الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

التعليم والإعلام ومسئولية الدولة

إن جهود محاربة الإرهاب أهمها الحفاظ على الثوابت ومحاربة فكر التكفير بإثبات محافظة الدولة رئيسًا ومؤسسات على الهوية الإسلامية العربية، كما ينص عليها الدستور ومحاسبة من يخالفها و يسعى لهدمها

التعليم والإعلام ومسئولية الدولة
ياسر برهامي
الخميس ٢٦ مارس ٢٠١٥ - ١٧:٢٩ م
2628

التعليم والإعلام ومسئولية الدولة

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فاجأتنا وزارة التربية والتعليم بنشر تعديلات لمناهج التاريخ في سنوات مختلفة من التعليم الأساسي، كان مِن أعنفها حذف قتال النبي صلى الله عليه وسلم ليهود بني قريظة بعد غدرهم ونقضهم معاهدة المدينة، وحذف جزءٍ مِن قصة عقبة بن نافع فاتح إفريقية، وصلاح الدين الأيوبي مُحَرِّر القدس والمسجد الأقصى وقاهر الصليبيين؛ كل ذلك بعلة واضحة من وزير التعليم ومستشاريه الخبراء في الوزارة، هي أن هذه الأجزاء والأحداث التاريخية تُحرِّض على العنف والقتل، ونحن بحاجة إلى من يدعو إلى التصالح و السلم.

و بادئ ذي بدء، نسأل:

هل مِن حقِّ وزارة التعليم المصرية أن تُغيِّر تاريخ الأمة الإسلامية لما تتوهمه من أمور؟

وأشد من ذلك، هل من حقِّها، أو من حق أي أحد، أن يُغيِّر سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأنها تحض على العنف المذموم والقتل؟ هل وصلت الجرأة بهم إلى أن يحذفوا ما نطق به القرآن؟ أشك أنهم -وعلى رأسهم الوزير-  يعرفون أن قتل مقاتلي بني قريظة وسبي نسائهم وذراريهم مذكور في القرآن نصًّا، قال تعالى في سورة الأحزاب : " وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى? كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ".

هل سنجد أحدًا في يوم من الأيام يُطالب بتعديل القرآن كما يُطالب به كفار الغرب؛ لأنه يحضُّ على العنف و القتل؟

ألا تفكرون في أثر حذف كل من كان من أسباب عزة الأمة وكرامتها ونشر نور الإسلام في العالم، بل هو الذي أسس هذه الأمة العربية في الحقيقة، فهل كانت دول شمال أفريقيا قبل الفتح الإسلامي دولًا عربية أو مسلمة؟

فهل هذا جزاء عقبة -رحمه الله تعالى- أن كسر الله به الطواغيت التي كانت تصد الناس عن توحيد الله وعبادته فدخل الناس طواعيةً واختيارًا في الإسلام دين الحق بعد أن دخل نوره قلوبهم؟

هل نسيتم يا قوم أن خاتم شعار الجمهورية هو نسر صلاح الدين الذي حرر مصر أولًا من سلطان الشيعة الباطنية أعوان الصليبيين، ثم حرر بيت المقدس من سلطانهم، وحرر المسجد الأقصى بعد أن اتخذوه مزبلة ومكانًا للنجاسات –تمامًا- كما فعل الفرنسيون في الأزهر لما جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر؟

هل تريدون أن تنقلوا إلى أجيالنا القادمة أنه لا قتال مع أعداء الأمة ولو كانوا محتلين لبلادنا ومقدساتنا؟

هل تريدون أن تغيروا "العقيدة القتالية" عند جنود المستقبل من أن أعداءهم الحقيقيين هم اليهود المغتصبين لبلادنا و المسجد الأقصى، وما يعاونهم من الكذب؟

إذًا: قد نجح الغرب فيما يريده من صناعة تنظيم "داعش" بالاشتراك مع إيران، وهو تشويه صورة الإسلام وتحويل كل الجهود نحو قتال هؤلاء المتوحشين إلى أن ينسى أبناء الإسلام والعرب أن لهم أرضًا مُحتلة ووطنًا مُدنَّسًا ومقدسات في أيدي الأعداء، بل ينسوا أصلًا أن هناك معنى للتضحية والقتال في سبيل الله؛ لإعلاء كلمة الله في الأرض واسترداد الحقوق المغتصبة؛ لأن ذلك من العنف والقتل.

هل تدرون يا خبراء وزارة التعليم أنكم تذمون فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الثابت في القرآن، وتذمون ما مدحه الله في القرآن؟!

أظن أن مسئولية الدولة عن وزرارة التعليم يستحيل أن ينفيه أحد أو يدَّعي أنها خارج السيطرة، خاصة أن السلطة التشريعية والرقابية للبرلمان غائبة، وستبقى مدة من الزمن كذلك؛ فهي في يد رئيس الجمهورية الذي نطالبه -بحكم مسئوليته التنفيذية والتشريعية- باستدراك الأمر قبل أن يستفحل وقبل أن نجد من يذم القرآن والرسول -صلى الله عليه وسلم- صراحةً، ويُطالب بتعديل الكتاب و السنة.

ونُطالب رئيس الوزراء بصفته مسئولًا عن وزارة التعليم بإعادة الأمور إلى نصابها؛ فإن فلسفة التغيير الذي حدث مُعلنة وليست خفية ومُصرَّح بها وليست مستنتجة منا ولا بتحليلات أو تكهنات.

وهناك للرئيس ولمجلس الوزراء وللنيابة العامة مسئولية أهم وأخطر في مسألة الإعلام؛ فقد أقسمتم جميعًا على حماية الدستور وحماية الدولة، وأنتم تتركون قنوات فضائية تعمل يوميًّا من خلال منهج مدروس –مُعلن أيضًا- على هدم ثوابت الأمة؛ فالدستور ينصُّ على مرجعية الشريعة الإسلامية، وهناك من يقول صراحة أنه "يهتك عرض التراث" ويطالب بحرق كتب التفسير، ويطعن في المعلوم من الدين بالضرورة والإجماع.

وقد بدأنا في جمع موضوعات الشبهات المطروحة فإذا هي مقسمة على كل أبواب الشريعة، وهي عشرات الموضوعات ومئات الشبهات حول العقيدة والفقه والتفسير والحديث وأصول الفقه والمصطلح والسياسة الشرعية ومصادر التشريع وقواعد اللغة التي وصفها أحدهم –بأنها كلام عبيط– والسيرة والتاريخ والرموز الإسلامية، ابتداءً من الصحابة وأمهات المؤمنين والأئمة الأربعة الذين وصفهم أحدهم بالمجانين، والبخاري ومسلم وأئمة الحديث، فضلًا عن ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب، وانتهاءً بالأزهر الذي وصفه أحدهم أنه عاصمة الإرهاب في العالم، أما الرموز السلفية فلهم أكبر نصيب من الطعن والشتم والاتهام بأبشع الأوصاف؛ فمصر إذًا التي ينص دستورها على مرجعية الأزهر في الشئون الإسلامية هي دولة إرهابية صراحة؛ لأن مرجعيتها عاصمة الإرهاب، هل هذا ضمن حرية الرأي؟ هل تشمل حرية الهدم و التخريب لكل الثوابت؛ فلا تفسير ولا حديث ولا إجماع ولا معلوم من الدين بالضرورة ولا فقهاء ولا محدثين ولا أزهر ولا علماء؟ ماذا بقي من الشرع ثم التصريح بعدم وجوب الإيمان بالرسول (صلى الله عليه وسلم) والقرآن لدخول الجنة؟ ماذا بقي من الدين بعد كل هذا؟ أليست حماية أجيال الأمة من هذا التدمير المتعمد للشخصية المسلمة من مستويات الدولة بسلطاتها المختلفة؟

أمام النائب العام بلاغات عديدة متعلقة بهذا الأمر، مسئوليتكم جميعًا حماية الأمة، مسئوليتكم سعادة رئيس الجمهورية ضمن جهودك للحفاظ على كيان هذه الدولة بل هي من أهمها مسئولية مجلس الوزراء وعلى رأسه رئيس الوزراء، مسئولية السلطة القضائية، إن جهود محاربة الإرهاب أهمها الحفاظ على الثوابت ومحاربة فكر التكفير بإثبات محافظة الدولة رئيسًا ومؤسسات على الهوية الإسلامية العربية، كما ينص عليها الدستور ومحاسبة من يخالفها و يسعى لهدمها.

ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة