الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

مواعظ رمضان... (أول ليلة مِن رمضان) -1

هناك وفي مدينة النبي، وفي كل عام، كانت تُزف البشرى لأولئك الأطهار مِن أصحابه، فها هو النبي يزفها إليهم -وهي إليك أنتَ كذلك في كل عام-

مواعظ رمضان... (أول ليلة مِن رمضان) -1
سعيد محمود
الأحد ١٤ يونيو ٢٠١٥ - ١٧:٤٦ م
10662

مواعظ رمضان... (أول ليلة مِن رمضان) (1)

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فهذه ثلاثون موعظة يستعين بها الدعاة إلى الله في ليالي رمضان، موزعة ومرتبة بما يتناسب مع أيام وليالي الشهر الفضيل.

الموعظة الأولى: (أول ليلة من رمضان)

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ) (رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني).

أخي الحبيب:

هناك وفي مدينة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي كل عام، كانت تُزف البشرى لأولئك الأطهار مِن أصحابه، فها هو النبي -صلى الله عليه وسلم- يزفها إليهم -وهي إليك أنتَ كذلك في كل عام-: (أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ) (رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني).

- قال الإمام ابن رجب -رحمه الله-: "هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضًا بشهر رمضان، كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟! كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟! كيف لا يبشر العاقل بوقت يُغل فيه الشيطان؟!".

أخي... تلك هي البشرى التي عمل لها العاملون، وشمر لها المشمرون، وفرِح بقدومها المؤمنون.

أخي... يا لبشرى مَن أدرك شهر رمضان!

يا لبشرى المدركين لشهر الغفران!

يا لبشرى المدركين لشهر الرحمات!

يا لبشرى المدركين لشهر القرآن!

يا لبشرى المدركين لموسم الطاعات!

يا لبشرى المدركين لأيام كساها رب العباد مهابة وبهاءً وجمالاً!

أخي... هل علمتَ أن السلف كانوا يدعون الله -تعالى- زمانًا طويلاً ليبلغهم أيام "شهر رمضان"؟!

قال معلَّى بن الفضل -رحمه الله-: "كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم!".

وقال يحيى بن أبي كثير -رحمه الله-: "كان مِن دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلاً".

أخي... وها أنت قد بلغتَ رمضان، وها أنت سلمك ربك إلى رمضان؛ فماذا أنت فيه فاعل؟!

أخي... ينقسم الناس في رمضان إلى فريقين في استقباله والعمل فيه:

فالفريق الأول: هم الذين اقتدوا بالسلف الصالح، فاتخذوا رمضان موسمًا لطاعة الله ومضاعفة الخيرات؛ صاموا نهاره فأحسنوا الصيام، وقاموا ليله فأحسنوا القيام، أولئك الذين انتفعوا برمضان حق الانتفاع.

والفريق الآخر: لم ينتفعوا برمضان ولم يستفيدوا مما فيه مِن صيام وقيام! لماذا؟!

لأن الله جعل الصيام للقلب والروح؛ فجعلوه للبطن والمعدة!

ولأن الصيام جعله الله للحلم والصبر؛ فجعلوه للغضب والبطش!

ولأن الصيام جعله الله للسكينة والوقار؛ فجعلوه شهر السِباب والشِجار!

ولأن الصيام جعله الله ليغيروا مِن صفات أنفسهم؛ فما غيروا إلا مواعيد أكلهم وشربهم وشهواتهم!

ولأن الصيام جعله الله تهذيبًا للغني الطاعم، ومواساة للبائس المحروم الجائع؛ فجعلوه مَعْرَضًا لفنون الأطعمة والأشربة؛ يزداد الغني فيه تخمة والفقير حسرة!

فقل لي يا أخي بالله عليك...

أي الفريقين أحق بأن تفتح له أبواب الجنان، وتسد عنه أبواب النيران؟!

أي الفريقين قد صفدت شياطينه؟! ومَن منهم أحق بنفحات الرحمن؟!

أي الفريقين يرجى له العتق مِن النار، ويدرك رحمة العزيز الغفار؟!

أخي الحبيب...

في ختام الحديث أهدى إليك بعض الوسائل لاستغلال شهر الخيرات مجملة، وسنفصلها معك في المواعظ القادمة -إن شاء الله-.

1ـ تأكيد التوبة وتعاهدها طوال شهر رمضان.

2ـ الحرص على ختم القرآن في رمضان مرة على الأقل.

3ـ المحافظة على صلاة الجماعة في أول الوقت في الصلوات الخمس.

4ـ المحافظة على جميع سنن الصلوات "الراتبة وغير الراتبة".

5ـ صيانة الجوارح؛ لا سيما اللسان عن الوقوع فيما يتعارض مع الصيام.

6ـ الاشتغال بذكر الله طوال اليوم لتكون مِن الذاكرين الله كثيرًا.

7ـ المكث في المسجد والسعي إليه كلما استطعت إلى ذلك سبيلاً؛ لتضمن منزلاً في الجنة.

8ـ الحرص على التصدق كل يوم وأنت صائم، ولا تحقرن مِن المعروف شيئًا.

9ـ اجتهد في أن تصوم رمضان مرتين بتفطير الصائمين.

10- اعتكف العشر الأواخر لتحري ليلة القدر "سنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-".

11ـ اجتهد في تحصيل أسباب رزقك وأولادك مِن أول الشهر؛ لتتفرغ للعبادة في العشر الأواخر.

12ـ انتهِ مِن الأمور الدنيوية المتعلقة بالعيد ونحو ذلك هذه الأيام إن لم تكن قد انتهيت منها.

13ـ مسابقة لأهل بيتك متنوعة، لها جوائز يوم العيد.

14ـ اعتمر في رمضان إن استطعت؛ فإنها تعدل حجة مع النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وهناك وسائل غيرها يأتي الحديث عنها في المواعظ القادمة -إن شاء الله-.

فاللهم أعنا على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك في هذا الشهر الفضيل.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة