رسالة
من مُحِب مُشفق حريص .. انسبوا الفضل لله
كتبه/ سعيد الروبي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول
الله، أما بعد؛
كلما تقدمنا في الزمن، وكلما جدَّ جديد في
الأحداث؛ اكتشفنا وتأكدنا أن موقف الدعوة السلفية كان صحيحًا وسليمًا، ولو تصرفت
الدعوة تصرفًا آخر لكانت الأمور الآن غير ما نحن عليه، والله أعلم.
الحمد لله مصر قائمة، والمصالح مستمرة،
والأحوال إلى حد كبير مستقرة، صحيح توجد أزمات، وتراجعات، ومعاناة، وتدهور في بعض
الأوضاع، بل يوجد ظلم ظاهر في بعض المجالات، ولكن رغم كل هذا فالبلد قائمة
وموحدة ومستقرة إلى حدٍّ ما.
وهذا الكلام لا يُعَبِّر عن رضائي عما
يحدث في بلدنا، ولا يُعَبِّر عن موافقتي عن كل ما يحدث .. كلَّا.
وإنما يعبر عن شعوري بأهمية الاستقرار
والمحافظة على البلد؛ حتى لا تنهار وتتعرض للتدخلات الخارجية وتصبح قضية دولية
تجتمع بخصوصها دول وتُعقد من أجلها مؤتمرات دولية وإقليمية وأممية.
ومرة أخرى أؤكد على صحة وسلامة مواقف
الدعوة السلفية والقرارات الصائبة التي وفقها الله لاتخاذها، وهنا أحب أن أوجه
كلمات إلى أتباع الدعوة السلفية لاحظت في عدد من المواقف وعدد من الكتابات
والتعليقات أن أتباع الدعوة السلفية إذا استجدت أمور وأحوال تؤكد لهم صحة وسلامة
القرارات والمواقف لاحظت أنهم ينسبون هذا النجاح وهذا التوفيق -في عدد من
الكتابات- إلى الشيوخ والقادة والقيادات، ويشيدون بهم ويثنون عليهم ويمدحونهم،
ولا ينسبون فضل التوفيق إلى الله.
أقول: بعض التعليقات هي كذلك وليست
كلها، وهذا أمر خطير يجب التنبيه عليه والتحذير منه، فلولا أن الله وفق قادة
الدعوة لاتخاذ هذه المواقف لوقعوا في المحذور، ولتخبطوا ولالتبست عليهم المواقف،
فلم يدروا كيف يتصرفون، ولولا أن الله بصرهم لتاهوا في غمار الأحداث والمواقف،
ولارتبكوا، ولكن الله وفَّقهم وبصَّرهم وألهمهم وأعانهم .. فكانوا سببًا في
الحفاظ على البلاد والعباد من الحرب الأهلية والتقسيم والتدخلات الخارجية وغير
ذلك من الأخطار التى كانت قريبة لولا أن الله سلَّم .. وعافانا من هذه المنزلقات
الخطرة.
فيا أتباع الدعوة السلفية؛ انتبهوا
واحذروا وانسبوا الفضل لله أولًا وأخيرًا، ولا تنشغلوا وأنتم تمدحون الشيوخ عن
نسبة الفضل لله.
وأمر آخر أخاف على أتباع الدعوة .. ألا
وهو العُجْب والكبر والفخر والتعالي.
أخشى بعد سلسة القرارات الصائبة
والصحيحة والسليمة أن نعتقد أن قادة الدعوة معصومون لا يخطئون، وأن نتعامل مع
بقية القوى والتجمعات والجماعات على أننا لا نخطئ ولا نزِل، ونطالبهم بأن يسيروا
خلفنا دائمًا بلا اعتراض ولا مناقشة ولا تعديل، أخشى أن نتعالى بسبب هذه
التوفيقات السابقة، أخشى أن يتسلل إلينا داء العُجْب بالنفس والرضا عن الذات،
أخشى أن ننظر إلى الناس على أننا لا نخطئ وهم يخطئون.
أقول: أخشى .. ولا أتهم أبناء الدعوة
بهذا .. ولكن أخاف أن نصل إلى هذا .. لذلك أُحذِّر من الآن حتى لا نفقد التوفيق.
إنني أتمنى من كل قلبي لقادة الدعوة أن
يوفقهم الله دائمًا للقرار الصائب الصحيح السليم، وأتمنى لهم السداد والرشاد في
أقوالهم وأعمالهم، وأتمنى لهم أن يرزقهم الله الإخلاص في جميع أمورهم فتكون كلها
لوجه الله تعالى .. أتمنى لهم كل خير.
وهذه الكلمات كلها مِن مُحِبٍّ مشفق،
حريص على الكل، حريص على مصلحة الوطن .. والدعوة .. وقبل كل هذا مصلحة الدين، مع
حسن ظني بالجميع؛ فحسن الظن مُقَدَّم وموجود بفضل الله.
ولسنا معصومين من الخطأ؛ فنحن نخطئ،
وكل بني آدم خطَّاء، ولا مانع أن نقول: أخطأنا .. وأن نُصَوِّب أخطائنا .. ونتوب
منها ونستغفر الله منها.
ومَن رأى عندنا خطأ فلينصحنا وليرشدنا
دون أن يتعسف معنا أو يُشَهِّر بنا، وفي نفس الوقت لا نريد مَن يتعمد تخطئة
الدعوة في أمور هي لم تخطئ فيها أصلًا، ويحاول جاهدًا أن ينسب إلينا أخطاء لم نقع
فيها أصلًا .
ونتمنى مِن غيرنا .. إذا شعر أنه وقع
في خطأ أن يبادر بالاعتراف والمراجعة .. والتصحيح والتصويب .. فالعناد والاستمرار
له عواقب وخيمة.
وبالعودة إلى الدعوة السلفية وصحة
المواقف التي اتخذت على مدار السنوات الماضية أقول: بعض المخالفين يرى أن قرارات
الدعوة كانت خاطئة.
أقول لهم: وجهة نظركم نعذركم فيها
ونتفهمها، ولكن واقع الحال يشهد على صحة قرارات الدعوة، ونتائج الأمور خير دليل.
ومواقف الدعوة حققت المصلحة العامة
للدولة المصرية .. فمَن نظر إلى المصلحة العامة عرف الحقيقة .. ومَن نظر إلى
المصلحة الضيقة لجماعة وأنها لم تتحقق .. فهذا يحكم على قرارات الدعوة بالخطأ.
عمومًا الحكم بالخطأ والصواب يتفاوت من
إنسان لآخر .. ونظرة الخطأ والصواب كذلك تختلف مِن إنسان لآخر حسبنا أننا اجتهدنا
في تحديد وتشخيص الصواب من الخطأ .. واتبعنا ما رأيناه صوابًا حسبة لوجه الله
.. ليس لطلب دنيا .. أو نفاقًا لأحد أو مجاملة لشخص أو معاداة لجماعة .. ولا
لمصلحة شخصية .. وإنما فعلنا ما رأيناه حقًّا وصوابًا .. فإن أصبنا فالله وفقنا
.. وإن أخطأنا فمِنَّا ومِن الشيطان .. هذا اجتهادنا ونوايانا يعلمها الله .
وأريد من أحبابي وإخواني في الدعوة
السلفية ألا يُسرفوا في مدح القيادات والمسئولين .. وألا يأخذهم العُجْب والغرور
.. وأن يطلبوا مِن الله التوفيق والسداد والرشاد للقائمين على أمور الدعوة ،وألا
ينسبوا إليهم العصمة والكمال .. وأن يصبروا على الاتهامات والتهجمات التي يتعرضون
لها باستمرار ولا يلتفتون ولا يتوقفون وأن يخلصوا نواياهم لله رب العالمين.
أتمنى أن تكون فكرتي وصلت واتضحت ..
فقد كتبت هذه الكلمات حرصًا على نجاح دعوتنا أكثر وأكثر، وحرصًا على النجاح أكثر
وأكثر .. وأخاف مِن تسلل داء العُجْب أو الإعجاب بالرأي أو التعالي إلى قلوبنا
ونفوسنا.
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com