الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

العنف الكامن (2)

هذه القضية تعتبرأحد أهم القضايا المحورية في تاريخ الجماعة وهي التي بسببها تم اكتشاف

العنف الكامن (2)
أحمد الشحات
السبت ٢٢ فبراير ٢٠١٤ - ٠١:٤٠ ص
2758

العنف الكامن

دراسة موضوعية حول موقف الإخوان من استخدام العنف (2)

كتبه / أحمد الشحات

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وعلي آله وصحبه ومن والاه أما بعد:-

ثانيا : الحوادث والقضايا التي تورط فيها النظام الخاص

1 - قضية السيارة الجيب:

هذه القضية تعتبرأحد أهم القضايا المحورية في تاريخ الجماعة وهي التي بسببها تم اكتشاف جزء كبير من الجانب السري والخفي في فكر هذه الجماعة وسلوكها ، ومع أن حادث اكتشاف هذه السيارة يبدو قدريا محضا أو – هكذا زعموا – إلا أن السيارة كانت ممتلئة بعدد كبير من الوثائق السرية والمخطوطات الخاصة التي تشرح خططا وتبرز فكرا، لا أقول تكشف أوراقا دعوية أو تنظيمية تتعلق بنشاط الجماعة أو دعوتها إذن لهان الخطب ولما وجدت الدولة شيئا تتخذه ذريعة للقضاء علي الإخوان أو التشهير بهم ولكن كان لوقوع هذه السيارة في أيدي الأمن طعنة كبري في صدر الجماعة أصابتهم بقدر من التخبط والزلزلة جعلتهم يُقدمون علي خطوات أكثر هجوما وعنفا ، وقد اتهم في هذه القضية عدد من قيادات الإخوان علي رأسهم (عبدالرحمن السندي – مصطفي مشهور – السيد فايز – محمود الصباغ – أحمد عادل كمال)

وكان اتهام النيابة العامة كما يلي:

أولاً: اشتركوا فيما بينهم ومع آخرين في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب الجنايات والجنح المذكورة بعد، واتخاذها وسيلة للوصول إلى الاستيلاء على الحكم بالقوة، واتحدت إرادتهم على الأعمال المسهلة والمجهزة لارتكابها، كما تداخل المتهمون العشرة الأول والرابع عشر والخامس عشر والثلاثون في إدارة حركة هذا الاتفاق وكان لهم شأن فيها، وذلك بأن كون المتهمون من أنفسهم ومن غيرهم جماعة إرهابية ذات قيادة وأركان وجنود وخلايا، واختاروا أفرادها طبقا لنظام موضوع مفصل، وبعد فحصهم طبيًا لمعرفة مدى لياقتهم للعمل جسمانيا وعصبيًا، ولقنوهم دروسًا روحية ورياضية وفي تبرير القتل وفي حرب العصابات واستعمال الأسلحة والمفجرات وفي تعقب الأشخاص واغتيالهم سياسيين كانوا أو عسكريين أو مدنيين، وقاموا بمراقبة الأماكن التي عقدوا النية على ارتكاب جرائمهم فيها، وإعداد التقارير والرسوم الدقيقة عنها واختيار مواضع التنفيذ وزمانه ومكانه وأعدوا برامج شاملة لمختلف الهيئات الإرهابية التي أنشأوها، ولمصادر الأموال اللازمة لها من إعانات وترهيب وسطو على البنوك والمتاجر والإذاعة والدعاية الداخلية والخارجية والمخابرات والتجسس على الأحزاب والهيئات المختلفة وإشاعة الفوضى والذعر والإخلال بالأمن في البلاد تحقيقًا للغرض المتقدم ذكره وهذه الجرائم هي ......ثم ذكرت المحكمة 11 تهمة تفصيلية.

ثانيًا: أحرزوا وحازوا مقادير كبيرة من القنابل اليدوية والفوسفورية والجيلجانيت والديناميت والمادة الناسفة المعروفة باسم. P. T. N والألغام وساعات التفجير الزمنية والمفجرات الكهربائية والطرقية وغيرها من المفرقعات والآلات المفرقعة، وذلك بدون ترخيص وبغرض ارتكاب قتل سياسي وبنية قلب وتغيير دستور الدولة وشكل الحكومة بالقوة.

ثالثًا: أحرزوا وحازوا أسلحة نارية -مدافع سريعة الطلقات ومسدسات وذخائر مخصصة لها وكذا أسلحة بيضاء، وذلك بدون ترخيص.

رابعًا: حازوا أجهزة وأدوات خاصة بمحطة إذاعة لاسلكية بدون إخطار إدارة تلغرافات وتليفونات الحكومة المصرية وبغير ترخيص وأقاموها في منزل بإحدى الضواحي أعدوه لهذا الغرض.

تعليق المؤلف على هذا القرار:

" إن التهم الإحدى عشر الأولى التي وجهتها النيابة العامة الإخوان المسلمين كلها وبنص القرار هي تهم على اتفاق جنائي لم يصل إلى حد التنفيذ شيء منها، ومع ذلك فإن مواد قانون العقوبات المذكورة فيها، موضوعة في القانون الوضعي بمعرفة المستعمر الإنجليزي بعد قتل بطرس غالي باشا، بقصد تمكين السلطة من إخماد أي صوت أو فكر أو حركة ضده فور الإحساس بها وبدون حاجة إلى دليل على التنفيذ وتقضي معظم موادها على من يقع تحت طائلتها بالإعدام.

أما الشريعة الإسلامية فلا تعترف بأي من هذه المواد، فالأصل أن من نوى معصية ولم ينفذها كتبت له حسنة، ومن نوى حسنة ونفذها ضاعف الله له الحسنات ما شاء له أن يضاعفها، ولو أننا نحتكم إلى الشريعة الإسلامية لاستراحت النيابة من كل هذا العناء، والجهاد الضائع، حيث لم يقع خطأ أصلا على فرض صحة كلام النيابة فما بالنا وكلام النيابة خطأ جملة وتفصيلا"

2 - مقتل محمود فهمي النقراشي باشا:

وإن تعجب فاعجب للكاتب وهو يعلق علي حادث مقتل النقراشي باشا فهو لم يدن الحادث ولم يستنكر القتل بل ساق المبررات وقدم المعاذير لمن قاموا بالعملية ونفذوها،والأدهي من ذلك أنه يفلسف ذلك بأن المسئول عن القتل هو الذي استفز الدماء النابضة في قلوب الشباب المتحمس فيصبح النقراشي هو قاتل نفسه!! وتصبح أعمال القتل بعد ذلك مُبررة لدي شباب الجماعة يقول الصباغ تحت عنوان من قتل محمود فهمي النقراشي باشا؟

" إن الدماء لتغلي في عروق أي إنسان عنده ذرة من إحساس يحب هذا الوطن وهو يرى حاكم مصر العسكري يصدر مثل هذا الأمر، فكيف لا تغلي في دماء شباب باعوا أنفسهم لله واستهدفوا أن يقدموا أرواحهم رخيصة من أجل انتصار الإسلام وقيمه السامية في ربوع الوطن الإسلامي؟

وإذا غلت الدماء في عروق من يقرأ هذا الأمر، فمن يكون المسئول عن هذا الغليان مصدر الأمر، أم من صدر عليه الأمر لقهره واستدلاله؟

وهل تحتاج الدماء في هذه الحالة إلى أوامر من أحد لتغلي في العروق؟ أما إنها ستغلي لا إراديًا من فرط ما ترى من إفساد عمد بقوة السلاح، ولا يفل السلاح إلا السلاح..

وهل يمكن أن يلوم أحد شابًا مسلمًا أو عدة شباب مسلمين إذا ما اتحدت إرادتهم في هذا الظرف المثير على قتل صاحب هذا القرار الداعي إلى الكفر بالله وهو يدعي أنه مسلم؟

إن اللوم كل اللوم إنما يقع على صاحب القرار، وقد حفر قبره بيده، وهو يعلم ذلك يقينًا من قبل أن يوقع القرار، وقد قالها علنًا حيث قال وهو يضحك: إنه يعلم أنه سيدفع ثمنًا لهذا القرار رصاصة أو رصاصتين في صدره !! إنه يعلم أن هذه هي النتيجة الحتمية للمقدمة الشرسة التي فرضها على الأمة، علم اليقين، وقد كان شابا من نفس هذا النوع من الشباب الذي يغلي الدم في عروقه لا إراديًا، ثورة من أجل مصر ، وتلك مصيبة المسكين العظمى أنه يدري!! وقد كان، فقتله الشاب المسلم عبد المجيد أحمد حسن الطالب بكلية الطب البيطري وعضو النظام الخاص لجماعة الإخوان المسلمين ، وهو في وسط جنده وعساكره وفي قلب مركز قيادته ومقر سلطانه يعاونه باقي أفراد مجموعته في النظام الخاص ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ يوسف: 21 "

وإذا تأصل لديك ذلك فإن الكاتب لم يكتفي بذلك بل جعل هذا القتل قربة لله وفريضة من عنده واجبة النفاذ وأنه لو لم يقم هؤلاء الطلبة بهذا العمل الجليل فلابد أن غيرهم كان سيقوم بة تنفيذا لعهد الله ووصيته فيقول:

" لقد كان عبد المجيد أحمد حسن ومعاونيه متأكدين وهم يقومون بهذا العمل، أنهم يقدمون دماءهم شهداء من أجل مصر ، فلم يكن أمامهم وقد اختاروا هذا الموقع لتنفيذ ما استقر عليهم رأيهم، إلا أن يقبض على عبد المجيد متلبسًا فيدل عليهم، ولكنهم كانوا رجالا قد تعلموا أن قتل المحاربين للإسلام فرض عين على كل مسلم ومسلمة، وقد تحقق لهم بعد إطلاعهم على هذا الأمر العسكري أن من وقعه محارب غادر للإسلام والمسلمين دون نزاع، فأقدموا على هذه العبادة المفروضة عليهم من لدن الحكيم الخبير دون حاجة إلى توجيه من جماعة أو هيئة ولا شك أنه لو تأخر عبد المجيد أحمد حسن وإخوانه عن أداء هذه العبادة لأداها غيرهم من ملايين شباب مصر الذين غلت دماؤهم كما غلت دماء عبد المجيد أحمد حسن وإخوانه فذلك قدر محتوم لكل من يتحدى إرادة الشعوب وعقائد المخلصين."

ثم يلخص المشهد في النهاية بكل بساطة فيقول " إذن فمن قتل محمود فهمي النقراشي ؟ إنه محمود فهمي النقراشي باشا نفسه."

3 - محاولة حرق أوراق قضية السيارة الجيب بمحكمة استئناف القاهرة:

يقول الكاتب حاكيا عن هذه الواقعة وكأنه يتكلم عن قصة مسلية:

" من أجل ذلك وضع الأخ الكريم الأستاذ شفيق أنس -وكان حينئذ لا يزال في ريعان شبابه - قنبلة زمنية حارقة داخل حقيبة صغيرة شبيهة بحقائب المحامين بجوار الخزانة التي تحتوي على جميع أوراق قضية سيارة الجيب، بنية إحراقها وسلب الحكومة سندها لدى النيابة العامة في كل ما تفتريه على الإخوان المسلمين ظلمًا وعدوانًا، لأنه يعلم علم اليقين كجندي من جنود النظام الخاص، أن الإخوان المسلمين أبرياء من كل اتهام يوجه إليهم ضد مصر خاصة وضد أي بلد عربي أو إسلامي عامة، وقد أصدر إليه أمر التنفيذ قائد النظام الخاص المسئول في هذا الوقت وهو الشهيد السيد فايز عبد المطلب."

إذن فالأخ الكريم الذي كان ينوي تفجير المحكمة بمن فيها من الأبرياء والعزل لم يفعل ذلك إلا لعلمه أن الإخوان أبرياء وشرفاء وأن الإعلام يفتري الكذب عليهم!! ولو كان الأمر كما ادعي لترك الإعلام وكذبة والنيابة وظلمها لأنه ليس ثمة أوراق إدانة حقيقية أصلا ،ومن كان عادته الكذب فلن تُعييه الحيلة في اختلاق الكذب وتلفيق القضايا مرة بعد مرة ، أما من يريد إتلاف المستندات فالعقل يؤمن بأن هذه المستندات فيها ما من شأنه الإدانة وبالتالي حاول إتلافها ولكن الأستاذ الصباغ يلتمس الأعذار أيضا فيقول:

" ومن البديهي أن تتأثر جماهير الإخوان المسلمين الذين لم يعرفوا شيئا عن الوثائق المضبوطة في السيارة الجيب والتي وصفتها وسائل الإعلام أنها حقائق داحضة تدين الإخوان المسلمين بالاتفاق الجنائي على قلب نظام الحكم والقيام بأعمال تخريب وتدمير في مصر لا يعلم مداها إلا علام الغيوب، فيشفقون على دعوتهم التي وهبوها المهج والأرواح، ليقينهم أنها فضلا عن احتوائها على الإخلاص للوطن كأقوى ما يكون الإخلاص وأعظم؛ فإنها من واقع الشريعة الإسلامية تقوم بعبادة هي فرض عين على كل مسلم ومسلمة، تلك هي عبادة الجهاد في سبيل الله، ولابد لهم أن يعتقدوا أن هناك مؤامرة استعمارية محققة، استعملت النقراشي باشا كمخلب قط للقضاء على دعوة الإخوان المسلمين عندما ظهرت بسالتهم وشدة مراسهم في القتال في فلسطين ، وأن مثل هذه المؤامرة قد زودت الحكومة بوثائق مزورة، محكمة التزوير لدعم هجمتها الشرسة الضالة على الإخوان بقصد إبادتهم.

ولا يكون أمام شباب الإخوان الذين يرون مثل هذه النظرة المنطقية لمجريات الأمور في مصر إلا أن يفكروا في استنقاذ دعوتهم من أقصر طريق ممكن، حيث غيبت السجون والمعتقلات قادتهم دفعة واحدة، ومنعت الاتصال بين أي منهم وبين المرشد العام الذي ظل خارج المعتقل تحت حراسة مشددة من الحكومة لأغراض أدناها أن يفقد الإخوان في المعتقلات مصدر الطاقة الروحية التي تدعم صمودهم وأقصاها أن يفقد العالم الإسلامي إمامه الجليل، الذي يقوده إلى طريق العزة والكرامة المستمدة من الشريعة الإسلامية الغراء وذلك بقصد تيسير قتله جهارًا نهارًا على قارعة الطريق.

في ظل هذا الجو المشحون بالتوتر المصطنع من جانب الحكومة، يكون من البديهي أن يفكر بعض شباب الإخوان المسلمين في حرق أوراق هذه القضية التي اتخذت محورًا لكل هذه الدعاية المسمومة، حتى تفقد الحكومة حجتها فيما تنسبه بإصرار ضد جماعة الإخوان المسلمين، ولا تثريب في هذه الحالة على مثل هذا الشباب الذي يريد أن يطفئ نار الفتنة بنزع الأساس الذي اتخذته الحكومة وسيلة لاشتعال أوارها، خاصة إذا كان الأسلوب الذي ينهجه هو أقل الأساليب إضرارًا بالأرواح والأموال. "

ومرة أخري نأتي للخلاصة النهائية ، نأتي للجاني الحقيقي والمتسبب الأول في العملية:

" ولنا أن نقول إذا كان محمود فهمي النقراشي هو القاتل الحقيقي ل محمود فهمي النقراشي فإن وسائل الإعلام الحكومية في مصر هي المحرض الحقيقي لكل من السيد فايز عبد المطلب و شفيق أنس على محاولة نسف أوراق قضية السيارة الجيب لا محكمة استئناف القاهرة. "

4 - حادث مقتل الخازندار بك:

في البداية يقرر الكاتب أن الحادث تم علي أيدي أفراد من النظام الخاص وعلي رأسهم قائده المباشر إلا أن المرشد العام لم يكن علي علم بذلك فيقول:

" مرتكبي هذا الحادث هم ثلاثة أفراد من الإخوان المسلمين بصفتهم الشخصية، هم عبد الرحمن السندي، ومحمود سعيد زينهم، وحسن عبد الحافظ.

ولقد استحل هؤلاء الإخوان الثلاثة لأنفسهم القيام بهذا العمل لدوافع وطنية اقتضتها ظروف هذا الحادث واستشعرها جميع شعب مصر في حينها، دون أن يكون لأحد من الإخوان المسلمين أو من قيادة النظام الخاص أمر أو إذن به. ولا يغير من هذه الحقيقة كون عبد الرحمن السندي رئيسًا للنظام الخاص ولا كون الأخوين محمود سعيد زينهم وحسن عبد الحافظ أعضاء في النظام الخاص، لأن النظام الخاص لا يمكن أن يتحمل إلا الأعمال التي تقرها قيادته مجتمعة، بأمر صريح من المرشد العام، وما لم يتحقق هذين الشرطين لأي عمل من أعمال النظام الخاص؛ فإن هذا العمل يكون عملاً فرديًا تقع مسئوليته كاملة على من قام به. "

ثم يعود فيشرح ظروف وملابسات كل فرد من هؤلاء الثلاثة بطريقته التبريرية المعهودة فيقول عن عبدالرحمن السندي:

" ولقد لمسنا من عبد الرحمن طوال فترة العمل معنا الصدق في اللقاء والصبر على العناء، والبذل بالمال والوقت دون حدود، مع صفاء في النفس، ورقة في الشعور، والتزام بأحكام الدين حتى أحببناه حبًا صادقًا من كل قلوبنا، لما جمع الله فيه كل هذه الصفات، ولعل هذا الإحساس المرهف، مع الطبيعة الصعيدية، هما القوة الدافعة لعبد الرحمن التي حولت مظاهر السخط البادية من كل الناس وهو واحد منهم، وبخاصة من الإمام الشهيد على هذا الجور الذي ظهر من دائرة الخازندار بك ضد الشباب والوطنيين، مقارنا باللين المخل في أحكامها ضد المجرمين الحقيقيين "

إذن فإحساس الرجل المرهف وشعوره النبيل وطبيعته الصعيدية جعلت منه قوة دافعة للقتل والإغتيال وما دام الرجل رقيق الشعور صافي النفس فله كل العذر إن قتل من قتل وسفك دم من سفك ولا حول ولا قوة إلا بالله.

كيف تعاملت قيادة الإخوان مع هذه الحادثة بعد إذ تقرر لديهم مسئوليتهم عنها يقول الكاتب:

" وعقدت قيادة النظام الخاص محاكمة لعبد الرحمن على هذا الجرم المستنكر، وحضر المحاكمة كل من فضيلة المرشد العام الشهيد حسن البنا وباقي أفراد قيادة النظام بما في ذلك الأخوة صالح عشماوي، والشيخ محمد فرغلي، والدكتور خميس حميدة، والدكتور عبد العزيز كامل، ومحمود الصباغ ، ومصطفى مشهور، وأحمد زكي حسن، وأحمد حسنين، والدكتور محمود عساف، وقد أكد عبد الرحمن في المحاكمة أنه فهم من العبارات الساخطة التي سمعها من المرشد العام ضد أحكام المستشار الخازندار المستهجنة، أنه سيرضى عن قتله لو أنه نفذ القتل فعلاً،

وقد تأثر المرشد العام تأثرًا بالغًا لكلام عبد الرحمن لأنه يعلم صدقه في كل كلمة يقولها تعبيرًا عما يعتقد، وبلغ من تأثر فضيلة المرشد العام أنه أجهش بالبكاء ألمًا لهذا الحادث الأليم الذي يستوجب غضب الله، لأنه قتل لنفوس بريئة من غير نفس، كما يعتبر مادة واسعة للتشهير بالدعوة ورسالتها في الجهاد من أجل إقامة شرع الله، وقد تحقق الإخوان الحاضرون لهذه المحاكمة من أن عبد الرحمن قد وقع في فهم خاطئ في ممارسة غير مسبوقة من أعمال الإخوان المسلمين ، فرأوا أن يعتبر الحادث قتل خطأ، حيث لم يقصد عبد الرحمن ولا أحد من إخوانه، سفك نفس بغير نفس، وإنما قصدوا قتل روح التبلد الوطني في بعض أفراد الطبقة المثقفة من شعب مصر أمثال الخازندار بك "

هكذا بكل بساطة قصد الرجال الأطهار قتل روح التبلد فوقع القتل علي بعض أفراد الطبقة المثقفة فأصاب الخازندار وكأن شيئا لم يكن!!

يقول الكاتب:

" ولما كان هؤلاء الإخوان قد ارتكبوا هذا الخطأ في ظل انتمائهم إلى الإخوان المسلمين وبسببه، إذ لولا هذا الانتماء لما اجتمعوا على الإطلاق في حياتهم ليفكروا في مثل هذا العمل أو غيره، فقد حق على الجماعة دفع الدية التي شرعها الإسلام كعقوبة على القتل الخطأ من ناحية، وأن تعمل الهيئة كجماعة على إنقاذ حياة المتهمين، البريئين من حبل المشنقة بكل ما أوتيت من قوة، فدماء الإخوان ليست هدرًا يمكن أن يفرط فيه الإخوان في غير أداء فريضة واجبة يفرضها الإسلام ، حيث تكون الشهادة أبى وأعظم من كل حياة.

ولما كانت جماعة الإخوان المسلمين جزءًا من الشعب، وكانت الحكومة قد دفعت بالفعل ما يعادل الدية إلى ورثة المرحوم الخازندار بك، حيث دفعت لهم من مال الشعب عشرة آلاف جنيه، فإن من الحق أن نقرر أن الدية قد دفعتها الدولة عن الجماعة وبقى على الإخوان إنقاذ حياة الضحيتين الأخرتين محمود زينهم، وحسن عبد الحافظ. "

ورغم أن الحادث تسبب في قدر من الزلزلة والتشكك في نفوس كثير من القادة فضلا عن الأتباع وتوقعوا حل النظام الخاص أو إقالة قائده إلا أن الكاتب يصدمنا جميعا فيقول:

" كما أن بعض كبار الإخوان الذين يعلمون بوجود النظام الخاص في الجماعة، ولكن عدم انتمائهم إليه لم يسمح لهم بمعرفة شيء عن ظروف هذا الحادث، ولا عن الموقف الشرعي الذي وقفته قيادة النظام منه، اتخذوا منه غضبة المرشد العام على هذا الحادث غضبة على النظام الخاص ككل، وعلى رئيسه عبد الرحمن السندي على وجه الخصوص، وأخذوا يروجون أن المرشد العام عزم على حل النظام الخاص أو على إقصاء عبد الرحمن السندي من رئاسته، ولكن الحقيقة أن شيئا من هذا لم يحدث، وأن فضيلة المرشد العام استمر على ثقته واعتماده على النظام الخاص وقيادته حتى لقي ربه راضيًا مرضيًا."

 

ليست هذه هي المشكلة أيضا بل العجب كله يأتي بعد ذلك حيث رءا الإخوان أن من واجبهم إنقاذ أبناءهم من أن تلحق بهم عقوبة مستحقة علي أيدي المحكمة إلا أن الإخوان قد رءوا في المحكمة الداخلية التي عقدوها فيما بين أنفسهم كفاية وزيادة ونترككم مع الكاتب وهو يحكي هذه الدراما المثيرة فيقول:

" لقد صدق إخوان النظام في الدفاع عنهم، والعمل على نجاتهم مما وقعوا فيه نتيجة لخطأ غير متعمد من رئيس النظام، فذلك هو أبسط واجبات أفراد العمل العسكري إذا ما وقع فرد أو أكثر من أعضائه في يد الأعداء بطريق الخطأ.- ثم يستكمل قائلا - كما تحملت بنفسي وضع خطة لخطف الأخوين عبد الحافظ ومحمود زينهم من سجن مصر تحسبًا لما يمكن أن يقع في نفس القضاة من غضب لزميلهم، فيحكموا عليهما بالإعدام، وحرصت على أن لا تكون في هذه الخطة فرصة لإراقة دماء.

وقد اشترك معي الأخ صلاح عبد الحافظ في متابعة تنفيذ الخطة، فقد كان ولعه بنجاة شقيقه حسن ولعًا كبيرًا. وقد أنبتت الخطة على الاستعانة باثنين من السجانين في نقل صور المفتاح الماستر الذي يفتح جميع الزنازين، على قطعة من الصابون بحيث يمكن صنع مفتاح مطابق له بيد البراد الماهر علي الخولي، ومن الطبيعي أنني دفعت لهذين السجانين أتعابهما عن هذا العمل، وقد كان اختيارهما دقيقًا، فلم يفصحوا لأحد عن عمليتهم الخطرة.

كما كان من الخطة الاستغاثة باثنين من المسجونين العاديين، الذين تعودوا الخروج لعيادة طبية في المستشفيات، وكانت علاقاتهما بالسجانين المرافقين لهما تسمح بأن يتركوا لهما حرية التنقل وزيارة أهلهما، ثم العودة إلى السجن دون إضرار بالسجانين.

وقد تم فعلاً الاتفاق مع هذين المسجونين على فتح باب زنازين كل من الأخوين حسن عبد الحافظ ومحمود زينهم بالمفتاح المصنوع بمعرفتنا ومساعدتهما في القفز من سور السجن في الوقت الذي نتفق عليه، ومن الموضع الذي نتفق عليه، ولقد دفعت بنفسي لهذين المسجونين أتعابهما سخيًا عن هذه العملية. ولكن إرادة الله شاءت أن يلقى القبض علينا في قضية «السيارة الجيب» قبل تنفيذ هذه الخطة على الرغم من أن تجربة المفتاح قد نجحت في فتح الزنازين، كما أن القبض علينا لم يسمح لنا بتنفيذ خطة بديلة كانت تقضي بخطف الأخوين من سيارة السجن عند دخولها بين مسجدي الرفاعي والسلطان حسن بتهويش حراستهما بقنابل صوت، ثم الفرار بهما بعيدًا عن الموقع المختار. "

5 - سرية مصطفى كمال عبد المجيد لقتل إبراهيم عبد الهادي باشا:

" اعتقل الأخ السيد فايز في حادث النقراشي باشا، وأصبح الدكتور أحمد الملط هو المسئول الأول عن حماية الدعوة في هذه الظروف الشاذة باعتقال كل من يعلوه في قيادة الجماعة سواء في الدعوة العامة أو في النظام الخاص، وقد قتل الأعداء الخونة الإمام الشهيد على قارعة الطريق في أبشع حادث يمكن أن يقع من حكومة ضد أحد رعاياها، ومن ثم فقد كان له حق الاجتهاد.

وقد درس الإخوان المجاهدين خطة محاولة قتل إبراهيم عبد الهادي باشا لأنه كان قائدًا لحكومة تحارب الإسلام وقد خلف محمود فهمي النقراشي باشا، وتعهد بتنفيذ كل مخططاته الإجرامية للقضاء على الدعوة الإسلامية نهائيًا في مصر ، وقد اتخذ الدكتور أحمد الملط الشقة التي استأجرها الأخ علي صديق بمصر القديمة مقرًا للتخطيط لهذه العملية، وعين مصطفى كمال عبد المجيد قائدًا للسرية التي تقوم بها.

وكانت هذه الشقة تشرف تمامًا على طريق موكب إبراهيم عبد الهادي في ذهابه وعودته من المعادي إلى القاهرة كل يوم، ولم يكن إبراهيم عبد الهادي إلا امتدادًا أثيمًا لمحمود فهمي النقراشي ، فقررت السرية المرابطة في هذه الشقة قتله غدرًا، وتخليص الإسلام من شروره، بعد اعتماد الخطة من المسئول في ذلك الوقت وهو الدكتور أحمد الملط .

وكان التفكير المبدئي أن يصدم مصطفى كمال عبد المجيد سيارة إبراهيم عبد الهادي بسيارة مجهزة بعبوات ناسفة تندفع من الطريق الجانبي، لتصطدم فجأة بسيارة إبراهيم عبد الهادي وتنفجر السيارتان بمن فيهما.

ولكن الأخ مصطفى عبد المجيد خشي أن يعد منتحرًا بهذه الطريقة، فيدخل النار، وفضل أن يشترك في معركة مسلحة تهاجم الموكب وتقضي على من فيه، وقد راجع الأخ علي صديق الدكتور أحمد الملط في هذه الخطة واشترك معه كل من علي رياض والدكتور عز الدين إبراهيم في معارضتها لما ينشأ عنها من خسائر أكبر في الأرواح، فالمنطقة آهلة بالسكان، ويمر بالشارع ترام، مما يعرض الكثير من الأرواح للهلاك، ويمكن التفكير في طريقة لا يقتل فيها إلا إبراهيم عبد الهادي وحده كما قتل النقراشي وحده.

ولكن يبدو أن الدكتور أحمد الملط كان قد أصدر أوامره بتنفيذ خطة الهجوم، حيث وقع الحادث وتم ضرب الموكب أثناء المناقشة، وقد استعمل المهاجمون الأسلحة السريعة والقنابل، ورد عليهم حرس الموكب بالمثل، وتبين أن إبراهيم عبد الهادي لم يكن من ضمن الراكبين، بل حل محله حامد جودة رئيس مجلس النواب الأسبق.

وتمخض الهجوم عن جرح بعض المارة وموت سائق عربة كارو، أما حامد جودة فقد ارتمى من الرعب في دواسة السيارة، ولم يصب بسوء، وتمكن جميع من اشتركوا في الحادث من الفرار إلا مصطفى كمال عبد المجيد الذي ظل يدافع عن نفسه بإطلاق عيارات نارية على متعقبيه حتى انتهت ذخيرته وقبض عليه ومعه مدفعه، وعن طريق تعذيب مصطفى كمال عبد المجيد أمكن الاستدلال على عدد كبير من الإخوان المجاهدين داخل الأوكار. "

وبعد أخي الحبيب فهذه بعض النماذج المختارة من قلب ما كتبته أيديهم وما سطرته أقلامهم ، ونحن بذلك قد فتحنا معا غطاء البئر ولم نصل بعد إلي قعره أو إلي نهايته ، وسوف نكرر التجربة مرات أخري – بإذن الله – مع كتب ومراجع أخري لنعرف عن قرب أسرار هذه الجماعة وما قامت عليه في أصل منشئها ومنبت فكرتها .

ويشهد الله أنني لم أتجنى ولم أتعمد تشويه الصورة أو إختلاق تهم ولكن هذه كتبهم شاهدة عليهم لم يزد عملنا سوي أننا قرأناها سويا وتوقفنا مليا أمام كلماتها وألفاظها، قرأناها ليست بقراءه الناقد الهدام ولكنها أيضا ليست بقراءه مسلوب الإرادة مغلق الذهن، فأعملنا عقولنا في ما قرأنا ودققنا النظر فيما يُحكي لنا فكانت هذه الورقات التي قرأتم، ويبقي القرار في النهاية للقاريء وإن أراد البحث بنفسه فشغف به وأطاقه فلينهل مباشرة من هذه المصادر وسوف يكتشف الحقيقة بنفسه دونما عناء يذكر والله المستعان.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

 

تصنيفات المادة