الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

أهمية القصص النبوي (موعظة الأسبوع)

ليس كل خبر قصة، ولكن كل قصة أخبار وأحداث:

أهمية القصص النبوي (موعظة الأسبوع)
سعيد محمود
الخميس ١٦ أكتوبر ٢٠١٤ - ٠٩:٤٢ ص
4240

أهمية القصص النبوي (موعظة الأسبوع)

كتبه/ سعيد محمود              

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

الغرض من الموعظة:

بيان أهمية القصص النبوي تمهيدًا لسلسلة مواعظ من القصص النبوي.

المقدمة:

- الإشارة إلى فضل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- وما أعطي مِن البينات، ومنها القصص النبوي؛ حيث دل الناس على الخير والهدي (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) (الحديد:9).

- الإشارة إلى أن مرتبة القصص النبوي بعد القصص القرآني؛ لأن المصدر واحد: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى) (النجم:3-4).

- القصص محبب إلى النفوس؛ فكيف بقصص القرآن والسنة؟! (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ) (يوسف:3).

1- تعريف القصص:

- القصة هي الأنباء المروية، والأخبار المحكية عن حدث سبق: قال الله -تعالى-: (كَذَلكَ نَقُصّ عَلَيْك منْ أَنْبَاء مَا قَدْ سَبَقَ) (طه:99).

ليس كل خبر قصة، ولكن كل قصة أخبار وأحداث:

- مثال الخبر في السياق القرآني أو النبوي "ذكر أسماء الأنبياء وآبائهم ليس قصة": (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (البقرة:136).

- مثال القصة في السياق القرآني أو النبوي: "قصة أصحاب الكهف - قصة صاحب يس - قصة الأقرع والأبرص".

- سمى الله حكاية موسى -عليه السلام- لوالد الفتاتين في مدين قصصًا: (فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ... ) (القصص:25).

2- أهمية القصص:

- لون مِن ألوان الأدب يهواه الناس أكثر من غيره؛ لما فيه مِن الإثارة والتجديد والتجارب: عن عون بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: مَلَّ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَلَّةً، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) ثُمَّ مَلُّوا مَلَّةً أُخْرَى، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنَا فَوْقَ الْحَدِيثِ وَدُونَ الْقُرْآنِ! يَعْنُونَ الْقِصَصَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ... ) (رواه ابن جرير في تفسيره). "ثُمَّ مَلُّوا مَلَّةً أُخْرَى": اشتد عليهم أذي المشركين، فاحتاجوا إلى القصة التي تحمل التجارب المثيلة تثبيتًا واستبشارًا.

- القصة لها تأثير كبير على العقول وتوجيه الآراء: "محاولات قريش التشويش على القرآن بحكايات النضر بن الحارث - الإعلام واستخدام القصة في التوجيه من خلال المسرحية والمسلسل والفيلم ونحوه - قصص الخيال العلمي والحيواني ونحوه".

- عوامل تأثير القصة على النفوس: "التسلسل المؤدي إلى التشويق وترقب النهايات - فتح المجال للخيال والافتراض - فيها مغزى من سياقها يؤثر على النفوس"، مثال: "قصة الثلاثة الذين آواهم الغار؛ فيها بيان فضل الطاعة في أوقات الشدة".

3- فضل القصص القرآني والنبوي:

- قصص الناس كذب وخيال أو يشوبه الكذب والخيال، وهو للتسلية دون العبرة: "قصص عنترة - قصص أبي زيد الهلالي - قصص ألف ليلة وليلة".

- القصص القرآني والنبوي أحسن وأصدق القصص: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ) (آل عمران:62).

- القصص القرآني والنبوي منقول عن الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-: (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ) (الأعراف:7).

- القصص القرآني والنبوي غذاء القلوب والعقول: (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الأعراف:176).

- القصص القرآني والنبوي يحكي تجارب ونماذج متكررة في كل زمان للاستفادة والعبرة: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ) (يوسف:111).

4- أنواع من القصص النبوي:

يحتوي القصص النبوي على جوانب متنوعة مليئة بالعبر والدروس والفوائد التي ترشد الناس إلى ما فيه نفعهم في الدين والدنيا، وهذه أمثلة:

أولاً: قصص الأنبياء والمرسلين:

- مثال: قصة موسى -عليه السلام- مع ملك الموت، وكيف يعرض ملك الموت على الأنبياء الأمر: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلام- فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ، فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ: أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لا يُرِيدُ الْمَوْتَ، فَرَدَّ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- إِلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَهُ بِكُلِّ مَا غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ، قَالَ: أَيْ رَبِّ ثُمَّ مَهْ. قَالَ: الْمَوْتُ. قَالَ: فَالآنَ فَسَأَلَ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ يُدْنِيَهُ مِنْ الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ تَحْتَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ) (متفق عليه).

ثانيًا: قصص دالة على عجائب قدرة الله:

- مثال: إحياء الموتى وهول الموت وأحوال القبور: عن جابر -رضي الله عنه- قَالَ: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (تَحَدَّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَإِنَّهُ كَانَتْ فِيهِمُ الأَعَاجِيبً، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُ، قَالَ: خَرَجَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فَأَتَوْا مَقْبَرَةً مِنْ مَقَابِرِهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ صَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ فَدَعَوْنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُخْرِجُ لَنَا بَعْضَ الأَمْوَاتِ، يُخْبِرُنَا عَنِ الْمَوْتِ، قَالَ: فَفَعَلُوا فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ رَجُلٌ رَأْسَهُ مِنْ قَبْرٍ، بَيْنَ عَيْنَيْهُ أَثَرُ السُّجُودِ، فَقَالَ: يَا هَؤُلاءِ مَا أَرَدْتُمْ إِلِيَّ، فَوَاللهِ لَقَدْ مِتُّ مُنْذُ مِائَةِ سَنَةٍ، فَمَا سَكَنَتْ عَنِّي حَرَارَةُ الْمَوْتِ حَتَّى كَانَ الآنَ، ادْعُوا اللَّهَ أَنْ يُعِيدَنِي كَمَّا كُنْتُ) (رواه أحمد في الزهد وابن أبي شيبة، وقال الألباني: رجاله ثقات).

ثالثًا: قصص دالة على فضائل الأعمال:

- مثال: عظيم مكانة الحب في الله والإخلاص لله في الأعمال: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّ رَجُلا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ -تَعَالَى- عَلَى مُدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى الْمَلَكُ قَالَ لَهُ: أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ: أَزُورُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ. قَالَ: هَلْ لَهُ عَلَيْكَ مِنْ نِعْمَةٍ ؟ قَالَ: لا، إِلا أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ. قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ، إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ) (رواه مسلم).

رابعًا: قصص لنماذج إيمانية راقية:

- مثال: ورع الصالحين وحصول الكرامات لهم وفضيلة الصدق وعاقبته في الدنيا والآخرة: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي، إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ، وَلَمْ أَبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ، فَقَالَ الَّذِي شَرَى الأَرْضَ: إِنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ، وَمَا فِيهَا، قَالَ: فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ، فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيْهِ: أَلَكُمَا وَلَدٌ؟ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: لِي غُلامٌ، وَقَالَ الآخَرُ لِي جَارِيَةٌ، قَالَ: أَنْكِحُوا الْغُلامَ الْجَارِيَةَ، وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِكُمَا مِنْهُ وَتَصَدَّقَا) (متفق عليه).

خامسًا: قصص لنماذج سيئة:

- مثال: عاقبة التفاخر بالآباء الكفرة، وأثر الكبر في العاقبة: عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: انْتَسَبَ رَجُلانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا فُلانُ بْنُ فُلانٍ, فَمَنْ أَنْتَ لا أُمَّ لَكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (انْتَسَبَ رَجُلانِ عَلَى عَهْدِ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلام- فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا فُلانُ بْنُ فُلانٍ حَتَّى عَدَّ تِسْعَةً فَمَنْ أَنْتَ لا أُمَّ لَكَ؟ قَالَ: أَنَا فُلانُ بْنُ فُلانٍ ابْنُ الإِسْلامِ، قَالَ: فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلام- أَنَّ هَذَيْنِ الْمُنْتَسِبَيْنِ أَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا الْمُنْتَمِي أَوْ الْمُنْتَسِبُ إِلَى تِسْعَةٍ فِي النَّارِ فَأَنْتَ عَاشِرُهُمْ, وَأَمَّا أَنْتَ يَا هَذَا الْمُنْتَسِبُ إِلَى اثْنَيْنِ فِي الْجَنَّةِ فَأَنْتَ ثَالِثُهُمَا فِي الْجَنَّةِ) (رواه أحمد والبيهقي، وصححه الألباني).

تنويه في الختام:

- في كل مرة سنتناول قصة من القصص النبوي، وسنقف مِن خلالها على العبر والدروس والفوائد التي ترشدنا إلى ما فيه نفعنا في الدين والدنيا (راجع إن شئت كتاب: "صحيح القصص النبوي" للدكتور عمر الأشقر -رحمه الله-).

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

 

تصنيفات المادة