الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

التكفير: "النشأة والتطور" (خطبة مقترحة)

التحذير من خطر الاتجاهات التكفيرية المعاصرة مِن خلال التعرض لنشأة التكفير وتطوره

التكفير: "النشأة والتطور" (خطبة مقترحة)
سعيد محمود
الأربعاء ١٦ أبريل ٢٠١٤ - ١٣:٢٨ م
3798

التكفير: "النشأة والتطور" (خطبة مقترحة)

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

الغرض من الخطبة:

- التحذير من خطر الاتجاهات التكفيرية المعاصرة مِن خلال التعرض لنشأة التكفير وتطوره.

المقدمة:

- أمر الله المسلمين بالاجتماع، وحذرهم من الفرقة والابتداع: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (آل عمران:105).

- وحذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من الذين يخالفون الكتاب ويتبعون الشبهات: عن عائشة -رضي الله عنه- قالت: تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ) (آل عمران:7)، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللهُ فَاحْذَرُوهُمْ) (متفق عليه).

- ثم أخبر عن أوصافهم وأحوالهم والتي مِن أبرزها تكفير المسلمين واستباحة دمائهم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي -أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي- قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حَلاقِيمَهُمْ، يَخْرُجُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ثُمَّ لا يَعُودُونَ فِيهِ، هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ) (متفق عليه). وقال فيهم -عليه الصلاة والسلام-: (يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) (متفق عليه).

النشأة والتطور:

1- بذرة التكفير الأولى:

- غرست مِن باب الحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولو جاء معه بأعظم منكر: عن أبي سعيدٍ الخدري -رضي الله عنه- أنه قال: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا، أَتَاهُ ذُو الخُوَيْصِرَةِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ، فَقَالَ: (وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ). فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ؟ فَقَالَ: (دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ، -وَهُوَ قِدْحُهُ-، فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، قَدْ سَبَقَ الفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ، إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ المَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ، وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ) قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ. (رواه البخاري).

قال ابن الجوزي -رحمه الله-: "فهذا أول خارجي خرج في الإسلام، وآفته أنه رضي برأي نفسه! ولو وقف لعلم أنه لا رأي فوق رأي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".

2- أصول شجرة التكفير الأولى:

- تأصلت من جهة زعم الغيرة على الدين: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَحْدَاثُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلامِ) (متفق عليه)، وقال: (يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ) (متفق عليه).

- بذرة ذي الخويصرة تتحول إلى شجرة الجهل والفهم السقيم، واتباع ما تشابه من الكتاب: قال ابن الجوزي -رحمه الله-: "وأتباع هذا الرجل هم الذين قاتلوا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وذلك أنه لما طالت الحرب بين معاوية وعلي -رضي الله عنهما-، رفع أصحاب معاوية المصاحف، ودعوا أصحاب علي إلى ما فيها، وقالوا: تبعثون منكم رجلاً، ونبعث منا رجلاً، ثم نأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب الله -عز وجل-، فقال الناس: قد رضينا. فبعثوا عمرو بن العاص، فقال أصحاب علي: ابعث أبا موسى، فقال علي: لا أرى أن أولي أبا موسى، هذا ابن عباس، قالوا: لا يريد رجلاً منك، فبعث أبا موسى، وأخر القضاء إلى رمضان، فقال عروة بن أذينة: تحكمون في أمر الله الرجال! لا حكم إلا لله".

وعن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أَنَّ الْحَرُورِيَّةَ لَمَّا خَرَجَتْ وَهُوَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالُوا: لا حُكْمَ إِلا لِلَّهِ. قَالَ عَلِيٌّ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ" (رواه مسلم).

- وهكذا أهل البدع في كل زمان: "الجهل والهوى والشذوذ وحب الشهرة الناشئ عن عدم الإخلاص هي أعظم أوصافهم": قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ) (متفق عليه)، وقال: (يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَحْسِبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ، لا تُجَاوِزُ صَلاتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ) (رواه مسلم).

وقال الإمام النووي في شرح مسلم: "قال القاضي: فيه تأويلان، أحدهما: لا تفقهه قلوبهم ولا ينتفعون بما تلوا منه، ولا لهم حظ سوى تلاوة الفم والحنجرة والحلق؛ إذ بهما تقطيع الحروف، والثاني: لا يصعد لهم عمل ولا تلاوة، ولا يتقبل!". مع أنه في ظاهره عمل صالح! نسأل الله الإخلاص والقبول.

3- محاولات الإصلاح والتقويم:

أولاً: دور العلماء:

- التنظير وإقامة الحجة ورفع الشبهة: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه لما ذهب إلى الخوارج ليناظرهم، قال: "قلتُ: أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وختنِه، وأول من آمن به، وأصحاب رسول الله معه؟ قالوا: ننقم عليه ثلاثًا. قال: وما هن؟ قالوا: أولهن أنه حكّم الرجال في دين الله، وقد قال الله: (إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ) (الأنعام:57)، فما شأن الرجال والحكم بعد قول الله -عز وجل-. قال: قلت: وماذا؟ قالوا: وقاتل ولم يَسْبِ ولم يغنم؛ لئن كانوا كفارًا لقد حلت له أموالهم، ولئن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دماؤهم. قال: قلت: وماذا؟ قالوا: محا نفسه مِن أمير المؤمنين. فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين. قال: قلت أعندكم سوى هذا؟ قالوا: حسبنا هذا.

قال: أرأيتم إن قرأتُ عليكم من كتاب الله المحكم، وحدثتكم من سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ما لا تنكرون "ينقض قولكم" أترجعون؟ قالوا: نعم. قال: قلت: أما قولكم: حكّم الرجال في دين الله، فإن الله - تعالى- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ) (المائدة:95). وقال في المرأة وزوجها: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا) (النساء:35). أنشدكم الله أحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم، وإصلاح ذات بينهم أحق أم في أرنب ثمنها ربع درهم، وفي بضع امرأة؟! وأن تعلموا أن الله لو شاء لحكم ولم يصير ذلك إلى الرجال. قالوا: اللهم في حقن دمائهم، وإصلاح ذات بينهم. قال: أخرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم.

قال: وأما قولكم: قاتل ولم يسب ولم يغنم! أتسبون أمكم عائشة، أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها؟ فقد كفرتم، وإن زعمتم أنها ليست أم المؤمنين فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام، إن الله يقول: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) (الأحزاب:6)، فأنتم مترددون بين ضلالتين، فاختاروا أيهما شئتم؟ أخرجت من هذه؟ فنظر بعضهم إلى بعض. قالوا: اللهم نعم.

قال: وأما قولكم محا نفسه من أمير المؤمنين، فأنا آتيكم بما ترضون، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعا قريشًا يوم الحديبية أن يكتب بينه وبينهم كتابًا فكاتب سهيل بن عمرو وأبا سفيان، فقال: اكتب يا علي هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، فقالوا: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله. فقال: والله إني لرسول الله حقـًّا وإن كذبتموني، اكتب يا علي: محمد بن عبد الله، فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أفضل من علي -رضي الله عنه- وما أخرجه من النبوة حين محا نفسه. أخرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم. فرجع منهم ألفان، وبقي منهم أربعة آلاف فقتلوا على ضلالة" (أخرج عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه وغيره).

ثانيًا: دور الأمراء:

- الترهيب من انتهاك الحرمات والاستعداد للردع بعد مشاورة العلماء الثقات: أرسل إليهم علي -رضي الله عنه-: "إن لكم عندنا ثلاثًا: لا نمنعكم صلاة في هذا المسجد، ولا نمنعكم نصيبكم من هذا الفيء ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا" (تاريخ الطبري).

وكتب علي -رضي الله عنه- إلى الخوارج بالنهروان: "أما بعد، فقد جاءكم ما كنتم تريدون، قد تفرق الحكمان على غير حكومة ولا اتفاق، فارجعوا إلى ما كنتم عليه. فأجابوه أنه لا يجوز لنا أن نتخذك إمامًا وقد كفرت، حتى تشهد على نفسك بالكفر وتتوب كما تبنا، فإنك لم تغضب لله، إنما غضبت لنفسك! فلما قرأ جواب كتابه إليهم يئس منهم" (البلاذري في أنساب الأشراف).

4- التكفير لعموم المسلمين وإعلان الحرب عليهم:

- انعزالهم عن المجتمع بعد تكفيره والانحياز إلى أرض يقاتلون منها المسلمين: ذكر ابن كثير -رحمه الله- في البداية والنهاية: "وقام رجل منهم يقال له حرقوص بن زهير، فقال بعد حمد الله والثناء عليه: إن المتاع بهذه الدنيا قليل، وإن الفراق لها وشيك، فلا تدعونكم زينتها أو بهجتها إلى المقام بها، ولا تلتفت بكم عن طلب الحق وإنكار الظلم (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُون) (النحل:128)، وقام رجل يقال له عبد الله بن سخبرة السلمي وقال في كلامه: اضربوا وجوههم وجباههم بالسيوف حتى يطاع الرحمن الرحيم، فإن أنتم ظفرتم وأطيع الله كما أردتم أثابكم ثواب المطيعين له العاملين بأمره، وإن قُتلتم فأي شيءٍ أفضل من المصير إلى رضوان الله وجنته؟!".

- هكذا زين لهم الشيطان أعمالهم: قال الله -تعالى-: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) (الكهف:103-104).

5- استحلال دماء المسلمين وأعراضهم:

- بث الرعب والتفزيع في المجتمع: عن رجل من عبد القيس قال: "كنتُ مع الخوارج فرأيت منهم شيئًا كرهته، ففارقتهم على أن لا أكثر عليهم، فبينا أنا مع طائفة منهم إذ رأوا رجلاً خرج كأنه فزع وبينهم وبينه نهر، فقطعوا إليه النهر فقالوا: كأنا رعناك؟ قال: أجل. قالوا: ومَن أنت؟ قال: أنا عبد الله بن خباب بن الأرَتّ. قالوا: عندك حديث تحدثناه عن أبيك عن رسول الله؟ قال: سمعته يقول: إنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن فتنة جائية القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، فإذا لقيتهم، فإن استطعت أن تكون عبد الله المقتول فلا تكن عبد الله القاتل، فأخذوه وسرية له معه، فمرّ بعضهم على تمرة ساقطة من نخلة فأخذها فألقاها في فِيه، فقال بعضهم: تمرة معاهد، فبم استحللتها؟ فألقاها من فيه، ثم مروا على خنزير فنفحه بعضهم بسيفه، فقال بعضهم: خنزير معاهد، فبم استحللته؟ فقال عبد الله: ألا أدلكم على ما هو أعظم عليكم حرمة من هذا؟! قالوا: نعم. قال: أنا. فقدموه فضربوا عنقه، فرأيت دمه يسيل على الماء كأنه شراك نعل اندفر بالماء حتى توارى عنه، ثم دعوا بسرية له حبلى فبقروا عما في بطنها" (مصنف ابن أبي شيبة، الطبري، تاريخ بغداد).

- إشارة عابرة إلى حادثة قتل الجنود في سيناء أثناء تناولهم الإفطار.

6- مشروعية قتال الخوارج إذا قَتلوا:

- أرسل علي -رضي الله عنه- إليهم أن يسلموا القتلة لإقامة الحد عليهم، فأجابوه بعناد واستكبار: وكيف نقيدك وكلنا قتله؟! قال: أوَكلكم قتله؟! قالوا: نعم، فسار إليهم بجيشه في شهر المحرم من عام 38هـ.

- عامل أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- الخوارج قبل الحرب وبعدها معاملة المسلمين، فما إن انتهت المعركة حتى أصدر أمره في جنده: "ألا يتبعوا مُدبِرًا أو يذففوا على جريح أو يمثلوا بقتيل". وقال أبو وائل -أحد فقهاء التابعين وممن شهد مع عليٍ حروبه-: "لم يسْبِ علي يوم الجمل ولا يوم النهروان" (السنن الكبرى للبيهقي).

خاتمة:

- الإشارة إلى أن هذا المنهج الفاسد صارت له بعد ذلك أصول وعقائد، وصارت له روافد تدمر كيان الأمة.

- الإشارة إلى أهمية دور العلماء وتلاميذهم في نشر المنهج الصحيح، قال الله -تعالى-: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) (آل عمران:187).

- الإشارة إلى تسلسل الحديث، وأن عنوان الخطبة القادمة -إن شاء الله- هو: "الآثار المترتبة على تكفير المسلم".

اللهم اكشف عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، واجعل بلادنا آمنة مطمئنة وسائر بلاد المسلمين.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة