الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

مواقف حزب النور.. وقائع وكواليس (4) من إجهاض مبادرة حزب النور إلى أزمة الحشود مقابل الحشود

من أجل هذا كله كان اختيار حزب النور لمربع الحلول للأزمة محاولاً إيجاد حلول لها

مواقف حزب النور.. وقائع وكواليس (4) من إجهاض مبادرة حزب النور إلى أزمة الحشود مقابل الحشود
محمد إبراهيم منصور
الخميس ٠٤ ديسمبر ٢٠١٤ - ١٠:٤٩ ص
2156

مواقف حزب النور.. وقائع وكواليس (4)

من إجهاض مبادرة حزب النور إلى أزمة الحشود مقابل الحشود

كتبه/ محمد إبراهيم منصور

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

تقدم أن ذكرنا انه تم إجهاض مبادرة حزب النور بطرق غير شريفة وهذه خلاصتها:

أ- التشويه للحزب بصورة هائلة وانه قسم الصف الإسلامي وخرج على ولى الأمر الشرعي وانضم إلى جبهة الإنقاذ ليهبها قبلة الحياة حتى قال البعض لولا التأويل لكفرناهم كيف يجلسون جنبا إلى جنب مع جبهة الإنقاذ

بل قام بعض قادة الإخوان بإقناع بعض الأفاضل من الإعلاميين الذين يؤثرون في التيار الإسلامي بأن حزب النور وصل من خيانته أن تقاضى أموالا طائلة من الخارج لإسقاط دولة الإخوان ويريد أن يقدم نفسه لأمريكا بديلا عن الإخوان فبدأ هؤلاء الإعلاميون والدعاة يصبون جام غضبهم على الحزب

ب- بعد خمسة عشر يوم من الهدم والتشويه لحزب النور اتصل مكتب رئيس الجمهورية برئيس حزب النور يدعو الحزب لمقابلة رئيس الدولة فذهب ثلاثة من قادة الحزب للقاء الرئيس وفى جلسة مع الرئيس ومساعديه استمرت قرابة الأربع ساعات أو أكثر قام فيها قادة الحزب بشرح فلسفة المبادرة مما جعل رئيس الدولة يصدر بيانا صحفيا انه ناقش مع قادة حزب النور جميع بنود البادرة وانه اتفق مع قادة الحزب على جعل تلك المبادرة على أول جلسة حوار وطني

السؤال الآن الذي نتوجه به إلى الإخوان والموالين لهم لو كان الرئيس وفى بوعده وبمعنى اصح لو مكنتم الرئيس أن يوفى بوعده الذي قطعه على نفسه أمام العالم في بيان صحفي لو حدث الوفاء وناقش الرئيس المبادرة مع قوى المعارضة التي كانت بالفعل قد أعلنت موافقتها المبدئية عليها أما كان يمكن تغيير المسار الذي آلت إليه البلاد أما كان يمكن أن نجنب البلاد ما حدث ؟!

ج- أخلف الإخوان والحرية والعدالة وعد الرئيس لقيادات حزب النور من خلال ثلاث مسارات الأول استمرار القصف الذي كان ينبغي أن يتوقف بمجرد صدور البيان الصحفي من الرئيس والذي كان يدل على وجاهة المبادرة وصلاحيتها أن تكون أساسا للحوار والمصالحة الوطنية

الثاني الالتفاف على المبادرة من الخلف لقتلها إن أمكن أو لتحويل مسارها حتى لا يكون حزب النور طرفا فيها فتحرك الدكتور الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة ليلتقي سرا مع قادة جبهة الإنقاذ في بيت البرادعي (بالأمس أنكروا على حزب النور جلوسه في النور مع الجبهة في مقر حزب الوفد والآن يجلسون مع نفس الجبهة لكن سرا وفى الظلام في بيت البرادعي )

أسفرت الجلسة عن اختلاف وقتلت المبادرة سرا ولم يبق إلا قتلها علنا والتنصل من وعد الرئيس فتمت الدعوة إلى جلسة حوار وطني تم عمدا تأخير دعوة حزب النور إليها وجعل في المقعد السادس عشر وحددت مدة لبقاء الرئيس في الجلسة خمس وأربعون دقيقة وتكون مدة الكلمة لكل متحدث خمس دقائق وبذلك ينصرف الرئيس قبل سماع كلمة حزب النور فإذا أضفنا إلى هذا أن موضوع الحوار كان يتعلق بأمر آخر غير تلك البنود التي تضمنتها المبادرة خلافا للوعد الصحفي للرئيس ليتبين بذلك أن المبادرة قد قتلت عمدا وبطرق غير شريفة

تصاعد الأزمات

أدت الأزمات المتتالية التي كان من أسبابها:

أ- إدارة مؤسسة الرئاسة الذي لوحظ عليه عدة ملاحظات خطيرة منها

- طول النفس السياسي في غير محله.

- القرارات الغير مدروسة والتي يتم التراجع عنها مما يضعف الثقة في الرئاسة,

- ظهور الرئاسة بأنها لا تستطيع الوفاء بوعودها

ب- أداء الحكومة التي بدأت عملها وقاعدة عريضة من القوي السياسية والشعبية معترضة علي تشكيلها والتي تسبب ضعفها وقلة موارد الدولة والعراقيل التي تعرضت لها أنها لم تستطع أن تلبي الحاجات الأساسية للشعب مما أفقدها الثقة الشعبية أكثر وأكثر

ج- أداء المحافظين ونوابهم ومن دونهم من القيادات المؤثرة ذلك الأداء الذي لوحظ عليه أمران في غاية الخطورة :

1- تقديم الثقات علي الكفاءات مما أصاب نسبة كبيرة من الجهاز التنفيذي في الدولة باليأس والإحباط فوقع فريسة لتشكيكات غلاة الفلول والإعلام الهدام وأصبح الكثير منهم يتمني فشل هذا النظام.

2- ظاهرة توجيه الخدمات التي هي حق لأفراد الشعب علي دولتهم إلا أن كثيراً من هذه الخدمات تم تقديمها من خلال مقرات وأعضاء حزب بعينه مما أعاد للأذهان صورة النظام القديم الذي كان يحتكر المناصب والخدمات للموالين والثقات

د- الأداء المشترك لحزب الحرية والعدالة ومجلس الشورى المتعلق بمؤسسات الدولة أداء تفجيري استعدائي مما جعلها جبهات أخرى في المشهد، من أمثلة ذلك: قانون السلطة القضائية، قانون الصكوك، قانون محور قناة السويس، قانون نقابة الدعاة والذي كان في مقابله قانون آخر لأئمة الأوقاف،... هذا الأداء أصاب نسبة كبيرة من الشعب والقوي السياسية باليأس والإحباط وأعطي هذا الأداء المعارضة والإعلام التابع لها الفرصة والمسوغات التي تستطيع بها أن تهاجم الرئاسة والحكومة بل ويلبس البعض بها علي عامة الشعب بما هو أشد من ذلك بالمبالغة تارة وافتعال أمور أخرى تارة

وكلما حدثت أزمة وتباطأت أجهزة الدولة التنفيذية في حلها ارتفعت أصوات تلك المعارضة من خلال إعلامها وبدء سحب البساط الشعبي من الإسلاميين مما تسبب في حدوث استقطاب حاد على أربع مستويات:

أولاً: على مستوى القوي السياسية: استقطاب من أقصى طرف إلى أقصى الطرف الأخر، فمن جهة نجد الحرية والعدالة ومن يدور في فلكها، وفي الجهة الأخرى المعارضة التي أصبح الملعب الذي تتحرك عليه واسعاً جداً بسبب الأداء الإقصائي للحكومة والرئاسة مما جعل الكثير من القوي السياسية الوطنية التي لم تجد لها مكاناً مع الحرية والعدالة ولا تستطيع أن تثبت أقدامها في موضع خاص بها لضعف قاعدتها الشعبية مما اضطرها اضطرارًا إلى الانحياز بصورة أو بأخرى للجانب الهدام من المعارضة لا الجانب المعتدل منها بل إن هذا الاستقطاب الحاد صار من القوة بحيث لا يقبل بوجود موقع ثالث، إما أن تكون مع الإخوان أو مع المعارضة ، (لكن حزب النور صمم علي إنشاء موقع ثالث حتى لا يتحمل تبعات هذا الأداء المترهل من الإخوان فيتضرر مستقبل المشروع الإسلامي خاصة وأنه دائم النصح لهم وهم لا يستجيبون، وعلى الجانب الأخر لا يتحمل تبعات أداء المعارضة الهدامة والتي كان صوتها في كثير من الأحيان أقوى من المعارضة المعتدلة) .

ثانيا: على مستوى مؤسسات الدولة، أصبحت كثير من مؤسسات الدولة بمثابة جبهات في المشهد، فصارت جزءاً من المشكلة بدلاً من أن تكون عوامل أساسية في الحل، بل صار هناك صراع واضح واستقطاب حاد بين مؤسسة الرئاسة ومجلس الشورى وحزب الحرية العدالة من جهة وبين السلطة القضائية وبقية مؤسسات الدولة من الجهة الأخرى.

ثالثاً: على مستوى الإعلام: حدة الاستقطاب السياسي هذه أدت إلى استقطاب إعلامي فإعلام من جهة يصب جام غضبه علي الحكومة وأدائها ومؤسسة الرئاسة وتحركاتها ولا يرى إلا عيوبها ويضخم من تلك العيوب، وفي المقابل إعلام يبرر فقط ويبحث عن الأعذار المقبولة وغير المقبولة، كل هذا جعل المواطن العادي في حيرة من أمره فهذا ينتقد والآخر يبرر لكن الواقع العملي كان يشهد أكثر للمنتقد بسبب تكرار الأزمات التي لا حلول لها مما جعل الجموع الغفيرة من الشعب تفقد الثقة في الإعلام المبرر وتثق في الإعلام الآخر مما أدى إلى النوع الرابع من الاستقطاب.

رابعاً: على المستوى الشعبي: انقسم الشارع لإسلاميين وشعب، ليس إسلاميين وليبراليين أو علمانيين بل شعب بأطيافه المختلفة يرى أن الإسلاميين أصبحوا السبب في أزمته، أما الإخوان فلأنهم في سدة الحكم ولم يستطيعوا تلبية رغباته ولا رفع معاناته وأما السلفيون فهم السبب في وصول الإخوان إلى الحكم فهم الذين حثوا الشعب علي انتخابهم وبالتالي صار الانتقاد موجه لجميع الإسلاميين.

هذا الاستقطاب بصوره الأربعة أعطى غطاءاً سياسياً وشعبياً للتخريب والبلطجة التي حدثت في يناير الماضي مما حدى بالمعارضة أن تتبني محاولة استنساخ ثورة يناير في يناير ٢٠13 وحدث ما حدث وقتها من مبادرة حزب النور وغيرها مع استمرار سياسة العناد وعدم الاستجابة لأي ناصح وعدم رؤية الواقع كما هو والمبالغة في الاستحواذ ويدل على هذا حركة المحافظين الأخيرة التي أعلنت في ١٦/٦/ ٢٠١٣ والتي زادت من ثورة الناس ضد استحواذ الإخوان مما دفع بالجماهير خلف البلطجية لإغلاق مقار المحافظات ومنع المحافظين الجدد من الدخول.

وكل هذا يزيد من حدة الاحتقانات لكن المعارضة حتى ذلك الوقت لم تستطع أن تستخدم هذه الاحتقانات لعمل حراك شعبي إلى أن دخل عامل جديد وهو وصول أعضاء حركة تمرد إلى عامة الشعب في بيوتهم وهذا الأمر من الخطورة بمكان حيث كانت المعارضة تخاطب الشعب من خلال الإعلام الذي هو نعم في كل البيوت إلا أنه أقصى ما يحدثه سخط شعبي واحتقان لكنه لا يقوي علي تحريك الشعب وإخراجه للاحتجاج حيث كان العامل المميز للتيار الإسلامي هو وصول أفراده إلى أفراد الشعب في بيوتهم والتواصل المباشر مع القواعد الشعبية .

أخذت تمرد هذه الميزة ووصلت للرجل في عمله والمرأة في بيتها والموظف في مكانه في حوار مباشر وخاطبوا كل مواطن بحسب ما يهمه.

رصد حزب النور هذا الأمر وشعر بالخطورة لأن الإسلاميين بهذا يفقدون الورقة التي تميزهم فتوجهنا بالنصيحة مرة أخرى للحرية والعدالة أن المشروع الإسلامي في خطر فابحثوا عن حلول للأزمات بدلاً من التجاوز الذي تفاقمت بسببه الأخطار علي استقرار الدولة، وتقدم الحزب مرات ومرات بمقترحات للخروج من الأزمات للحرية والعدالة وحدها وللقوي الإسلامية مجتمعة ولمؤسسة الرئاسة ولمكتب الإرشاد فلم نجد آذانا صاغية، حتى بدأت الأزمة تتفاقم بأن زادت التوقيعات لتمرد وطمعوا في عمل ثورة جديدة وأعلنوا عن ذلك وانضمت إليهم القوي المعارضة وبدأ الاستعداد لحشود 30 يونيه، فتقدم حزب النور بالنصيحة للرئاسة من خلال قيام قيادات الحزب بزيارتين متتاليتين لمكتب رئيس الجمهورية كما تقدم بالنصيحة أيضا لحزب الحرية والعدالة من خلال لقاءات أسبوعية في مكتبهم بالقاهرة وتقدم الحزب أيضا بالنصيحة للأحزاب التي تنتمي للتيار الإسلامي من خلال اجتماعين حضرهما مع هذه الأحزاب لأن الأزمة هذه المرة أكبر من أن يتم تجاوزها ولابد من حلول لان المعارضة إذا اكتملت أركانها الثلاثة فليس من الحكمة أبدا ولا من مصلحة استقرار البلاد مصادمتها أو حتى تجاهلها تلك الأركان هي

أ- المعارضة النخبوية في الإعلام

ب- سخط شعبي على أداء الحكومة

ج- تحول السخط الشعبي إلى حراك شعبي

إذا حدثت هذه الثلاث فلابد من حلول وإلا سيؤول الأمر إلى صراع لا ينتهي إلا بأن تبطش الدولة بالناس أو تنهار الدولة إن طال الصراع ففوجئنا أنهم اختاروا التجاوز عن طريق الحشود مقابل الحشود فقلنا لهم إن هذا الأمر له مخاطر لا يمكن أن نتحمل وزرها بالمشاركة بالدخول في الطريق الذي يدفع في اتجاهها.

مخاطر حشد الإسلاميين مقابل حشود المعارضة:

أولاً: التسبب في تماسك جميع مكونات المعارضة وتكتلها، فالمعارضة في هذا الوقت كان لها ستة مكونات :

1/ العلمانيون أعداء الشريعة، وهم في الحقيقة قلة لا أثر لهم إذا نجحت إدارة د. مرسي في منع استقطابهم لبقية المكونات.

2/ الخصوم السياسيون للإخوان كإخوان، والذين شعروا بخداع الإخوان لهم ولغيرهم ونقضهم للعهود التي أبرمت قبل نجاح د. مرسي والتي تبخرت بمجرد نجاحه.

3/ أعداء النظام الجديد من أصحاب المصالح الخاصة المرتبطة بالنظام القديم.

هذه المكونات الثلاثة كانت أضعف من أن تحدث أزمة لكن أضيف إليها بسبب سوء الأداء ثلاثة مكونات أخرى وهي :

4/ القوى السياسية الوطنية التي لم تنجح الحرية والعدالة في استيعابها فاضطرت اضطرارًا أن تصبح في المربع الأخر.

5/ نسبة كبيرة من موظفي الجهاز التنفيذي في الدولة بسبب تقديم الثقات علي الكفاءات.

6/ قطاع كبير من مؤسسات الدولة بسبب طريقة التعامل معها

7/ نسبة كبيرة من الشعب بسبب تكرار الأزمات الأمر الذي أسخطهم علي أداء الحكومة والرئاسة والإسلاميين وهؤلاء استطاعت تمرد أن تصل إليهم وتتواصل معهم مباشرة وتقنعهم بالخروج والتعبير عن اعتراضهم.

فإذا تم الحشد مقابل هذه المكونات فإنها ستزداد تماسكاً وصلابة وإصراراً وسيصبح المثل الأعلى والمخلص لهذا الشعب الساخط علي أداء الحكومة والإخوان هم البرادعي وغيره ممن يمكن أن يظهر في أي لحظة.

ثانياً: خطورة إقحام الإسلام والإسلاميين كطرف في معادلة الشعب في الطرف الآخر منها:

وذلك لأننا من أجل أن نجمع الحشود الموالية لابد أن نحشدهم علي عنوان يسهل الاجتماع والالتفاف حوله، ولن نستطيع الحشد بقوة إلا باستدعاء البعد الشرعي في الحشد ليزيد الحشد حتى يمكن تجاوز الأزمة من خلال القفز بالحشد علي الحشد، ولهذا كان الحرص علي وصف الحشود بوصف يضفي الشرعية على الحشود الموالية للإسلاميين مقابل غير الإسلاميين، أنصار الإسلام مقابل أعداء الإسلام، وسيتم استدعاء ألفاظ الإيمان والكفر والصدق والنفاق والولاء والبراء وغيرها من الألفاظ والمصطلحات التي تستدل بالآيات والأحاديث وأقوال أهل العلم في غير مواضعها ويتم إقحام الإسلام كطرف في معادلة الشعب في الطرف المقابل منها، خاصة وأن التخطيط الذي كان يدبر له بعض مكونات المعارضة كان يهدف إلى جمع الإسلاميين جميعاً في معسكر مقابل معسكر المعارضة التي أكبر مكوناتها الظهير الشعبي والمتضررون من أداء الحكومة والرئاسة مما يجعل الفشل الإداري والعنف والتكفير والتخوين ينسب إلى الإسلاميين ومن ثم إلى الإسلام نفسه مما يهدد وجود الإسلاميين في المجتمع أصلاً، فضلاً عن إعراض الناس عن قبول الدعوة منهم مستقبلاً وتهديد مستقبل المشروع الإسلامي برمته، من أجل هذا قلنا لهم لا يمكن أن نأتي معكم في هذا الطرف من المعادلة الغير صحيحة والغير متكافئة، وطلبنا منهم أن يعطونا الفرصة لحل الأزمة بأن يقبلوا أي حلول يمكن من خلالها استعادة ما يمكننا استعادته من الشعب والوطنيين من مكونات المعارضة، وبالفعل طرحنا حلولاً وكنا مستعدين للسعي فيها وإنجاحها بإذن الله خاصة وأن الكثير من المعارضين كانوا يقبلون بأي حلول التي كان أقصاها تغيير الحكومة.

ثالثاً: الدخول في مربع العنف والعنف المضاد:

وذلك لأن الحشود الشعبية في مقابل الحشود الشعبية سيؤدي إلى الاحتكاك والتصعيد والصدام مما يقود إلى العنف والعنف المضاد الذي لا يمكن توقع مدي خطورته، وإلى أين ينتهي، ومما يزيد العنف خطورة دخول التوصيف الشرعي للحشدين إسلاميين مقابل غير إسلاميين مما يؤدي لاستدعاء التاريخ الماضي لبعض الحركات الإسلامية من العنف والاستهانة بأمر الدماء والتكفير وهذا له خطورته علي مستقبل الحركات الإسلامية في المجتمع، ولا يمكن أن نخاطر بمستقبل الدعوة إلى الله بهذه الطريقة خاصة وأن هذا المناخ الذي سينتج عن هذا التوجه هو المناخ الذي تنمو فيه ظواهر الانحراف الفكري والسلوكي من التكفير والاستهانة بالدماء وغيرها وتكون المصيبة أكبر حين تخفق حشود الإسلاميين وتفشل في تحقيق أهدافها مما يدفع الشباب الذي تم جمعه وتحميسه وشحنه عاطفياً إلى اليأس والإحباط ويصبح فريسة لدعاة العنف والتكفير والتفجير الذين تم استقطابهم هم الآخرون وإشراكهم في المشهد لتكثير العدد بهم واستخدامهم كفزاعة في مناخ ملتهب وهم في أشد الشوق إليه حيث يجدون ضالتهم وهم الشباب الثائر المحبط في نفس الوقت مما يسهل تجنيده ليكون أداة للتخريب والعنف ويؤول بنا الأمر إلى أن نكون أداة لتخريب بلادنا أو على الأقل نكون قد صنعنا أو شاركنا في صناعة المناخ لذلك.

رابعاً: فقدان الثقة في الإسلاميين:

وذلك لأن حشد الإسلاميين مقابل المكونات الثلاث الأخيرة من لحشود المقابلة وهم: موظفوا الدولة الذين لا يشعرون بالعدل بسبب تقديم الثقات على الكفاءات، والقوى السياسية الوطنية التي لم يتم احتواؤها بل على العكس تم خداعها ونقض العهود معها، وكذلك عامة الشعب الذين أخرجهم اليأس والإحباط بسبب تكرار الأزمات فالحشد مقابل هؤلاء يفقد الشعب الثقة في الإسلاميين ويُظن أنهم طلاب سلطة وحين وصلوا إليها تمسكوا بها وكان أكبر همهم التمكين فيها، ومع أنهم لم يلبوا حاجة الناس ولم يرفعوا عنهم معاناتهم وعندما خرج الناس ليعترضوا على الأداء وليرفعوا عن أنفسهم المعاناة –على حد تصورهم-، خرج الإسلاميون ضدهم وكأنهم يقولون بلسان حالهم لن نرفع المعاناة عنكم وإن خرجتم تعترضون سنخرج ضدكم ونحشد أكثر من حشودكم -موتوا بغيظكم.

خامساً: مآلات بعضها أسوأ من بعض:

جميع احتمالات الحشود مقابل الحشود كلها احتمالات ثمنها باهظ حتى لو مرت بأقل الاحتمالات خسائر وهو نجاح فلسفة التجاوز بأن تمر الأزمة بغير تحقيق شيء من مطالب المعارضة فإن هذا لن يمر إلا بخسائر في الأرواح والممتلكات، بالإضافة إلى العداء الذي يتعمق وتزداد حدته بين الإسلاميين والشعب فيفقدوا الثقة في الإسلاميين فلا يقبلون منهم بعد ذلك دعوة ولا غيرها ومعلوم أن التغير الحقيقي إنما هو بالدعوة إلى الله(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، وهذا هو أخف الاحتمالات في مربع الحشود. والاحتمال الثاني وهو الاستفتاء علي الرئيس اضطرارا فيؤدى إلى انفلات زمام المتهورين من التيار الإسلامي ، أو الثالث هو استقالة الرئيس أو أن يضطر إلى أن يدعو إلى انتخابات رئاسية مبكرة بشروط يحاول فيها الحفاظ علي بعض المكتسبات التي تمت، والاحتمال الرابع إقالة الرئيس بغير شروط، وكل هذا لن تقبلوه حتى لو اضطررتم إليه وستدفعون بطريقتكم هذه في اتجاه الاحتمال الخامس وهو إنهاء الدولة بالكلية ونشوب حرب أهلية.

من أجل هذا كله كان اختيار حزب النور لمربع الحلول للأزمة محاولاً إيجاد حلول لها، لا مربع التجاوز بالحشود الذي يتبناه الحرية والعدالة والإخوان ومن انضم إليهم من الأحزاب الإسلامية.

بدأ حزب النور يتواصل مع القوى والأحزاب الإسلامية وحدث هذا في اجتماعين قدم فيهما الحزب رؤيته ونصائحه، إلا أنهم كانوا مصممين علي فكرة الحشود بل إن الحزب شعر حين دعي من قبل التكتل الإسلامي للقاء الثالث أنهم يريدون توريطه بالإعلان عن حشد يوم 21/ 6 في وجود الحزب، وكان هذا الظن صائباً لأنهم سربوا في منتصف الليلة السابقة للقاء خبراً مكذوبا على لسان د/ يونس رئيس الحزب أنه قال شرعية الرئيس خط أحمر فمن تجاوزه سيجد من أبناء الدعوة السلفية ما لا يتخيله فعلمنا أنهم يريدون توريطنا فعلاً، ومما أكد هذا أنهم أعلنوا في هذا الاجتماع الذي لم يحضره الحزب عن مليونية 21/ 6 التي كانت بعنوان "لا للعنف" والتي كان فيها التصريح واضحاً بالعنف.

وللحديث بقية

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com