الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

مختصر سمات الأداء السياسي لحزب النور

من فهمها جيدًا استطاع أن يتعرف على مغزى كل موقف وأن يتوقع مواقف الحزب فيما يستقبل من أحداث

مختصر سمات الأداء السياسي لحزب النور
محمد إبراهيم منصور
الثلاثاء ١٥ سبتمبر ٢٠١٥ - ١١:٥٣ ص
2772

مختصر سمات الأداء السياسي لحزب النور

كتبه/ محمد إبراهيم منصور

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فقد خاض حزب النور غمار السياسة في مرحلة حساسة من تاريخ مصرنا الحبيبة وكان له مواقف مشرفة شهد المنصفون والعقلاء بسببها للحزب، بالوطنية وإعلاء المصلحة العامة على المصالح الخاصة، فقد كان لأداء الحزب عدة سمات، من فهمها جيدًا استطاع أن يتعرف على مغزى كل موقف وأن يتوقع مواقف الحزب فيما يستقبل من أحداث.

السمة الأولى: أن الحزب يرى حتمية توسيع دائرة تحمل المسؤولية؛ فقد كانت رؤية حزب النور أن الواجب على الإسلاميين حين شكلوا أغلبية البرلمان، توسيع دائرة تحمل المسئولية؛ بحيث يشارك فيها القوى السياسية الوطنية، والكفاءات من كل الإتجاهات؛ وذلك لتحقيق الأمور الآتية:

1- الإستفادة من الكفاءات الوطنية وإشراكها في بناء الدولة يعطي رسالة واضحة بأن الإسلاميين ليسوا إقصائيين وأنهم جاذبون للكفاءات لا طاردون لها، خاصة وأن التركة ثقيلة لا يستطيع الإسلاميون تحملها وحدهم ولو مجتمعين فكيف إذا انفرد فصيل منهم بذلك؟!

    2- كما أن اتباع هذا السياسة يُشعر الجميع بالانتماء وبدورهم في بناء دولتهم؛ مما يسهم في الإسراع بتحريك عجلة الإنتاج والتقدم بالبلاد.

3- توسيع القاعدة الشعبية المقتنعة بالأداء، الواثقة في إدارة الدولة، وإنقاذ هذه القواعد من تلاعب المعارضة الهدامة بها.

      4- تمكين الرئاسة والحكومة من مصارحة المجتمع بحقيقة الحالة الإقتصادية للبلاد؛ مما يجعل الشعب يصبر ويتعاون مع الدولة، وتقل الاضطرابات، والاعتصامات، ويسود الأمن وتتحرك عجلة الإنتاج.

 

§        من أجل هذا كان الموقف المشهور لحزب النور فى أول يوم فى مجلس الشعب 2012 حين سحب أعضاءه من انتخابات اللجان حتى يتم الجلوس مع كل القوى السياسية المشاركة في المجلس لتشارك في مكاتب اللجان؛ لتتم الاستفادة من جميع كفاءات المجلس.

§         ومما يدل على تلك السمة أيضًا: ما كان من رؤية حزب النور فى اختيار المرشح للرئاسة؛ بأن يكون أقرب إلى التوافقية منه إلى الانتماء التظيمي للإخوان أو لغيرهم؛ ولذلك وقع الاختيار على الدكتور أبو الفتوح؛ لأننا وجدنا أنه يجمع أطيافًا من القوى الثورية والوطنية حوله، وفى نفس الوقت يلتف حوله أطياف من التيار الاسلامي.

§        وحين جاءت الإعادة بين الدكتور مرسي والفريق شفيق، كان الاختيار دعم الدكتور مرسي، لكن بشروط، على رأسها توسيع دائرة تحمل المسئولية، وتوسيع دائرة المشورة، وإشراك الجميع في العملية السياسية، إلا أن الإخوان لم يلتزموا بهذا، واعتمدوا المعادلة الصفرية في إدارة الدولة "أنا مائة بالمائة، والباقي لجميع القوى السياسية يساوي صفر) وهذا قاد القوى السياسية إلى معادلة صراع البقاء "إما أنا وإما أنت طالما أنك لا تقبل الشراكة في تحمل المسئولية"، واشتد الصراع واحتدم، واستُخدمت فيه كل الأساليب من الطرفين، وانتهى الأمر بسقوط دولة الإخوان، ومع ذلك لم يقبلوا وساطة أحد لترك المعادلة الصفرية والقبول بحلول وسط حتى لا يعاملهم الطرف الآخر بمعادلة صراع البقاء؛ لأن صراع البقاء أصبح بعد سقوط دولة الاخوان صراع بين جماعة الإخوان ومن تعاطف معهم وبين الدولة، ولن يقبل أحد أن يفرض على الدولة أن تكون طرفًا في معادلة صراع البقاء مهما كان الطرف الآخر في المعادلة؛ لأن النتائج حينئذ ستكون وخيمة ليس على مصر وحدها، بل على المنطقة كلها؛ ومن هنا، يتملكنا العجب ممن يتشكك فى طريقة تعامل حزب النور في البرلمان القادم، مع علم الجميع أنه لن يستطيع أي حزب أن يحقق فيه الأغلبية.

السمة الثانية: اعتماد الحزب سياسة الإصلاح التدريجي لمؤسسات الدولة، لا الصدام معها؛ وذلك لأن أصحاب المناهج الإصلاحية عندهم حس الدولة وأهمية بقائها وتماسك بنيانها المتمثل في استقرار مؤسساتها وعدم انقسام مجتمعها؛ ولذلك يعملون بكل جهدهم للحفاظ على بقاء مؤسسات الدولة واستقرارها حتى لو وقع عليهم بعض الظلم والجور منها وحتى لو كان منها من يقع في بعض المخالفات والأخطاء، فيقومون بدورهم المستطاع في إصلاح الخلل ومعارضته، لكن لا يعملون أبدًا على هدم تلك المؤسسات، بل يقومون بدورهم في حمايتها ممن يعمل على هدمها، فهم يُفَرِّقُون بين المعارضة البناءة والعمل على الإصلاح التدريجي للمؤسسات قدر الطاقة والاستطاعة وبين الهدم وزعزعة الاستقرار.

السمة الثالثة: انتهاج السياسة البناءة، حتى لو كنا في صفوف المعارضة؛ والسياسة البناءة لها أربعة أركان، بغض النظر عن موقع صاحبها، وتلك الأركان هي:

·        دعم القرار والموقف الصحيح، حتى لو كان من المنافسين السياسيين له؛ لأن الموقف أو القرار الصحيح الصائب سيصب فى المصلحة العامة وهي مقدَّمة على المصالح الخاصة.

·        تقديم النصيحة في حالة القرارت المحتملة للتصويب والتخطئة، التي لا نجزم بخطئها وضررها، فتقدم النصيحة بوجهة نظرنا ولا نعمل على تشويه ذلك الموقف المحتمل لأنه يحتمل أن يكون هو القرار الصائب ويكون التشويش عليه مانعًا من تفاعل الشعب معه؛ مما قد يؤدى إلى إفشاله، وهذا ليس في المصلحة العامة.

·        عدم التأخر في تقديم النصيحة الخالصة للدولة في المشكلات التي تواجهها والتي يكون لنا رؤية في حلها أو نستطيع أن نشارك بأنفسنا في حلها.

·        المعارضة للقرارت والمواقف التي نراها ضد مصلحة البلد أو تحمل ظلمًا لأحد، فنعارضها معارضة منضبطة بضوابط المعارضة البناءة المثمرة، لا المعارضة التي تزيد الأمر تعقيدًا.

وهذه السياسة رباعية الأركان هي التي انتهجها الحزب مع الدكتور مرسي وحزبه، حزب الحرية والعدالة، طوال فترة حكمه، فكان الدعم في المواقف الصائبة والنصيحة التي كنا نقدمها كل أسبوع لمكتب حزب الحرية والعدالة وكل أسبوعين لمكتب الرئيس والتي تتضمن تعليقاتنا على القرارت والمواقف المختلفة ومقترحاتنا لحل المشكلات المختلفة واستعداداتنا للمشاركة في الحلول، لكن بلا جدوى، حتى وصل الأمر إلى الانهيار.

السمة الرابعة: إصرار الحزب على العمل بكل ما أوتي من قوة؛ للحفاظ على استقرار الدولة ومنع انزلاقها في مستنقع الفوضى والحرب الأهلية باسم الدين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com