السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

فتشبهوا بهم.. الحسن البصري رحمه الله

من القلائل الذين أجرى الله الحكمة على ألسنتهم فكان كلامه يشبه كلام الأنبياء

فتشبهوا بهم.. الحسن البصري رحمه الله
سالم أبو غالي
الاثنين ٠١ يونيو ٢٠١٥ - ١٠:٥١ ص
1380

فتشبهوا بهم.. الحسن البصري رحمه الله

كتبه/ سالم أبو غالي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

نحن اليوم مع رجل قال فيه ابن سعد "صاحب الطبقات الكبرى": كان رحمه الله جامعا، عالما، رفيعا، فقيها، ثقة، حجة، مأمونا، عابدا، ناسكا، كثير العلم، فصيحا، جميلا، وسيما. هو سيد أهل زمانه علماً وعملاً ، جمع الله له من كلفن من علم وزهد وورع وعبادة.

 

من القلائل الذين أجرى الله الحكمة على ألسنتهم فكان كلامه يشبه كلام الأنبياء.

 

هو التابعى الجليل أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار البصري. ولد الحسن في أواخر خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالمدينة، وأبوه مولى زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه، وأمه خيرة مولاة أم سلمة زوج النبي، قد كانت أمه ربما غابت في حاجة فيبكي فتعطيه أم سلمة رضي الله عنها ثديها تعلله به إلى أن تجيء أمه فدر عليه ثديها فشربه فيرون أن تلك الحكمة والفصاحة من بركة ذلك.

نشأ في الحجاز بين الصحابة، ورأى عدداً منهم وعاش بين كبارهم، مما دفعه إلى التعلم منهم، والرواية عنهم، وحضر الجمعة مع عثمان بن عفان وسمعه يخطب، وشهد يوم استشهاده يوم تسوَّر عليه قتلته الدار، وكان عمره أربع عشرة سنة.

وفي سنة 37 ه انتقل إلى البصرة، فكانت بها مرحلة التلقي والتعلم، حيث استمع إلى الصحابة الذين استقروا بها، وفي سنة 43 ه عمل كاتبا في غزوة لأمير خراسان الربيع بن زياد الحارثي لمدة عشر  سنوات، وبعد رجوعه من الغزو استقر في البصرة حيث أصبح أشهر علماء عصره ومفتيها حتى وفاته.

يقول قتادة: "ما جمعت علمه إلى أحد العلماء إلا وجدت له فضلا عليه، غير أنه إذا أشكل عليه كتب فيه إلى سعيد بنا لمسيب يسأله، وما جالست فقيها قط إلا رأيت فضل الحسن". سُئل أنس بن مالك عن مسألة فقال: سلوا مولانا الحسن، قالوا: يا أبا حمزة نسألك، تقول: سلوا الحسن؟ قال: سلوا مولانا الحسن. فإنه سمع وسمعنا فحفظ ونسينا. وقال أيضاً: إني لأغبط أهل البصرة بهذين الشيخين الحسن البصري ومحمد بن سيرين.

كان رضي الله عنه وأرضاه باحثاً عن الجنة مشمراً لها، قال عوف: ما رأيت رجلا أعلم بطريق الجنة من الحسن، وخائفاً من النار حاذراً منها. عن حفص بن عمر قال: بكى الحسن فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: أخاف أن يطرحني غداً في النار ولا يبالي. جاء فى الأثر عن خالد بن صفوان، قال: لقيت مسلمة بن عبد الملك فقال: يا خالد، أخبرني عن حسن أهل البصرة؟ قلت: أصلحك الله، أخبرك عنه بعلم، أنا جاره إلى جنبه، وجليسه في مجلسه، وأعلم من قبلي به: أشبه الناس سريرة بعلانية، وأشبهه قولا بفعل، إن قعد على أمر قام به، وإن قام على أمر قعد عليه، وإن أمر بأمر كان أعمل الناس به، وإن نهى عن شيء كان أترك الناس له، رأيته مستغنياً عن الناس، ورأيت الناس محتاجين إليه، قال: حسبك، كيف يضل قوم هذا فيهم !!توفي بالبصرة مستهل رجب سنة عشر ومائة رضي الله عنه وكانت جنازته مشهودة.

قال حميد الطويل توفي الحسن عشية الخميس وأصبحنا يوم الجمعة ففرغنا من أمره وحملناه بعد صلاة الجمعة ودفناه فتبع الناس كلهم جنازته واشتغلوا به فلم تقم صلاة العصر بالجامع ولا أعلم أنها تركت منذ كان الإسلام إلا يومئذ لأنهم تبعوا كلهم الجنازة حتى لم يبق بالمسجد من يصلي العصر. وأغمي على الحسن عند موته ثم أفاق فقال لقد نبهتموني من جنات وعيون ومقام كريم. وقال رجل قبل موت الحسن لابن سيرين رأيت كأن طائرا أخذ أحسن حصاة بالمسجد فقال إن صدقت رؤياك مات الحسن فلم يكن إلا قليلا حتى مات الحسن.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة