الثلاثاء، ١٥ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٣ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

داعش والسبيل الجائرة

تجرؤوا على التكفير وسفك دماء المسلمين ، وإن كان ظاهرهم، التنسك والتعبد، والزهد في الدنيا، والرغبة بالآخرة

داعش والسبيل الجائرة
إيهاب شاهين
الاثنين ١٣ يوليو ٢٠١٥ - ١١:٥٣ ص
1742

داعش والسبيل الجائرة

كتبه/ إيهاب شاهين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

بين الله عز وجل في محكم آياته أن هناك سبيلان لا ثالث لهما سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين قال تعالى {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدي ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى} .. الآية ، وقال تعالى {وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين} ،، وقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم هذا السبيل وذاك فعن عبد الله هو ابن مسعود، رضي الله عنه -قال: خَطَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطًا بيده، ثم قال: "هذا سَبِيل الله مستقيما". وخط على يمينه وشماله، ثم قال: "هذه السُّبُل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه". ثم قرأ: وَ{أَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} .قال تعالي : {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ} . قال عبد الله بن المبارك، وسهل بن عبد الله: "قصد السبيل" السنة، "ومنها جائر" الأهواء والبدع، دليله قوله تعالى: "وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل ،، إذن سبيل المؤمنين في اتباع سنة النبي صلي الله عليه وسلم وصحابته الكرام ، وسبيل المجرمين في اتباع طريقة أهل الأهواء والبدع ، وسبيل المجرمين – وإن تقدم عصره وزمانه – لكن يبقى له من يحيي أثره، ومن يتمسك به في أي زمان. وفرقة الخوارج من أوائل البدع التي ظهرت في الإسلام، فأول بدعة انتشرت، وأول بدعة قوتل أهلها، وأول بدعة شقت عصا المسلمين، هي بدعة الخوارج؛ وما يحدث الآن من هؤلاء المبتدعة المسمون بداعش الذين عرفوا إعلاميا ب(داعش) لهو امتداد لهذه الفرقة المبتدعة فهم تجرؤا على التكفير وسفك دماء المسلمين ، وإن كان ظاهرهم، التنسك والتعبد، والزهد في الدنيا، والرغبة بالآخرة، فهم مكثرون من الصلاة والصيام وقيام الليل وتلاوة القرآن، مبتعدون عن المحرمات في الظاهر كالكذب.لكنَّ القوم أصيبوا بمصيبة أعظم مما ابتعدوا عنه، فهم ترفعوا عن الذنوب الظاهرة، لكنهم  ابتلوا ، بفساد تصورهم، وقلة وعيهم. وابتلوا بأفكار رؤساء فساد، وأئمة ضلال، فما نقل عنهم أن سيوفهم كانت على الكفار، وأن قلوبهم سُلَّت على أهل الباطل،. فإن كان الخوارج الأوائل قد عانى المسلمون منهم في خلافة علي رضي الله عنه ما عانوا، وعانوا منهم في أيام معاوية رضي الله عنه ومن بعده في قرون خلت. فقد عانى المسلمون اليوم من هؤلاء الدواعش إخوان الخوارج فكرا ومنهجا، من جهلهم وغيهم وفساد تصورهم، وقلة علمهم، وعدم فهمهم لكتاب الله وسنة نبينا  صلى الله عليه وسلم. فالمصيبة أنهم متظاهرون بالدين، لكنهم في الحقيقة أعداء له؛ وهم شر الخلق والخليقة، وفتنتهم من أعظم الفتن؛ لأنهم يُلبسونها لباس الدين والجهاد وإنكار المنكر والغيرة على المحارم، فتميل إليهم قلوب حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام فيوردونهم المهالك، فكم جروا على أمة الإسلام من المصائب والبلايا، فأفسدوا الدين والدنيا، وخربوا البلاد وروعوا العباد، وخالفوا عقيدة أهل السنة ، وقد جاء وصفهم وصفا دقيقا من النبي صلي الله عليه وسلم فإذا ظهروا في أي عصر عرفوا بهذه الصفات فعن أبي سعيد الخدري يقول بعث علي بن أبي طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن بذهبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها قال فقسمها بين أربعة نفر بين عيينة بن حصن والأقرع بن حابس وزيد الخيل والرابع إما علقمة بن علاثة وإما عامر بن الطفيل فقال رجل من أصحابه كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء قال فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحا ومساء قال فقام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشز الجبهة كث اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار فقال يا رسول الله اتق الله فقال ويلك أولست أحق أهل الأرض أن يتقي الله قال ثم ولى الرجل فقال خالد بن الوليد يا رسول الله ألا أضرب عنقه فقال لا لعله أن يكون يصلي قال خالد وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم قال ثم نظر إليه وهو مقف فقال إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية قال أظنه قال لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود .

وفي رواية ، قال صلي الله عليه وسلم : يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة وهذه الصفة موجودة في هذه النابتة الضالة بشكل واضح جداً، فأول هذه الصفات من خلال هذا الحديث.

١-  أنهم حدثاء الأسنان ،أنهم سفهاء الأحلام، أي العقول، غير راجحة وليست بها حكمة، وهذه متجلّية واضحة في هؤلاء، ويتضح ذلك في كلامهم وتبريرهم لما يفعلون، وباعتراف من رجع منهم وتاب، أنهم كانوا مغيبون عقلياً.

٢ - أنهم يقولون من خير قول البرية، ، فتجدهم يستدلون بالكتاب والسنة وبكلام أهل العلم، مع أن الكلام عليهم وليس لهم، كما قال صلي الله عليه وسلم : يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم .                

٣-  أن فيهم ضعفاً في فقه دين الله، وذلك لأجل صفة خامسة ذكرها الرسول صلي الله عليه وسلم وهي قوله : ( يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم ) ، وهذا أيضاً من الأمور الواضحة في مثل هؤلاء فإنهم لا فقه عندهم في دين ولا يشتغلون به، ولم يُعرفوا بحضورهم عند المشايخ والعلماء.

٤- أنهم يكثرون من العبادات، كما قال صلي الله عليه وسلم : تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم  ، وهذا مما يغتر به كثير من الناس، ويحتج بهذا بعضهم على صلاحهم وأنهم معذورون فيما يفعلون، وهذه حجة باطلة لأن صلاح النية لا يكفي، بل لا بد مع صلاحها من المتابعة في ذلك للنبي صلي الله عليه وسلم ولأصحابه، ولو اعتبرنا صلاح النية فقط لما أُنكر على أهل   البدع  أفعالهم .

٥- أنهم يقتلون أهل الإيمان ويدعون أهل الأوثان، كما قال صلي الله عليه وسلم : يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، لئن أنا أدركتهم لا قتلنهم قتل عاد ، وهذا أيضاً حدث في عصرنا، فما من مصيبة تحل بالمسلمين ويتدخل فيها هؤلاء إلا فرّقوا بينهم وقتّلوا المسلمين وحكموا عليهم بالردة وقالوا نقتل المرتدين أولاً ثم نقاتل الكفار، ولم يعرف في جميع العصور أن الخوارج قاتلوا الكفار أبداً، وإنما قتالهم للمسلمين فقط، كما يحصل ذلك منهم اليوم في سوريا  ،وفي مصر بقتالهم لجيشنا وتركهم لليهود .

٦ - أنهم لا يرون لأهل العلم والفضل مكانة، ولذا زعموا أنهم أعلم من علي بن أبي طالب و ابن عباس و سائر الصحابة، وهكذا فعلوا مع علماء زماننا الآن.

٧- أنهم يستدلون بقتلهم للمؤمنين بالآيات الدالة على قتل الكفار، كما قال ابن عمر رضي الله عنه : انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها في المؤمنين.
 ٨-أنهم يكفرون من لم يقل برأيهم ويستحلون دمه، قال السفاريني رحمه الله عند كلامه عن آراء نافع بن عبدالله الأزرق الخارجي والذي تنسب إليه فرقة الأزا رقة الخارجية : ومنها أنه كفّر من لم يقل برأيه، واستحل دمه، وكفر القعدة عن القتال، وتبرأ ممن قعد عنه، وأن من ارتكب كبيرة، خرج من الإسلام وكان مخلدا في النار مع سائر الكفار.

٩- أنهم قالوا بوجوب قتال الحكام ومن رضي بحكمهم ومن عاونهم ، ولذلك تجدهم يستحلون قتل رجال الأمن والشرطة، بحجة أنهم أعوان الظلمة وجنودهم.

١٠- التشدد: أي: التشدد في الدين، فمبدؤهم تكفير المخالف وقتاله واستحلال دمه وماله، وتكفير الحكام، وتكفير الهيئات، وتكفير كل من يؤيد الحكام، بغير مكفر. إن المبدأ عندهم هو التشدُّد في أدنى الأمور، وكأنه ليس على وجه الأرض من يدين بهذا الدين على الحقيقة إلا هم.

١١- الجهل:  فمعظمهم جهلة، بل أكثرهم كذلك، بل إن الذي عنده علم في شيء فهو علم جانبي، علم يتصل بالتشدد، والأخذ بالأدلة التي فيها التكفير، بالآيات التي فيها التكفير والتضليل ويفسرونها بهواهم. وكما قال غير واحد من العلماء: استدلوا بآياتٍ على الكفار، فطبقوها على المؤمنين. فهذا من مبدئهم الجهل، وقصر النظر، وعدم العلم، والتسرع.

١٢- أنهم يتعمقون في الدين خطأ حتى يخرجوا منه، كما قال صلي الله عليه وسلم يمرقون من الدين  كما يمرق السهم من الرمية ،والحمد لله رب العالمين

 موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة