الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

التسبيح.. بين القول والعمل

نحتاج لتفصيل منهجنا وإظهار محاسن شرعتنا حتى يكون الدين كله لله

التسبيح.. بين القول والعمل
نور الدين عيد
الثلاثاء ٣١ مارس ٢٠١٥ - ١٣:٠١ م
1456

التسبيح.. بين القول والعمل

كتبه/ نور الدين عيد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا هو أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ وبعد:
فإن التسبيح: هو تنزيه الله تعالى. وأَصله المَرُّ السّريع في عبادة الله. وجُعِل لك في فعل الخير؛ كما جعل الإِبعاد في الشرّ، فقيل: أَبعده الله.
وجعل التَّسبيح عامّاً في العبادات، قولاً كان، أَو فعلاً، أَو نِيّة. وقوله - تعالى -: {فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} قيل: من المصلِّين. والأُولى أَن يُحمل على ثلاثها والتَّسبيح ورد في القرآن على نحو من ثلاثين وجهاً. ستَّة منها للملائكة، وتسعة لنبينّا محمّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأَربعة لغيره من الأَنبياء، وثلاثة للحيوانات والجمادات، وثلاثة للمؤمنين خاصّة. وستَّة لجميع الموجودات. قاله الفيروزأبادي في البصائر .

وقال شيخ الإسلام ابْنُ تيمية: "الأمْرُ بِتَسبيحِه يقتضي أيضًا تنزيهَه عن كُلِّ عيبٍ وسُوء وإثباتَ صفاتِ الكَمال له؛ فإنَّ التَّسبيحَ يقتضي التنزيهَ والتَّعظيمَ، والتَّعظيمُ يَستلزِمُ إثباتَ المَحامِد التي يُحمَد عليها، فيقتضي ذلك تنزيهَه وتَحميدَه وتكبيرَه وتوحيدَه".
فهذا التسبيح يدخل فيه كل صفات الكمال والجمال وينفي عنه جل وعلا كل صفات النقص والسوء؛ وأهل السنة هم أتم الناس تنسكا وأعلمهم بالله خالقهم؛ فتسبيحه سبحانه ? يقتصر على الاتقاد والقول فحسب بل العمل على تنزيهه وتنزيه شرعه .
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في معنى التسبيح: "سبِّحه بِما حمِد به نفسَه، إذْ ليس كلُّ تسبيح بِمحمود، كما أنَّ تسبيح المعتزلة يقتضي تعطيلَ كثيرٍ من الصِّفات" اهـ.

فأهل البدع قد وضعوا الشبهة موضع الدليل؛ فظنوا تنزيه الله تعطيلا لصفته ونفيا لاسمه وفعله؛ فأنى لهم بمناجاة من جهلوا صفته واسمه وفعله؟؟!!
فهؤلاء لابد أن ينزه الرب عن بدعتهم والشرع عن تحريفهم؛ وإن كان ذلك مستلزما للطعن فيهم والتحذير منهم صيانة للشرع وتنزيها للرب .
فكم من خطأ وبدعة نسبت للشرع بفعل منتسبيها فصارت حرباً على الإسلام وأهله وسيفاً يقطع به ألسن الدعاة؛ فكلما رفعت أصوات الدعاة ووصلت إلى مسامع الناس كلما أخرج المنافقون والصادون عن سبيل الله بدعا وأقوالا وأفعالا يعيرون بها أهل الإسلام وينفرون الناس عن دين الله بها؛ فيلزم رد هذا الخطأ وهذه البدعة على قائلها صيانة لدين الله؛ لا استجابة للطاعنين؛ ولا انهزاما يورث التنازل عن ثوابت الدين فإنه أعظم الفرى وأخطر المنازل وأقبحها أن تدفع عن نفسك فتحرف دين الله عزو جل .

فمن تسبيحه سبحانه: إبصار مآلات الأمور التي تنسب للشرع وليست منه؛ حتى لا يقال أهذا هو الله الذي يعبدون؟؟ أهذا هو الإسلام الذي به يتدينون؟؟ أهذا هو الرسول الذي يتبعون؟؟ أهؤلاء هم المسلمون الموحدون؟؟

فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أوذي أشد الإيذاء من المنافقين مؤامرة وسبا وتخذيلا وتشويها وطعنا حتى أصابوا عرضه الشريف صلى الله عليه وسلم وهو يعلم أعيانهم وأخبره الله بمكائدهم فلما أن كثر طعنهم استأذن عليه أصحابه في قطع رأسهم عبد الله بن أبى بن سلول؛ كما روى عمرو بن دينار عن جابر بن عبدالله يقول:
كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزاة، فكسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار! وقال المهاجري: يا للمهاجرين! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"ما بال دعوى الجاهلية؟!"، قالوا: يا رسول الله! كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال: "دعوها؛ فإنها منتنة" قال جابر: وكانت الأنصار حين قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر، ثم كثر المهاجرون بعد، فسمعها عبد الله بن أبيّ فقال: قد فعلوها؟! لئن رجعنا إلى المدينة ليُخْرِجنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ! قال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال: "دعه؛ لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه"  متفق عليه.

فمراعاة مصلحة الإسلام يا مسلمون أولى من كل اعتبار؛ هذا رسول رب العالمين زاد عليه البلاء من هؤلاء المنافقين ولم ينتقم لنفسه حتى لا يقال أن نبي الإسلام يقتل أصحابه؛ فإن القوم لا يستطيعون تفريقا بين الصحابي والمنافق؛ فيكون هذا الصنيع صيانة للدين من كل مايشينه ويقبحه في أعين المدعوين؛ وكذا عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "لولا قومك حديث عهد بجاهلية لأمرت بالبيت فهدم فأدخلت فيه ما أخرج منه" متفق عليه .

فنحن اليوم في مجتمع المسلمين يفعل واحد فعلة ويلصقها بالإسلام والمسلمين؛ وتنحو جماعة من الناس منحى تنسبه لدين رب العالمين على جهل وبدعة وضلال؛ فإذا قام محتسب يذب عن دين ربه نسبوه للعمالة تارة وللخيانة أخرى وللخور والجبن دوما ثم تكفير واستحلال لدمه وماله وعرضه .
سكوت العلماء عن هذه البدع والانحرافات تصيرها دينا عند الناس بإقرارهم وعدم إنكارهم، ماذا لو صار منهج الشيعة في أعين الناس هو الإسلام؟؟ أو الخوارج وذبحهم الموحدين هو دين الملك العلام؟ أو الزنادقة المشككين هو الحنيفية؟؟

فمن لدين الله؟؟ يدفع عنه انتحال المبطلين وبدع المبتدعين وانحراف الغالين؟؟!!! قوموا بواجبكم أيها العلماء و? تكتموا البيان (لتبييننه للناس و? تكتمونه) قال عليه الصلاة والسلام (الدين النصيحة).

سبحانك شرعت فأحكمت وعدلت فأقسطت؛ ما أحكمك وما أعدلك وما أرحمك وما أكرمك .
نحتاج لتفصيل منهجنا وإظهار محاسن شرعتنا حتى يكون الدين كله لله. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com