الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

فتنة المناهج المنحرفة

الواجب على كل مسلم أن يحذر على نفسه ويحذر الناس مِن حوله مِن هؤلاء الدعاة على أبواب جهنم

فتنة المناهج المنحرفة
ياسر برهامي
السبت ١٣ يونيو ٢٠١٥ - ١١:٣٨ ص
2474

فتنة المناهج المنحرفة

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

ففتنة المناهج المنحرفة: مِن أخطر ما يتعرض له الصف الإسلامي والمسلمون عمومًا؛ فالمناهج -مثلاً- التي تدعو إلى أن يغرق المسمون في تبعيتهم لأعدائهم قد كثرت وانتشرت في هذا الزمان، وقد أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن الشر الذي يكون في آخر الزمان؛ ففي حديث حذيفة -رضي الله عنه- المشهور قال: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: (نَعَمْ)، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: (نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ)، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: (قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي، وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ)، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: (نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا)، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: (نَعَمْ، قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: (تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ)، فَقُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلا إِمَامٌ؟ قَالَ: (فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ) (متفق عليه). وفي رواية لمسلم: (وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ!).

ما أكثر مَن يجهل هذا الحديث مع كونه مِن أخطر ما يكون، وفهمه مِن أعظم ما نحتاج إليه؛ لأننا بالفعل في زمن الدعاة على أبواب جهنم، فالترتيب الذي ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- ترتيب زمني؛ حيث كان الشر الذي وقع بعد الخير الأول -ببعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم- هو الفتنة التي وقعت بيْن الصحابة، والتي انتهت بعام الجماعة عندما صار المـُلك إلى معاوية -رضي الله عنه-، وتنازل الحسن بن علي -رضي الله عنهما- عن الخلافة له، وبعده كان بنو أمية، ثم بعدهم بنو العباس، وكان هذا هو الخير الذي فيه دخن، فقد كانوا -مع المخالفات التي كانت في عهدهم- يعظـِّمون السُّنة، ويقيمون شعائر الدين الظاهرة: كالجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود، بل كثر في زمانهم العلماء العاملون الذين يحافظون على المجتمع متماسكًا أمام ضربات الأعداء، وكان المسلمون يُعْلُون كلمة الإسلام "بالسلوك الطيب، والدعوة والجهاد" على أرجاء المعمورة.

ثم جاء بعد هذا الخير الذي فيه دخن: الشر الذي أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه: (دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ).

وقد بدأ ظهور هؤلاء الدعاة على أبواب جهنم -في الحقيقة- في زمن الخير الذي فيه دخن، ولكنه ازداد بعده حتى عمَّ وطمَّ، وذلك كظهور فرق الضلال والبدع: "كالخوارج، والرافضة، والمعتزلة، والقرامطة"؛ ففرق الضلال بدأت تؤسس دولاً وسلطانًا منذ زمن الخير الذي فيه دخن: "كدولة القرامطة"، والدولة المسماة: "بالفاطمية"، وهي في الحقيقة باطنية!

وكان أيضًا -في بعض أزمنة الخير الذي فيه دخن- دعاة إلى الباطل علانية: كما حدث في زمن الإمام أحمد -رحمه الله- في فتنة خلق القرآن امتحان المعتزلة الناس بالقول بخلق القرآن، إلى أن أبطل الله الفتنة بثبات الإمام أحمد -رحمه الله-، ولكن معظم هؤلاء الدعاة على أبواب جهنم كانوا نبتًا صغيرًا يبقى مدة ثم يزول، أما في زمن الشر الذي نحن فيه؛ فقد كثر هؤلاء الدعاة حتى يصير أكثر الناس معرضون للاستجابة لهم -والعياذ بالله-.

وهنا سؤال لا بد أن نفقه إجابته:

إذا كنا الآن في زمن الدعاة على أبواب جهنم، فمَن هؤلاء الدعاة؟!

مِن أحق الناس بهذا الاسم في زماننا: دعاة العلمانية والديمقراطية، والقومية والوطنية والاشتراكية، وغيرها مِن المناهج التي ليست مِن الإسلام، وإنما للخداع فقط لينجذب الناس إليهم؛ فهؤلاء ينطبق عليهم وصف الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا - قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ).

وكذلك فرق الرافضة الشيعة وما أظهرَ تحالفهم وعمالتهم لأعداء المسلمين مِن اليهود النصارى في أفغانستان، ثم العراق لمحاربة أهل السنة.

ومِن العجيب: أنك ترى مَن يروِّج لاتـِّباع هؤلاء، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا)، ويَنهى عن التعاون مع دعاة الإسلام! فالمؤمن مأمور بأن يعتزل فرق الضلال كلها، وأن يلزم جماعة المسلمين وإمامهم، وأن يكون في الأرض خليفة، وإن لم يكن في الأرض خليفة فلا تخلو الأرض مِن جماعة أهل السنة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ) (رواه مسلم).

وليس المقصود -بلا شك- مِن اعتزال الفرق: اعتزال أهل السنة، أو عدم التعاون على البر والتقوى كما يزعم البعض -كذبًا وزورًا!- أن هذا هو معنى الحديث؛ إذ ليس الدعاة إلى الله الملتزمون بدينه الذين يتعاونون على إقامة شرعه بدعاة على أبواب جهنم يجب اعتزالهم، بل الدعاة على أبواب جهنم هم دعاة المناهج المنحرفة: كالخوارج، والقرامطة، ودعاة العلمانية وفصل الدين عن الحياة الذين يروِّجون للولاء للغرب والغرق في متابعته شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، هؤلاء وأمثالهم هم الذين يجب علينا اعتزالهم وتحذير الناس منهم؛ فلا يجوز أبدًا أن تبقى قضية الولاء والبراء، والحب والبغض، والطاعة والمتابعة مندثرة المعالم يُخلط فيها الحابل بالنابل؛ فتجد مثلاً مَن يُسمِّي بعض صور المعاملة الجائزة: "كالبيع والشراء" موالاة محرمة، في حين يستدل البعض بهذه الصور على جواز الموالاة للكافرين؛ فهذا خلط عجيب مرفوض!

مع أن المسألة واضحة في شرع الله -عز وجل- أن معاني الموالاة هي: الحب، والمودة، والنصرة، والطاعة، والمتابعة، والتشبه بهم، والركون إليهم، والمعاونة على أمرهم؛ فلا يُقال لمَن باع أو اشترى منهم: إنه والاهم! ولا يُقال أيضًا: إن محبتهم ومودتهم جائزة؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- باع لهم واشترى منهم، ويسمي ذلك سماحة، ثم يؤول به الأمر إلى أن يصوب الملل الكفرية!

بل سمعنا مَن قال: إن الخلاف بيْن المسلمين وبين اليهود والنصارى ليس خلافًا دينيًّا! كمن يقول أيضًا: إن الخلاف بيْن المسلمين والنصارى هو أنهم لم يعتذروا بعد "الحروب الصليبية"، وأننا نطالبهم باعتذار واضح عنها؛ فهذا عجيب والله!

ألا تطلب منهم أن يتوبوا إلى الله مِن نسبتهم الصاحبة والولد إليه، ومِن إعلانهم أمام الملايين مِن البشر أنهم يعبدون المسيح ابن الله؟! تعالى الله عما يقولون علوًّ كبيرًا.

كذلك مَن يزعم أن الخلاف بيننا وبين اليهود: أنهم لا يُعطون الفلسطينيين حقوقهم، أو أنهم يسمحون بوجود مستوطنات، بل منهم مَن يقول: إن المشكلة الحقيقة بيننا وبينهم أنهم لا يطبقون قرارات الأمم المتحدة، أو أنهم اغتصبوا أجزاءً مِن الأرض!

والحقيقة أنهم اغتصبوا الأرض كلها؛ فأرض فلسطين ملك للمسلمين عمومًا منذ أن فتحها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وليس لأحدٍ أن يتنازل عنها، ولكن حتى ولو لم يغتصب اليهود شيئًا مِن أرضنا ولم ينتهكوا شيئًا مِن حُرُماتنا، لظلوا أعداءً لنا؛ لأنهم يكفرون بالله -عز وجل-، ويكفرون بالقرآن العظيم، ويكذبون الرسول -صلى الله عليه وسلم-، نعوذ بالله مِن هذه الفتن المهلكة.

فالواجب على كل مسلم أن يحذر على نفسه ويحذر الناس مِن حوله مِن هؤلاء الدعاة على أبواب جهنم الذين يزعمون أن التقدم لا يكون إلا بتقليد الغرب في كل أحواله؛ فلا يكون متحضرًا إلا مَن شاهد أفلامهم، وسمع موسيقاهم، وغنى أغانيهم، ولبس ثيابهم!

وللحديث بقية -إن شاء الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة