الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

مواقف حزب النور.. وقائع وكواليس (10- الأخيرة) حزب النور بين مبكاة المظالم والمشاركة في بناء الدولة

من أجل هذا كله شاركنا وسنشارك في بناء دولتنا لنجنب شباب مصر اليأس والانحراف ولنثبت للجميع أن الإسلام الذي هو دين الدولة ليس مجرد طقوس عبادية...

مواقف حزب النور.. وقائع وكواليس (10- الأخيرة) حزب النور بين مبكاة المظالم والمشاركة في بناء الدولة
محمد إبراهيم منصور
الأحد ٠٤ يناير ٢٠١٥ - ١١:٢١ ص
2451

مواقف حزب النور.. وقائع وكواليس (10- الأخيرة)

حزب النور بين مبكاة المظالم والمشاركة في بناء الدولة

كتبه/ محمد إبراهيم منصور

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

أصبح حزب النور والعقلاء من الوطنيين بين خيارين: فإما الوقوف عند مبكاة المظالم التي يصمم الإخوان ومن معهم على الاستمرار فيها بعدم قبولهم لحلول تتعامل مع الواقع، ولن يزيد دور أي أحد في هذه الحالة على المساعدة في البكاء والعويل فقط مثل جميع المشاركين مع الإخوان، وفى النهاية سينسحب الجميع ويستسلمون للأمر الواقع،أو يتحول الأمر إلى صدام شامل يذهب بالبلاد كلها. فإما أن يبقى حزب النور في هذا الموقع الذي تدفع إليه عاطفة "المبكاة"، وإما أن يستجيب لقواعد السياسة الشرعية فيشارك في بناء الدولة حتى لا يضعف أثر الوطنيين المتعقلين، وحتى لا تقوى رؤية غلاة العلمانيين فينحرفوا بالدولة إلى الاتجاه العلماني الذي لا يمانع من الاصطدام بشراسة مع جميع الإسلاميين؛ مما يدخل البلاد في أحد سيناريوهين: تجربة الجزائر التي استطاع العلمانيون بمساعدة فرنسا ومباركة عالمية القضاء على الإسلاميين وقتل مائتين وخمسين ألفا، واعتقال أضعافهم وتشريد الباقين في الجبال واستمرار الصراع لسنوات عدة.

السيناريو الثاني سيناريو الصراع المتكافئ الذي تتدخل فيه قوى إقليمية وعالمية بدعم الطرفين ليطول أمد الصراع حتى يُهلك الفريقان بعضهم بعضا كما هو الحاصل في سوريا.

فاختارت الدعوة السلفية والعقلاء من الإسلاميين الوجود في مشهد بناء الدولة لتدعم المكون المتعقل في المشهد السياسي الذي لا يقبل انزلاق الدولة في صراع "علماني/إسلامي"، خاصة أن هناك من يدفع إليه بقوة من أطراف دولية ومكونات قوية في المشهد السياسي من جهة، والإخوان ومن معهم من الجهة الأخرى؛ حيث بدأ الإخوان حشودهم من البداية تحت مسمى الإسلاميين مقابل من أسموهم (بغير حق)العلمانيين، وجاء الدستور وتوجُّه الدولة العام بعد ذلك شاهد لصحة هذا الخيار الذي اختارته الدعوة السلفية؛ فبعد أن قال غلاة العلمانيين الذين أرادوا ركوب موجة (30/6) إن الشعب المصري علماني بفطرته ولابد من إلغاء هذا الدستور وصياغة دستور علماني، والتخلص من جميع الإسلاميين ولو بالدم، ولابد من الدم بعد أن قالوا هذا وهلل الإخوان ومن معهم ليذكوا هذه الروح "روح الصدام" ليستدرجوا بقية الإسلاميين معهم؛إذا بالدعوة السلفية تصمم على المشاركة في بناء الدولة لتحبط هذا المخطط، وتدعم المتعقلين في المشهد السياسي لمنع انزلاق البلاد في هذا المستنقع؛ ولذلك نقول الآن للشباب: هل فعلًا تمّت تنحية الدستور الإسلامي واستبداله بدستور علماني كما كان يتمنى غلاة العلمانيين،أو كما كان يصرح قادة الربعاويين؟!

هذه فرية وكذبة أرادوا بها أن يخرجوا الشباب عن رشدهم وصوابهم ليريقوا دماءهم ويهدموا دولتهم وهم يعتقدون أن هذا جهاد في سبيل الله.

إن التعديلات الدستورية بفضل الله عز وجل لم يحدث فيها جور على الهوية والشريعة بحال، بل تم التأكيد عليها وصارت في الدستور الجديد لا تقل عن سابقه؛

فمن المعلوم أنه لكي يكون الدستور مقبولا من هذه الزاوية لابد أن ينتظم فيه ثلاثة أمور:

ا- وضوح مقومات الهوية.

٢- وضوح ضابط التشريع وعموميته وعدم المزاحمة له؛ ويكون هذا من خلال وضوح مرجعية الشريعة الإسلامية وعدم المزاحمة لها، فإذا تم هذا انضبط أداء الدولة كلها لأن الدولة لا تتحرك إلا من خلال القانون.

٣- وضوح ضابط ممارسة الحريات الذي يضبط ممارسة الأفراد بحيث يضمن التوازن بين الحريات وقيم المجتمع ونظامه العام.

فإذا ضبط الأصل التشريعي وأصل الممارسة؛ فأي مادة في الدستور لا يمكن أن تخرج عن هذين الضابطين.

وقد تحققت هذه الأمور الثلاثة بفضل الله عز وجل في الدستور بنسبة كبيرة لا تقل بحال عن دستور ٢٠١٢ .

نستطيع أن نقول وبكل وضوح إن هذا الدستور حافظ على الهوية ومرجعية الشريعة الإسلامية، ووازن بين الحريات وقيم المجتمع ونظامه العام.

• أولا: (الهوية):

حافظ الدستور على هوية مصر العربية الإسلامية؛ حيث أكد هوية الانتماء العربي الإسلامي في المادة الأولى والثانية:

(الشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل على تكاملها ووحدتها، ومصر جزء من العالم الإسلامي)، ولا يوجد في الدستور ما يتعارض معها؛ فسلمت هوية الانتماء بحمد الله وتم هذا بإرادة جماعية للجنة الخمسين، وهي مشكورة على هذا التوافق.

وحافظ الدستور أيضًا على هوية النظام العام؛ حيث حافظ على العبارة الواضحة في هذا الشأن وهي (الإسلام دين الدولة).

وحافظ على باب المقومات فلم يقحم فيه ما يتعارض مع هذه العبارة أو يقلل من شأنها.

كما حافظ أيضًا على الهوية الثقافية العربية الإسلامية؛ فبالإضافة إلى المادة الأولى والثانية والرابعة والعشرين جاءت المادة (٥٠) لتقرر وبوضوح أن المرحلة الحضارية التي تحياها مصر الآن هي المرحلة الإسلامية (تراث مصر الحضاري والثقافي المادي والمعنوي بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى المصرية القديمة والقبطية والإسلامية ثروة قومية تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته).

• ثانيًا: مرجعية الشريعة الإسلامية:

حافظ الدستور وبوضوح على مرجعية الشريعة الإسلامية ومنع من مخالفة أحكامها؛ حيث قرر أن مبادئها هي مجموع ما تضمنه أحكام المحكمة الدستورية.

والإلزام بمجموع الأحكام يحقق أمرين مهمين:

1- زوال التخوف مما ورد في بعض الأحكام؛ مما يوهم الإخلال ببعض المبادئ.

2- مجموع ما ورد في هذه الأحكام يفي بالغرض تماما، خاصة أنه تم التأكيد في المضابط على تخصيص أهمها وأجمعها بالذكر، وهو الحكم في القضية رقم 20

لسنة "1" قضائية، والقضية رقم 47 لسنة "4" قضائية، والقضية رقم 141 لسنة "4" قضائية.

وهذه مقتطفات لبعض ما جاء فيها نقلًا من مذكرة التعديلات الدستورية في مضابط مجلس الشعب سنة (٨٠):

"وحيث إنه يبين من صيغة العبارة الأخيرة من المادة الثانية من الدستور – بعد تعديلها على نحو ما سلف – أن المشرع الدستوري أتى بقيد على السلطة المختصة بالتشريع قوامه إلزام هذه السلطة – وهي بصدد وضع التشريعات – بالالتجاء إلى مبادئ الشريعة لاستمداد الأحكام المنظمة للمجتمع، وهو ما أشارت إليه اللجنة الخاصة بالإعداد لتعديل الدستور في تقريرها إلى مجلس الشعب الذي أقره المجلس بجلسة 19 يولية سنة 1979، وأكدته اللجنة التي أعدت مشروع التعديل وقدمته إلى المجلس فناقشه ووافق عليه بجلسة 30 أبريل سنة 1980 إذ جاء في تقريرها عن مقاصد تعديل الدستور بالنسبة للعبارة الأخيرة من المادة الثانية بأنها: تلزم المشرع بالالتجاء إلى أحكام الشريعة الإسلامية للبحث عن بغيته فيها، مع إلزامه بعدم الالتجاء إلى غيرها، فإذا لم يجد في الشريعة الإسلامية حكمًا صريحًا، فإن وسائل استنباط الأحكام من المصادر الاجتهادية في الشريعة الإسلامية تمكن الشرع من التوصل إلى الأحكام اللازمة التي لا تخالف الأصول والمبادئ العامة للشريعة…".

وجاء فيه أيضًا:

"ويؤيد هذا النظر ما أوردته اللجنة العامة في مجلس الشعب بتقريرها المقدم بجلسة 15 سبتمبر سنة 1981 الذي وافق عليه المجلس من أنه كان دستور سنة 1971 أول دستور في تاريخنا الحديث ينص صراحة على أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، ثم عُدِّل الدستور عام 1980 لتكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع؛ وهذا يعنى عدم جواز إصدار أي تشريع في المستقبل يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، كما يعني ضرورة إعادة النظر في القوانين القائمة قبل العمل بدستور سنة 1971 وتعديلها بما يجعلها متفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية".

وجاء فيه أيضًا:

"الانتقال من النظام القانوني القائم حاليًا في مصر الذي يرجع إلى أكثر من مائة سنة إلى النظام القانوني الإسلامي المتكامل يقتضي الأناة والتدقيق العملي، ومن هنا فإن تقنين المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي لم تكن مألوفة أو معروفة، كذلك ما جد في عالمنا المعاصر وما يقتضيه الوجود في المجتمع الدولي من صلات وعلاقات ومعاملات، كل ذلك يستأهل الروية ويتطلب جهودًا؛ ومن ثم فإن تغيير النظام القانوني جميعه ينبغي أن يتاح لواضعيه والقائمين عليه الفترة الزمنية المناسبة حتى تجمع هذه القوانين متكاملة في إطار القرآن والسنة وأحكام المجتهدين من الأئمة والعلماء".

ويؤخذ من هذا التفسير عدة أمور:

ا- إحياء مضابط التعديلات الدستورية لسنة (٨٠ ) بالنقل عنها وبها فوائد مهمة.

٢- إلزام المشرع بالرجوع إلى أحكام الشريعة الإسلامية للبحث عن بغيته فيها وعدم الالتجاء إلى غيرها.

٣- الالتزام بالأحكام الصريحة التي تشمل الإجماع وما كان قطعي الدلالة، وإن لم يكن متواترًا.

٤-الالتزام بقواعد الاجتهاد فيما لا يوجد فيه حكم صريح. (وستأتي قواعد الاجتهاد في حكم 96).

٥-عدم جواز سن قانون يخالف أحكام الشريعة الإسلامية.

٦- مراجعة القوانين القائمة وتعديلها لتتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.

٧- العمل على الانتقال من المنظومة القانونية القائمة إلى منظومة قانونية إسلامية متكاملة في إطار القرآن والسنة وأقوال المجتهدين من العلماء والأئمة.

• ثالثا: الموازنة بين الحريات وبين مقومات الدولة والمجتمع ونظامه العام:

كان ضابط الحريات في (دستور ٢٠١٢ ) (مادة ٨١) نصها: (تمارس الحقوق والحريات بما لا يتعارض مع مقومات الدولة والمجتمع المنصوص عليها في الدستور).

مقابلها في (دستور ٢٠١٣ ) مركب من:

أ- المادة ٢٢٧ التي تنص على أن الدستور بديباجته ونصوصه وحدة عضوية واحدة،

المادة (227): (يشكل الدستور بديباجته وجميع نصوصه نسيجًا مترابطًا، وكلًا لا يتجزأ، وتتكامل أحكامه في وحدة عضوية متماسكة).

وبالتالي لا يمكن أن يُقرأ باب الحريات بمعزل عن باب المقومات.

ب- تم التأكيد على هذا بالنص في المادتين الرابعة والخامسة على أن الحفاظ على الحقوق والحريات يكون على الوجه المبين في الدستور.

والوجه المبين في الدستور هو أن الدستور وحدة واحدة لا يؤخذ منه جزء منفصل عن غيره، وأن باب المقومات حاكم على بقية الأبواب، وأنه لا تحتاج كل مادة إلى أن تقيد بالمادة الثانية لأنها مقيدة بها بموجب الوحدة العضوية.

والوجه المبين في الدستور أن الإسلام دين الدولة؛ مما يجعل الإسلام الركن الأعظم للنظام العام وينص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع؛ وهو بهذا يلزم المشرع (كما نص على ذلك حكم المحكمة الدستورية لسنة 85) بالالتجاء إلى أحكام الشريعة الإسلامية للبحث عن بغيته فيها فإذا لم يجد حكما صريحا، فإن وسائل استنباط الأحكام الاجتهادية في الشريعة تمكنه من الوصول إلى الحكم اللازم؛ فالمادة الثانية بالإضافة إلى مواد أخرى كثيرة كمادة الأزهر وغيرها تحدد بوضوح أركان النظام العام والنظام التشريعي اللذين لا ينبغي للحريات أن تتعدى إطارهما كما نصت على ذلك المادة (29) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المشار إليه في ديباجة الدستور ونصها:

( 2- لا يخضع أي فرد في ممارسة حقوقه وحرياته إلا للقيود التي يقررها القانون مستهدفا منها، حصرا، ضمان الاعتراف الواجب بحقوق وحريات الآخرين واحترامها، والوفاء بالعادل من مقتضيات الفضيلة والنظام العام).

وبهذا يتبين أن الصراع الذي حدث لم يكن لتنحية الشريعة والهوية من الدستور، وإن كان البعض يريد ذلك فعلًا كـ"النمنم" وأمثاله، لكنهم لا يعبرون إلا عن أنفسهم، وهذا أيضًا يظهر لك خطأ من استخدام كلام "النمنم" وعممه على الجميع ليثبت أن الصراع الحاصل ليس صراعا سياسيا وإنما هو صراع على الإسلام والهوية ليثير بذلك عاطفة الشباب المتحمس.

أما توجه الدولة فهل يستطيع أحد أن يقول إنه صار علمانيا؟

الحقيقة أنه لا يستطيع أحد أن يقول إنه صار علمانيا كما يدعى الإخوان ومن معهم ليستدرجوا أبناء التيار الإسلامي إلى الصدام الهدام للدولة بحجة أنها دولة علمانية معادية للإسلام.

إن الدولة التي تعلى في دستورها من شأن مرجعية الشريعة ومن شأن مؤسسة الأزهر الشريف ويقف فيها الأزهر كمؤسسة رسمية من مؤسساتها هذه المواقف الواضحة من فيلم حلاوة روح وفيلم نوح وممن تطاول على البخاري.

بمقدور المعارض لكلامي هذا أن يأتي بكثير من تصريحات الإعلاميين العلمانيين بل وبعض الوزراء كوزير الثقافة وغيره ويستدل بذلك على أن توجه الدولة صار علمانيا وأنا أقول له الآتي:

أ- ألم يكن هؤلاء يقولون نفس الكلام في عهد د. مرسى.

ب- أليست مؤسسة الأزهر وهى مؤسسة رسمية ترد عليهم.

ج- أليست هذه هي أحلامهم وأمانيهم التي لو تركنا لهم المجال لصارت واقعا، لكن حين نشارك نمنع من أن تتحول إلى واقع وأنا أذكر بمثال واحد فقط وهو كلام النمنم الذي كان يقول لابد من دستور علماني لأن الشعب المصري علماني بفطرته فهللتم وقلتم (اشرب يا حزب النور سوف يكون الدستور علمانيا) وحين أعلن أن تمثيلنا في لجنة الخمسين سوف يكون بعضوين قلتم (مش قولنا لكم يا حزب النور الدستور خلصان وانتوا ديكور ).

لكننا صممنا على المشاركة في البناء فهل خرج الدستور كما كان يحلم النمنم أم خرج محافظا على الهوية معليا من شأن الشريعة مبتعدا بتوجه الدولة عن العلمانية؟

لا يمكن أن يكون محقا من وصف توجه الدولة مع كل هذا بالتوجه العلماني خاصة أن الدولة التي يقارنون بها جددت تراخيص الخمارات والمراقص ثلاث سنوات بدلا من سنتين وقال قائلها رافضا الرجوع إلى الأزهر في سن القوانين أن الشعب مصدر السلطات والرجوع إلى الأزهر يجعلها دولة دينية.

وتقدم حزبها بالقانون الذي أسموه بقانون نقابة الدعاة الذي قال عنه الشيخ مصطفى العدوى إنه قانون تكميم الأفواه وهو كذلك إذ كان ينص في مادته السادسة على أنه لا يجوز لغير عضو النقابة إلقاء الدروس الوعظية أو الخطابة الوعظية أو تدريس علوم الشريعة في المساجد أو المعاهد أو وسائل الإعلام المسموعة أو المقروءة أو المرئية أو الإنترنت أو غيرها من الهيئات والجهات والوسائل، وينص القانون على أن عقوبة المخالفة السجن ثمانية عشر شهرا وغرامة عشرة آلاف جنيه.

وهذا يعنى ببساطة أنك إذا وجدت على النت من يطعن على ثوابت دينك أو يسب نبيك فكتبت له مقالا ترد عليه فيه وتعظه وتخوفه من عقاب الله ولست من المحظوظين برضا الإخوان عنك وضمك لنقابتهم فإن العقوبة ستكون سجنك سنة وستة أشهر وغرامة عشرة آلاف، ولابد من رضا الإخوان عنك لأن القانون يجعل التحكم في هذه النقابة ولمدة سنتين كاملتين إنشاءً وتكوينًا ووضع لائحة وكل شيء لنقابة الدعاة المعدة سلفا (وهى نقابة إخوانية صرفة ) وأن هذه النقابة المعدة سلفا هي التي ستقوم بتقييم كل من يرغب في الانضمام إليها ولها الرفض لأسباب فضفاضة تتسع وتضيق حسب الحال بل لها أن تسحب الترخيص متى شاءت بنفس الطريقة

ومن لا ينطبق عليه شرط المؤهل (الأزهري أو اللغة العربية ) من الدعاة تقوم هذه النقابة الإخوانية باختباره شفويا وتحريريا ثم تقييمه فكريا وسلوكيا فإن وجدت في نفسها قبولا له أعطته ترخيص عام واحد ويتم اختباره وتقييمه كل عام بهذه الطريقة، العجيب أن المرء لا يقف عند هذا الحد بل أنهم حين يتفضلون عليه بمنحة الترخيص فإنه يمنح لقب دعوى من الدرجة السادسة من ألقاب الدعاة فإن تلقب بلقب أعلى منه عوقب، كما في المادة سبعين من القانون بالسجن ثمانية عشر شهرا وغرم بعشرة آلاف جنيه، وهذه الألقاب الدعوية هي

1- عالم دعوة 2- خبير دعوة 3- كبير دعاة 4- داعية أول 5- داعية مبتدئ 6- داعية مؤقت أو داعية بالترخيص، وهذا اللقب الأخير هو الذي يمنحه العلماء والدعاة الذين لا ينطبق عليهم شرط المؤهل،

(وقد تقدم الإخوان بهذا القانون لمجلس الشعب عن طريق الشيخ سيد عسكر وحاولنا عرقلة مناقشته وإقراره حتى حل مجلس الشعب وأوضحنا لهم مآخذنا على هذا القانون لكنهم لم يتراجعوا عنه فقدموه إلى مجلس الشورى مرة ثانية بعد أن أخذ مجلس الشورى حق التشريع، والعجيب أن الذي تقدم به هذه المرة هو الدكتور محمد الصغير التابع للجماعة الإسلامية المتضامنة مع الإخوان فمنعناهم من مناقشته وأقنعنا الدكتور الصغير بسحبه فسحبه فتقدم الإخوان به مرة أخرى في نفس اليوم فضغطنا مرة ثالثة حتى سحب وظللنا حذرين متخوفين أن يقدم سرا للمرة الرابعة حتى حل مجلس الشورى بعد ذلك ).

فليس من العدل أن توصف هذه الدولة وهذا النظام بالتوجه الإسلامي وتوصف الأخرى بالتوجه العلماني،نعم قد يوجد ممن ينتسبون إلى بعض مؤسسات الدولة من ينادى بالعلمانية فيخالف ثوابت الإسلام بل يطعن عليها ولكن لا يجوز التعميم بإطلاق القول بأن الجميع كذلك، ثم إنه لو كان سيناريو الصدام قد استمر ونجح التيار العلماني والدموي أن يفرض رؤيته في مقابل التيار الوطني المتعقل لكان حدث الآتي:

أ- وصم كل التيار الإسلامي بالإرهاب وذلك استنادا إلى ما يقع من المتهورين منهم مع التلفيق للآخرين ومع الغطاء الإعلامي الذي يستطيع أن يقنع العامة بكل ما يراد لهم أن يقتنعوا به.

ب- تشويه المشروع الإسلامي بالكلية ووصفه بالتخلف والرجعية وأنه لا يصلح لهذا العصر.

ج- تجريم كل صور الدعوة حتى تحفيظ القرآن بحجة تجفيف منابع الإرهاب.

د- عزل الشباب الإسلامي شعبيا وتشويهه بكل صور التشويه حتى يفقد تعاطف الناس وتجاوبهم معه وقبولهم لدعوته وينقلب ذلك إلى نفرة منه وتباعد عنه حتى يسهل بعد ذلك إلصاق التهم به ثم التنكيل به مما يتسبب أيضا في ضغوط من أهالي هؤلاء الشباب للتحلل من التزامهم خوفا عليهم.

وبالجملة فإن كل الذي يوجه إلى شباب الإخوان ومن معهم اليوم كان سيوجه أضعافه إلى كل الشباب الإسلامي، وكل ما توصف به جماعة الإخوان كان سيتهم به الإسلام والمشروع الإسلامي برمته لو كانت كل الفصائل الإسلامية انجرفت خلف الإخوان

وهذا لم يحدث؛ لأن الدعوة السلفية صممت على عدم الانجراف في هذا التيار، ولذلك لم يحدث ما ذكرنا لكل الشباب الإسلامي لمجرد كونه ملتزما وإنما يحدث ما يحدث على خلفية أعمال بعينها كالمظاهرات مثلا والأعمال التخريبية التي صنعت المظاهرات لها مناخا مناسبا، وأوجدت لها تلك المبكاة الموارد البشرية اللازمة من هؤلاء الشباب الذين غلبت العاطفة على عقولهم حتى أصبحوا فريسة للأفكار المنحرفة تقودهم ليكونوا أداة لتخريب بلادهم وهم يعتقدون أن هذا جهاد في سبيل الله.

نعم لا ينكر أحد وقوع مظالم ومخالفات كثيرة وتوسيع دائرة الاتهام والأخذ بالشبهة من بعض أجهزة الدولة وهذا لا يقبله أحد مهما حاول أصحابه تبريره، لكن هل من الحكمة أن نشارك في صناعة مناخ يزيد من هذه المظالم يوما بعد يوم بل يعطى المبررات لاستمرار المظالم وزيادتها أم أن الحكمة والقواعد الشرعية تقتضى العمل على إيجاد مناخ تقل فيه المظالم والمخالفات وتعظم فيه المصالح وتقل فيه المفاسد.

من أجل هذا كله شاركنا وسنشارك في بناء دولتنا لنجنب شباب مصر اليأس والانحراف ولنثبت للجميع أن الإسلام الذي هو دين الدولة ليس مجرد طقوس عبادية لا علاقة لها بالواقع وإنما هو منهج للحياة ولذلك نصت المادة الثانية من الدستور على أن الإسلام دين الدولة وأن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وهذا يلزم المشرع، كما نص على هذا حكم المحكمة الدستورية لسنة85 (يلزم المشرع بالالتجاء إلى أحكام الشريعة الإسلامية وعدم الالتجاء إلى غيرها فإذا لم يجد حكما صريحا فإن وسائل استنباط الأحكام الاجتهادية من الشريعة تمكنه من الوصول إلى الحكم اللازم حتى نصل إلى منظومة قانونية إسلامية متكاملة في إطار القرآن والسنة وأقوال المجتهدين من العلماء الأئمة ).

سنشارك في بناء دولتنا مع علمنا أن البعض من مكونات المشهد السياسي الآن لا تريدنا أن نشارك في بناء دولتنا لتخلو لهم الساحة فينحرفوا بالبلاد في الاتجاه العلماني المتطرف الذي يتسبب لا محالة في التطرف في الاتجاه الآخر اتجاه العنف والتكفير لتدخل الدولة في صراع لا ينتهي إلا بانهيارها، ولذلك فمن أجل أن نحافظ على استقرار دولتنا وبقائها سنشارك في بنائها ولن نتركها تتهاوى في حلبة الصراع المفتعلة بين متطرفي العلمانيين وغلاة الإسلاميين الذين لا يراعى أي منهم المصلحة العليا للبلاد وإنما ينظر إلى مصلحته هو ورؤيته الضيقة حتى لو كان استقرار البلاد ثمنا لها.

ومن المشاركة في بناء الدولة المشاركة الإيجابية في الانتخابات الرئاسية باختيار الأنسب للمرحلة، وكان من وجهة نظرنا المشير السيسي الذي لو جمعنا كلام الإخوان فقط عنه لتبين من كلامهم أنه الأنسب من غيره،ويكفى فقط هذا التصريح من رجل كان أحد المفاوضين عن الإخوان قبل فض رابعة،وهو الدكتور عمرو دراج وهو من قيادات الإخوان والأمين العام للجنة المائة في دستور 2012ووزير التعاون الدولي في حكومة الإخوان وأحد الذين كانوا يتواصلون مع القائمين بجهود الوساطة بين الدولة والإخوان فأنا أترك للقارئ الكريم قراءته وتحليله يقول:

(( إن الوسطاء الدوليين الذين كانوا بيننا وبين النظام الحاكم أخبرونا )):أنه كان في الحكومة والمجلس العسكري طرف مسيطر وغالب رافض للحوار ورافض للتفاهم ويريد حل الموضوع بشكل عنيف وفيه طرف ثان أقلية يسعى للحوار ويسعى للتفاهم ظهر لنا بعد ذلك أنه قد يكون من هذا الطرف البرادعي وزياد بهاء الدين ومن المفارقات أن الوسطاء أخبرونا أن المجلس العسكري أيضا كان فيه أطراف تريد الحوار قالوا لنا إن من هؤلاء السيسي كان يريد الحوار فتعجب المحاور مذيع الجزيرة من كلام الدكتور عمرو دراج، فكرر الدكتور عمرو دراج قائلا كان

الوسطاء يقولون إن هناك في النظام الحاكم اتجاهين اتجاه أقلية يريد أن يصل إلى حل واتجاه أكثرية يفضل ...فقاطعه المذيع قائلا * مين الأقلية التي كانت تريد أن تصل إلى حل ؟؟...

زى مين؟

فرد الدكتور عمرو دراج قائلا: سألت الوسطاء عن المجلس العسكري فقالوا السيسي.

فقال المذيع هذا هو المتطرف ؟؟؟!!!!!! فقال الدكتور دراج (هذا هو المعتدل ).أ.هـ

ألم يكن من الحكمة محاولة التعامل بعقلانية مع أصحاب هذا التصور المعتدل بفتح باب الحوار حتى لا نصل إلى حد تفرض فيه الرؤية العنيفة نفسها ويحدث ما حدث؟

الذي يقف على كلام عمرو دراج هذا وغيره يعلم لماذا دعمنا السيسي في انتخابات الرئاسة فنحن دعمنا الأنسب للمرحلة، وقد نشرت بعض الصفحات المنسوبة لحزب النور وشباب الدعوة السلفية الأسباب التسعة لتأييد المشير عبد الفتاح السيسي المرشح لرئاسة الجمهورية:

1- تعاون مؤسسات الدولة والدولة العميقة ودهاليز الدولة معه لإنقاذ البلاد من حالة الانهيار والحفاظ على مؤسسات الدولة وعدم الدخول في نفق الفوضى.

2- لديه درجة من استقلالية الشخصية وليست له تبعية لأمريكا كغيره فعنده القدرة على المفاوضة والمساومة والعلاقات بالدول الأخرى كروسيا مثلا ...

3- قومي ووطني وذكى وذو كفاءة.

4- لأنه من أفضل المرشحين وأنسبهم لهذه المرحلة.

5- يعلم خطر الشيعة جيدا وأنها قضية أمن قومي.

6- صاحب فرصة فوز كبيرة وليس هناك مصلحة للحزب من عدم دعمه أو دعم غيره.

7- عنده تدين ربما ليس كالتدين من وجهة نظر السلفيين " والذي يصلى خيرا من الذي لا يصلى " وهو يحافظ على الصلاة كما قال أكثر من عاشره.

8- عنده درجة كبيرة من الوفاء في مسألة الشريعة والهوية الإسلامية.

9- ليس له أيديولوجية معادية للإسلام أي ليس ليبراليا ولا علمانيا ولا يساريا ولا معاديا للشريعة ولكن ربما يكون رافضًا لبعض الأفكار عند بعض الإسلاميين.

خلاصة الأمر إن دعمنا للسيسي كان من أجل أن نشارك بإيجابية في استحقاقات بناء الدولة للإسراع للوصول إلى حالة الاستقرار وإيقاف حالة انزلاق الدولة إلى الفوضى التي لو وقعت فيها الدولة لا قدر الله فلن تخرج منها إلا مفتتة مشتتة.

أسأل الله عز وجل أن يحمي بلادنا من كل مكروه وسوء وأن يوفقنا جميعا إلى ما يحب ويرضى .

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com