".

3- المستشرقون ومحاولة استمالة الكنيسة القبطية:

قال الأستاذ "محمود شاكر" -رحمه الله- ما ملخصه: "وكان آخرون من المستشرقين يتأهبون لإحداث فتنة كبيرة إذا ما دخلت جيوش الفرنسيس القاهرة، فطافوا بالكنيسة القبطية المصرية وحاولوا أن يستثيروا حميتها، وأن يغروها بأن استجابتهم للفرنسيس إنما هو نصرة لدين المسيح على دين الإسلام، وأن واجبهم أن يناصروا الفرنسيس، ويناصبوا المسلمين العداء؛ حتى تعلو راية المسيحية، ويصبح المسلمون أتباعًا لهم ورعية لا سلطان لها لا يملكون إلا الطاعة المستكينة لدين المسيح، بيد أن الكنيسة القبطية أعرضتْ عنهم وعن إغرائهم؛ فلم يستجب للمستشرقين أحد من رجال الكنيسة القبطية، وأخفقوا إخفاقًا كاملاً".

تعليق:

هذه المحاولة من الحملة الفرنسية لاستمالة الكنيسة القبطية تكررت -وما زالت تتكرر-، وهي تحتاج من الأغلبية المسلمة أن تكون واعية، وأن ترسل رسالات مترجمة إلى واقع في أن مصالح الأقباط هي في مصالحهم المشتركة مع المسلمين "وليس مع العدو الخارجي"، وهذا قد يؤكد أهمية أن يتم توصيفهم على أنهم "معاهدين"، وأن العهد الذي بيننا وبينهم هو الدستور، ومِن قبْله ما أمر الله به من حسن العهد معهم.

4- المستشرقون وبعض الأقباط "الانتهازيين!":

قال الأستاذ "محمود شاكر" -رحمه الله- ما ملخصه: "لما لم يجد المستشرقون من الكنيسة القبطية أي استجابة ولوا وجوهم شطر طائفة الأقباط الأغنياء الذي كان عملهم جباية الأموال، وضبط مالية المماليك؛ فاستعصي عليهم أكثرهم، واستجاب لهم جابي المملوك "محمد بك الألفي"، وهو المعروف باسم: المعلِّم "يعقوب"، وجمع لهم من سفلة القبط وعامتهم وغوغائهم عددًا كبيرًا، وانضم جهرة إلى الفرنسيس؛ فكوَّن منهم "نابليون" فيما بعد جيشًا سماه: "جيش الأقباط" على كراهية الكنيسة القبطية وعلى غير رضاها، وهذا الخسيس المعلم "يعقوب" كان هو وجيشه فتنة كبيرة وبلاءً وبيلاً".

تعليق:

كان الأستاذ "محمود شاكر" -رحمه الله- منصفًا حينما أثبت أن عمل المعلم "يعقوب" كان على غير رغبة الكنيسة، بل على غير رغبة الكثيرين من أغنياء الأقباط؛ فإننا لم نبتلَ بشيء مثل بلوى التعميم، وفي ذات الوقت نجد أن نموذج المعلِّم "يعقوب" يتكرر عبر التاريخ! وهو يقتضي دائمًا من الكنيسة، ومِن عقلاء الأقباط أن ينقوا صفوفهم من هذا الصنف من الناس.

ثالثًا: الثورة الفرنسية ومحاولة تدجين المشايخ:

قال الأستاذ "محمود شاكر" -رحمه الله- ما ملخصه: "لما وقعت الواقعة، ونزل جند الفرنسيس أرض الإسكندرية واجتاحوا بلاد الوجه البحري يحرقون القرى ويسفكون الدماء سبقهم إلى القاهرة منشور "نابليون" المؤرَّخ آخر المحرم سنة 1212هـ، وكتبه المستشرقان: "فانتور ومارس"، رأى المشايخ فيه جلَّ ما طرق أسماعهم من حديث المستشرقين الذين كانوا يتزيون بزي الإسلام، وجاءتهم أنباء حرائق القرى وسفك الدماء حين قاوم المصريون الجيش الغازي كما توعد "نابليون" في منشوره كل مَن يقاومه.

ثم بعد أيام قلائل وصل "نابليون" مشارف القاهرة، ولقي جيشه جيش المماليك ودارت الدائرة على المماليك وأخذهم الرعب، وتفرقوا شذر مذر، وتركوا القاهرة عارية مكشوفة ليس لها حام يحميها؛ فكان ذلك كله مصداقًا لما سمعه المشايخ من المستشرقين فوجفت قلوبهم، وخافوا أن يحل بالقاهرة ما حل بقرى الوجه البحري من الفظائع، فلما دخل نابليون القاهرة وأصدر أمره بتكوين الديوان من تسعة من المشايخ الكبار استجاب ستة منهم لدعوة "نابليون"، ثم استجاب أيضًا ثلاثة آخرون لتمام التسعة، ورفض "السادات"، و"عمر مكرم"، و"محمد الأمير" أن يستجيبوا لدعوته.

والذي دعا هؤلاء للاستجابة خوفهم على مصير القاهرة التي تُركت بلا حام يحميها بعد أن خذلها حماتها من صناديد الحرب والقتال "وهم المماليك المصرية"؛ فلم يرَ المشايخ سبيلاً إلى حقن دماء العامة: رجالاً ونساءً إلا المهادنة، وإلا الصبر والسكينة؛ حتى يكشف الله هذه الغمة بما شاء -سبحانه-، فكانت استجابة هؤلاء المشايخ التسعة لتكوين الديوان منهم أول زلة، وكانت هذه الاستجابة أيضًا أول نجاح حازه الاستشراق في تدجين بعض المشايخ الكبار.

ولكن لم تلبث الأمة خاصتها وعامتها أن رفضتْ الاستماع إلى هؤلاء المشايخ المدجنين، واستمعت إلى آخرين من المشايخ، والى صغار طلبة العلم بالأزهر الذين رفضوا نصيحة المشايخ التسعة الكبار، وقامت ثورة القاهرة وثورات الأقاليم بعد ثلاثة أشهر من تدجين التسعة الكبار، ومن دخول جزار القاهرة أرضًا لم تطأها من قبْل قَدَم غاز صليبي محترق كالميكيافلي "نابليون" الذي غرَّ هؤلاء التسعة وخدعهم حسن استقباله لهم وتوقيرهم، خداعًا لهم بمداهنته ومكره ودهائه، وكان بعد ذلك ما كان من سفح الدماء ليلاً ونهارًا، جهرة وخفية؛ لم يستثنِ الجزار ولا خلفاؤه شيخًا فانيًا، ولا طفلاً رضيعًا، ولا امرأة عاجزة حتى انكشح هو وجنوده من أرض مصر بعد ثلاث سنوات خزايا مقهورين".

تعليق:

اكتفينا بهذا المقطع المختصر لعرض أحداث الحملة الفرنسية؛ لما فيه من التركيز على الحدث الأبرز على صعيد الغزو الثقافي، وهو محاولة المحتل "تدجين المشايخ"، ووقوع بعضهم في هذا الفخ، ومع هذا تلطف الأستاذ "محمود شاكر" في التماس العذر لهم؛ إلا أن هذا لا ينفي بقاء الدرس عبرة لمن يعتبر.

ويبقى السؤال: هل هذا السلوك... محاولة "تدجين" المشايخ حكر على الغزاة الكفار أم من الممكن أن يفعله بعض حكام المسلمين الظلمة؟!

والجواب: أنه سلوك يفعله كل مستبد، وعلى العلماء والدعاة أن يحذروا دائمًا من الوقوع في فخ "الميل" إلى الحاكم الظالم؛ فضلاً عن الكافر، ولكن الآليات تختلف بلا شك من حال إلى حال، فهذا "عمر مكرم" أبرز رافضي ديوان "نابليون" كانت له تجربة مع نصيحة المماليك مما أسفر عنه وثيقة تعهدهم برفع المظالم، ثم كانت له أيضًا وقفة نصِّب على إثرها "محمد علي" واليًا على مصر، وهو الحدث الأكثر وضاءة في تاريخ قيام العلماء بدورهم السياسي في الأمة.

ومهما يكن من أمر تنكُّر "محمد علي" فيما بعد للشيخ "عمر مكرم"؛ فسيبقى مساندته لأمثل الأمراء المسلمين في زمانه مع إنكاره للمظالم ونهيه عنها في مقابل اعتزاله لـ"نابليون" وديوانه - درسًا بليغًا للذين يسوون بين الحالين على الرغم مما بينهما من بون شاسع.


www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي