الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

مع القرآن هكذا ينبغي أن نكون

فلْنَعِشْ مع القرآن الكريم؛ تلاوة وفهمًا، وعملًا وحفظًا

مع القرآن هكذا ينبغي أن نكون
رضا الخطيب
الخميس ٣٠ يوليو ٢٠١٥ - ١١:٢٩ ص
1348

مع القرآن هكذا ينبغي أن نكون

كتبه/ رضا الخطيب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

القرآن -وبعد أكثر مِن أربعة عشر قرنًا- كتاب مفتوح ومنهج قويم يستمد منه أهل هذا الزمان ‏ما يقوِّم حياتهم -لو هدوا إلى اتخاذه إمامًا-، ويلبي حاجاتهم كاملة، ويقودهم بعدها إلى عالم أفضل، وأُفُق ‏أعلى، ومصير أمثل، وسيجد فيه من بعدنا كثيرًا مما لم نجده نحن؛ ذلك أنه يعطى كل طالب بقدر حاجته، ‏ويبقى رصيده لا ينفد، بل يتجدد.‏

إن آيات القرآن الكريم في غاية الدقة والإحكام، والوضوح والبيان، أحكمها حكيم، وفصَّلها خبير، ‏وسيظل هذا الكتاب معجزًا مِن الناحية البلاغية والتشريعية والعلمية والتاريخية وغيرها إلى أن يرث الله ‏الأرض ومَن عليها، لم يتطرق إليه أدنى شيء مِن التحريف؛ تحقيقًا لقوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا ‏لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (الحجر).‏

فالدنيا كلها لم تظفر بكتاب أجمع للخير كله، وأهدى للتي هي أقوم، وأوفى بما يُسْعد الإنسانية، مِن ‏هذا القرآن المجيد، الذي قال الله فيه: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ ‏يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾ (الإسراء: 9).‏

هذا القرآن الكريم أنزله الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم؛ ليُخرج الناس مِن الظلمات إلى ‏النور، قال تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ ‏الْحَمِيدِ﴾ (إبراهيم).‏

ففتح الله به أعينًا عُميًا، وآذانًا صُمًّا، وقلوبا غلفًا، وضمن للمسلمين الأمن والسعادة في دنياهم وأخراهم، ‏إذا هم تَلَوْه حقَّ تلاوته، وتفهموا سوره وآياته، وتفقهوا جمله وكلماته، ووقفوا عند حدوده وَأْتَمَرُوا ‏بأوامره، وانتهوا بنواهيه، وتخلَّقوا بما شرع، وطبقوا مبادئه ومُثُله وقيمه على أنفسهم وأهليهم ‏ومجتمعاتهم.‏

قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ (البقرة).‏

قال ابن عباس: «يتَّبعونه حق اتباعه؛ يُحلون حلاله، ويحرمون حرامه، ولا يحرفونه عن مواضعه». وقال ‏قتادة: «هؤلاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، آمنوا بكتاب الله، فصدَّقوا به؛ أحلوا حلاله، وحرموا ‏حرامه، وعملوا بما فيه».‏

نعم لقد ضرب الجن المثل في حسن إنصاتهم وسماعهم وتجاوبهم مع القرآن؛ فتأثرت به الجن لما ‏سمعوه، وامتلأت قلوبهم بمحبته وتقديره، وأسرعوا لدعوة قومهم إلى اتباعه ﴿فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ‏‏* يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا * وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا ﴾ ‏‏(الجن: 1-3).‏

وقد أخبر الله في القرآن الكريم عنهم أنهم: ﴿قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا ‏بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ‏ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ (الأحقاف).‏

مِن أجل ذلك كله فاق هذا الكتاب المبارك كل ما تقدمه مِن الكتب السماوية، وكانت منزلته ‏

فوق منزلتها، قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ (الزخرف).‏

فلْنَعِشْ مع القرآن الكريم؛ تلاوة وفهمًا، وعملًا وحفظًا؛ فمعايشة القرآن مِن أجَلِّ الأعمال التي ‏يتصف بها المؤمنون.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

 

تصنيفات المادة