الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

دوافع المشاركة فى الانتخابات الرئاسية القادمة في ضوء التحديات الحالية

14. دعمنا لأى شخص - كائنًا من كان - لا يعنى تحمل فساده وظلمه فى الماضى،ولا يعنى أيضاً دفع فاتورة فشله أو استبداده – إن تم فى المستقبل –

دوافع المشاركة فى الانتخابات الرئاسية القادمة في ضوء التحديات الحالية
أحمد الشحات
الأحد ١٨ مايو ٢٠١٤ - ١٩:٢٨ م
3834

دوافع المشاركة في الانتخابات الرئاسية القادمة في ضوء التحديات الحالية

كتبه / أحمد الشحات

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد..

فمن المعلوم أن حيثيات قرار المشاركة في الانتخابات الرئاسية القادمة  الذى تبنته الدعوة السلفية مبني في الأساس على عدد من الأسباب والدوافع التي تجمع بين المستند الشرعي والرؤية الواقعية مع الاستيعاب الكامل لتجارب الماضي والوعى الجيد بتحديات المستقبل ، وحول هذه الدوافع نسوق النقاط التالية :

1.        مسألة مشاركة الحزب في اختيار رئيس الجمهورية ليست عملاً سياسياً خالصاً وإنما هي قضية لها أصولها ومنطلقاتها من الأدلة الشرعية والقواعد الأصولية مثل قواعد الموازنة بين المصالح والمفاسد وفقه الأولويات وفقه المآلات وقواعد السياسة الشرعية وكذا التطبيقات العملية من مواقف السلف عبر التاريخ ، ويكفى في ذلك نظرة واحدة إلى كتب علماء السلف المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين في السياسة الشرعية وما دونوه من تراث فكرى ومنهجي وما سطروه من فتاوى تطبيقية في هذه الأمور مما يؤكد عميق فهمهم واستيعابهم لهذه القضايا.

2.        لا تنفك مسألة اختيار رئيس الجمهورية عن منهج التغيير الذى تتبناه الدعوة السلفية والذى يقوم على إصلاح (الفرد – المجتمع - الدولة)، ولا يتسنى إصلاح الدولة إلا بالتداخل معها ومد جسور الثقة والتعاون بيننا وبينها حتى وإن تلبست ببعض أنواع من الظلم أو الفسق ولكنها تظل محلاً للدعوة أفراداً ومؤسسات.

3.        عند التعرض لتراجم وسير العلماء عبر التاريخ ربما نجد فريقًا منهم يمتنع عن الدخول على الحكام ويرى في ذلك نوعاً من الفتنة أو تعريضاً لسمعته للتلوث عند العامة ، وقد يرى بعضهم أن قدراته وإمكانياته لا تؤهله لذلك ، ولكن المتأمل في سلوك كثير من علماء السلف كابن تيميه والعز بن عبد السلام وغيرهم سيجد أنهم كانوا يصدعون بالحق ولا يتهيبون الدخول على الحكام ولا إنكار منكراتهم ونصحهم نصحاً مباشراً ،وكانوا يؤدون بذلك خدمة عظيمة للأمة إذ لو ترك هؤلاء العلماء هذا الدور لما وجد الحكام من ينصحهم ويذكرهم بالله عز وجل وهذا الأمر هو نوع من المشاركة السياسية بالآليات التي توفرت لديهم في هذا الوقت.

4.        لا يسع الهيئات والكيانات الكبرى ألا تتخذ قراراً أو أن تمتنع عن المشاركة لأن هذا سوف يُضعف من تأثيرها في الواقع وسوف يُقلل من شأنها فى المستقبل فضلاً عن أنه يسمح لأفرادها بالتسرب والتحلل وبالتالي يفقد الكيان قوته وثقله.

5.        لا بد من الانتباه أن الفصيل الإسلامي الوحيد المتبقي في المشهد السياسي هو حزب النور ، وهناك خطر بالغ من الانسحاب وترك المشهد بدون وجود بديل مع إفساح المجال للفصائل والأفكار الأخرى أن تكون هي البطانة الوحيدة للرئيس في ظل إعادة تركيب المشهد السياسي ووضع أحجام وأوزان للكتل السياسية والمجتمعية الموجودة ، وبالتالي يُعد الانسحاب نوعاً من الانتحار السياسي الذى يعود بنا إلى نقطة الصفر أو ربما أدنى.

6.        مقاطعة الانتخابات لن تؤثر عملياً في هيئة المشهد السياسي فإذا كان رأي من يرى المقاطعة لماذا تتورطون في دعم من سيفرض علينا نجاحه ، إذن فلا فائدة من المقاطعة نهائياً سوى فرض نوع من العزلة الإجبارية على أنفسنا ، وما الفائدة من عداوته أو عدم التعاون معه الآن رغم أنه سيُفرض علينا غذاً بعد نجاحه؟! ، ثم إذا كان الأمر كذلك فهل من الحصافة السياسية أن ندعم خيارَ نرى أنه لن يكون له أي فرص نجاح على الأرض سواء كان بالمقاطعة أو بدعم مرشح فرصته في الفوز محدودة؟!.

7.        خير وسيلة لضمان عدم الإقصاء هو التواجد في المشهد والنزول بقوة حتى نستطيع فرض أمر واقع على المتربصين بالدعوة والذين يتمنون زوالها سواء من الخارج ممن يرون الدعوة فصيل إسلامي أصولي يسعون لتحجيمه لصالح الإسلام المعتدل من وجهة نظرهم ، أو سواء من الداخل ممن يعتبرون الدعوة خصم فكرى أو سياسي.

8.        حزب النور ينحاز دائماً إلى اختيار الغالبية العظمى من الشعب طالما لم يكن في هذا الاختيار مخالفة شرعية ويحقق الصالح العام للعباد والبلاد ، لأنه لا يمكن لدعوة يكون رأس مالها هو التواصل مع الناس ودعوتهم ثم تعاديهم وتصطدم باختياراتهم بلا داعى ولا مصلحة خصوصاً وأن صورة التيار الإسلامي قد شُوهت لدى كثير من أبناء الشعب ونحتاج كدعاة أن نعيد تصحيح هذه الصورة وتعديلها مرة أخرى وهذا يستلزم منا وجود علاقة جيدة وهادئة مع عموم هذا الشعب الذى كان قد اختارنا ووقف بجوارنا في مرات كثيرة قبل ذلك.

9.        حزب النور يدعم الرجل الذى يُتوقع أن تتعاون معه مؤسسات الدولة وبالتالي تضع يدها في يده ولا تتعامل معه كجسد غريب لا ترغب في وجوده أو تتمنى إخفاقه ودعم أي خيارات أخرى غير ذلك ربما ينتهى إلى نوع من التصادم أو عدم التوافق بينه وبين مؤسسات الدولة ، الأمر الذى يؤدى إلى فشل الرئيس بما يعود بالضرر البالغ على مسيرة الوطن التي لا يسعها التأخر أو التوقف وإلا لحقت بركاب الدول الفاشلة التي نرى أمثلتها حولنا بكل وضوح.

10.      حزب النور يدعم الرجل الذى يغلب على ظننا أن لديه خبرة في التعامل مع مؤسسات الدولة وهيئاتها حيث أمضى حياته المهنية موظفاً وعاملاً بها بما يؤهله أن يكون أقدر من غيره على معرفة مواطن الخلل وطرق الإصلاح مع توافر الرؤية الاجمالية والتصور العام لما ينبغي أن تكون عليه عمل هذه المؤسسات.

11.      حزب النور يدعم الرجل الذى يحظى بنوع من الدعم العربي والخليجي بما يمهد لوحدة عربية شاملة وعودة الاستقرار والهدوء في العلاقات مع الأشقاء العرب والتي كانت قد تعرضت لقدر من الضعف والاهتزاز خلال الحكم السابق بالإضافة لرؤيته وتوجهاته في السياسة الخارجية التي تمثلت في محاولة استعادة الدور الإقليمي والمكانة الدولية لمصر وذلك بعدم الارتماء في أحضان أي معسكر من معسكرات القوى الدولية وإقامة علاقات متوازنة مع الجميع.

12.      قضية الشريعة التي هي محور اهتمام الدعوة على المستوى النظري والتطبيقي ليس لدى المرشح عداء ظاهر معها بل عبر أنه يعتز بدينه وتدينه ، وليس لديه أيضاً موقف متحفز ضد التيار الإسلامي ، وهذا قدر كاف في هذه المسألة لأن العبء الأكبر في هذه القضية إنما يقع على عاتق المجلس التشريعي كما ورد في الدستور ، وغاية ما نحرص عليه أن لا يأتي إلينا رئيس يتدخل بطريقة أو بأخرى لعرقلة مشروعات السلطة التشريعية أو يعاديها إذا أفرزت أفراد ذوى توجهات إسلامية.

13.      ليس هناك تلازم شرعاً بين دفع المفسدة الكبرى بارتكاب المفسدة الصغرى وبين الرضى عن هذه المفسدة الصغرى أو الموافقة عليها وإلا فالخضر عليه السلام كان يخرق السفينة ويقتل الغلام ويهدم الجدار وهو غير راض عن ذلك ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يمحو اسمه الكريم من ديباجة صلح الحديبية وهو كاره لذلك ، وكذلك بايع ابن عمر وابن عباس رضى الله عنهم يزيد بن معاوية رغم ما ارتكبه من استباحة المدينة وقتل من فيها وما رضوا عن هذا الظلم .

14.      دعمنا لأى شخص - كائنًا من كان - لا يعنى تحمل فساده وظلمه في الماضي – إن كان قد تلبس بشيء من ذلك – ولا يعنى أيضاً دفع فاتورة فشله أو استبداده – إن تم في المستقبل – لأننا لا نوقع له شيك على بياض ولا يعنى دعمنا له في الرئاسة أننا صرنا له جنداً وحاشية كما أنه لا يعنى اعتراضنا عليه أننا أصبحنا له نداً وخصماً فليست لدينا موافقة مطلقة كما أننا لا نؤمن بالمعارضة من أجل المعارضة وإنما تحكمنا في ذلك قواعد إسداء النصيحة ومراعاة المصلحة.

15.      من المهم كسر حالة الإحباط واليأس التي يعانى منها بعض الإخوة نتيجة للإرهاب الفكري والضغط النفسي الذى تمارسه بعض الجماعات تجاه أبناء الدعوة ، وبالتالي فالمطلوب هو خلق حالة من الجرأة والإقدام لدى الإخوة تتمثل في عمل حملة مضادة ضد حملة التشويه التي يتعرضون لها والتخلص من الضغط النفسي الممارس عليهم.

16.      لابد من دعم القرار الذى اتخذته الدعوة بكل قوة حتى يظهر حجم تأثيرنا وقوتنا على أرض الواقع لأن الظهور بموقف ضعيف يضيع كل إنجازات الماضي ويهدد مكتسبات المستقبل مع ضرورة الانتباه إلى أن الانتخابات الرئاسية ليست نهاية التاريخ ولدينا استحقاقات وطموحات نريد تحصيلها في المستقبل والانتخابات الرئاسية خطوة على طريق ذلك.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

 

 

تصنيفات المادة