الثلاثاء، ٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

رمضان شهر الإقبال والرحمات

فضيلة شهر رمضان المبارك تعظم على سائر الشهور، ففيه رحمات الإله تتعاظم، وقبوله يزيد، وعفوه يشمل

رمضان شهر الإقبال والرحمات
نور الدين عيد
السبت ٢٧ يونيو ٢٠١٥ - ١٣:٠٦ م
1304

رمضان شهر الإقبال والرحمات

كتبه/ نور الدين عيد

الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

فإن فضيلة شهر رمضان المبارك تعظم على سائر الشهور، ففيه رحمات الإله تتعاظم، وقبوله يزيد، وعفوه يشمل، عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

 "أتاكم شهر رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم" رواه النسائي وأحمد ، وعن أبى هريرة ، رضي الله عنه ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين. "رواه البخاري وهذه لفظة زائدة في الفضل على تفتح أبواب الجنان، قال الطيبي :"فائدة الفتح توقيف الملائكة على استحماد فعل الصائمين وأن ذلك من الله بمنزلة عظيمة "، فما من عبد يقبل إلا ويجبر كسره، ويرحم ضعفه، ويغفر ذنبه، إلا من مانع منه، فهذا زمان المغفرة، والرجوع والأوبة، فإن هذه الأيام لها ما بعدها، فمن أراد إصلاح حاله وثبات قلبه فليقحم نفسه في ركب العابدين إقحاماً، وليطرح قلبه على عتبة الندم والتوبة، فمواسم الرحمات لا يعوضها غيرها فعن كعب بن عجرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : احضروا المنبر فحضرنا فلما ارتقى درجة قال : آمين فلما ارتقى الدرجة الثانية قال : آمين فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال : آمين ،فلما نزل قلنا يا رسول الله لقد سمعنا منك اليوم شيئا ما كنا نسمعه قال : إن جبريل عليه الصلاة و السلام عرض لي فقال : بعدا لمن أدرك رمضان فلم يغفر له قلت آمين فلما رقيت الثانية قال بعدا لمن ذكرت عنده فلم يصلي عليك قلت آمين فلما رقيت الثالثة قال بعدا لمن أدرك أبواه الكبر عنده فلم يدخلاه الجنة قلت آمين" رواه ابن حبان والحاكم وصححه الذهبي، فإن الفاجعة في فواته عظيمة، وإن الحرمان في تخلف المغفرة فيه كبير، "من حرمها فقد حُرِم" ولقد تباين أحوال السالكين فيه، وتخلف عن الركب الغافلون، فمتى يُهْدى القلب وقد فاتته نفحات الهداية، ونسمات الطمأنينة، وأشعة النور؟!! فالعزاء : بقاء ساعاته، فيا أيها العبد خُلِى بينك وبين سيدك وانقطع عذرك، ورفع عنك الإصر والأغلال، فهلُم إلى الله جابر كسرك، وغافر ذنبك، وهادى قلبك، أقبل يقبل عليك، واسترحمه يرحمك، واستهده يهدك، وقم بين يديه يرفعك، عن أبى ذر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال « يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعمونى أطعمكم يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسونى أكسكم يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفرونى أغفر لكم يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضرى فتضروني ولن تبلغوا نفعى فتنفعوني يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ». قال سعيد كان أبو إدريس الخولاني إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه." رواه مسلم، فهذه صفاتنا لا تفارقنا من الفقر والضعف والحاجة، لا يقوينا ولا يأخذ بأيدينا إلا الله، وإن المتأمل يستشعر عون الله له في هذه الأيام فوق ما كان قبلها، فأين نحن من صيام مثل صيام رمضان قبله من اللذة والسرور وانشراح الصدور؟!! وأين كنا من قيام ليلٍ ينزل فيه الذكر على القلوب بالخشوع والطمأنينة "الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب" فما يكون من الفطن اللبيب إلا اغتنامه، والمبادرة قبل انقضائه، قال العلامة الرحيبانى الحنبلي :"( وتضاعف الحسنة والسيئة بمكان فاضل كمكة والمدينة وبيت المقدس وفي المساجد , وبزمان فاضل كيوم الجمعة , والأشهر الحرم ورمضان . أما مضاعفة الحسنة ; فهذا مما لا خلاف فيه , وأما مضاعفة السيئة ; فقال بها جماعة تبعا لابن عباس وابن مسعود . . . وقال بعض المحققين : قول ابن عباس وابن مسعود في تضعيف السيئات : إنما أرادوا مضاعفتها في الكيفية دون الكمية ) مطالب أولى النهى (2/385) ففضل الأعمال هنا لا يلحق به غيره عند استواء الرتبة واختلاف الزمان، في بعض الأعمال والأوقات .ففي ليلة القدر قال الله عز وجل : ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) القدر/ 3 ، أي أن العبادة فيها خير من العبادة في ألف شهر .قال الشيخ السعدي رحمه الله :

" أي : تعادل من فضلها ألف شهر ، فالعمل الذي يقع فيها ، خير من العمل في ألف شهر خالية منها ، وهذا مما تتحير فيه الألباب ، وتندهش له العقول ، حيث مَنَّ تبارك وتعالى على هذه الأمة الضعيفة القوة والقوى ، بليلة يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر ، عُمْرُ رجلٍ مُعَمِّرٍ عُمْرًا طويلا نيفا وثمانين سنة " انتهى من " تفسير السعدي " (ص/931) .وقد ورد في العمرة في رمضان قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( عُمْرَة فِي رَمَضَانَ تَقْضِي [أي تعدل] حَجَّةً أَوْ حَجَّةً مَعِي ) رواه البخاري  ومسلم .وقال القاري رحمه الله :" ( تَعْدِلُ حَجَّةً ) أَيْ : تُعَادِلُ وَتُمَاثِلُ فِي الثَّوَابِ " انتهى من " مرقاة المفاتيح " (5/1742) .

والله أسأل أن يعيننا فيه على ذكره وشكره وحسن عبادته ، والحمد لله رب العالمين .

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com