الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

حتى لا يتأخر النصر

العبودية- الثبات على المنهج- إنكار الذات والحذر من التنافس على شيء من متاع الدنيا- الحب والأخوة في الله

حتى لا يتأخر النصر
محمد سرحان
الثلاثاء ٢٤ مارس ٢٠١٥ - ١١:٣٠ ص
1161

حتى لا يتأخر النصر

كتبه/ محمد سرحان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإن الله عز وجل وعد بنصر دينه ورفعته ، قال تعالى :{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33] .

وجعل من سنته تبارك وتعالى أن يتنزل نصره على الطائفة المؤمنه التي تستحق أن ينصرها الله تعالى ، وجعل لهذا النصر أسبابًا كلما أخذت بها الطائفة المؤمنة كلما قرب النصر ، وكلما قصرت فيها كلما تأخر النصر ، ومن هذه الأسباب :

1-               العبودية :

فكلما كانت الطاعة والامتثال لأمر الله والانتهاء عن نهيه ، وكلما صلحت القلوب وزكت النفوس كلما قرب النصر ، قال تعالى :{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55] ، وفى غزوة بدر كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ويتضرع إلى ربه تبارك وتعالى حتى أشفق عليه أبوبكر رضي الله عنه ، وكان صلاح الدين – في معركة حطين - إذا سمع ضحكًا ومزاحًا في خيمة قال : من هنا تأتى الهزيمة ، وكان الفاروق رضى الله عنه إذا أرسل جيشًا يحذرهم من الذنوب فإنها سبب الهزيمة .

 وروى في بعض الكتب المتقدمة في وصف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أناجيلهم  في صدورهم ( أي يحفظون الكتاب المنزل على نبيهم صلى الله عليه وسلم )، يقومون به بالليل ، ويجاهدون من أجل رفعته بالنهار "، فالتخطيط والترتيب وبذل الجهد المادي لابد منه ، لكن وحده لا يأتي بنصر ، وإنما تكون الثمرة طيبه حينما يصاحب ذلك القيام والصيام والذكر والعبودية ، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في بدر - على سبيل المثال -: يعد الجيش ويجهزه ، ويقوم بالليل يصلي ويتضرع .

2-               الثبات على المنهج :

 فإن التفريط في المنهج تفريط في النصر ، وإنما بمدى التمسك بالدين والعض عليه بالنواجذ تنتصر الأمة ؛ كما قال عبدالله بن رواحه وثابت بن أرقم وغيرهم : إننا لا ننتصر بعدة ولا عتاد ، وإنما ننتصر بهذا الدين ،  وقد بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :" فإنه من يعش بعدى فسيرى اختلافاً كثيراً ؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدى ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلاله ..." فتأمل قول رسول الله : عضوا عليها بالنواجذ أي تمسكوا بها تمسكاً شديداً ، واحذروا ما يخالف ذلك .

3-               إنكار الذات والحذر من التنافس على شيء من متاع الدنيا :

 فكلما دخلت حظوظ النفس ، أو الشهرة ، أو إرادة متاع الدنيا أو شيء منها ، أو الرياء والسمعة ، أو الرياسة ، أو محبة المحمدة والثناء ، فإن ذلك  يعنى الهزيمة ، وانظر في أي معركه خسر فيها المسلمون ستجد سبب الهزيمة أحد هذه الأسباب ، وضع هذا الحديث منك على بال :" ليس الفقر أخشى عليكم ، ولكن أخشى عليكم أن تفتح عليكم الدنيا ، فتنافسوها كما تنافسها من قبلكم ، فتهلككم كما أهلكتهم "، فكم نصر الله بعبد تقي خفي لا يعرفه أحد ولا يؤبه له ، قال صلى الله عليه وسلم :" رب أشعث أغبر ذي طمرين ، تنبو عنه أعين الناس ، لو أقسم على الله لأبره "، وفى رواية :" مدفوع بالأبواب لا يؤبه له " .

فلا يهم أنت في القيادة أم في العامة ، المهم أن تبذل لله ، وتعمل له ، وتخلص له ، تبذل ما تستطيع ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" طوبى لعبد أخذ بعنان فرسه في سبيل الله ، أشعث رأسه ، مغبرة قدماه ، إن كان في الحراسة كان في الحراسة ، وإن كان في الساقة كان في الساقة ، إن استأذن لم يؤذن له ، وإن شفع لم يشفع ".

4-               الحب والأخوة في الله :

فإنه كلما تآلفت القلوب كان للأعمال أثر ، وكلما تنافرت ضاع الأثر ، قال تعالى :{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46] .

هذه بعض الأسباب لا كلها ، ونسأل الله تعالى أن يعز الإسلام وينصر المسلمين ويعلي راية الدين .

وصلي الله وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً