السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

نصيحة للمغترين بتنظيم داعش

(داعش ظاهرهم التكفير و باطنهم البعثية - داعش جهل الخوارج واختراق الاستخبارات - ماذا فعلت داعش؟)

نصيحة للمغترين بتنظيم داعش
عبد المنعم الشحات
السبت ٠٦ ديسمبر ٢٠١٤ - ١٣:٣٤ م
9568

نصيحة للمغترين بتنظيم "داعش"

"داعش ظاهرهم التكفير وباطنهم البعثية - داعش جهل الخوارج واختراق الاستخبارات - ماذا فعلت داعش؟"

كتبه/ عبد المنعم الشحات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فنقدِّم في هذا المقال:

1- ملخصًا لأهم الاعتراضات على تنظيم "داعش"، ثم نستعرض بعض جهود العلماء المعاصرين في بيان خطورة هذا التنظيم، ونستعرض الجهود التالية:

2- إجابة الدكتور "سعد بن ناصر الشثري" عضو هيئة كبار العلماء سابقًا على سؤال بشأن "داعش" في برنامج الجواب الكافي على قناة المجد الفضائية، والذي يمكن أن تعنون له بعنوان: "داعش ظاهرهم التكفير وباطنهم البعثية" حيث كانت هذه القضية هي محور إجابته.

3- الحملة التي نظمتها عدد مِن القنوات الفضائية بعنوان: "داعش: جهل الخوارج، واختراق الاستخبارات"، والتي شارك فيها عدد مِن العلماء والدعاة، منهم: الدكتور "سعد بن ناصر الشثري"، والذي كان تركيزه على ذات القضية التي ركز عليها في برنامج قناة المجد، ومنهم: الشيخ "سعد البريك"، والشيخ "عدنان العرعور"، والشيخ "عمر الزيد"، وغيرهم... ومنهم: الباحث "أنور مالك" والذي غطى جانب الاستعمال المخابراتي لتنظيم "داعش"، وهو ما عبَّر عنه بصورة أوفى في مقال له بعنوان: "داعش والاختراق الاستخباراتي!".

4- كما نتعرض لمجموعة من التغريدات التي كتبها الشيخ "محمد السعيدي" أستاذ أصول الفقه في جامعة أم القرى بعنوان: "ماذا فعلت داعش... ؟!".

أولاً: خلاصة اعتراضاتنا على تنظيم داعش:

ماذا نحتاج لكي نكوِّن رأيًا سديدًا في شأن داعش؟

يجيبنا شيخ الإسلام "ابن تيمية" -رحمه الله- على ذلك في مستهل إجابته عن حكم التتار قائلاً: "وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْمَعْرِفَةُ بِحَالِهِمْ. وَالثَّانِي مَعْرِفَةُ حُكْمِ اللَّهِ فِي مَثَلِهِمْ. فَأَمَّا الأَوَّلُ فَكُلُّ مَنْ بَاشَرَ الْقَوْمَ يَعْلَمُ حَالَهُمْ، وَمَنْ لَمْ يُبَاشِرْهُمْ يَعْلَمُ ذَلِكَ بِمَا بَلَغَهُ مِنْ الأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ، وَأَخْبَارِ الصَّادِقِينَ. وَنَحْنُ نَذْكُرُ جُلَّ أُمُورِهِمْ بَعْدَ أَنْ نُبَيِّنَ الأَصْلَ الآخَرَ الَّذِي يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالشَّرِيعَةِ الإِسْلامِيَّةِ" (مجموع الفتاوى).

ومنه نعلم أن معرفة حال أي شخص أو كيان محل الدراسة يكون بأحد هذه الطرق:

- مباشرة التعامل مع هؤلاء القوم.

- أخبار الصادقين.

- ما تواتر من الأخبار.

وبالنسبة لتنظيم داعش فقد علمنا شئونه مِن هذه المصادر:

- فبعضها جاء عن طريق إخبار مَن عايشهم.

- وبعضها عن طريق بعض مَن كان معهم ثم تاب.

- وبعضها عن طريق كثير مِن الرموز الإسلامية الذين كانت لهم مساجلات خاصة، ومِن بعض هؤلاء الرموز ممن كان له دور في وضع بذور انحرافاتهم كـ"أبي محمد المقدسي"، و"محمد بن سرور بن نايف زين العابدين"، ومساجلتهم مع "داعش" مبثوثة أيضًا على مواقعهم.

- وكثير منها ثابت عليهم بما يبثونه هم بأنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنه المقطع الذين بثه التنظيم المسمى بـ"أنصار بيت المقدس"، والذي بايع "داعش" مؤخرًا، وفيه الحكم على جميع أفراد الجيش المصري بالردة، والتباهي بقتل عددٍ من جنوده الأبرياء.

ومِن خلال هذه المصادر يتبيَّن لنا أن هذا التنظيم لديه العديد من الأخطاء العظيمة، منها:

- أن قادته الميدانيين مِن القادة البعثيين السابقين، وإذا كان باب التوبة مفتوحًا أمام كل أحد، ولكن فرق جوهري بين أن تقبل توبة التائب ظاهرًا وتكل أمره إلى الله، وبين أن تسلم لهم القيادة؛ لا سيما إذا كانت أفعالهم استمرارًا لنفس ما كانوا عليه في السابق -كما سنبين إن شاء الله-.

- أنهم مِن أشد الناس غلوًا في التكفير، ولا يقدح في هذا أنهم يتبرأون من تكفير المسلمين؛ فلو أنك سألتَ أي خارجي: هل تكفر المسلمين؟ لأجاب: بالقطع لا! ولكن الصحيح أن تسأله: هل يحكم بالإسلام لمن نطق بالشهادتين أم لا؟ ومتى يحكم على المسلم بالردة بعد إسلامه؟ وهل يثبت الكفر على معين بمجرد فعله الكفر؟ أم لا بد من ثبوت شروط وانتفاء موانع؟ وبهذا يتبين السلفي من الخارجي؟

- كما أنه لا يقدح في ذلك أنهم لا يكفرون بالكبيرة؛ فعامة الخوارج المعاصرين لا يكفرون بالكبيرة، ولكنهم في النهاية يكفرون المسلمين من باب تكفير الحكام أولاً ثم تكفير جميع مَن لا يكفرهم توسعًا منهم بالباطل في تطبيق قاعدة: "مَن لم يكفـِّر الكافر فهو كافر"، وهنا يدور السؤال: هل إثم مَن يكفر المسلم العاصي المرتكب للكبيرة أعظم عند الله أم مَن يكفر رفقاءه في الجهاد؛ لأنهم لم يبايعوه أو لأنهم ما يوافقوه على بدعته من تكفير حكام المسلمين؟

- ومن هنا نعلم أن نقطة الغلو الرئيسية التي ينطلق منها هؤلاء هي تكفير الحكام وهم في ذلك ينطلقون من القواعد القطبية التي ترى أن الحكام كفار لمجرد أنهم حكام بناءً على ما قرره "سيد قطب" مِن أن حال الدعوة في العصر الحديث كحال دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- في بدايتها؛ حيث ينقسم الناس إلى مؤمن بها، ومعرض عنها "وهم العامة"، وأعداء لها "وهم الملأ" أي الحاكم وحاشيته، والذي يُترجَم في هذا الزمان إلى "الجيش والشرطة والحكومة"، ويختلف أنصار هذا الفكر اختلافًا كبيرًا في الحد الذي يعتبر به الشخص داخلاً في الملأ، وداخلاً في العامة.

- ومما يؤكد أن هؤلاء يكفرون الحكام بمجرد كونهم حكامًا أنهم لا يلتفتون إلى أن بعض الدول تطبق الشريعة بالفعل في النظام القضائي على الأقل، وأن بعض الدول مثل: "مصر واليمن والكويت" تنص دساتيرها على مرجعية الشريعة، بل لا فرق عندهم بين الجميع!

- ومِن أخطائهم الشنيعة -والتي يتوصلون بها إلى تكفير كل مَن خالفهم في النقطة السابقة-: توسعهم المذموم في تطبيق قاعدة: "مَن لم يكفر الكافر فهو كافر": فيلزِمون جميعَ المسلمين بفهمهم الفاسد في قضية الحكام، ومَن أبى حكموا بكفره! وهم يمتحنون مَن يقع تحت أيديهم في شأن حاكم بلده، وكانوا يفعلون هذا مع المصريين بشأن الدكتور "مرسي"، مع أنه ينتمي إلى حركة إسلامية؛ فمع غيره مِن باب أولى.

- كما أنهم يتوسعون في التكفير: بباب موالاة الكفار فيجعلون كثيرًا مِن صور الموالاة المحرمة أنها من باب الردة، بل ربما أدخلوا صورًا من المعاملة الجائزة على أنها من الموالاة الشركية، وبالطبع يطبقون هذا على التعاون على البر والتقوى مع الحكومات المعاصرة "والتي يعتقدون كفرها".

- ومِن أخطائهم: تكفير بعض الطوائف بالعموم لأسباب لم يثبت أن كل أفراد الطائفة يفعلها أو يقر بها، كتكفير الشيعة بالعموم استنادًا إلى الأقوال الكفرية التي صرَّح بها بعضهم، وتكفير الصحوات بالعموم استنادًا إلى تبعية بعضهم للأمريكان.

- ومِن أشنع أخطائهم: "التكفير باللوازم": بل ربما كفروا بلوازم متوهمة، كحكمهم بكفر مَن أسره الأمريكان ثم أطلقوا سراحه؛ بدعوى أن إطلاق سراحه لم يكن ليتم إلا بعد أن أصبح عميلاً لهم.

- وكل هذه الأخطاء ازدادت حدتها بعد ما أعلنوا تحولهم من تنظيم إلى دولة: حيث أصبح مِن السهل عليهم اعتبار كل رافض لبيعتهم أنه من جملة الموالين للكفار أو من جملة الذين يتمنون هزيمة الإسلام "متمثلاً في تنظيمهم الذي ظنوه دولة!"؛ بالإضافة إلى ما في ذلك من تشويه معنى الحكم الإسلامي والخلافة الإسلامية، وتثبيت التهمة التي يرددها الكثيرون أن الإسلاميين لا يعرفون معنى الدولة، ولا كيفية الحفاظ عليها.

- ومِن تبعات تسرعهم في إعلان دولة بلا مقومات حقيقية: أنهم لا يكادون يجدون مِن معنى الدولة بابًا يثبتون به قيام دولتهم إلا الإسراف في تطبيق الحدود، مع أن الحالة التي هم عليها قد يمنع فيها من إقامة الحد منعًا من فتنة الناس لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تُقْطَعُ الأَيْدِي فِي الْغَزْوِ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

أين يكمن الخلاف مع "معجبي داعش!"؟!

بعد هذا العرض الذي استعرضناه، يبقى السؤال: لماذا يوجد مَن يدافع عن "تنظيم داعش" وبأي حجة يدافعون؟!

والجواب: أن المدافعين عن "داعش" أقسام:

1- منهم مَن يوافق "داعش" في تكفير الحكام والمحكومين أو في التوسع في التكفير بدعوى موالاة الكافرين أو -على الأقل- في عدم اعتباره لقضية العذر بالجهل؛ مما يترتب عليه تكفير كثير مِن المسلمين الذين يشيع فيهم الجهل ببعض مقتضيات التوحيد، والخلاف مع هؤلاء في واقع الأمر أعمق من أن يكون خلافًا حول "داعش"، بل الخلاف في هذه القضايا يحتاج إلى مراجعة ومناصحة وبيان؛ لأن هذه الاعتقادات من البدع المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة.

2- ومِن هؤلاء المعجبين بـ"داعش" مَن لا يحسن هذه القضايا، ولم يسمع بها مِن قبل؛ فيجب عليه قبل التهوين من شأنها أو غض الطرف عنها أن يعرف موقعها في عقيدة أهل السنة والجماعة، وأن يعرف أثر الانحراف فيها في الصد عن سبيل الله، ومسئولية هذه الانحرافات عن الفتن التي ثارت، والدماء التي أريقت.

3- ومن هؤلاء مَن تمسك بـ"داعش" على أنها هي الأمل والمنقذ؛ لا سيما في هذه الفترة التي يشيع فيها الشعور بالإحباط، وينتشر فيها دعاء العجلة، وهذا أحد السمات الرئيسية في الفكر الداعشي والمعجبين به، وقد كان "أبو مصعب الزرقاوي" مؤسس نواة هذا التنظيم يجمع بين غلوه في التكفير، من تكفير الشيعة والصحوات بالعموم، ومن تكفيره للحكومات في الدول الإسلامية، وبين الإعجاب الشديد بـ"الجهيمان" الذي ادَّعى المهدية، والذي أحدث في الحرم ما أحدث، ورغم انجلاء فتنته فقد ظل "الزرقاوي" على إعجابه وإشادته به.

وهؤلاء المفتونون يلجأون إلى حيلة عجيبة، وهي التشكيك في كل ما يُنسب إلى "داعش" مِن جرائم؛ رغم أنهم هم مَن يبثها على مواقعهم المعتمدة، والتي يبث عليها خطبة "أبي بكر البغدادي"، وصور انتصارات "داعش" التي يعوِّل عليها هؤلاء في التعلق بهم؛ فيقبل مِن ذات المصدر ما يروق له، ويرفض ما لا يروق له.

على أن أخطاء "داعش" ثابتة بكل الوسائل التي أشار إليها شيخ الإسلام "ابن تيمية" -رحمه الله- في كيفية معرفة أحوال التتار أو غيرهم، ومن آخرها ما بثه هؤلاء -على سبيل الفخر!- المقطع الذي نشره التنظيم المسمى بـ"أنصار بيت المقدس" والذي صار تابعًا لـ"داعش"؛ فكفروا فيه جميع جنود الجيش المصري، وفخروا بقتلهم!

4- ومِن هؤلاء مَن يعرف هذه الطوام، ولكنه يريد أن يمنع الدعاة من الرد عليها رغبة منه في أن تذوق الحكومات التي تضيق على الدعاة السلميين، وقد رددت عليهم في مقالة "أصول الفكر القطبي".

وأكرر الجواب هنا لأهميته، وأن هذا الأمر باطل ومنكر مِن وجوه، منها:

- أن الدعاة إلى الله يتحملون في الدنيا والآخرة تبعة الدماء التي تُراق بغير حق إن لم ينكروا.

- أن صورة الإسلام والدعوة إلى الله خاصة تشوه بمثل هذه الأفعال.

- أن الترك المؤقت لدعاة العنف وَهْمٌ كبير؛ وإلا فمتى توحشوا ازداد غلوهم، وزادت خطورتهم، وها هم "داعش" يخرجون عن طوع "أبي محمد المقدسي" ثم يعملون القتل فيمن ما زال على طريقته، مثل: "جبهة النصرة" وهم ينتمون إلى "التيار السروري" الذي عهد عنه السكوت عن التيار القطبي، ومحاولة الدفاع عنه وضمه إلى أهل السنة.

وبعد هذا الاستعراض، نذكر بعض جهود العلماء في الرد على هذا التنظيم.

"داعش ظاهرهم التكفير، وباطنهم البعثية!":

تعرض الدكتور "سعد بن ناصر الشثري" -عضو هيئة كبار العلماء سابقًا- لسؤال بشأن "داعش" في برنامج الجواب الكافي على قناة المجد الفضائية، فأجاب إجابة مفصلة كان ملخصها: "داعش ظاهرهم التكفير، وباطنهم البعثية!".

وهذه أهم النقاط التي جاءت في إجابته:

- ممن حاول استعمال الأسماء الطيبة الجذابة "حزب البعث العربي" الذين دخلوا على الأمة باسم العروبة، وهذا الحزب أسسه "ميشيل عفلق"، و"صلاح البيطار" عام 1367هـ حتى حكموا سوريا عام 1383هـ، ولا زال الناس يقاسون الآثار السيئة للحكم البعثي.

- في العراق قاد حزب البعث عام 1378هـ ثورة بقيادة "عارف" وقَتلوا الملك "فيصل"، ودفعوا بـ"عبد الكريم قاسم" زعيم العراق ثم انقلبوا عليه عام 83 بثورة حدث فيها قتال عنيف.

- وفي 86 قام حزب البعث في التحالف مع ضباط غير بعثيين وقاموا بانقلاب، وبعد سنتين طردوا جميع حلفائهم من الضباط غير البعثيين وقتلوا كثيرين منهم.

- والحزب معروف عنه هذه القسوة البالغة والاغتيالات الداخلية، مثل: "حردان التكريتي"، و"فؤاد الركابي"، و"غانم عبد الجليل"، وغيرهم... وفي عام 1399هـ قاموا بانقلاب آخر بعضهم على بعض، وأعدم فيه ثلث مجلس قيادة الثورة!

- أعمل الحزب في الأكراد أبشع أنواع القتل والتشريد، وحكم الناس بنظام بوليسي "مباحث وشرطة واستخبارات"، وكان حربًا على الإسلام، وقاموا بقتل علماء الشريعة.

- هو حزب همجي قومي، لدى قادته جنون العظمة، ويحترفون الخداع والكذب والتلون.

- تنظيم الدولة الإسلامية هو بعينه "البعث".

- التنظير الشرعي لتنظيم "داعش" لا يعدو أن يكون تبريرات جدلية للممارسات الهمجية.

- وبناءً على ذلك؛ فهذا التنظيم ليسوا مِن الخوارج، بل هم مِن الزنادقة.

- قد تقول إنه انضم إلى لوائهم المجاهدون مِن بلدان شتى يريدون الجهاد، ولكن هؤلاء مخدوعون.

والحكم على الجيش إنما هو بأهدافه وقياداته.

- قد يمكِّن القادة بعض هؤلاء الذين جاءوا للجهاد مِن فعل بعض الأفعال كإقامة الحدود لتبرير طرائقهم السابقة في التنكيل والبطش.

- المعارك بينهم وبين "الأسد" -على قلتها!- لا تخرج عن الخلافات "البعثية - البعثية" المعتادة؛ وإلا فقد كان "بشار" يتجنب تمامًا قصفهم، بل يقصف مَن يقاتلهم.

- وأما هدمهم للأضرحة؛ فهذا فعل الأتباع، ولما جاء الأمر عند "ضريح سليمان باشا" جد العثمانيين سهلوا للقوات التركية أن تدخل لحمايته، وهم الآن يحمونه بأنفسهم.

- وأما استدلالهم بأقوال "محمد بن عبد الوهاب" فنوع مِن خداع الشباب السعودي؛ ليناصرهم وهم يظهرون أقوال بعض علماء المالكية للمغاربة، وبعض أقوال قادة الإخوان للإخوان.

- "أبو بكر البغدادي" مجرد صورة مِن أجل تحسين سمعة "حزب البعث"، وأما سائر القادة، مثل: "الأنباري - وحجي بكر - وأبو مسلم التركماني - وأبو عبد الرحمن البلاوي - وأبو مهند السوداوي - والحبوري"؛ فبعثيون معروفون.

- لو كان "البغدادي" صادقًا؛ فليخرج، ويتبرأ من حزب البعث.

انتهى ما أردنا إيراده مِن كلام الشيخ، وفي كلامه عبارات أشد بكثير مما ذكرناه، ولكننا اكتفينا بما نقلناه خوفًا مِن أن يسيء البعض فهم تلك العبرات؛ فيكفر "داعش" بالعموم، كما كفروا هم غيرهم بالعموم.

"داعش جهل الخوارج، واختراق الاستخبارات":

نظمت عدد من القنوات الفضائية حملة بعنوان: "داعش جهل الخوارج، واختراق الاستخبارات"، وشارك فيها عدد من العلماء والدعاة، منهم: الدكتور "سعد بن ناصر الشثري"، والذي كان تركيزه على ذات القضية التي ركز عليها في برنامج قناة المجد، ومنهم الشيخ "سعد البريك"، والشيخ "عدنان العرعور" والشيخ "عمر الزيد"، وغيرهم.

ومنهم الباحث "أنور مالك" الذي غطى جانب الاستعمال المخابراتي لـ"تنظيم داعش"، وهو ما عبَّر عنه بصورة أوفى في مقال له بعنوان: "داعش والاختراق الاستخباراتي!"، حيث قدَّم الكاتب في هذا المقال معلومات كثيرة مستندة إلى ما وصفه بأنه معلومات مسربة عن تقارير مخابراتية تنسب إلى حزب الله والمخابرات العراقية تسهيل مرور "تنظيم داعش" إلى "سوريا"؛ لتشويه الجهاد وتجميل صورة "الأسد"، بل ادَّعى أن السلطات الشيعية العراقية أفرجت عن كثير من أعضاء التنظيم مع دفعهم للذهاب إلى سوريا.

ثم ختم مقاله بقوله: "ويبقى القول أخيرًا وليس آخرًا: ليس شرطـًا أن تكون عميلاً كي تخدم خصومك، لكن يكفي أن تتواجد في الزمن الخطأ والمكان الغلط؛ سواء كان الأمر لغباء في التخطيط أو لغياب أفق إستراتيجي للصراع القائم في العالم الإسلامي، وهذا ما يجري مع "داعش" والأيام القادمة ستكشف الكثير من الخفايا والتطورات... وللحديث بقية".

تنبيه:

مع أن المعلومات المذكورة في هذا المقال محتملة، ومع هذا أوردناه استئناسًا لوجود الكثير من الشواهد المؤيدة له، ولقبول عدد من العلماء والمتابعين له كتحليل -على الأقل- إن لم يكن معلومة مؤكدة، وممن فعل هذا د."محمد السعيدي" أستاذ أصول الفقه بجامعة أم القرى، والذي وضع هذا المقال على حسابه على توتير، فجاءه سؤال: "بعد كل ما فعلته داعش تقولون إنها مخترقة!"، فكتب عددًا من التغريدات بعنوان: "ماذا فعلت داعش؟!"، وبها نختم هذا المقال.

"ماذا فعلت داعش؟!"... تغريدات مهمة للدكتور محمد السعيدي:

"1- حين نشرتُ مقالة أنور مالك عن اختراق داعش تواردت الأسئلة: بعد كل ما فعلته داعش تقولون إنها مخترقة... ! فأزمعت كتابة تغريدات عن "ماذا فعلت داعش؟".

2- إبان الاحتلال الأمريكي للعراق، وبعده بقليل كان اسم داعش القاعدة في الرافدين ثم إمارة العراق الإسلامية، ومما فعلته في العراق ما يلي:

3- بعث عداوة السنة في قلوب عوام الشيعة، وهو هدف إيراني لتكوين الاصطفاف الشيعي وتقويته، وإشعارهم بالخوف وإلجائهم لقبول الاستظلال بإيران.

4- نجحت إيران في تحقيق هدفها بطريق تفجيرات غير مبررة يقوم بها عناصر التنظيم في تجمعات الشيعة، وربما قامت إيران ببعضها ونسبتها لهم وتبنوها.

5- نجحت المخابرات الإيرانية بإعلامها وصنيع القاعدة إيقاظ روح العداء الرافضي ضد السنة، وتكونت كتائب الموت الرافضية، والتي لا تزال تعمل حتى اليوم.

6- كتائب الصفوية كانت تقتل السنة، وإمارة العراق كانت تقاتل المقاومة السنية أيضًا بحجة عمالتهم أو كفرهم، والمقاومة السنية تنهزم أمام شراستهم.

7- استطاع الأعداء الثلاثة: إمارة العراق، والصفويون، والجيش الأمريكي؛ كل فيما يخصه إخماد جميع فصائل المقاومة السنية العراقية.

8- قليلاً ما يقع التحام قتالي بين عناصر الإمارة وكتائب الصفويين أو الأمريكان، ومعظم نشاط الإمارة تفجيرات ينفذها أبناؤنا لا تحسم المعركة.

9- بعد تصفية المقاومة وتسليم الأرض للصفويين ذابت إمارة العراق وسجن المخلصون من أتباعها وكانوا آلات تتحرك أما المحركون فلا يعرف من أمرهم شيء.

10- بعد نجاح الثورة السورية ظهرت داعش بمراحلها المعروفة، وأعظم إنجازاتها: تعطيل الثورة وإنقاذ النظام، وإيجاد الشقاق بين الثوار والاعتداء عليهم!

11- من إنجازات داعش إيجاد الحجة للنظام العالمي للصمت عن جرائم الأسد أمام الرأي العام الغربي ثم تحويل الأولوية من إسقاط الأسد إلى إسقاط الثورة.

12- من إنجازات داعش تفريق اعتصام أهل الأنبار الذي دام عامًا وكاد يودي بالمالكي ودخلت داعش وفرَّقته ثم ذابت، وبدأ المالكي يضرب السنة محتجًا بداعش.

13- من إنجازات داعش إيقاف ثورة العشائر بإعلان الخلافة وتهديد كل مَن يخرج على الخليفة المزعوم فتوقفت العشائر خوف الاقتتال وتم إنقاذ الحكومة.

14- من إنجازات داعش إنقاذ النظام الصفوي العراقي من العشائر وترك بغداد، والانصراف نحو الأكراد أعداء النظام الإيراني.

15- من إنجازات داعش المساهمة في تأمين وصول مقاتلي عصائب أهل الباطل والميليشيات الصفوية إلى أعماق سوريا لدعم النظام وحزب اللات.

16- من إنجازات داعش محاولة إحداث الفوضى في الشمال الكردي الذي يعد حتى وقت قريب ملاذًا آمنًا للفارين من أهل السنة من نير الحكم الصفوي.

17- أحيانًا تقاتل داعش الجيش العراقي ذا الغالبية الشيعية العربية لكون إيران لا تريد جيشًا عراقيًا حتى ولو كان شيعيًا، وداعش أداة جيدة لإضعافه.

18- من إنجازات داعش إشغال العالم باليزيديين وكوباني عن مجازر الأسد، وحصار الغوطة، وتقدم حزب اللات ضوضاء عند الأبواب ليقفز المجرم من النافذة.

19- يحرص الدواعش على أخذ الشريط الحدودي بين تركيا وسوريا من يد الثوار السوريين لا من يد النظام ليحولوا بين الثوار وأي دعم من جهة تركيا.

20- حماس المنتمين للفكر الداعشي لحادثة الأحساء يتفق مع رغبة تنظيمهم إحداث الفوضى في المملكة العربية السعودية وجعلها عراقًا ثانية.

21- من إنجازات داعش دعم المشروع الإيراني في إثارة رافضة السعودية لتحقيق الفوضى هنا، إيران وداعش يعملان الشيء نفسه، وليست أولى نقاط الالتقاء.

22- إعلان البغدادي في خطابه طموحه في التمدد نحو السعودية مع أنه لم يتقدم لفك الحصار عن الغوطة منذ أكثر من سنة دليل على أولويات إيران لديه.

- الطريق نحو تحرير فلسطين يمر عبر الأردن وليس عبر السعودية، لماذا لم يعلن تمدده تجاهها؟

- ذكرني بصدام حسين الذي غزا الكويت ليحرر فلسطين.

23- داعش التي تزعم نصرتها للسنة كم جزرت من عشيرة البو نمر السنية في العراق، وكم قتلت من قبيلة الشعيطات في سوريا؟! ويقولون: لا نستهين بالدماء!

24- تصفح تاريخ المواجهات بين جيش الأسد والثوار السوريين تجد نصيب داعش مواجهتين فقط -وفيها مقال!-، أما البقية فكلها انسحابات للنظام لتمكين داعش.

25- كم مرة قصفت طائرات النظام الأسدي مواقع داعش؟

الجواب: ولا مرة، طبعًا هذا لا يثير استغراب المتعاطفين مع داعش.

26- وضعت داعش لنفسها قاعدة قتال المرتد أولى مِن قتال الكافر الأصلي؛ لتبرر للمتعاطفين تركها الأسد وعصابته والتفاتها للمسلمين، والحكم بالردة جاهز!

27- المطلوب من داعش أمريكيًّا وإيرانيًّا وصهيونيًّا هو المشاركة في خطتهم إحداث الفوضى في دول السنة؛ ولذلك اقتصر تهديد البغدادي عليها.

28- حتى القوات المشتركة التي تزعم أنها تضرب داعش، لا تضربها حقـًّا، وإنما تمنعها من الوصول إلى المناطق التي لا تريد منها أن تصل إليها فقط.

29- الحق الذي في كلمة البغدادي هو سلامة مقراتهم من ضربات الطيران الأمريكي، وهذا لو تأمله المتأمل بعقل؛ لعرف أنه من أوضح الأدلة على تآمرهم معها.

30- لو كانت أمريكا صادقة في قتال داعش لكانت المشاركة معها مثل المشاركة في قتال البعث وقتال بشار، لكن أمريكا كاذبة في عداوتها لها.

31- كانت فكرة القاعدة هي القيام بأعمال من شأنها جر الصليبيين لجزيرة العرب وبلاد الإسلام ليتمكنوا بزعمهم من سحقهم! أي انهيار إستراتيجي هذا؟!

32- حرصتْ داعش على الشيء نفسه، وهو: إعادة الصليبيين إلى العراق والشام، ثم يعلو صراخهم بالمناداة بقتال الصليبيين، ولا يستفيدون من التجارب الفاشلة.

33- فكرة جلب الصليبيين لمناطق الصراع للقضاء عليهم ثبت فشلها؛ فها هي أفغانستان علمانية محطمة، والصومال، واليمن، وتريد داعش للسعودية أن تكون كذلك.

34- حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- بغزو الجزيرة ثم فارس ثم الروم تم كما وصف، وبالترتيب الذي أخبر به؛ فتنزيل الحديث على مؤامرة داعش لعِب بالعقول.

35- غزا أبو بكر -رضي الله عنه- أنحاء الجزيرة وقمع الردة، ووطد دولة الإسلام ثم اتجه للعراق، وأتم الله على يد عمر -رضي الله عنه- فتح بلاد فارس ثم بلاد الروم.

36- استكمل فتح آسيا الصغرى في عهد السلاجقة الأتراك في القرن الرابع الهجري ثم فتحت القسطنطينية وشرق أوربا على يد العثمانيين.

37- أهل البدع أشد الناس حرصًا على تنزيل أحاديث الفتن على الواقع؛ ليثبتوا شرعية وجودهم، ولا نعلم فرقة فعلت ذلك إلا انتهى الأمر على خلاف قولها.

- يدعي أنصار داعش أن الإعلام العالمي عدو لهم ويشوه صورتهم، والحقيقة عكس ذلك؛ فالإعلام العالمي هو الذي ضخمهم، وهو المستفيد من ذلك!

38- هذه مواقع التواصل الكبرى التي لا تبتعد عن المخابرات الأمريكية "جوجل، وتويتر، وفيس بوك، ويوتيوب" لا تحاول حجب الإعلام الداعشي.

39- أيها الشباب المحب لدينه... عليكم اتباع نبيكم في تجنب الفتن "فمن كانت له إبل فليذهب إلى إبله، ومن كانت له غنم فليذهب إلى غنمه".

40- وأخيرًا: فإن متابعة ردود أنصار داعش على مَن ينتقدها تنبيك عن معادنهم وأخلاقهم وعقولهم، وستكشف لك فهمهم الضيق للإسلام، تابع معنا".

وفي النهاية: أسأل الله أن أكون قد وفقت إلى جمع نصائح لمن اغتر بداعش عسى الجميع أن يدرك هذا الخطر الداهم الذي يدور بين التكفير والبعثية، وكلاهما شر مستطير نسال الله أن يقي الأمة منه.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com