الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

شُهرتك!

قال : وذُكِرتُ عند ربِّ العالمين؟! قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "نعم"؛ فذرفت عيناه رضى الله عنه !

شُهرتك!
مصطفى دياب
الأحد ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ - ١٤:٣٧ م
1711

شُهرتك!

كتبه/ مصطفى دياب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبى بعده؛

ما من عبدٍ إلا وله شهرةٌ أو ذِكرٌ أو عرفان، اسمٌ مشهورٌ به، أو عملٌ مذكورٌ به، أو موقف معروف به؛ وكثير من الناس يحرص أن يكون مشهورًا أو معروفًا أو نجمًا لامعًا فى المجتمع، ولكن هل فكرت أن ثمة صلة بين حالك وشهرتك على الأرض، بين عالم البشر وبين حالك وشهرتك فى السماء، بين عالم الملائكة ؟

إن النبى يقول : ( ما من عبدٍ إلا له صِيتٌ فى السماء، فإذا كان صِيتُهُ فى السماء حسنًا وُضِعَ فى الأرض، وإذا كان صِيتُهُ فى السماء سيئًا وُضِعَ فى الأرض ) !

فما صِيتُك فى السماء ؟

ما اسمك فى السماء ؟

ما شهرتُك فى السماء ؟

طائٌع ... أم عاصٍ ؟

حــرٌ ... أم عبد ؟

بَـــرٌ ... أم فاجر ؟

مؤمنٌ ... أم كافر ؟

تقيٌ ... أم فاسق ؟

أمينٌ ... أم خائن ؟

صادقٌ ... أم كاذب ؟

وفيٌّ ... أم غادر ؟

أخى الحبيب، ما اسمك؟ وما صِيتُك فى السماء ؟

هل أنت الداعى الذى يأخذ بأيدى الناس من الظلمات إلى النور ؟

هل أنت المربى الذى يغرس القيم ويُعدل السلوك ليُخرج للأمة جيلاً سلفياً ربانياً متميزاً ؟

هل أنت صاحب النقب الذى حقق الإنجاز، و تسبب فى النصر وفتح الحصن، وعاد ولم يقبل أن يُذكر اسمه لأمير المؤمنين، ولا أن يأخذ عطاء، ولا أن يُذكر اسمه لقائده، وحرص أن يكون فى غبراء الناس يذكره الله حتى غداً قائده لا يُفَوّتُ صلاة حتى يقول فى سجوده : اللهم احشرنى مع صاحب النقب !

أخي الحبيب، لعلك تحرص أن يكون صِيتُك وشهرتُك مثل غلام "وفد تُجيب"، ذلك الغلام الذى أتى مع قومه من اليمن ليدفعوا زكاة أموالهم للحبيب ?، وبعد أن أعطاهم الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ حاجتهم وزودهم سأل الغلام : "وما حاجتك يا غلام؟" فقال : حاجتي أن تدعوَ الله لي أن يغفر لى ويرحمُنى، وأن يجعل غنايّ فى قلبى؛ فالتفت إليه الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال : "اللهم اغفر له وارحمه، واجعل غناه فى قلبه" إنه الغلام الذى لم نعرف اسمه لكننا نعرف صِّيته فى الدنيا، ذلك الحريص على مغفرة ربه ورحمته، وأن يُرزق القناعة؛ فالغنى غنى النفوس وليست غنى الفلوس .

أخي الحبيب، لعلك ترجو أن يكون صِيتك مثل صاحب السهم الذى قال للحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ما على هذا أتبعتُك . إنما أتبعتك على أن أُضرب بسهم ههنا (وأشار إلى نحره) فأموت فأدخل الجنة، وبعدها أُتِيَ به محمولًا إلى النبى والسهم حيث أشار, فقال : "أهو .. هو؟" قالوا : بلى يا رسول الله، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "صدق الله فصدقه" .

ولكن هل راجعت نفسك وسعيك وتأكدت أنك تريد رفعة الدين، وتبعت العاملين الصادقين المجتهدين للوصول إلى رب العالمين، أم تبعت عاطفتك وأهواءك والإعلام الكاذب المُضلل ؟!

هل حررت نيتك وقصدك وإخلاصك للجزم أنك تريد السهم هنا ؟! أرجو أن تكون فى السماء (صدق الله فصدقه)، ومن نذر أن يعيش لدينه فسيعيشُ مُتعبًا ولكنه سيحيا عظيمًا ويموتُ عظيمًا . (ابن باز) .

أخي الحبيب، أبو أيوب يحرس خيمة الرسول، وعباد بن بشر يحفظ الثغور، وابن مسعود يحفظ القرآن، وابن عباس يحفظ السنة، وأنت ؟؟

ماذا تحفظ ؟! هل تحفظ روابط الصفحات الإباحية والمواقع المُخلة؟ هل تحفظ أسماء الفنانين واللاعبين والأفلام والبرامج والدورات الرياضية وغيرها ؟

وأنت ما دورك في الحياة ؟! إذا أردت أن تعرف مقامك عند الملك فانظر فى أى شيء يستخدمك، وبأى شيء يشغلك .

أخي الحبيب، لعلك مشغول بتحطيم الأصنام ؟! أصنام الذات (الأنا، والِكبر، والغرور، والعُجب، وأمراض النفس، والفوقية واللهجة الإبليسية (أنا خيرٌ منه)، فكن أخى الحبيب كالراهب صفىّ النفس (أى بُنى أنت اليوم أفضل منى)، ولا تكن كالشيطان المارد .

لعلك مشغول بتحطيم أصنام اللّذات والشهوات وحضارة الفروج والبطون؛ لتصل إلى الذِّكر المنشود (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقًاً)، ولا عجب فمريم العذراء بنتُ المحاريب! أما شبابنا (إلا ما رحم ربى) فشباب المحاميل وقصات عُرف الديك !

أخي الحبيب، هل ترضى أن يكون ذلك صِيتك في السماء؟ أما ترضى أن يكون صوتك مسموعًا في السماء : (تلك الملائكة كانت تستمع لقراءتك يا أُسيد) .

هان سهر الحُراس لَمَّا عَلِمُوا أن أصواتهم بمسامع الملك .

للمتميزين فقط !

قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأُُبىِّ بن كعب : (إن الله أمرنى أن أقرأ عليك القرآن)، قال : آلله سَمَّانى لك؟! قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "نعم", قال : وذُكِرتُ عند ربِّ العالمين؟! قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "نعم"؛ فذرفت عيناه رضى الله عنه !

أخي الحبيب، هل فَهِمتَ الرسالة ؟

(آلله سَمَّانى لك؟) ... (وذُكِرتُ عند ربِّ العالمين؟) هكذا فليكن حرصك وعلمك .. (وذُكِرتُ عند ربِّ العالمين)، وإذا أطعت الله سرًا أصلح قلبك شئت أم أبيت، ومن أصلح سريرته فاح عبيره .

وإن العبد ليخلو بمعصية الله فيُلقى اللهُ بغضه فى قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر ، "وإذا كان صِيتُهُ فى السماء سيئًا وُضِعَ فى الأرض".

اللهم عافنا واعف عنا أجمعين ، وصلِّ اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم !

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً

ممنوع الاقتراب!
186 ١١ أكتوبر ٢٠٢٢
أحبك يا رب
124 ٢١ فبراير ٢٠٢٢
هل لك منارة؟
199 ١١ ديسمبر ٢٠٢١
اضبط البوصلة
248 ٣٠ نوفمبر ٢٠٢١
صناعة النموذج
207 ٠٦ نوفمبر ٢٠٢١
اترك أثرًا (4)
121 ٠٢ نوفمبر ٢٠٢١