الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

مواعظ رمضان (7) شهر القيام والتراويح

إن الناصح لا يجعل هذه المواسم تخرج عنه عطلاً، بل يتعرض لإحسان مولاه، ويعمل في رضاه

مواعظ رمضان (7) شهر القيام والتراويح
سعيد محمود
الثلاثاء ٢٣ يونيو ٢٠١٥ - ١٠:٣٣ ص
1298

مواعظ رمضان... (شهر القيام والتراويح) (7)

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)  (متفق عليه)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ) (رواه الطبراني في الكبير، وحسنه الألباني).

فيا أخي... هذا رمضان موسم مِن أعظم مواسم الطاعات، بل هو أعظم مواسم الطاعات في أيام الدهر، وإن الناصح لا يجعل هذه المواسم تخرج عنه عطلاً، بل يتعرض لإحسان مولاه، ويعمل في رضاه؛ عله تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبدًا.

فيا مَن طالت غيبته عن مولاه؛ قد أقبلتْ أيامُ المصالحة!

يا مَن دامت خسارته؛ قد أقبلت أيام التجارة الرابحة!

فهيا إلى القيام في رمضان... فها هي الفرصة سانحة!

- روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "كَانَ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا دَخَلَ رَمَضَانَ شَدَّ مِئْزَرَهُ، ثُمَّ لَمْ يَأْتِ فِرَاشَهُ حَتَّى يَنْسَلِخَ" (رواه ابن خزيمة، وقال الألباني: "إسناده صحيح؛ لولا عنعنة المطلب بن عبد الله").

- ويا أخي إن آيات القرآن وكلمات الرسول العدنان لتخبرنا عن فضل قيام الليل، وتشوقنا إليه: قال الله -تعالى-: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ . فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (السجدة:16-17).

- وبيَّن الله -سبحانه وتعالى- صفات المتقين وأن مِن أعظمها: (كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) (الذاريات:17).

- وذكر -سبحانه- صفات "عباد الرحمن" العظيمة وأن منها: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا) (الفرقان:64).

ـ وبيَّن -سبحانه وتعالى- أن مِن أول ما فُرض على نبيه -صلى الله عليه وسلم- مِن العبادات، كان قيام الليل: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ . قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلاً) (المزمل:1-2).

ـ وأخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن قيام الليل سبب لمحبة العلي الجليل، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (ثَلاثَةٌ يُحِبُّهُمْ اللهُ، وَيَضْحَكُ إِلَيهِمْ، وَيَسْتَبشِرُ بِهمُ: الَّذِي إذا انكَشَفَتْ فِئةٌ قاتَلَ وَراءَها بِنَفْسِهِ للهِ -عزَّ وَجَلَّ- فإمَّا أَنْ يُقتَلَ، وإِمَّا أَن يَنْصُرَهُ اللهُ -عزَّ وجَلَّ- ويَكفِيهِ فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلْى عَبْدي هذا كَيفَ صَبَرَ لِي بِنَفسِه؟ والَّذِي لَهُ امْرَأَةٌ حسنةٌ، وَفِراشٌ ليِّنٌ حَسنٌ، فَيَقُومُ مِنَ اللّيْلِ فَيقُولُ: يَذَرُ شَهْوَتَهُ وَيَذْكُرُني، وَلَوْ شاءَ رَقَدَ، والَّذِي إِذَا كانَ في سَفَرٍ، وَكانَ مَعَهُ رَكْبٌ فَسَهِرُوا ثمَّ هَجَعُوا، فَقامَ مِن السَّحَرِ في ضَرّاءَ وَسَرّاءَ) (رواه الطبراني في الكبير، وحسنه الألباني).

ـ وأخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن قيام الليل سبب لحصول أربع جوائز عظيمة: قال -صلى الله عليه وسلم-: (عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَهُوَ قُرْبَةٌ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ، وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ عَنِ الإِثْمِ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

- وأخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن قيام الليل، سبب في نيل الغرف العالية في الجنة: قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَلانَ الْكَلامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَتَابَعَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نيام) (رواه أحمد والبيهقي، وحسنه الألباني).

ـ أخي... اعلم أن القيام في رمضان يتميز على غيره، فهو شهر التراويح وهي التي سنها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأحياها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَمَضَانَ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، فَلَمَّا كَانَتِ السَّادِسَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا، فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ نَفَّلْتَنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ. قَالَ فَقَالَ: (إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى ينْصَرف حسب لَهُ قيام اللَّيْلَة). قَالَ: فَلَمَّا كَانَت الرَّابِعَة لم يقم فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ جَمَعَ أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ وَالنَّاسَ فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلاحُ. قَالَ قُلْتُ: وَمَا الْفَلاحُ؟ قَالَ: السَّحُورُ. ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا بَقِيَّةَ الشَّهْرِ. (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

- وعن عبد الرحمن بن عبد القاري -رحمه الله- أنه قال: "خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلاَتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاَءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ، لَكَانَ أَمْثَلَ. ثُمَّ عَزَمَ، فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ" (رواه البخاري تعليقًا، ووصله الإمام مالك وغيره بسندٍ صحيح).

وعن أبي إسحاق الهمداني قال: "خرج علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في أول ليلة مِن رمضان، والقناديل تزهر في المساجد، وكتاب الله يُتلى، فجعل ينادي: "نوَّر الله لك يا ابن الخطاب في قبرك كما نورت مساجد الله بالقرآن".

فيا إخوان... هيا نحيي سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما أحياها عمر -رضي الله عنه-، فننورُ المساجد بالصلاة والقيام، وننور البيوت بالتهجد والناس نيام.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة