الثلاثاء، ١٥ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٣ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

السلفية ومناهج الإصلاح - 15

أي المفسدتين أغلب عندما تكون أنت مضطر إلى إحدى المفسدتين ، ولكن لا تأتي إلى من يرتكب مفسدة وتقول له أشاركك فيها على أن تقلل منها

السلفية ومناهج الإصلاح - 15
عبد المنعم الشحات
الاثنين ١٣ يوليو ٢٠١٥ - ١٢:١٤ م
1347

السلفية ومناهج الإصلاح

الشريط الخامس عشر

عبد المنعم الشحات

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ،وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .

ثم أما بعد ،،،

كنا قد انتهينا في الكلام على مناهج الإصلاح المطروحة بين أوساط الصحوة الإسلامية من الكلام على أصحاب الحل البرلماني والكلام على من يرون حتمية المواجهة المسلحة ، ولكن في ثنايا ذلك تمت في مصر انتخابات مجلس الشورى 2010 وأيضاً في ثنايا ذلك كان هناك محاضرة تداولت بشكل واسع في المواقع الإخوانية الرسمية غير الرسمية للدكتور عبد الرحمن البر عنوانها "الانتخابات شبهات وردود " ولم تخرج في إطارها العام عما ذكرنا ، مع أن انتخابات مجلس الشورى جاءت محبطة تماماً للآمال حيث لم يفز من الإخوان المسلمين أي عضو وفاز أربع أعضاء على مستوى الجمهورية من الأحزاب المعارضة المختلفة إلا أنه أيضاً الآن لخوض انتخابات مجلس الشعب ونحوها .

يحتاج الأمر بأن نعرج بسرعة على محاضرة الدكتور البر على اعتبار أنها من أحدث الإصدارات الإخوانية التي تناولت هذه القضية ولأن الدكتور عبد الرحمن البر هو مفتي جماعة الإخوان المسلمين ، ولعلنا في مناسبة أخرى كنا رصدنا حركة انتخابات مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان والتي اعتبرها معظم المحللين صراع بين المحافظين والإصلاحيين ، وقيل أن الغلبة في النهاية كانت للمحافظين الذين لهم تحفظات كبير جدا على توسعات الإصلاحيين في موضوع الديمقراطية وموضوع التحالفات والانتخابات ونحو ذلك ، على الرغم أن أحد أبرز هؤلاء الموسومين بالإصلاحيين وهو الدكتور عصام العريان فاز في انتخابات مكتب الإرشاد وما زال له دوره باعتباره المسئول السياسي للجماعة ، لكن بلا شك اختلف الخطاب ، اختلف بدرجة واضحة منها على سبيل المثال أن أحد القضايا التي يحاول أحد الموسومين بالإصلاحيين يحاولون أن يقدموا الاعتراف الكامل بالديمقراطية ، حتى كانت العقبة الأخيرة التي وضعت أمامهم مسألة ولاية النصراني وولاية المرأة لرئاسة الدولة وبدأ هؤلاء يصرحون بأنه لا إشكال في ذلك . بمجرد فوز المرشد الحالي في انتخابات مكتب الإرشاد صاغ المسألة صياغة لا نقول أنها منضبطة مائة بالمائة ولكن نقول أنها أقرب للإنضباط الشرعي بمعنى أنه قال أن هناك حكم شرعي فقهي بعدم جواز تولي النصراني الأمر وأنه لا يمكن للجماعة كفتوى أن تغير ذلك الحكم ولكن الجماعة بصفتها فصيل سياسي يشارك في الديمقراطية لو أن الديمقراطية أفرزت حاكماً نصرانياً فسوف نلتزم به ديمقراطياً ونعارضه ديمقراطياً .وهذا الكلام بصياغة تكون اكثر انضباطاً من الصياغة التي قبلها ولكن في النهاية فيها أن المسلم يرضى ويسلم ويعترف لأن في النهاية النظام الديمقراطي يفرز حكم ستعارضه كما أنه يعارض الحاكم المسلم ، وهو كما ذكرنا حاولوا الترويج ، لأن فكرة المعارضة فكرة لا إشكال فيها وهي فكرة موجودة في الإسلام  وثقيفة بني ساعدة حتى الدكتور عبد الرحمن البر نفسه استعمل هذه الامثال .

نحن الآن أمام ما سيمونه سيطرة ما يسمونه بجيل المحافظين .

نقول ما يسمونه بجيل المحافظين أو يسمونه بجيل الإصلاحيين لأن الإخوان أنفسهم ينفون وجود مسمى التيارات ، يقولون خلاف بين أفراد ولكن هناك مجموعة كانت متوافقة في قيادة قاطرة التصريحات السياسية للجماعة وهناك بعد الانتخابات صار الصياغة مختلفة بعض الشيء .

هذه الانتخابات الأخيرة لمكتب الإرشاد جاءت بالدكتور عبد الرحمن البر كمفتي للجماعة .

في الواقع كما ذكرنا كيف تعامل المرشد مع قضية ولاية الكافر ، حافظ قدر الإمكان على ألا يغير الحكم الشرعي وإن كان أعطى ضمانات أو اعترافات سياسية بأن الجماعة كفصيل سياسي سوف تلتزم بحكم الديمقراطية .

تستيطع أن تقول أن الدكتور عبد الرحمن البر حاول إلى حد كبير أن تكون صياغته للعملية الانتخابية وما يكون فيها من أمور حاول أن يلتزم قدر الإمكان بالحكم الشرعي ، ولكن للأسف أيضاً ان الدكتور عبد الرحمن البر وصف لنا واقعاً غير موجود أثناء ردوده على الشبهات أثناء المحاضرة التي بعنوان " الانتخابات شبهات وردود "

فأثناء ردوده على الشبهات وصف لنا واقعاً غير موجود ، ولو كان هذا الواقع موجود كان هذه الانتخابات أو الدخول فيها لحق بنطاق الخلاف السائغ ، وكما ذكرنا أننا نفرق نوعين من الممارسة البرلمانية  : نوع لا يصطدم بالثوابت الشرعية وهذا خاضع لقياس المصلحة والمفسدة وحتى إن غلب على ظنك أنه لا مصلحة فيه أو أن المصلحة أرجح في غيره فسيكون الخلاف مع الآخر خلاف سائغ ولا يصطدم بالثوابت الشرعية .

ففي الواقع هنا أيضاً حاول الدكتور عبد الرحمن البر أنه يجعل الديمقراطية كمبدأ بغض النظر عن اضطرار الإسلاميين إليها حاول أن يجعل الديمقراطية كمبدأ لا غبار عليه طالما ضبط بالضوابط الشرعية ، ثم حاول أن يوصف واقع التجربة البرلمانية من التحالف مع الأحزاب العلمانية أو غيرها ونحو ذلك . يعني حاول أن يصوفه بأنه موافق للشرع .

ما هو الكلام هنا ؟

بدأ الشيخ بالكلام عن الأهداف العامة للانتخابات المعروفة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاول القضاء على البطالة ومحاولة تيسيير سبل العيش للناس مع ملاحظة أنه ابتعد عن وضع قضية تطبيق الشريعة في الصدارة ، وكما ذكرنا أحياناً أنه عندما توضع الأهداف لابد أن توازن مقدار الجهد المبذور ومقدار الثمن الذي سيدفع فأحياناً يقول لك أن هذا هو الطريق الوحيد لتطبيق الشريعة ثم قد تجد أن البرامج الانتخابية خالية تماماً من ذكر تطبيق الشريعة وأن المسألة غير واردة ، أقصاها أن يقال تفعيل المادة الثانية من الدستور .

قضية تفعيل المادة الثانية من الدستور قضية قد تقل الضغط على هؤلاء القوم ، ولكن بلا شك أن المادة الثانية من الدستور وحدها لم تكن ولن تكون كافية لتطبيق الشريعة ، لأنه على الأقل أن المحكمة الدستورية العليا كانت قد انتهت إلى أن هذه المادة ملزمة فيما يستقبل من القوانين لا فيما مضى ، وبالتالي هذه الترسانة من القوانين في مسائل الجنايات وغيرها من الأمور لا يمكن أن تتغير في ظل هذه المادة ما لم يوجد من يتبنى هذه القضية ، فتبني قضية تطبيق الشريعة كما ذكرنا من قبل أحياناً يذكر في مقام المناقشة وأن هذا في مقام تبرير أو ذكر مصالح العملية البرلمانية وأحياناً لا يذكر واحياناً يذكر بدرجة خافتة .

فمنذ فترة طويلة كانت التجارب الأولى لدخول الانتخابات قضية الشريعة كانت حاضرة فيها بدرجة قوية سواء على مستوى الدعايا أثناء الانتخابات أو على مستوى محاولة فرض مشاريع لتطبيق الشريعة داخل المجالس البرلمانية ، ولكن الكلام هنا على التجربة المصرية ، منذ فترة طويلة صارت قضية الشريعة لا تكاد تأخذ حيذ من الكلام ولا الدعايا ولا الوضع في البرامج الانتخابية .

صارت البرامج الانتخابية تتكلم في قضايا حل مشكلات الناس التي يتشابه فيها الخطاب الإسلامي مع الخطاب الناصري مع الخطاب اللبرالي ... إلى غير ذلك من الخطابات دون أن يوجد خدمة لقضية تطبيق الشريعة بصوة واضحة .

بناءا ًعلى الأهداف التي سردها الشيخ وكلها تدخل في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ونحن لن ننازع في أن هذه الأهداف حتى ولو كانت ليس منها تطبيق الشريعة أو لو كان تطبيق الشريعة موضوعة بصورة او بأخرى وليس فيها درجة الوضوح الكافية ، لا إشكال أن يعين الإنسان إخوانه المسلمين على معالجة قضية البطالة وعلى معالجة قضية الأسعار وارتفاعها بأي صورة من صور الأعانة ، لا غبار في ذلك ولكن الغبار فيما يأتي من ممارسات كما ذكرنا .

فخلص الشيخ من هذا إلى أن كان أهداف الإسلاميين من دخول الانتخابات هو إحداث هذه المصالح ومناوءة مفاسد كذا وكذا وكذا . وإذا كان الانتخابات نظام ارتضاه الناس في العالم كله بأن يختار الشعب ممثليه فإذن هي نوع من الشهادة ، ومن لا يدلي بصوته يأخذ إثم كاتم الشهادة ، وهذا كلام سبق وتكرر كثيراً وأجبنا عليه بإجابة مختصرة مباشرة وهي ان جماعة الإخوان المسلمين كفصيل إسلامي يخوض الانتخابات وأحياناً يظل الأمر معلق إلى آخر وقت ،وهل سيخوضون الانتخابات القادمة أم لا وبعد مشاورات ودراسة انتهوا في أكثر من مرة إلى مقاطعة الانتخابات لأسباب مختلفة وغالباً ما يكون مقاطعة الانتخابات عندما يقاطعونها نوع من أنهم يحتجون احتجاج سلبي ويقولون طالما أن النتيجة معروفة سلفاً فلن نكون ديكوراً ديمقراطياً .

فالسؤال هنا ، إن كان الانتخابات حكم شرعي شهادة من يكتمها فإنه آثم فلماذا تتخذ الجماعة قرار بالمقاطعة أحياناً ؟ ولماذا عندما تتخذ الجماعة قرار بالمقاطعة يرون أن القرار ملزم أيضاً لجميع إخوانهم ؟ بل المشكلة في اجتهادات جماعة الإخوان المسلمين ، ليس فقط يريد أن يدافع عنها بل يريد أن يجعلها ملزمة في كل الخلق ، وإذا رأى أن دخول الانتخابات فمن لا يدخل الانتخابات يكون آثم وكاتم للشهادة وخائن للأمانة .. إلى غير ذلك ، وإذ قرر أن يقاطع فالذي يخوض عنده يكون ممزق للصف الإسلامي ويعطي ديكور للظالمين .. إلى غير ذلك ..

نقول أنه ينبغي وضع الأمور في مواضعها حتى لو كان هناك اجتهاد بأن الانتخابات فيها مصلحة ، محاولة الضغط النفسي على المخالف لا تأتي بثمرة  أو على الاقل ليست من الإنصاف الشرعي في الحكم ، لأنك أحياناً تقول أقاطع رغم أن هناك اتجاه عام بالمشاركة ، فأنت أحياناً تقول أقاطع الانتخابات فعندما تقاطعها لماذا حينئذ لا يقال أن هذا من كتم الشهادة أونحو ذلك .

وهنا شهادات كثيرة ،نحن نضرب الأمثلة لمجرد التوضيح :

فلو كان هناك مثلاً استفتاء كما تحدث استفتاءات كثيرة جداً على أفضل لاعب وأفضل ممثل وأفضل ممثلة فكل هذه شهادة ، فتقوم جهة ما بطلب رأيك في أمر ما ، وهذه الأمور بعضها من المعاصي المحرمة وأنت تمتنع لأن هذا الأمر أمر محرم بل كثير منها كذلك وبعضها مما لا يضر ، فلو اختاروا أفضل كاتب أو أفضل كذا أو كذا قد لا تنفع أو لا تضر .

فالمسألة فيها دور ، إذا كانت المحاضرة بعنوان " الانتخابات شبهات وردود " فينغي أساساً أن يثبت الأساس الشرعي التي قامت عليه الانتخابات ومدى جدوى هذه الانتخابات سيكون فرع على ذلك ، فمن  اقتنع بالانتخابات أمر شرعي مطلوب وأنه وسيلة تغيير منكر مشروعة ينبني عليها هذا الكلام وليس العكس .

أيضاً من نفس الباب قال : أن حماية صناديق الانتخابات نوع من أنواع الجهاد ونوع من أنواع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه يجب حماية بكل ممكن ومستطاع .

في النهاية كله نقول أن هذا كله فرع على إثبات أن هذا الأمر مشروع وأن مصلحته راجحة ، وهذا هو الذي ننازع فيها .

وبالتالي كل ما يقال من أن هذا نوع من أنواع الجهاد وأن هذا نوع من الأمر بالمعروف والنهي عن  المنكر ونوع من الشهادة . كل هذه الأمور فرع على إثبات أصل الحكم في المسألة ، ونحن ننازع في إثبات هذا الحكم .

في الواقع بعد أن مهد الشيخ في ذكر أهداف الانتخابات وبنى أن هذه الأهداف تجعله من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبنى عليه أن التقصير فيه هو تقصير في باب الأمر بالمعروف والنهي عن النكر وتقصير في باب الجهاد ، وكما ذكرنا أن هذا الكلام كله حسن لولا أن القضية هنا أنك تقول أن هذا المنكر الذي تدعي الانتخابات إزالته وهذا المعروف الذي تدعي الانتخابات إيجاده ويرجوا الإسلاميون إيجاده من وراء دخولهم الانتخابات ، لا يتأتى لهم إلا بفعل منكرات بأنفسهم ، بينما المنكرات التي يريدون أن ينكرونها لم يفعلوها هم .

فهنا القضية لا يقال فيها أي المفسدتين أغلب ، بمعنى أي المفسدتين أغلب عندما تكون أنت مضطر إلى إحدى المفسدتين ، ولكن لا تأتي إلى من يرتكب مفسدة وتقول له أشاركك فيها على أن تقلل منها . هذا لا يكون ولا يوازن فيه أصلاً بين المفاسد ، فضلاً أنك تكون في النهاية سوف تضطر لأنه لن يعطيك ما تريد ولن يقلل المفسدة أصلاً سيجعلك تشترك في المفسدة الأقل مع أنه مستمر في المفسدة الأكبر .

هذه خلاصة المسألة والموقف الرافض لهذا المسلك ومبناه على هذا الأمر .

في الواقع بدأ الشيخ يشرع الأساس الذي قامت عليه الانتخابات وبعض الشبهات الموجهة إليها فتكلم بسرعة على قضية الديمقراطية كقضية وعلى قضية الأحزاب كقضية وإن كان ليس بهذا الترتيب بل أنا اذكر ما نحتاجه بترتيبه بمعنى ما هو الموقف الصحيح من الديمقراطية بغض النظر عن اضرار الإسلاميين بالمشاركة فيها وما هو الموقف الصحيح الشرعي من وجود أحزاب ؟ ، فالمسلمون ينكرون وجود الأحزاب ويذمون وجود الأحزاب فإذا وصلوا إلى الحكم لن يسمحوا بوجود الأحزاب ، فتكلم الشيخ على الديمقراطية وعلى الأحزاب كأحكام شرعية فكان خلاصة كلامه أنه قال نقبل من الديمقراطية ما يوافق الإسلام وهو إبداء الرأي واختيار الحاكم ولا يهمنا المسميات .

في الواقع إذا قارنت بين هذا الكلام وبين كلام ما يسمونهم بمجموعة الإصلاحيين تجد أن هذا الكلام عاد بالأمر إلى صورة أفضل بالتصريح بأن الديمقراطية محكومة بالإسلام وأننا سوف نقبل منها ما يوافق الإسلام ، ولكن لا شك أن الدكتور أدرى بأنه داخل جيل الصفوة داخل الجماعة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والدكتور محمد حبيب والدكتور عصام العريان من بدأوا من هذه النقطة ووصلوا إلى قضية أنهم يطبقون الديمقراطية تطبيقاً شاملاً ، والكلام بلا شك معروف وموجود ومتداول بكثرة .

فإذن قضية نأخذ من الديمقراطية ما يوافق الإسلام فهذه القضية ما يلبث الإنسان أن يضطر إلى أن يأخذ الديمقراطية كاملة .

ونقطة الاختبار تكون إذا أفرزت الديمقراطية حكماً يخالف الحكم الشرعي لأن الديمقراطية هي حكم الأغلبية . الديمقراطية هي ليست إبداء الرأي وهذه قضية في غاية الأهمية ،والديمقراطية ليست فقط آلية في اختيار الحاكم أو آلية في محاسباته ، وربما أشرنا أيضاً في مناسبة أخرى أن الأستاذ وجدي غنيم حفظه الله أصدر إصدار صوتي حديث جداً في الرد على الدكتور عصام العريان الذي كتب سلسة مقالات في  موقع إسلام إولاين تحت عنوان " نحو بناء ديمقراطية إسلامية " فرد عليه الأستاذ وجدي غنيم ببيان أن الديمقراطية والإسلام لا يلتقيان أبداً وأن الديمقراطية هي حكم الشعب بالشعب لصالح الشعب وأن الإسلام يقول { إن الحكم إلا لله } فكيف يمكن أن يلتقي هذا وذاك ؟

أيضاً من لوازم الديمقراطية وركائزها الأساسية حرية الاعتقاد ، وهذه المسائل كلها ذكرها الأستاذ وجدي غنيم ، وفي الواقع كلام حازك جداً وفي الواقع يكون له قبول أعلى عند أفراد الإخوان أو نحوهم عندما يخرج من رمز إخواني كالأستاذ وجدي غنيم وتكلم عن أوجه الخلاف بين الإسلام والديمقراطية التي أبرزها أن الديمقراطية هي حكم الشعب بينما الإسلام يقول { إن الحكم إلا لله } وأن الإسلام يخاطب الناس بأنهم عبيد لله ملتزمين بشرع الله ، والديمقراطية قائمة على الحرية في حرية الاعتقاد وحرية التصرف في البدن وغيره ويترتب عليه حريات شرب الخمر والزنا والشذوذ ... إلى غير ذلك من الأمور .

فإذن لو أن أي أمرين اشتبها تطلق أحدهما على الآخر يصير هناك نوع اضطراب عظيم في الأمور .

فالديمقراطية فيها إبداء رأي بأي صورة  ، والإسلام فيه إبداء رأي ولكن في الإسلام يجب أن يشتار أهل العلم والفضل ، وهذه قضية ركز عليها الدكتور عبد الرحمن البر جداً ولا أدري أين موقع هذا من الديمقراطية . الدين ابتداءاً لا يذكر فكيف لا يختلف الأمر ، وهذا حق مكفول للجميع ، ناهيك عن أنه ملتزم بدين الله أو غير ملتزم بدين الله فهذه قضية من الناحية الديمقراطية لا أثر لها مطلقاً ، لا يستطيع أن يعترض على ترشيح مرشح لأنه لا يصلي ، فهو له حق الديمقراطي الكامل مثله بمثله ، فالكافر له حق الديمقراطي والمسلم الملتزم والمسلم العاصي ، إذن ليست هذه الديمقراطية فأنت تعود وتقول أنا لا أقبل هذا ،ولكن هذا لا ينبغي طالما أنك ترفض أن يكون الحكم للشعب بإطلاق ، تقول  { إن الحكم إلا لله } ولكن في المسائل التي لا نص فيها ، صار بأن هذا ليس الديمقراطية ، طالما أنك لا تقبل الحرية بإطلاق وإنما تقيدها بالأموار الشرعية فهذه ليست هي الديمقراطية ، طالما أنك ترى أن الشورى لها أهلها وليست المواطنة فقط تعطيه حق أن يكون من أهل الشورى ، فإين الديمقراطية وأين الإسلام .

فإذن هنا الدكتور عبد الرحمن البر ما زال يصر على أن هنالك مساحة مشتركة بين الإسلام والديمقراطية تجعله يقول نقبل الديمقراطية ، فلماذا نجعل الصدارة لكلمة الديمقراطية ولماذا لا نسميها الشورى ؟ ولماذا لا نقول عندما في الإسلام كذا وكذا وما وافقتونا فيه قبلناه ؟ فستكون الإجابة أن النظام المطبق نظام ديمقراطي وأننا لا نستطيع أن نصل إلى من خلال هذه المظلة .

إذن على الأقل يكون الكلام هكذا ، لا أن يقال أن الديمقراطية من الإسلام والدعوة إلى الديمقراطية والقبول بالديمقراطية ... إلى غير ذلك .

وهناك محكات ثابتة يختبر الديمقراطيون بها الإسلاميين ، يختبرون بها مدى ولاءهم ومدى صدقهم في الإيمان بالديمقراطية ، الآن صارت الديمقراطية لابد أن تؤمن بها إيماناًحقيقياً وإلا فلا ديمقراطية لأعداء الديمقراطية .

إذا أفرزت الديمقراطية حكم غير شرعي ماذا أنت فاعل ؟

ويأتي أكثر الأمثلة إلحاحاً وحرجاً بالنسبة للإسلاميين ، إذا أفرزت الديمقراطية حاكم كافر وإذا أفرزت الديمقراطية حاكم امرأة ، وإذا أفرزت الديمقراطية موافقة شعبية على معاهدة السلام ؟

قضية الولاء والبراء ، وقضية أن تتكلم على اتجاه دعوي إسلامي أونحو ذلك ،وموقف الإسلاميين من قضايا المرأة ورؤيتهم بأن أحد أسباب فساد المجتمع فساد المرأة يجعل هذه القضايا قضايا لها حساسية بالغة .

ومع هذا لم يصمد الإسلاميون في الاختبار كثيراً ، وحصل أن تيار الإصلاحيين في الإخوان قالوا لو عرضت اتفاقيات السلام على استفتاء شعبي ووافق الشعب نقرها  . إذن أنت تفقد دورك كموجه ومربي ودعاية تبين الحق ، أجاب من أجاب وتقاعص من تقاعص لأنك عندما تدخل الانتخابات ولو افترضنا أنك حصلت على الأغلبية تكون منقاد بالعامة والغوغاء ، تحاول أنت تبين لهم ، فإن كان هناك من استحوذ عليهم بشهوة أو بشبهة وصار رأي الأغلبية فيهم عمل شيء من ثوابت الاتجاهات الإسلامية ومن ثوابت جماعة الإسلام خاصة مناقدة اتفاقية السلام على طول الخط يقول حينئذ تكون معتمدة ، ولاية الكافر وذكرنا الحوار الذي دار فيها وولاية المرأة .

الدكتور عبد الرحمن البر لم يتعرض في هذه المحاضرة إلا لقضية المرأة وفي الواقع خرجها تخريج شرعي ، أو لم ينازع في عدم جواز ولاية المرأة ولكن قال أن مسألة أن المرأة تترشح وتكون عضوة في مجلس الشعب لا يتعارض مع النهي عن ولاية المرأة لأن مجلس الشعب عبارة عن وكالة لا ولاية .

وفي الواقع هذا تكييف فقهي غير منضبط ، لماذا ؟ لأن ما من ولاية إلا وهي وكالة من نوع خاص .

الإمام الأعظم نائب عن الأمة ، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " خاطب الله المؤمنين بالحدود والحقوق خطاباً عاماً فقال { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهم } وقال { والزانية والزاني فاجلدوا } إذن الخطاب للأمة والإمام نائب عنها "

لأنه لابد من القدرة على الفعل ، وإنما القدر تأتي من قبل السلطان .

إذن ما من ولاية إلا وهي نوع وكالة ، تكون ولاية على أمر عام أو ولاية على بيت مال المسلمين أي يتصرف في بيت مال المسلمين وكالة عنهم ... وهكذا . فكل الولايات وكالة ، ولكن الوكالة الخاصة يجوز أن تتولاها المرأة ولا تتولى هذه الوكالة العامة لأن الوكالة العامة ولاية ، والولاية وكالة من نوع خاص .

فهنا وكأنه نوع من الخروج من الأزمة بدون مستند ، لأن ما يقال في عضوة مجلس الشعب يقال في الإمام الأعظم ، فلو كان هذا يخرج نائبة مجلس الشعب عن الولاية سيكون هو هو يخرج من تتولى الأمر العالم عن الولاية ويقال أنها وكالة ، بل هي وكالة وولاية في آن واحد .

ماذا يفعل عضو مجلس الشعب ؟ يراقب أداء الحكومة بناء على قناعته هو ، وليس بأنه يوكل بأن يؤدي شيء معين ، نعم انتخبه الناس ليكون ممثلاً عنهم ولكنه في النهاية هو الذي يراقب أداء الحكومة وهو الذي يدلي برأيه في الأصوات ،وهذا نوع المراقبة على الولاة .

ثم إن كل المبررات الشرعية التي منعت المرأة من التصدر العام أن التصدر العام يحتاج القيام بحقوق الناس ويحتاج التصدر ويحتاج البروز للناس ، وهذا كله ينافي طبيعة المرأة ، لماذا ننسى هنا التعليل ؟

أحياناً كثيرة تجد بعض الاتجاهات الإسلامية يبالغ في الكلام على التعليل ، عندما تقول له الحكم الشرعي كذا يقول انظر إلى العلة والحكمة أملاً في أن يستخدم التعليل في عدم الالتزام الحرفي بالحكم ، وأحياناً العكس بأن تجده في موطن آخر يغفل التعليل تماماً .

القضية ليست أنها لا تتولى بلا علة ، لا تتولى لأن الولاية بروز وظهور والأصل في المرأة القرار في البيت وأن المرأة لها حق الزوج وحق الولد... ونحو ذلك ، ولأن المرأة يعتريها من الأعذار ما يعتريها ... إلى غير ذلك .

فكيف يستدل بالرخصة في أن المرأة تخرج للبيع والشراء لحاجتها إلى أن تتحول أن تخرج إلى مؤتمرات انتخابية وهذا يقتضي خطابة وبروز ثم إنها تكون ممثلة عن الشعب فلتجعلها وكيلة عن الشعب ، تحتاج إلى أن يكون لها مكتب واثنان وثلاثة وخمسة وستة فتنتقل بين هذا وذاك وتكلم هذا وتكلم ذاك ، كل هذا ينافي طبيعة المرأة المأمورة بالقرار في البيت .

فإذن حتى لو نظرت من ناحية التعليل تجد أن الذي سماه الشيخ وكالة عامة وأنها وكالة وليست ولاية فيها مفاسد للولاية ولأن هذه ولاية والولاية نوع من أنواع الوكالة ولكن يكون الإنسان فيها مطالب بأن يؤدي هذه المصالح نيابة عن الأمة ، فوفق هذا التعريف لأداء عضو مجلس الشعب أو نحو ذلك أن يكون لابد أن يكون بارزاً للناس موجوداً معهم دائماً وتوجد أزمات وكوارث ولابد أن يكون موجودا ، كل هذا ينافي طبيعة المرأة تماماً .

ثم إنه دائماً عندما يتكلمون عن الديمقراطية يقيسونها بالشورى الإسلامية :

أين المرأة المسلمة وأين أفضل نساء المسلمات زوجات النبي صلى الله عليه وسلم من ثقيفة بني ساعدة ، الحادثة الديمقراطية الأولى في تاريخ الإسلام على حد توصيف هؤلاء ، نعم كان لهم دور لا يتنافى مع طبيعتهم ، تعليم الدين وما وصل إليهم من الدين ، فهذا الأمر ليس له التزام وإنما يكون وفق الحاجة وليست أنه ولاية أو وكالة على حد تعبيرهم لأحداث لابد أن تتم في حينها وإنما طلب العلم يتم كما اتفق في الوقت الذي تكون مستعدة فيه أن تستقبل طلبة العلم وتعلم أوتخبرهم بما عندما من علم مع مراعاة الضوابط الشرعية خلاف الخروج للعامة ومخاطبة العامة وغشيان مجالس الرجال حتى لو كانوا من أخص أحوال الرجال .

أيضاً تكلم الشيخ هنا في معرض كلامه أو في معرض إجابته عن الشبهات على قضية الأحزاب .

في الواقع طبعاً تكلم الشيخ على عنوان المحاضة " الانتخابات شبهات وردود " وكان معظم الشبهات عن الشبهات التي يثيرها السلفيون على الإخوان في مدى مشروعة دخول الانتخاب ، لكن هناك شبهة واضح من صياغتها أنها كانت موجهة إلى العلمانيين الذين يثيرون مخاوف الناس من الإسلاميين في دخول الانتخابات من أنهم متى صاروا أغلبية سوف يلغون كل الأحزاب الأخرى لأنهم ينكرون الأحزاب ويرون أنها فرقة في الدين .

في الواقع أن إجابة الشيخ كانت أفضل كثيراً من إجابات الإصلاحيين الذيني يقولون أن كل اتجاه سواء يساري أو لبرالي له حقه في التعبير عن نفسه وفي سعيه إلى الحكم أو في غير ذلك ، لكن الشيخ قال أن هذا الموقف غير صحيح يقول لأننا نتكلم هنا عن أحزاب تكونت تحت مظلمة دستور ينص في مادة الثانية على أن الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع ومن ثم فكل هذه الأحزاب توافق على تطبيق الشريعة وإن كان كذلك فنحن لا ننكر عليها اختلافها فيما وراء ذلك من القضايا .

 يوجد مادة في الدستور لكن يوجد أحزاب من أهم برامجها إلغاء هذه المادة ، وحتى الذي لا يتعرض لها فهل الأحزاب الاشتراكية واللبرالية تتفق على تطبيق الشريعة بكل برامجها المطروحة هذه ؟ ، في الواقع توصيف للواقع محاولة للقبول بالديمقراطية دون التنازل عن الثوابت الشرعية ، فصار هنا الحل هو توصيف الواقع توصيف مختلف في كل قضيةمن القضايا التي نتكلم فيها .

فالمرأة عندما تتشرح يقال نوافق على تشريحها لأن هذه وكالة لا ولاية ، وهذا توصيف غير صحيح للواقع لأنه كما ذكرنا بذلك تكون كل أنواع الولايات وكالات .

نأتي هنا للأحزاب فيقال أننا لا ننكر الأحزاب ولا نراها فرقة للدين طالما أن كلها متفقة على المادة الثانية من الدستور .

لو افترضنا جداً وأثناء فتح الامتحان الديمقراطي وانصار الديمقراطية يلحون في السؤال وراء الآخر ، البلاد التي ليست فيها هذه المادة في دستورها ، فمباذا يفتي الدكتور عبد الرحمن البر للإسلاميين فيها وماذا يكون موقفهم من الأحزاب الأخرى ؟

أيضاً هنا استدل الدكتور عبد الرحمن على ذلك بأن الدولة الإسلامية شهدت أحزاب في ثقيفة بني ساعدة ـ حزب المهاجرين وحزب الأنصار ـ وهذا ما كنا نود أن يتورط فيه الدكتور عبد الرحمن البر وفي أن يوصف هذه الحال بحالة الحزبية .

في الواقع لكي نفرق بين النظام الحزبي وبين الشورى الإسلامية ، وحتى لو افترضنا جدلاً ان هناك مجتمع إسلامي والشريعة مطبقة ونريد أن نضع آلية للشورى لا يجوز أن تكون الآلية بأن ينشأ كل جماعة حزب يتنافس مع الآخرين لأن هذا ينافي الوحدة الإسلامية وينافي قوله تعالى { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا } ولأن كل حزب سوف يوالي داخل هذا الحزب ويعادي فيه ، ولكن المطلوب حينئذ في كل قضية تطرح من كان يرى رأيا عليه أن يبينه وينصح فيه وأن يقال حزب ويكون له آراء محددة من المفترض أنها قضايا شورى وليست قضايا فيها أحكام قطعية أو أحكام ثابتة ، فالامر لا يحتاج إلى إنشاء أحزاب وإنما إلى استشارة اهل العلم في كل باب من الأبواب ، مع أن يكون أهل العلم الشرعي حاضرين دائماً في كل الأمور كما ذكرنا لضبط الأمور الدنيوبة بالضوابط الشريعة ، فليست القضية تحتاج إلى أحزاب .

وكما أشرنا من قبل إذا أردنا أن نستشير في مجال الكهرباء والطاقة يأتي هذا الحزب ولا تجد فيه أي أحد يفهم في هذا الباب ، وهذا الحزب فيه واحد ولكن غير موجود ، فمن نستشير ، ويكون كل فريق يريد أن يحقق مكاسب حزبية ونحو ذلك .

الشورى الإسلامية تحقيق المصلحة بأقصر طريق وبلا تفريق للناس ، وإنما يجب على الإمام أن يستشير أهل الخبرة في هذا الباب ، وإذا كان هناك ضوابط شريعة يراعيها أهل العلم لدين الله تبارك وتعالى .

الذي حدث في ثقيفة بني ساعدة اختلاف في نصوص شرعية وفي بلوغ النصوص الشرعية للمهاجرين والأنصار والأمر لم يستغرق إلا هذه الجلسة خرج منها الجميع متفقون على إمامة أبي بكر رضي الله عنه ، ولم يظل الأنصار حزب معارض ، فالمهاجرين صاروا هم حزب الأغلبية ومنهم الإمام ثم الأنصار يكونون هم حزب الأقلية ويحاولون أن يجيشوا الجيوش ويهيأون العدة لإعداد حملة إعلانية لمتلميع مرشع من جهتهم ، فهذا كلام غير صحيح بالمرة .

الديمقراطية كفكرة حكم الشعب بالشعب لصالح الشعب فهذا أساس مناقض تماماً للإسلام .

الحزبية كإحدى أليات الديمقراطية أشد فساداً وإفساداً ونوع من النفعية لطبقة يسمون أنفسهم السياسيين يجتمعون ليتخذوا رؤية سياسية معينة ويكون دائماً عينهم على العامة الذين يعطونهم الأصوات .

فيأتي حزب يقول أن هناك عجز في موارد الدولة فنرفع الضرائب ، تجد الحزب المعارض بصورة مباشرة بدأ يقود حملة لأن هذا زيادة أعباء على المواطنين ونحو ذلك ، وكما يقولون دائماً معظم أحزاب المعارضة في الدولة الديمقراطية عندما تصل إلى الحاكم تفعل ما يفعله حزب الأغلبية .

القضية هنا أن الحزب الحاكم يكون موضوعي ومنطقي أكثر وأحزاب المعارضة تعارض من أجل المعارضة . هذا في أمريكا وأوروبا ، أما في دول العالم الثالث فالقضية لها حسابات أخرى تماماً .

فنحن هنا نقيد الديمقراطية كما هي عند أهلها ، أحزاب تتناحر وتتنافس وتضيع المصالح التي هي مفترض ان يدافعوا عنها ، وهذا هو معنى الحزبية وهذا هو معنى وجود احزاب كل منهم يريد أن يصل إلى الحكم عبر أن يطرح السياسيات التي تروق للعامة ، حتى الحزب لم يطرح السياسات التي فيها المصلحة ، فحزب عنده خبراء ونحو ذلك وانتهى به الأمر إلى أمر معين والعامة ترفضه فيجد نفسه لابد أن يداعب العامة ودائماً تسمع في الانتخابات الأمريكية وغيرها من الذي سيفوز بأصوات الشواذ وبالتالي صار هناك في كل انتخابات حزب التنازلات حتى من سمونهم بالمحافظين لابد أن يظهر قدر من المرونة لأنه يجد الآخر يقول سوف نجعل الشواذ يدخلون الجيش ويفعلون ويفعلون ويتولون الوزارات فالآخر إذا كان محافظ يضطر أن يقول لن نتعض لهم ، فمن يفوز بأصوات المرأة ؟ ومن يفوز بأصوات السود ؟ ومن يفوز بأصوات المسلمين ؟ وطبعاً من يفوز بأصوات اليهود تكون قضية من الضرورات التي لا فكاك منها .

إذن لم يكن في الإسلام أحزاب وحادثة ثقيفة بني ساعدة انتهت بأن المناظرة الشريعة حسمت الأمر للمهاجرين ثم داخل المهاجرين طرح أكثر من إسم فطرح أبو بكر رضي الله عنه وكان طرح أبا عبيدة وعمر رضي الله عنها فحسم عمر القضية لصالح أفضل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كل هذه مناظرات شرعية أو شورى داخلة انفضت بنافضاض هذا المجلس لم يعد هناك أغلبية ولا معارضة ولا أحزاب ولا نحو ذلك .

أيضاً يتعرض الشيخ لأكبر اعتراض يوجه من داخل الصف الإسلامي للإسلاميين الذين يخوضون الانتخابات وهي قضية التحالف مع الغير ، فقال الشيخ أن تحالف أكثر من فصيل إسلامي داخل انتخابات واحدة لا إشكال فيه وهذا لا إشكال فيه أيضاً ، قال : وأما التحالف مع غير الإسلاميين فهذا مما قد تحتمه الضرورة بشرط أن يكونوا ممن لا يعارضون بتطبيق الشريعة .

فالشيخ هنا يرى ابتداءاً القبول بوجود الأحزاب كوجود مقيد بقبولهم بتطبيق الشريعة وهذا حاصل كلامه ، ثم القبول بالدخول في أحلاف معهم مقيد بقبولهم بتطبيق الشريعة ،وهو يرى ان هذا القيد موجود وبالتالي هم لا ينكرون وجود الأحزاب ولا يستنكف من التحالف معهم .

ونحن لدينا الآن يقولون أن مرشح حزب التجمع في دمياط نجح بدعم الإخوان ، فهل حزب التجمع الذي يرفض رئيسه لقاء وفد الإخوان ، وكان طوال عمره يفرض أي تحالف معارضة وينسحب منه احتجاجاً على أنه لا يقبل هؤلاء الذين يخالفون منهج حزبه ،منهج حزبه يرفض إدخال الدين في السياسة تماماً ، تحت ضغط الواقع اضطر للقبول ولكن ذهب وفد للإخوان في ترتيبات شورى 2010 إلى زيارة حزب التجمع ورفض رفعت السعيد أن يقابل ذلك الوفد وأصر على أنه يقول إن رغم قبوله بهذه الزيارة إلا أن ما زال مساحة الخلاف واسعة وكبيرة وفي قضية تطبيق الشريعة خاصة .

حزب الغد ـ أيمن نور ـ وتصريحه الدائم بأنه يريد أن يعود إلى الدستور العصر اللبرالي الذي كانت مادة الإسلام دين الدولة ، والنص على أن دين الدولة هو الإسلام وأن مبادئ الشريعة الإسلامية هي أحد مصادر أدلة الشريع ، فقال أن هذه كانت في الدستور وكان يريد عدم إعطاء صدارة لقضية المادة الثانية وأن الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع ، هنا في المادة الثانية تعطه قدر من الاعتراض ، فهو يعترض على ذلك ويكون النص على دين الدولة وليس المصدر ، النص على دين الدولة أن يكون هناك مادة متأخرة جداً من مواد الدستور بعد كل المواد التي تنص على حقوق المواطنة وعلى الحريات .

طبعاً البرامج السياسية للأحزاب واضحة ومعروفة والأمر لا يحتاج إلى كبير بحث لكي تعرف ما عليه هذه الأحزاب .

خلاص الأمر أن الدكتور عبد الرحمن البر حاول أن يجمل وجه المشاركة البرلمانية بالمخالفة في توصيف الواقع وفي توصيف ما هي الديمقراطية وفي توصيف واقع الأحزاب وفي توصيف واقع التحالفات التي تتم وهل فيها القيود التي ذكرها أم لا ، وفي توصيف دور المرأة في الانتخابات وهل هو ولاية أم وكالة .

طبعاً الاحتجاج الدائم بقضية حلف الفضول ، وأشرنا قبل هذا أنه يمكن بالفعل أن تتحالف مع الغير لتحقيق أهداف مشتركة يقرها الإسلام لتحقيق مصلحة للمسلمين ، وأما أن يكون هدف مشترك بينك وبين حزب علماني أن كل يأخذ حقه في الدعوة إلى منهجه وأن كل يأخذ حقه في بيان ما يريد للناس ، فإذن أنت تقر بحقه في إضلال الناس ، بل ومقتضى هذا الحلف الامتناع عن مهاجمته ، وكل يريد أن يأخذ حصة على حساب الحزب الحاكم ، وكأن القضية هنا صارت كما هو الحال في المعارضة ـ حكومة ومعارضة وليست حق وباطل ـ انت إذا كنت تريد أن ترفض العلمانية التي يطبقها الحزب الحاكم فمن باب أولى لابد أن ترفضها من أحزاب المعارضة ، فتوصيف ما يتم من تحالف بين الإسلاميين وبين غيرهم وأنه هدف مشترك ، فانظر إلى الهدف المشترك ، الهدف المشترك يقول الحرية للمتحالفين ، حرية التعبير عن الرأي وحرية الدعوة إليه وحرية نشره  ومحاولة الوصول إلى الحكم وغير ذلك ، كل هذا عندنا تفصليه لحق كل فصيل من الفصيلين .

فحرية الإسلاميين في الدعوة إلى الإسلام وحرية الشيوعيين في الدعوة إلى الشيوعية والاشتراكيين في الدعوة إلى الاشتراكية واللبراليين في الدعوة إلى اللبرالية ،وأن يكون أمر حسن أن يصل الإسلاميين إلى قدر من الولاية وحصة داخل المجلس البرلماني على أنه قدر من الولاية فيكون أيضاً من المستحسن أن يصل الشيوعيين والاشتراكيين وغيرهم فهذا من التحالف الذي فيه مداهنة على الحق والذي فيه إقرار بالباطل وليس من التحالف الذي يكون على إقرار حق يقره الإسلام كأن يكون هذا الكافر يريد أن يمتنع من الظلم ، وهذا ضربنا له مسلم هنا لا يسعف المقام بتفصيله أن الكفار الذين تضامنوا مع قافلة غزة قالوا أنهم بحكم إنسانيتهم يرون أنه من الظلم أن يمنع هؤلاء البشر من الغذاء والدواء أو مما يحتاجو إليه فإذا انضم هؤلاء إلينا أن نمدح دينهم أو نثني على دينهم بل لا بأس أن نشكرهم على صنيعهم لكن لا نثني على منهجهم ، فهذا يكون حلف لرفع ظلم قائم أو لإيجاد حق مفقود ولكن أن يقال أنه يكون من مقتضى ذلك الحلف تمكين هؤلاء من نشر دينهم بين المسلمين أو الدعوة إليه . فهذا مما لا يجوز .

فالأحلاف التي تتم بين أحزاب المعارضة على أنه ينبغي أن تنال جميع حظوظها وحقها في إعلان برامجها واكتساب كوادرها .. إلى آخر هذا الكلام من المداهنة على دين الله تبارك وتعالى ومن الإعانة على نشر هذا الباطل ومن التلبيس على عوام الناس كما ذكرنا .

فكان هذا تعرض لأهم ما ورد في هذه المحاضرة من ردود على الشبهات ، لم ترد في واقع الأمر عل الشبهات إلا بأمور ليست لها وجود حقيقي على أرض الواقع .

نسأل الله تبارك وتعالى أن يهدينا إلى الحق فيما اختلفوا فيه بإذنه .

وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكن , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

الكلمات الدلالية