الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

وفي ذلك فليتنافس المتنافسون

هذه العشر تملأ فيها المساجد، ويخشع فيها الراكع والساجد، وينهض إلى الخيرات كل قاعد، ويصير الراغب كالزاهد.

وفي ذلك فليتنافس المتنافسون
سعيد محمود
الجمعة ١٨ يوليو ٢٠١٤ - ١٥:٣٦ م
1955

وفي ذلك فليتنافس المتنافسون

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

- قال الله -تعالى-: (فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ) (البقرة:148)، وقال -تعالى-: (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران:133)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا) (رواه مسلم).

- وها هي أيام وليالي الخير العظمي تغشانا بخيراتها؛ فاستبق الخيرات، قال الله -تعالى-: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ) (الحديد:21).

- قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: "لما سمع القوم ذلك، فهموا أن المراد من ذلك أن يجتهد كل واحد منهم أن يكون هو السابق لغيره إلى هذه الكرامة، والمسارع إلى بلوغ هذه الدرجة العالية، فكان أحدهم إذا رأى مَن يعمل عملاً يعجز عنه خشي أن يكون صاحب ذلك العمل هو السابق له فيحزن لفوات سبقه، فكان تنافسهم في درجات الآخرة واستباقها إليها، ثم جاء مِن بعدهم قوم فعكسوا الأمر فصار تنافسهم في الدنيا الدنيئة وحظوظها الفانية" اهـ.

- فإياك أن تنافس مِن أجل دنيا، فإنها منافسة على لا شيء، وستكون الجائزة لا شيء، بل الخسارة؛ قال الحسن -رحمه الله-: "إذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة"، وقال: "مَن نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره!".

- وقال رجل لمالك بن دينار -رحمه الله-: "رأيتُ فيما يرى النائم مناديًا ينادي: الرحيل، الرحيل... فما رأيت أحدًا يرتحل إلا محمد بن واسع! فصاح مالك: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ . أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (الواقعة:10-11)، وغشي عليه!".

ـ وقال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: "إن لي نفسًا تواقة، ما نالت شيئًا إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه، وإنها لما نالت هذه المنزلة -يعني الخلافة- وليس في الدنيا منزلة أعلى منها، تاقت إلى ما هو أعلى منها -يعني الآخرة-".

- وقال يوسف -عليه السلام-: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (يوسف:101).

- فكن بقلبك، بل بكلك مع القوم الذين قال عنهم الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "رُفع لهم علم الجنة فشمروا إليه، ووضح لهم صراطها المستقيم فاستقاموا عليه، ورأوا مِن أعظم الغبن بيع ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، في أبد لا يزول ولا ينفذ".

- هذه أيام العشر ولياليها، فيها الخيرات والبركات، والأجور الكثيرة، والفضائل الجزيلة، فيها تزكو الأعمال، وتُنال الآمال... كيف لا؟! والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يسهر ليله، ويوقظ أهله.

- هذه العشر تملأ فيها المساجد، ويخشع فيها الراكع والساجد، وينهض إلى الخيرات كل قاعد، ويصير الراغب كالزاهد.

فاللهم أعنا على طاعتك، والمنافسة على جنتك.

وتقبل منا إنك أنت السميع العليم.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

 

تصنيفات المادة