الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل -34

اغتيال (الكونت برنادوت)

صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل -34
علاء بكر
الخميس ٠٤ يونيو ٢٠١٥ - ١١:٣٧ ص
1466

صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل (34)

اغتيال (الكونت برنادوت)

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فيُعد اغتيال الوسيط الدولي "الكونت برنادوت" المبعوث مِن الأمم المتحدة عقب نشوب حرب 1948م على يد العصابات الصهيونية في فلسطين أحد فضائح الصهيونية الدالة على الاستخفاف الصهيوني بهذه المنظمة الدولية مِن بدايات إعلان قيام دولة إسرائيل.

وكانت منظمة الأمم المتحدة قد عينت "الكونت برنادوت" وسيطًا لها بين العرب وإسرائيل؛ لحل النزاع القائم بينهما في أعقاب الاقتتال في مايو 1948م بيْن الجيوش العربية والعصابات الصهيونية وقرار مجلس الأمن بالهدنة الأولى بين الطرفين، ولما لم تجد مقترحات الوسيط الدولي قبولاً؛ استأنف الطرفان القتال، وأعقب ذلك الهدنة الثانية استجابة لطلب الوسيط الدولي.

وفي "16 -9 -1948م" وضع "برنادوت" -الذي حضر إلى فلسطين ودرس أوضاعها- تقريره وفيه رأيه حول هذا النزاع بعد دراسته، والذي لم يرضَ عنه اليهود؛ فقام بعض أعضاء عصابة "شتيرن" الصهيونية بقتله في القدس في اليوم التالي مباشرة.

يقول روجيه جارودي في كتابه (ملف إسرائيل): "وعيَّنت الأمم المتحدة الكونت (فولك برنادوت) وسيطًا، وكتب برنادوت في تقريره ما يلي: "إنه لانتهاك لأبسط القواعد أن يحال بين هؤلاء الضحايا الأبرياء، ضحايا النزاع، مِن العودة إلى بيوتهم بينما يتقاطر المهاجرون اليهود على فلسطين؛ هذا بالإضافة إلى أنهم يشكلون تهديدًا دائمًا بأن يحلوا محل اللاجئين العرب الذين عاشوا فوق هذه الأرض منذ قرون" ووصف النهب الصهيوني على أكبر نطاق، وتدمير القرى دون أي ضرورة عسكرية! (تقرير الأمم المتحدة حرف ( أ ) رقم 648 ص 14) وأرسل هذا التقرير يوم 16 سبتمبر 1948م.

وفي 17 سبتمبر 1948م اغتيل (الكونت برنادوت) ومعاونه الفرنسي في القدس المحتلة، وإزاء ما أثاره الحادث مِن سخط عالمي؛ قبضت الحكومة الإسرائيلية على (ناتان فريد مان يللن) رئيس جماعة (شتيرن)، وحُكم عليه بالسجن 5 سنوات، ثم صدر العفو عنه وأصبح عضوًا بالكنيست في عام 1950م! وقد أعلن أحد زعماء "شتيرن" في يوليو 1971م أنه يشرفه أن يعترف بأنه هو الذي أصدر قرار اغتيال (برنادوت)" (انتهى كلام جارودي، ملف إسرائيل: ص 60-61 ).

وجاء في جريدة "الأهرام" القاهرية في "10-9- 1988م" أنه بعد أربعين عامًا اعترف إسرائيليان باشتراكهما في اغتيال (الكونت برنادوت) وسيط الأمم المتحدة في فلسطين عام 1948م.

ولا شك أنه لو كان العرب هم الذين اغتالوا هذا الوسيط الدولي لقامت الدنيا على قدم وساق ضد العرب، ولو أن فئة أخرى غير اليهود قامت بارتكاب هذا الحادث الإجرامي ضد شخصية عالمية تمثـِّل هيئة عالية كهيئة الأمم المتحدة، لكن جزاؤها القمع أو الطرد مِن عداد الشعوب المتمدنة، ولكن يبدو أن اليهود بمنأى عن تطبيق القواعد العامة عليهم!

ولم يكن ذنب الوسيط الدولي (الكونت برنادوت) أنه حابى العرب ضد اليهود، فإنه في الحقيقة ساير اليهود على حساب العرب؛ إذ أقرهم على دولتهم، وتغاضى عن كثير مِن مخالفاتهم التي ارتكبوها خلال الهدنتين الأولى والثانية، ولكنه اقترح في تقريره جعل القدس مدينة دولية، وأن يكون كل مِن ميناء حيفا ومطار اللد حرًّا، كما أقترح ضم منطقة النقب في الجنوب إلى الأراضي العربية، وضم الضفة الغربية إلى شرق الأردن لما بينهما مِن علاقات اقتصادية وتاريخية وجغرافية، واقترح نزع اللد والرملة مِن الدولة اليهودية على أن يضم الجليل إلى الدولة اليهودية، كما قرر حق العودة للعرب أو التعويضات لمن شُرد مِن دياره؛ فاستحق بذلك نقمة اليهود وغدرهم، ووقوفهم بالمرصاد أمام تنفيذ تقريره.

وفي أعقاب خرق اليهود للهدنة الأخيرة ومهاجمة القوات المصرية للاستيلاء على النقب قام الدكتور (بانش) الذي عينته الأمم المتحدة خلفًا (للكونت برنادوت) بوضع هدنة بين الطرفين، وإجراء اتصالات بينهما؛ أسفرت عن اتفاقية (رودس) التي تلتها موافقة باقي الأطراف العربية على الهدنة الدائمة مع اليهود في فلسطين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة