الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

المؤتمر الاقتصادى ومسئولية المواطن

كما يسعى الجميع إلى نيل حقوقه والمطالبة بها، فعليه أن يدرك واجباته وحجمها

المؤتمر الاقتصادى ومسئولية المواطن
عماد المهدي
السبت ١٤ مارس ٢٠١٥ - ١٢:٢٣ م
1491

المؤتمر الاقتصادى ومسئولية المواطن

كتبه/ عماد المهدي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

درج الرأي العام على أن ينظر إلى الحديث في الاقتصاد الوطنى على أنها شأن من شئون الحكم والإدارة، وأن السلطة سواء تمثلت في رئاسة الدولة أو الحكومة أو البرلمان أو حتى المحليات هي المعنية بهذه القضايا وأن مسئولية المواطن مجرد التعامل مع ما تقرره هذه الجهات من سياسات وما تصدره من قرارات ذات صلة. ولكن هذا الرأي وإن كان صالحا في زمن مضى، إلا أنه لم يعد ملائمًا لهذه المرحلة التي تعيشها مصر اليوم، ليس فقط نتيجة لما شهدته مصر على مدار الأعوام الأربعة الماضية من حرك مجتمعي وتزايد حضور المواطن في المجال العام، وإنما نتيجة لإدراك السلطة الحاكمة وخاصة رئاسة الدولة بأن المسئولية في العبور إلى المستقبل لم تعد قضية دولة بقدر ما هي قضية مشتركة تتحملها كل من الدولة بأجهزتها والمجتمع بمؤسساته.

وتأتى مناسبة هذا الحديث مع انعقاد المؤتمر الاقتصادي الذى تستضيفه مدينة شرم الشيخ خلال الفترة 13-15 مارس الجاري (2015، حيث يتركز الحديث عن أهمية هذا المؤتمر وجدواه ومردوداته الإيجابية على الاقتصاد الوطني، وانعكاسات كل ذلك على استكمال استحقاقات الثورة المصرية بموجتيها الأولى والتصحيحية.

ولكن، رغم أهمية هذا الحديث الذى ملأ شاشات الفضائيات وامتلأت به صفحات الجرائد والدوريات العلمية العامة والمتخصصة، إلا أنه يظل حديثا موتورا لا يستعرض الرؤية الكلية والشاملة بشأن ضمانات نجاح هذا المؤتمر وآليات تنفيذ مخرجاته.

فلم أسمع لقاءًا يتحدث إلا عن مسئوليات الدولة وأجهزتها في تنظيم هذا المؤتمر ونجاحه، ولم أقرأ مقالًا أو تحليلًا يتحدث إلا عن الدور المنوط برجال الاقتصاد والإدارة والمؤسسات العامة والخاصة في كيفية المشاركة في هذا المؤتمر وصور هذه المشاركة وطبيعتها.

في حين أن الحقيقة المبتغاة من هذا المؤتمر هي المواطن المصري، فحينما نسعى إلى نجاح هذا المؤتمر، نستهدف تحقيق صالح المواطن وتطلعاته، وكذلك حينما نسعى إلى الخروج بنتائج إيجابية عن المؤتمر، إنما نستهدف تحقيق طموحات المواطنين وآمالهم.

ولذا، فإنني أرى أنه إذا كانت هناك مسئولية تقع على الدولة في تحويل ما سينتهى إليه المؤتمر من خطط وبرامج واتفاقات وتوصيات، إلا أن هناك مسئولية أيضا تقع على عاتق المواطن المصري.

صحيح أن دور الدولة ومؤسساتها وأجهزتها معلوم للجميع في كيفية البناء على ما سينتهى إليه هذا المؤتمر، فمن المنتظر أن يتم تشكيل لجنة وزارية رفيعة المستوى تقوم بتذليل كافة العقبات والعراقيل التي يمكن أن تمثل عائقا أمام المستثمرين الوطنيين والأجانب، مع تقديم كافة التسهيلات والتيسيرات المطلوبة. إلا أن التساؤل الأوجب في هذه الحالة، ما هو دور المواطن ومسئوليته في هذا الصدد؟

ولا شك أن الإجابة على هذا التساؤل، تستوجب الإشارة إلى نقطتين:

الأولي، أن يعضد المواطن من أزر مؤسسات الدولة فيما تنتهجه من سياسات وما تتخذه من إجراءات، وخاصة المؤسسات ذات الصلة المباشرة بتنظيم المؤتمر وتحديدًا وزارات الاقتصاد والاستثمار، وكذلك وزارتي الإعلام والداخلية. 

فعندما يقدم المواطن صور سلبية من السلوك في تعامله مع قضايا وطنه، ينعكس ذلك بالأثر السلبى على نجاح هذا المؤتمر، بمعنى أكثر وضوحا ودقة أين دور المواطن مما يشاع في المجتمع وينتشر من أخبار كاذبة تهدف إلى نشر روح اللامبالاة والفوضى بين ربوع الوطن؟ فهل من المسئولية الوطنية أن يكرر المواطن مثل هذه الأكاذيب والافتراءات التي تحاول بعض الجهات الممولة من الخارج أن تبثها لترسيخ روح الهزيمة والفشل؟ ألم يعِ المواطن حجم المخاطر والتهديدات التي تحيط بالدولة المصرية في المجالات كافة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا؟ ألم يعِ المواطن بحجم المؤامرات التي تستهدف أمننا واستقرارنا؟

الثانية، أن يعى المواطن أن عقد مثل هذا المؤتمر يمثل قضية حياة أو موت لاستكمال استحقاقات ثورتنا على البطالة والفقر والتخلف والجهل .صحيح أن المؤتمر لا يملك العصا السحرية التي تحل كافة مشكلاتنا، ولكنه يمثل خطوة على الطريق، يجب أن تليها خطوات أخرى تبنى على ما حققته هذه الخطوة، وإلا لن نتحرك قيد أنملة وسنظل في مكاننا نراهن على مساعدات من هنا، وإعانات ودعم من هناك .فأيهما أكثر فائدة للدولة وللمجتمع أن نقيم اقتصادنا على قروض وإعانات من المؤسسات الدولية والدول الصديقة أم ترتكز حركتنا في المجال الاقتصادى على رؤوس أموال تُستثمر فيما نمتلكه من ثروات وموارد طبيعية وبشرية واقتصادية؟

ما نود قوله إن انعقاد المؤتمر الاقتصادى رغم أهميته القصوى للنهوض بأوضاعنا الاقتصادية وتغيير واقعنا الاجتماعي والولوج إلى المستقبل على أسس سليمة، إلا أنه يظل بمثابة نقطة محورية في طريقة تفكيرنا نحو المستقبل، هل نحن – بحق- لدينا رؤية لبناء دولة عصرية قوامها اقتصاد قوى، وقوى عسكرية متطورة، ورؤية سياسية رصينة، وقوة بشرية لديها المهارات والكفاءات القادرة على الخروج من عنق الزجاجة أم سيتم تنظيم هذا المؤتمر وينتهى دوره مع فض فعاليته، كأنه مجرد جلسات وحوارات ولقاءات يربح فيها من أدرك حسابات اللحظة ومتطلباتها، وخسر فيها من يفتقد إلى المهارات والخبرات المطلوبة؟ والإجابة على هذا السؤال معقودة على مدى فهم المواطن لدوره ولمسئولياته، فكما يسعى الجميع إلى نيل حقوقه والمطالبة بها، فعليه أن يدرك واجباته وحجمها.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة