الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

التعاون السري بين الحركة الصهيونية والنازية!

صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة فلسطين (24)

التعاون السري بين الحركة الصهيونية والنازية!
علاء بكر
الأحد ٢٢ فبراير ٢٠١٥ - ١٥:٤٥ م
1310

صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة فلسطين (24)

(التعاون السري بين الحركة الصهيونية والنازية!)

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فالشائع أن صعود النازية إلى الحكم في ألمانيا قد ارتبط بمعاداةٍ لليهود، تحولت إلى اضطهاد بلغ مداه في معسكرات الاعتقال الألمانية، وقد نجحت وسائل الإعلام اليهودية العالمية في تضخيم هذا العداء، والمبالغة في تقدير ضحاياه، وقد ساعد ذلك على إخفاء حقيقة أخرى سعت الصهيونية العالمية على إخفائها تتعلق بالتعاون المشترك بين الحركة الصهيونية وقتها وبين النازية في ألمانيا، وهو ما تثبته مراجعة الأرشيفات القضائية والمكاتبات الدبلوماسية في تلك الفترة، وهو ما بينته بعض المؤلفات التي عالجت العلاقة بين النازية والصهيونية في مختلف جوانبها، وأظهرت خفايا مذهلة!

ومنها:

- دراسة "ليني برينر" (الصهيونية في عصر الدكتاتوريين)، من منشورات (كوروين هيلم)، لندن - 1983م.

- دراسة "آري بوبير" (إسرائيل الأخرى) من منشورات (أنكر بوكز)، نيويورك - 1962م.

- دراسة "لوسي دافيدو فيتش" (الحرب على اليهود)، من منشورات (بانجوين بوكز) - 1977م.

- دراسة "بن هيكت" (الخيانة) من منشورات (جوليان نيسنر)، نيويورك - 1961م.

- كتاب "آنا ارينت" (ايخمان في القدس) من منشورات (فايكنج برس)، نيويورك - 1955م.

والعديد من المؤلفات الأخرى.

فقد سعت "الحركة الصهيونية" للاستفادة مِن كل الأطراف "ومن أي طرف" منذ مؤسسها "هرتزل" الذي اتصل بكل الأطراف؛ لإقناع كل منها على حدة أن يتعاون معه لمصلحة حركته ومصلحة هذا الطرف إذا ساعده على إيجاد أرض لإقامة الدولة اليهودية، فكانت محاولات "هرتزل" مع البريطانيين والروس والألمان والإيطاليين والعثمانيين، لقد كان هدف الحركة الصهيونية هو تهجير أكبر قدرٍ ممكن من اليهود الألمان والأوروبيين إلى فلسطين، بينما كانت "النازية" تعادي اندماج اليهود في المجتمعات الأوروبية.

ومِن هنا كانت قابلية "التنسيق السري" بين الطرفين، ولكل منهما هدفه:

الهدف الصهيوني: دفع كل مَن يمكن دفعه مِن اليهود إلى فلسطين "خاصة عناصر النخبة اليهودية".

الهدف النازي: التخلص مِن اليهود بكل الوسائل.

لذا لم تهتم الحركة الصهيونية إلا بمن يتجه إلى فلسطين من اليهود الفارين من أوروبا، أما مَن لم تكن وجهته فلسطين؛ فلم تكن تكترث به؛ لذا لم تساهِم الحركة الصهيونية في إنقاذ اليهود المعتقلين أو المهددين منهم بالموت، بل لم تتوان عن التضحية بيهود لتحقيق هدفها، ولقد حاولت بعض الدول الأوروبية مساعدة اليهود الراغبين في الفرار من الاضطهاد النازي، ولم تقبل الحركة الصهيونية نقلهم لغير فلسطين!

ومن أمثلة ذلك:

- سعي الحركة الصهيونية إلى إفشال مؤتمر "أفيان" في فرنسا في عام 1938م بحضور ممثلين عن الكثير من الدول من أجل إنقاذ اليهود من الاضطهاد بنقلهم إلى بلدان آمنة.

- رفضها اقتراح جمهورية الدومينيك باستقبال 100 ألف لاجئ يهودي.

- رفضها اقتراح بنقل 300 ألف يهودي، نصفهم إلى بريطانيا، والآخر إلى أمريكا، رغم موافقة الدولتين على ذلك.

- رفضها لنقل عشرات الآلاف من اليهود إلى النرويج بعد أن أقر البرلمان النرويجي قانونًا بالسماح باستقبالهم.

كان الهدف واضحًا أنه لا سبيل لإنقاذ اليهود إلا بالهجرة إلى فلسطين!

يقول "بن جوريون" في تصريح له عام 1938م: "لو علمتُ أنه يمكن إنقاذ كل الأطفال اليهود الألمان بنقلهم إلى إنجلترا، أو إنقاذ نصفهم فقط بنقلهم إلى أرض إسرائيل لفضلت الحل الثاني على الأول وأخذت به" (راجع في ذلك: "تاريخ المسألة الفلسطينية: ص 135-136").

ومع ذلك سلكت أعداد كبيرة من اليهود طريق الهجرة إلى الدول التي فتحت أبوابها لهم، و منها روسيا وأمريكا.

قضية الباخرة "باتريا":

غرقت هذه الباخرة بكل ركابها وطاقمها أمام ميناء "حيفا" في نوفمبر 1940م، حيث كانت تحمل 252 يهوديًّا أنقذتهم بريطانيا من الألمان، وقبِلوا الانتقال إلى جزيرة موريس في المحيط الأطلنطي، وتوقفت في طريقها في ميناء حيفا بفلسطين، وإذا بها تنفجر وتغرق بمن فيها، وارتفعت أصوات اليهود زاعمة أن يهود هذه الباخرة فجروا أنفسهم في انتحار جماعي احتجاجًا على عدم السماح لهم بالنزول في فلسطين، واستغلت الحركة الصهيونية غرق هذه الباخرة إلى أبعد الحدود للضغط على الرأي العام الدولي لحمل بريطانيا على التراجع عن تحديدها للهجرة اليهودية إلى فلسطين، وحمل أمريكا على الضغط على بريطانيا في نفس الاتجاه، وبعد عقد من الزمان في عام 1950م، اتضحت الحقيقة أن تفجير السفينة كان مِن فعل الحركة الصهيونية، بموجب قرار صادر من منظمة "هافانا" التي كان يرأسها "بن جوريون"؛ لتحقيق هدف سياسي وهو فتح باب الهجرة اليهودية إلى فلسطين بلا قيود (راجع في ذلك: "المسألة الفلسطينية: ص 57").

يقول الأستاذ "فيصل أبو خضرا" تعليقًا على هذه الميكيافلية الصهيونية: "فمن يفعل ذلك هل يتردد أمام دير ياسين؟ وهل يتردد أمام كل ما جنت يداه في فلسطين وما حولها؟!".

ومما تم اكتشافه رسالة في أرشيفات السفارة الألمانية في أنقرة في مطلع 1983م تشير إلى وجود اتصالات بين منظمة "شترن" الصهيونية ومسئولين نازيين ألمان بهدف التنسيق بينهما، وفيها عروض للتعاون واردة من "إسحاق شامير" أحد قادة منظمة "شترن" -وكان اسمه وقتها "إسحاق يرتشينسكي"- تركز على إمكانية التقاء المصالح بين إقامة نظام أوروبي جديد وفقـًا للمفاهيم الألمانية وبين تطلعات منظمته.

وفي أثناء محاكمة المسئول النازي الكبير "آيخمان" في إسرائيل كشف في عام 1955م عن صورة مِن صور هذا التعاون، وهو ما ذكرته "آنا أرينت" في كتابها الصادر في نفس السنة، حيث تعهد "رودلف كاستنر" نائب رئيس المنظمة الصهيونية أثناء الحرب العالمية الثانية بنقل 476 ألف يهودي من معتقلاتهم المختلفة إلى معتقل "أوشويتز"، ونفذ ما تعهد به مقابل تعهد "آيخمان" بإرسال 1684 من النخبة اليهودية إلى فلسطين "وأوشويتز: هو معسكر الاعتقال في أوشويتز في بولونيا، الذي كان يضم غرف الغاز، وهو رمز القتل الجماعي الذي مارسته النازية بصورة خاصة ضد البولونيين واليهود" (المصدر السابق: ص 56-57).

قال الأستاذ فيصل أبو خضرا تعليقًا: "هذه هي الميكيافلية الصهيونية في أغرب صورها، فمن يفعل ذلك مع مئات آلاف يهود لقاء مساهمة بسيطة في بناء الدولة اليهودية فماذا تنتظر أن يفعل معنا نحن العرب؟!".

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة