الثلاثاء، ١٥ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٣ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الصيف وسلاح الإمداد

حين قال : "دعوا هذه الأجيال تمضي، وانتظروا الأجيال القادمة"!

الصيف وسلاح الإمداد
سامح بسيوني
الأربعاء ٢٨ مايو ٢٠١٤ - ١٠:٤٨ ص
2281

الصيف وسلاح الإمداد

كتبه / سامح بسيوني

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد ..

يُعرف سلاح الإمداد والتموين أو التعبئة  فى القوات المسلحة بأنه السلاح المنوط به عملية تخطيط وتطوير وتنفيذ إدامة القوات فى قواعدها أو فى مسارح العمليات بكافة الإمدادات المطلوبة  من أفراد مقاتلة ومن معدات ووقود وغيره ، لذا فإنه يعد من الأسلحة الاستراتيجية التى تؤثر وبشكل مباشر على مجرى الحرب واتساعها أو انحصارها ويؤثر كذلك على معنويات الجيش والدولة بأسرها وقدرتها على الاستمرار .

ولا شك أن تلمس أسباب النهوض بهذا السلاح هو نهوض للجيش وللدولة بأسرها... وكذلك وعلى نفس المنوال فإن تلمس أسباب النهوض بسلاح الإمداد فى الأمة الاسلامية ( النشء المسلم ) هو تلمس لنهضة الأمة وبقاء قوتها وعدم ذوبانها فى الحضارات والمدنيات المختلفة ،لا سيما مع هذا المكر المتتابع لأعداء الأمة لتدمير هذا السلاح الإستراتيجى لها ، وحسبى وحسبكم تلك المقولة التى اشتهرت على لسان وزير ثقافة سابق من العهد البائد – فى أحد اجتماعات الروتارى – يطمئنهم فيها على مخططاتهم  الهادفة لتدمير ناشئتنا ، حين قال :  "دعوا هذه الأجيال تمضي، وانتظروا الأجيال القادمة"!

لهذافإن مجال العناية بالنشء المسلم  هو من أخطر مجالات الدعوة إلى الله و أكثرها ثواباً وأعظمها  أثراً وهو مجال يحتاج إلى تخطيط  وتطوير وتنفيذ برامج متقنة لا سيما فى أوقات فراغ النشء– كموسم الإجازة الصيفية – لأن الفراغ مفسدة لهم إن لم يوجه في الخير، فكما قال أبوالعتاهية :

إن الشباب والفراغ والجدة           مفسدة للمرء أي مفسدة .

وعليه  فإننا نحتاج إلى تطوير البرامج والأنشطة الصيفية لتتضمن مجالات مختلفة – (علمية ، ثقافية ، رياضية ، ترفيهية) -  لها أهداف تربوية واضحة وتشتمل على وسائل متعددة يراعى فيها إختلاف الميول والرغبات للنشء حتى يمكننا اكتشاف المهارات المختلفة والاستفادة من الطاقات المتاحة فكل ميسر لما خلق له .

 و لا يمكننا بأى حال من الأحوال – إن كنا مقدرين لعظم الأمانة الملقاه على عاتقنا - أن نترك تنفيذ الأنشطة للمصادفة بدون تخطيط مسبق ومتابعة لاحقه ، فالنشء من الذكاء بمكان لتقييم الأعمال والأنشطة ، بل وتقييم المشرفين القائمين على الأعمال ، ثم اتخاذ القرار للإستمرار فى هذه الأنشطة أو مع هؤلاء المشرفين .

إننا نحتاج من خلال هذه الأنشطة والبرامج أن نبث الثقة فى نفوس النشء ونغرس فيهم المعانى الإيمانية والتربوية ونوجههم إلى حسن إستغلال أوقاتهم وإلى تحديد أهدافهم واكتشاف مهاراتهم مع توظيفها فى مكانها المناسب ، ولنا فى رسولنا صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة فى ذلك ، فقد روى النسائى والدارقطنى وغيرهما بروايات مختلفة عن أبى محذورة رضى الله عنه أنه قال : " خرجت في عشرة فتيان مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين ( فسمعناهم يؤذنون بالصلاة ) .. فقمنا نؤذن نستهزئ بهم ،فقال النبي : ائتوني  بهؤلاء الفتيان فقال : أذنوا فأذنو -  وفى رواية الأخرى – ( قال : قد سمعت فى هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت ، فأرسل إلينا ...  فقال حين أذنت : تعال فأجلسنى بين يديه فمسح على ناصيتى وبرك على ثلاث مرات ثم قال : اذهب فأذن عند البيت الحرام ، قلت : كيف يا رسول الله فعلمنى كما تؤذنون الأن بها ..)

فانظر كيف استغل النبى هذا الموقف العارض بقوة ملاحظته ورؤيته التربوية ليحول هذا الفتى من ( مستهزئ يلهو مع أقرانه ) إلى ( مؤذن فى البيت الحرام ) !! -

فهل حالنا اليوم كحال النبى – وهو قائد للأمة وعنده من المشاغل ما عنده – فى الاهتمام بالنشء والاعتناء بهم لهذه الدرجة ؟! أم أن الحقيقة المرة التى تظهر من حالنا  أن كثيرا من الفتيان لا يجدون من يعتنى بهم إبتداءاً  أو لا يجدون من يخطط لهم أنشطة وبرامج معدة إعدادا جيدا  لتفريغ طاقتهم واكتشاف مهاراتهم واستغلالها فى مكانها المناسب، مع ما عندهم من حسن المهارة و نباهة الذهن وذكاء العقل ، و قد صدق الحسن – رحمه الله تعالى – حين قال : " قدموا إلينا أحداثكم ؛ فإنهم أفرغ قلوبًا، وأحفظ لما سمعوا ".

فيا أهل الفضل والدعوة : إن العناية بالنشء هو مسلك الأخيار وطريق الأبرار، فلا تَفْسدُ الأمة إلا حين تَفسدُ أجيالها، ولا يستقيم طريقها إلا حين يصلح ناشئتها.

وصدق الشاعر إذ يقول :

فـمعـلِّمُ النَّشْءِ الصغــــــــــــــيرِ مُطبِّبٌ ...... داءَ النفـوسِ بأطـيبِ الأثـمــــــــــــارِ

إن شـاء أخرجهـم رجـــــــــــــالاً كُمَّلاً  ....... لبلادِهـم مـن صـفـــــــــــوةِ الأبرار

وإذا تهـاوَنَ فـي بـداية أمـرِهــــــــــم   ......  خرجـوا لنـا مـن أنـبـغِ الأشـــــــــرار

فصلاحُ نفسِ الطفلِ مبــــــــــــــدَأُ سعْدِه ...... طـولَ الـحـيـاة ومدَّةَ الأعـمـــــــــــار

فهل نتفهم دورنا المنشود ؟!!

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

 

تصنيفات المادة