الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

وأقبل هلال العيد... اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام

هذا يوم عيدنا، نكبِّر ربنا، ونصلي صلاتنا الجامعة، ونصل أرحامنا، وينبغي أيضًا أن نجعل فيه نصيبًا لأهالي مَن سقط مِن ضحايانا

وأقبل هلال العيد... اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام
الدعوة السلفية
الخميس ١٦ يوليو ٢٠١٥ - ١٨:٢٥ م
1673

وأقبل هلال العيد... اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فمن بركة شهر رمضان أن المسلمين يحرصون فيه أكثر على كثير مِن العبادات حتى تلك التي تُشرع في كل الشهور، ومنها هذا الدعاء الجامع الذي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستقبل به كل شهر: (اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالأَمْنِ وَالإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ) (رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني).

ولا شك أننا في هذه الظروف التي نتعرض فيها لهجماتٍ تستهدف أمننا "وأخرى تستهدف إيماننا" - نحتاج أن نقول هذا الدعاء بقلوب صادقة؛ عسى الله أن يكرمنا بالأمن والإيمان.

فلقد تعرضت بلادنا وفي أثناء شهر رمضان الذي بالغ الشرع في وجوب التحوط فيه مِن أذى الغير حتى قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ أَوْ جَهِلَ عَلَيْكَ فَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ) (رواه ابن خزيمة وابن حبان، وصححه الألباني) - لهجماتٍ إرهابية استهدفت أرواح أبرياء مِن اغتيال النائب العام المستشار "هشام بركات"، ومِن استهداف مبانٍ دبلوماسية مما يُعد غدرًا بمن أعطاه المسلمون أمانهم، وقبلوه ضيفًا في بلادهم.

وكان مِن أفحش هذه الجرائم استهداف جنود صائمين يحرسون حدود بلادهم فحصدتهم أيدي الغدر، وهو حادث تكرر مِن هؤلاء القتلة في رمضان على مدار أكثر مِن عام ليضاعفوا بذلك أوزارهم، ويزيدوا مِن رفض الناس جميعًا لهم.

إننا -ونحن نسأل الله الأمن-: علينا أن نواجِه هذا الإرهاب مواجهة شاملة لا تقتصر على المواجهة الأمنية -وإن كانت ضرورية-، بل تتعداها إلى المواجهة الفكرية التي ترد الحجة بالحجة؛ حتى يَقِل عدد المخدوعين بهذه الأفكار، كما ينبغي علينا أن نحصِّن شبابنا مِن هذه الأفكار.

كما يجب أن يعلم الجميع أن حصول المتهمين سواء كانت دوافع الأمور المنسوبة لهم جنائية أو سياسية على محاكمات عادلة هو أحد وسائل تجفيف منابع التعاطف مع الجريمة، ومِن ثَمَّ محاصرة خطر انتشار هذه الأفكار على المدى البعيد.

وإذا كان أمن بلادنا يتعرض لتلك الهجمات الشرسة والتي استوجبت على الجميع مواجهتها، فإن إيماننا تعرض لهجمات ممنهجة صُوِّب الكثيرُ منها تجاه سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، والتي قال الله في شأنه -صلى الله عليه وسلم- وشأن سنته: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) (النحل:44).

وقال آمرًا بقبول هذا البيان منه -صلى الله عليه وسلم-: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (الحشر:7).

ونهى عن التردد في قبول ذلك فقال: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (الأحزاب:36).

وبالفعل بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- الشرائع؛ فصلى وصام وحج، وقال: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) (متفق عليه)، وقال: (لِتَأخُذُوا عَنِّي مَنَاسِككُمْ) (رواه مسلم).  

وجاء شهر رمضان ليتعبد الناس المسلمون فيه بالعبادات الثابتة كتابًا وسنةً، والتي تعلمتها الأمة جيلاً بعد جيل على أيدي فقهاء عظام لا سيما الأئمة الأربعة: "أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد" -رحمهم الله-، وتداول الناس في مساجدهم وفي غيرها الأحاديث الواردة في عبادات رمضان كما وردت في كتب أئمة الحديث، وعلى رأسهم: "البخاري، ومسلم"، لتعلن الأمة لهؤلاء أن ديننا الذي قال الله في شأنه: (أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا) (المائدة:3)، في غنى عن تشغيبات المستشرقين وتلامذتهم.

لقد عاش لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جهابذة بَيَّنوا كل كذب وخطأ فيما نُسب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لتبقى السنة الذكر "الثاني" الشارح للذكر "الأول" (القرآن) محفوظةً كما وعد الله: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9).

إخوة الإسلام...

هذا يوم عيدنا، نكبِّر ربنا، ونصلي صلاتنا الجامعة، ونصل أرحامنا، وينبغي أيضًا أن نجعل فيه نصيبًا لأهالي مَن سقط مِن ضحايانا -بلغهم الله منازل الشهداء-، وينبغي علينا أن نتكاتف لرفع المعاناة عن الفقراء والمساكين، وبعد إخراج زكاة الفطر فما زال المجال متسعًا للصدقة والتوسعة على الفقراء؛ ليشعروا بفرحة العيد مع إخوانهم.

إن مِن أهم ما نخرج به مِن رمضان: روح المودة والتعاون بيْن الأغنياء والفقراء، فيجب أن نستصحبها إلى بقية العام، فلا مخرج لنا مِن أزماتنا إلا في التخلق بالأخلاق التي ينبغي أن يكون عليها المجتمع المسلم، والتي وصفها النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) (رواه مسلم).

فاللهم وحِّد كلمتنا ووحِّد صفوفنا، وارزقنا الأمن والإيمان، وارزقنا العمل بكتابك وسنة نبيك -صلى الله عليه وسلم- حتى نلقاك عليها.

وكل عام وأنتم بخير، وتقبَّل الله منا ومنكم.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com