الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

"28 نوفمبر"... مظاهرات الإخوان مِن وراء قناع!

يخوض الإخوان المسلمون مظاهرات "28 نوفمبر" تحت لافتة الجبهة السلفية -"القطبية حقيقة"- بدلاً مِن اسم الإخوان المسلمين أو تحالف دعم الشرعية المزعومة؛ فلماذا؟ وما دلالات ذلك؟...

"28 نوفمبر"... مظاهرات الإخوان مِن وراء قناع!
غريب أبو الحسن
الأحد ٢٣ نوفمبر ٢٠١٤ - ٢٢:٠٤ م
2207

"28 نوفمبر"... مظاهرات الإخوان مِن وراء قناع!

كتبه/ غريب أبو الحسن

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فيخوض الإخوان المسلمون مظاهرات "28 نوفمبر" تحت لافتة الجبهة السلفية -"القطبية حقيقة"- بدلاً مِن اسم الإخوان المسلمين أو تحالف دعم الشرعية المزعومة؛ فلماذا؟ وما دلالات ذلك؟

بداية: الجبهة القطبية -"المسماة زورًا بالسلفية!"- ما هي إلا مجموعة مِن الأفراد مِن مدينة المنصورة المنتمين للمنهج القطبي الصدامي؛ لم ينجحوا في إيجاد عمل دعوي أو سياسي مستقر الأركان، ولم يستطيعوا حتى الانتشار في محيطهم السكني؛ لنفور الناس مِن أفكارهم التي يَغلب عليها الاستعلاء والطعن في جميع الدعاة!

ولكي تدرك حجم تلك "الجبهة!": فإنه باعتقال السلطات لـ"محمد جلال القصاص" و"أحمد مولانا" تكون قد اعتقلت ثلث الجماعة, بينما -فيما يبدو- قد استعد الثلثان الباقيان للثورة الإسلامية بمغادرة البلاد؛ وإلا فليدلني أحد على فاعلية قامتْ بها الجبهة "القطبية"؟!

دلوني على عمل جماهيري سواء كان دعويًّا أو سياسيًّا قامتْ به هذه "الجبهة!" منذ نشأتها؟!

فأفراد "الجبهة القطبية" لهم السبق في الطعن في العلماء والدعاة والجرأة عليهم, فيوزعون عبارات العمالة والخيانة والنفاق على معظم الرموز الإسلامية بمنتهى "السخاء!" كوجبة أساسية ومستمرة على موائدهم نفـَّرت منهم القريب والبعيد.

- والجبهة "القطبية" تسمتْ بهذا الاسم بعد الثورة مباشرة؛ رغبة في تجميع السلفيين الذين تعتبرهم مجموعة مِن "الدراويش" فاقدي الأهلية يحتاجون إلى مَن يقودهم!

ورغم فشلها في تجميع السلفيين تحت تلك العبارة "الكاذبة"؛ إلا أنها ظلت محتفظة بهذا الاسم وهذا "القناع"؛ رغبة منها في إرباك المشهد، والاستفادة مِن الرصيد الجيد لاسم "السلفية" عند عموم الشعب، وللهروب من المردود السيئ لمسمى "القطبية", وحلم قيادة التيار الإسلامي يداعب مخيلة أفراد "الجبهة" منذ نشأتها، ويبدو أنها مصرة على تأويل هذا الحلم "ولو بقيادة التيار الإسلامي نحو الهاوية!".

إذن لماذا تتخفى جماعة الإخوان المسلمين في مظاهراتها القادمة خلف ستار السلفية؟!

- تتخفى جماعة الإخوان المسلمين خلف ستار السلفية: لعلمها بانفضاض الناس مِن حولها، ومن حول فكرة الشرعية "المزعومة"؛ فالمظاهرات التي يحضرها الآلاف تحولت لمسيرات يحضرها بضع مئات، ثم وقفات لبعض الأفراد قليلي العدد يخفون وجوههم باليفط واللوحات؛ حتى لا يتم رصدهم, فتريد الجماعة أن تستخدم مسمى جديدًا تتخفى خلفه لعله ينطلي على "السذج"، فيعود الزخم لمظاهراتهم مرة أخرى.

- تتخفى جماعة الإخوان المسلمين خلف ستار السلفية: لأنها تخاطب ذلك الشباب المحبط الذي يشعر بخيبة الأمل بعد ما تحطمت آماله "التي علا سقفها بعد 25 يناير", والذي يرى أن "جماعة الإخوان" سبب أصيل في ضياع هذا الحلم؛ لذلك رفعت شعار "السلفية"، وشعار "الثورة الإسلامية"؛ لتفتح طريقًا لذلك الشباب المحبط نحو الخلاص مِن ذلك الواقع المؤلم بطلب الموت والانتحار؛ لتتفاوض هي على دمه -بعد ذلك- بعد أن أوهمته أنه خرج مِن أجل الشريعة!

ولا أدري: ماذا قدَّم الإخوان للشريعة وهم في سدة الحكم؟!

ألم يكن أولى بمن يُخدَعون بشعار "الثورة الإسلامية!" الآن أن كانوا قاموا بها إبان حكم الإخوان حينما وقف "عصام العريان" في مجلس الشعب رافضًا عرض القوانين على "الأزهر"؛ لأن الشعب مصدر السلطات، ولا يشرِّع في مصر إلا مجلس واحد "وهو مجلس الشورى"؟!

- تتخفى جماعة الإخوان المسلمين خلف ستار السلفية: لـ"تشويه السلفية" والتخلص منها؛ فإن أكثر ما يؤلم قيادات جماعة الإخوان "الفاشلة" هو تبدل المقاعد بينها وبين "الدعوة السلفية"، فبعد أن كانت تسوِّق الجماعة لنفسها بالاعتدال في الداخل والخارج، وتخوِّف الجميع أيضًا في الداخل والخارج بأولئك المتطرفين مِن السلفيين الذين لا يستطيعون التعايش مع الآخر؛ قلبتِ الأحداثُ الأمورَ رأسًا على عقب!

فها هم "السلفيون" يجلسون في مقعد الاعتدال بعد تجارب عملية قاسية محافظين على دعوتهم ودولتهم ومقدراتها, بينما حجز الإخوان مقعدًا مميزًا في صفوف التطرف الفكري، وممارسة العنف ضد كل مَن يخالِف أفكارهم؛ فكفروا كل مَن خالفهم سياسيًّا، وحاصروا بيوت مخالفيهم! وحرقوا ما نالته أيديهم مِن ممتلكات الشعب؛ ففقدوا ثقة الشعب في كونهم جماعة إصلاحية بعد فقد الثقة في كونهم قادرين على إدارة شئون البلاد.

لذلك تسعى تلك القيادة لمحاولة استرداد الصورة الذهنية السابقة، وإيهام الجميع مرة أخرى بأن السلفية تعني التطرف والتشدد والتخريب؛ ليطرحوا أنفسهم بعد ذلك كممثل معتدل ووسطي للإسلام, أو -على أقل الأحوال- أن تتساوى خسارة الجميع!

ما دلالات "مظاهرات 28 نوفمبر"؟!

- إصرار الإخوان على خيار "إسقاط الدولة":

كنت أعتقد أن قمة الفشل الذي يمكن لجماعة أن تمر به هو: "أن تُبتلَى بقيادة تسيء إدارتها، وتنهكها بغير فائدة"؛ فقد تسلمتِ القيادةُ الحالية لجماعة الإخوان المسلمين الجماعةَ موفورة العافية، قوية التنظيم، هائلة الموارد، وأهم مِن ذلك كله: محبوبة من الشعب, والآن... ها هي الجماعة قد خسرتْ كل شيء تقريبًا، وأكبر خسارتها هي خسارة بيئتها الحاضنة، والشريحة المحبَّة لها من الشعب - ولكن تبيَّن لي أن هناك ما هو أشد مِن ذلك فشلاً، وهو: "الاستمرار في الفشل!".

فبعد أن تبيَّن لهذه "القيادة الفاشلة" النتائج السلبية الرهيبة لسياسة السعي لهدم الدولة وتقويض مؤسساتها؛ تُبرهِن "مظاهرات 28 نوفمبر" على إصرار الجماعة على نفس السياسة، والدخول مع الدولة في نفس المعادلة الصفرية؛ وكأن "القيادة الحالة" لم تكتفِ بفقد الجماعة لرصيدها في قلوب المصريين، فتريد أن تزيد مِن رصيد الكره والعداء لها في قلوبهم؛ فأي فشل بعد ذلك الفشل؟!

- غياب صوت العقل داخل الجماعة:

مِن دلالات "مظاهرات 28 فبراير": غياب الصوت العاقل داخل جماعة الإخوان المسلمين أو هزاله وضعفه الشديد؛ فهل سمع أحدكم صداه؟!

حاول د."راغب السرجاني" ذلك؛ فلم يجد ناصرًا أو مساعدًا، بل اُتهم بالخيانة وغيرها مِن التهم المُعلبة والجاهزة، ولم يجدوا أدني حرج في الانتقال بوصفه نحو "سفيهنا وابن سفيهنا!".

- إصرار الغرب على تقسيم ما تبقى من الدول العربية:

- مِن دلالات "مظاهرات 28 نوفمبر": تصميم "الرجل الأبيض" على أن تَلحق مصر بشقيقاتها من الدول العربية، ودخولها دوامة الاحتراب الأهلي, وللأسف فجماعة الإخوان هي "رأس الحربة" الآن نحو هذا المستقبل المظلم الذي يراد لمصر عن قصد أو بدونه.

غير أنه يبدو أن "ارتداء الأقنعة" غير قاصر على جماعة الإخوان المسلمين؛ فقد سارعت كثير من "وسائل الإعلام" الترويج بأن المسئول عن "مظاهرات 28 فبراير" هم السلفيون! وارتدى هؤلاء الإعلاميون "قناع الخائف" على مصلحة الوطن, وخلف القناع تجد "مسوخًا" تلهث خلف منافسات انتخابية رخيصة وغير شريفة، ومصالح ضيقة، ورجال أعمال "كالخفافيش"؛ نشأوا في ظلام الفساد، وعاشوا على مص دماء الشعب؛ يخشون أن يخرج مِن بين الشعب مَن يطالب بالإصلاح، وكشف الفاسدين وتطهير البلاد، ورغبة محمومة في التخلص من "حزب النور" -والسلفيين عمومًا- على أبواب الاستحقاق الانتخابي القادم.

- والعجيب أن بعض رجال الأعمال "ممن يملكون المليارات ويشتهرون بالعداء الشديد للتيار الإسلامي" يرتدي قناع الليبرالية، ويكرر في قناته أن ما بها هو رأي حر ورأي ليبرالي، ورأي تنويري، ثم تجد جلّ همِّ القناة هو الدعوة لحل "حزب النور"، وإقصاء الإسلاميين تمامًا من المشهد!

- والأعجب مِن ذلك هو: استغلاله لبعض الإعلاميين الذين يرتدون قناع "الرفقاء اليساريين" الذين صدعونا بالكلام عن جموع الشعب الكادح، وخطر الإمبريالية العالمية، ثم هم يرتمون في أحضان "غيلان الرأسمالية"، ويتمرغون في فتات الإقطاعيين الجدد! (يبدو أننا في حفلةٍ تنكُّريَّة كبيرة!).

- أتوقع في الأيام القليلة القادمة محاولات مستميتة لزعزعة الأوضاع في مصر: وقد بدأت إرهاصاتها بدعوات "إخوان المهجر" لترك السلمية في المظاهرات "وكأنها كانت سلمية!"، فقد رددوا بالأمس القريب أن ما دون الرصاص فهو سلمي؛ فهل نسمع في الغد أن ما دون "الآر بي جي" فهو سلمي؟! خاصة وأن مظاهرات الإخوان الآن تهتف باسم "داعش!".

ولكن يبقي لنا أمل في "أصحاب الوجه الحقيقي" في بلادنا الحبيبة...

أولئك الذين لا يرتدون "أقنعة الزيف والخديعة"....

أولئك الذين "لم يتلونوا ويتبدلوا" مِن كل شرائح وطوائف المجتمع: أن يتوحدوا ويأخذوا على أيدي مَن يريد الخراب لتلك البلاد؛ سواء مَن يريد هدم الدولة أو مَن يريد مص دمائها.

- وإلى القائمين على شئون البلاد أقول: إن أخطر ما يهدد البلاد ليس عدوها الخارجي، وليس حتى "غباء" قيادات الإخوان المسلمين...

- إن أخطر ما يهدد البلاد: حالة الإحباط التي تنتاب الشباب؛ بسبب هذه "الحفنة" مِن اليساريين الذين ينهشون في ثوابت دينهم في وسائل الإعلام، وبسبب تقصير "وزارة الأوقاف" في دورها، وتفرغها لتتبع الدعاة المصلحين والتضييق عليهم! وبسبب بعض الممارسات الأمنية التي تنال بعض الأبرياء؛ فتسبب حالة مِن الاحتقان عند ذويهم، وتجعلهم عُرضة لمن يتلقفهم؛ ليكونوا وقودًا جديدًا لنار يُراد لها ألا تنطفئ، وما الدعوات لرفع "المصاحف" في مظاهرات "28 نوفمبر" ببعيدة عن هذا!

فلن تستقر البلاد إلا بوجود شريحة كبيرة ترغب في الاستقرار، وتسعى لتزداد يومًا بعد يوم...

ستستقر هذه البلاد حينما نفتح للشباب طريق الأمل والطموح في حياة كريمة، يرى فيها حمى دينه بعيدة المنال، وهو محفوظ الكرامة، مفتوح أمامه الطريق ليساهِم في بناء بلده، ويشعر فيه بالدفء والعدل والمساواة.

اللهم احفظ مصر وشعبها من كل سوء.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com