الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

جواب في الإيمان ونواقضه -3

قلنا في أصل الإيمان لابد من وجود تصديق القلب وعمله وهو انقياده وإذعانه وما شابه ذلك ، وقول اللسان كأمر ظاهر

جواب في الإيمان ونواقضه -3
عبد المنعم الشحات
الثلاثاء ٢٩ سبتمبر ٢٠١٥ - ١٥:٠٤ م
1748

جواب في الإيمان ونواقضه (3)

عبد المنعم الشحات

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا

إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له

وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

أما بعد ،،،

لازلنا في تدارس الفقه والجواب في الإيمان ونواقضه للشيخ البراك حفظه الله ، ونحن نعتبرها نوع من أنواع المراجعة على دروس مسائل الإيمان والكفر بصفة عامة ، وقد تناولناها بتفصيل أكثر من ذلك فيما مضى .

تكلمنا في المرتين السابقتين عن مفهوم الإيمان عند أهل السنة ومهفومه عند كل من الخوارج ومجرئة الفقهاء ومرجئة المتكلمين ، وانتهى بنا الكلام عند قول الشيخ :

وبهذا التأصيل والتفصيل يتهيأ الجواب عن سؤالين :

أحدهما : بما يدخل الكافر الأصلي في الإسلام

والثاني : بما يخرج المسلم عن الإسلام بحيث يصير مرتد

واضح أن الإيجاب والسلب قضية واحدة ، يعني قلنا الإيمان قول وعمل وأن شعب الإيمان بعضها أركان وبعضها واجبات وبعضها مستحبات ، وأن أركان الإيمان متى فقدها العبد أو فقد شيئاً منها فقد فقد الإيمان بالكلية ، وأما إن فقد شيء من واجبات الإيمان فيكون إيمانه ناقص ، وأما كمال الإيمان ومستحباته وكمال الإيمان المستحب فمن حصله حاذ فضله ومن لم يحصله لم يلحقه ذم ولا عقاب .

فهنا إذا كان الكلام على الدخول والخروج ، فيكون الدخول بتحصيل أصل الإيمان ، والخروج بنقض شيء من أصل الإيمان .

هذا خلاصة هذا الباب .

لكن قلنا ومثلنا بالإيمان حقيقة مركبة من شعب وأبعاض من شجرة وقلنا أن هذا من أصدق الأمثلة على الأيمان . فلابد من التنبيه لأن المثال ما هو إلا لتوضيح الفكرة ، وبعد أن تتضح الكفرة لابد أن نرجع لموضوعنا الأصلي ونتأكد من أن الجانب الذي أبرزناه في المثال موجود في الموضوع الحقيقي الذي نتكلم عليه .

نحن قلنا أن الشجرة تصلح عندنا كمثال لبيان أن الإيمان مكون من أبعاض ولكن بعض هذه الأبعاض إذا ذهبت صار الباقي لا يستحق اسم شجرة وبعضها ليس كذلك ، وقلنا أن الجزع والجزر والساق هم أصل الشجرة ، إن لم يوجدوا لا يقال عليها شجرة ، فغصن الشجرة وورق الشجرة لا يقال عليها شجرة لأن الشجرة لابد أن يكون فيها أصل قائم ثم نزيد الباقي ، فلو معنا أجزاء من الشجرة ـ بعض أوراق ، بعض ثمار، بعض أغصان ـ ولكن بلا ساق ولا جزر لم تكن شجرة .

وفي المقابل إذا وجد الجزر والساق تقدر أن تقول هذه شجرة ومن الممكن أن تقول شجرة ناقصة ، لكنها شجرة .

إذن وجود هذه الأجزاء يجعلك تقول على المجموع أنها شجرة وينظر إذا كانت ناقصة أم غير ناقصة مذمومة أم غير مذمومة وغياب شيء منها يجعلك أن تقول هي أجزاء من الشجرة ولكنها ليست شجرة ولا تستحق ولا يمكن بحال أن تسمى شجرة.

فما هو الجزء الذي نتكلم عليه ، والقضية هنا أن أصل الأجزاء لا تعتبر أركان في الشجرة ؟

نقول هي المعتبرة سلباً وإيجاباً ، فلكي نقول أن هذه شجرة لابد من وجود الأركان ، وإذا فقد شيء منها مثل الأجزاء التي ماتت ، فلا يصح أن يقال عليها شجرة ، ولو لاحظت هنا تجد جزء من هذه الأركان مستتر وهو الجزر ، ففي العادة عند شراء الشجرة أو عند شراء بستان مثمر ويشتري الأرض بالشجر فأول ما ينظر ينظر إلى جزع الشجرة ويلاحظ أنه ليس به أمراض ويستدل بذلك على أنه مادام الجزع قائم فغالب الظن أن الجزر سليم ، لأنه لو فتش عن جزرها ستموت ، وهنا المثال ليس منطبق بنسبة مائة بالمائة لأنه قد توجد وسيلة أو أخرى لكي تصل إلى الجزر ، ولكن عموماً هو في الطبيعي مستتر والناس في العادة لا تحاول الوصول إليه ، لأنه لا يمكن الوصول إليه إلا بضرر بالغ  أو مشقة بالغة ، فعند شراء شجرة ينظر إلى الجزء الظاهر من الأصل ، ولا ينظر إلى الأصل كله ، بل ينظر إلى الجزء الظاهر من الأصل ، ويفترض أن الباطن المستتر صالح مثله ، مادام أن الظاهر موجود فيكون الأصل أنه نشأ عن باطن سليم وإلا لم يكن الساق سليم ، ولكن عندما يفاجئ أن الشجرة كسرت وساقها مازال سليم لكن يجد أن هناك مرض في الجزر ، فيقول أن هذه الشجرة لم تكن شجرة حية لخلل في الجزر ، فالجزر ظهر الآن واتضح ، وبالتالي عند الإثبات حتى تقيم أن هذه شجرة من عدمها ننظر إلى الأصل الظاهر واستصحب وجود الأصل الباطن ، وبعد أن انتهى من الأصل ينظر إلى الكمال الواجب والكمال المستحب .

في القضية العكسية وهو عند ظهور مرض على الشجرة ومن الوارد أن يظهر عليها مرض في الجزر ، فلا يقول أن الساق سليم وعند تقييمنا أول مرة نظرنا إلى الساق ، نحن نظرنا إلى الساق مستصحبين أن حالة الجزر سليمة لوجود صعوبة للوصول إليه .

الأمر في باب الإيمان مثل هذا بالضبط .

يعني قلنا في أصل الإيمان لابد من وجود تصديق القلب وعمله وهو انقياده وإذعانه وما شابه ذلك ، وقول اللسان كأمر ظاهر . هذه كعقيدة نعتقدها وكبيان نبينه للناس أنه لا يصح الإيمان إلا بذلك .

أما كإجراء أحكام نقول أن الإسلام الكلمة ، كما روي ذلك عن الزهري وقال به الإمام أحمد رحمه الله تعالى .

فنقول أن الإسلام الكلمة ، أي أنه يدخل فيه بالكلمة ، لأن هذا هو الجزء الظاهر من الأصل ، وهنا يضيف شيخ الإسلام ابن تيمية أن الذي يقول ذلك يكون مذهبه عدم كفر تارك الصلاة لأنه لو كان عنده أن فعل الصلاة من الأصل فيكون تركها من النواقض الظاهرة فيقول أنه لابد أن ينطق الشهادتين ويصلي ، كما يذهب إلى ذلك من يذهب من أهل العلم فيقول قال الله تعالى  {  فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم } [التوبة/5] يقول { فإن تابوا } بالدخول في الإسلام والنطق بالكلية { وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة } ، وإن كان الجمهور يقول فإن تابوا أي دخلوا في الإسلام ، ولكي يعصموا دمائهم ويخلى سبيلهم فلابد أن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، ولكن الإسلام حصل بالكلمة ، وسيأتي الخلاف في ذلك .

فهنا نقول أن أصل الإيمان منه جزء ظاهر ومنه جزء باطن ، يدخل الإسلام في دين الإسلام ظاهراً بالإتيان في هذا الإقرار الظاهر ، فم يدخلون باطناً ؟ لابد أن يأتي بالجميع .

وانتبه أن كلمة ظاهراً وباطناً ممكن تحمل على أنها عندنا وعند الله ، لحدوث خلط عند البعض أحياناً ، فيتكلم على أنه عنده درجتين : درجة الإيمان الظاهر ودرجة الإيمان ، رغم أنه كلام متناقض لأنه كيف يكون باطن والناس تتكلم عليه ، فنحن نقول أن الإيمان الباطن يدعى إليه الجميع ، ولابد أن يتحقق الإيمان في قلبك لكي تنجوا عند الله . لكن الظاهر إنما يكون هو الذي تجري به الأحكام . أما في باب النواقض يختلف الأمر ، لأنه ممكن أن يظهر لنا نواقض في الباطن كما سيأتي بيان ذلك .

نقول أننا أثبتنا الأيمان ظاهراً بجزء من الأصل واستصحبنا وجود الجزء الباطن ومن هنا نشأ النفاق ، وباب النفاق لا يحسن فهمه الكثيرون .

الناس في الظاهر فريقان : مؤمنون وكفار لا ثالث لهم . وإحداث قسم ثالث هو بدعة المعتزلة المشهورة .

والناس في الباطن أيضاً فريقان : فلما نتكلم على الإيمان الذي يضاده الكفر الأكبر فتكون المسألة لا تحتمل إلا أحد الاحتمالين إما مؤمن وإما كافر ، ولكن أين يقع النفاق ؟ نقول النفاق هو باعتبار اختلاف حكم الظاهر عن حكم الباطن ، يعني لو افترضنا جدلا بالمثال الذي ضربنا أن أحد الناس يشتري بستان فوجد أن البستان به مائة شجرة ، فيقول أن هناك تسعين صالحين وعشرة غير صالحين لو افترضنا أنه يتكلم على شجرة فيها حياة لأن داخل هذه البستان درجات كما نقول أن داخل الإيمان هناك الفاسق وغيره ، فيقول أن هناك تسعين صالحين وعشرة فاسدين ، فبعد أن تم التعامل مع هذا الشجر يجد أن التسعين الذي اعتبرتهم صالحين وجدنا منهم خمسة فيهم فساد في الباطن ولكن لم تصل إليه وأنت معذور في ذلك ، لكن هؤلاء الخمسة كنا نحكم عليهم بالصلاح وهم فاسدين ، وهذا لا يعلم إلا باختبار أدق ، فممكن أن يحدث أن داخل التسعين وجود خمسة كانوا على خلاف ما هم ، ونقول أن من الممكن أن يكون العشرة الآخرين كان فيهم واحد على خلاف ما نظن ، بمعنى أن تم تقيمه بأنه فاسد فالساق يتبست والجزر ما زال سليم فيغذيها ، أو يقال أنه مثلاً كان عليها ستار لم يظهر فعند كشفه وجدنا أنها سليمة .

فالتقييم المبدأي كان إما صالحاً وإما فاسداً ، وبعد التقييم الدقيق أيضاً مازال أن كل شجرة في حد ذاتها أن كل شجرة إما صالحة وإما فاسدة ، ولكن نقول أن هناك واحدة أخذت صالحة في التقيمين ، وهناك أخذت صالحة في الأول وفاسدة في التقييم الأول ، وهناك من أخذت صالحة في التقيميين ، وهناك من أخذت صالحة في التقييم الأول وفاسدة في التقييم الثاني ، فهنا باعتبار التقيميين مع بعض يكون عندنا أربع أقسام .

فبالنسبة للإيمان نقول أن عندنا حكم الظاهر الذي يقدر عليه البشر ، وحكم الباطن الذي لا يعلمه إلا الله ولكن يعلمه المؤمنون يوم القيامة . حكم البشر يقولون إما مسلم أو كافر ، والله تبارك وتعالى أيضاً يحكم على عباده إما أنهم في دينه أو خارجين عنه ، فحكم الظاهر أحد الحكمين إما مسلم وإما كافر ، وحكم الباطن فيه أحد الحكمين إما مسلم وإما كافر .

باعتبار مجموعهم مع بعض نقول أن هناك من هو مسلم عندنا مسلم عند الله ، وهذا واضح أنه الذي نطق بالشهادتين ظاهراً فحكمنا بإسلامه ، وكان في قلبه تصديق وانقياد وإزعان فهو كان عند الله مسلم . وهناك مسلم عندنا وكافر عند الله ، وهذا هو المنافق .

إذن النفاق وصف لا يظهر إلا في الآخرة ، فنقول أنه هو واحد كنا نظنه مسلماً لأنه أظهر لنا الإسلام في الدنيا وأعلمنا الله بحقيقته في الآخرة ، فهو لا يظهر عندنا نحن ،وهو عند الله كافر ، فالمنافق مسلم عندنا كافر عند الله لأنه أظهر لنا الإسلام لكن في باطنه تكذيب أو شك أو إباء واستكبار لم يبينه ، فيكون هذا المنافق ، إذن نحن لا يمكننا أن نحكم على أحد أنه منافق ، نحن نحكم إما بإسلام أو بكفر ، والنفاق تعريفه هكذا : من أظهر لنا الإسلام وباطنه الكفر ، فطالما نقول أن باطنه الكفر فيستحيل أن نقول على أحد أنه منافق .

هناك من أظهر لنا الكفر وهو كذلك ، وهناك من أظهر لنا الكفر وهو مؤمن عند الله ، وفي هذا ذكرنا المرة القادمة أن المرجئة يتوسعون جداً في هذا الباب ، لأنهم يتصورون وجود من في قلبه تصديق ثم أعرض عن النطق بالشهادتين بلا أي عذر ويقولن أنه كافر عندنا مسلم عند الله ، وطبعاً إجماع أهل السنة على أنه إن ترك الشهادتين مع القدرة فهو كافر باطناً وظاهراً ، لكن يتصور وجود هذا القسم عند أهل السنة فيمن وقع الإيمان في قلبه حال كونه مستضعفاً ، بمعنى أنه أتاه التصديق والإزعان وهو تحت سلطان الكفار لا يملك مهرباً فأصر فيما بينه وبين نفسه وهو مكره إكراه حقيقي وليس معرض ولا مستحب للحياة الدنيا على الآخرة ولا حريص على جاهه وسلطانه عند الكفار ، فنقول بكفره لأننا لم نرى منه إسلام ، ولا حتى أسلم ثم أكره ، فهو لم يظهر لنا الإسلام لأنه أسلم وهو مستضعف فظل كاتماً لإسلامه حتى قبض وهذا كذلك .

فتكون القسمة الرباعية كاملة ، أحيناً نفعل التسقيمة المنطقية ثم نجد قسم لا وجود له في الباطن ، لكن عندنا القسمة الرباعة موجودة ، وإن كنا ننبه تنبيه شديد على أن القسم الرابع نادر جداً وأن المرجئة يدخلون في أقوم ليسوا منه عند أهل السنة ولا وجود لهم ولا يمكن حصولهم أصلاً ، وهذا ما بينه شيخ الإسلام وبين أن الافتراض الذي يقوله المرجئة وهو أن من صدق بقلبه وأزعن ولم يتكلم بالشهادتين ولم يتكلم بالشهادتين حتى قبض وهو كذلك يقول عنه ابتداءاً كلام متناقض ، لأن امتناعه عن النطق بالشهادتين مع القدرة دليل جازم على أن في قلبه إما تكذيب وإما شك أو على الأقل إباء أو استكبار ، ولا يمكن أن يكون في قلبه تصديق وانقياد وإزعان ثم يمتنع أن يظهر ذلك بلسانه مع القدرة .

فهذه خلاصة المسألة .

ما هو تعريف النفاق ؟

فقد يستشكل على ذلك ويقال يوجد لفظ نفاق في الدنيا وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بجهاد المنافقين ؟

نقول أن المنافق حسب التعريف الذي ذكرناه هو من أظهر لنا الإسلام وأبطن الكفر ، ونحن لا نرى الباطن ، فإن رأيناه وظهر صار هذا كافراً ظاهراً وباطناً ولكنه قد يسمى منافقاً باعتبار أنه كان يظهر الإسلام ، أو باعتبار أن كثير من أمثال هؤلاء يصر على انتسابه للإسلام بعد أن يظهر منه استهزاء أو سخرية أو طعن في الشرع ، يصر على ما هو فيه من الكفر ويصر على انتسابه للإسلام ، فهذا النوع من المنافقين النفاق الأكبر الذين نسميهم نفاق أكبر ، فهذا كافر ظاهراً وبطاناً ولكنه كافر مع ارتكابه الكفر الأكبر الواضع يصر على انتسابه للإسلام ، ويكون هذا نوع غير نوعية الكافر ظاهراً وكافر باطناً ، فإذن المنافق الذي أظهر الكفر مع إصراره لانتسابه للإسلام يظل أن هذان نوع من الكفار  ، ويبقى أن الناس فريقان : مؤمنون ، وكفار . في الظاهر لا نحكم إلا بذلك وفي الباطن لا نحكم إلا بذلك ، ولكن مع اعتبار أنه من الممكن أن يصيب حكم الظاهر خلل لعدم معرفة الباطن يظل عندنا أربع أقسام كما ذكرنا .

يقول الشيخ : وبهذا التقسيم والتفصيل يتهيأ الجواب عن سؤالين :

أحدهما : بما يدخل الكافر الأصلي في الإسلام ويثبت له حكمه

والثاني : بما يخرج المسلم عن الإسلام بحيث يصير مرتداً

فأما الجواب عن الأول فهو :

أن الكافر يدخل في الإسلام ويثبت له حكمه بالإقرار بالشهادتين : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، من أقر بذلك بلسانه دون قلب ، لا إسلام إلا بإيمان ولا إيمان إلا بإسلام . وهذا الإقرار الذي تثبت به حقيقة الإسلام يشمله ثلاثة أمور :

تصديق القلب وانقياده ونطق اللسان

يقول : وبانقياد القلب ونطق اللسان يتحقق الإقرار ظاهراً وبطاناً ، وذلك يتضمن ما عيرف عند أهل العلم بالتزام شرائع الإسلام ، وهو الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم وبما جاء به ، وعقد القلب على طاعته ، فمن خلا عن هذا الالتزام لم يكن مقراً على الحقيقة .

فالأركان ثلاث أشياء :

تصديق القلب ، وانقياده ، ودائماً يعبرون بالانقياد عن كل الأعمال القلبية ، والثالث نطق اللسان .

فإذا حصلهم العبد صار مؤمناً وإذا فقد شيئاً منهم صار كافراً . ومن هنا جاءت أنواع الكفر .

يعرف العلماء سبب كفر الناس كنوع من البيان والتوضيع ، فهي تكفر لأنها فقدت شيء منهم .

يقول : إن مسألة التصديق قد لا يصل إلى التصديق فيكون عنده تكذيب أو شك أو إعراض ،

الإعراض المقصود هنا : أن يعرض عن سماع الحجة أو يعرض عن سماع الرسول ، مثل أن يأتيه الرسول أو تأتيه الحجة فلا يسمع ، فلو قلت له أن الرسول جاء بكذا وكذا تجده يصم أذنه ولا يتعرض لـ لا إله إلا الله التي جاء بها الرسول لا بتصديق ولا بتكذيب ، وهذا أمر موجود الآن في أوروبا ، ويقال أن كثير من الناس رافض يتكلم في مبدأ الدين ، فهذا نوع من الكفر .

فالإعراض الذي يمنعه من أن يعرف هذا إعراض مانع من المعرفة ، فإن لم يعرض حصلت لديه المعرفة بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ،

فهو يبقى له ثلاث أشياء : إما أن يصدق وإما أن يكذب وإما يشك .فإن لم يصدق فهو كافر سواء كان عندك شك أو عنده تكذيب ، وأحياناً البعض يظن أنه أرحم بالعباد من ربهم وخالقهم ،

يقول قائل هل الذي يشك هذا يكون خالد مخلد في النار رغم أنه شك ؟

نقول لا يشك إلا لخبث في نفسه ، ولا يستمر معه الشك ، لو كان قاصداً للحق يصل إليه ويكون على يقين من ذلك . فإذن الذي يشك لا يلومن إلا نفسه ، ولا يستمر على الشك إلا كما يستمر المعرض على الإعراض ، ـ نحن نتكلم بما يدخل الكافر الإصلي في الإسلام ـ الكافر الأصلي جاءته الحجة وهي سماع خبر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهذه هي الحجة التي تقام للكافر ، بأن يعرف أن هناك رسول دعا إلى عبادة الله وحده ، والمسلم قبل أن نحاسبه على أي شيء لابد أن يكون بلغته الحجة التفصيلية ، والذي لم يقل الشهادتين لابد أن يبلغه أن هناك من يدعو إليهما ، فإذا بلغته إما أن يسمع وإما أن يعرض ، فينشأ من هذا أو نوع من الكفر وهو كفر الإعراض ، فإذا سمع وحصلت له المعرفة بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فإما أن يكذب أو يشك أو يكذب ، فإن شك أو كذب فهذان نوعان من الكفر ، فإن صدق لا يكون هذا إيمان ، لأنه كم من مصدق للحق ويعاديه ، { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم } ، فيأتي بعد ذلك الانقياد ، فيكون التصديق بمعنى أن يقع في القلب يقين بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإلا فالتصديق قد يكون في اللغة أعم من مجرد الاعتقاد الجازم بصدق المخبر ، بل التصديق يحتاج إلى عمل ، فلو تجارينا مع الاصطلاح فالتصديق الذي هو حصول اليقين بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم ليس إيماناً ، فالذي يأتي به ولم يكمل ما زال في كفره ، ومعظم الكفار كذلك ، وهذا هو حال فرعون ، وهذا هو حال إبي طالب فقال أبو طالب " لقد علمت أن دين محمد من خير أديان البرية ديناً ولولا خوف مسبة أو ملامة لوجدتني سمحاً بذاك مبيناً " ، فبعد أن علم الصدق فإما أن ينقاد قلبه لهذه الكلمة ولما دلت عليه أن يقر بأنها صحيحة وإلا ممكن الاستكبار يمنعه أن يقول أنها صحيحه رغم أنه يعرف من داخله أنها صحيحة ، فلابد أن يقول ما دام أن هذه الكلمة صحيحه ما دام أن الله هو الإله إذن فهو المعبود فيقول أنه عبد فيجب أن يعبد ذلك المعبود ، فهذا هو الذي ينبغي أن يكون .

قال : فإذا حصل فهذا الذي يسمونه الانقياد، فمن الممكن تجد أحياناً يميزون بين القبول والانقياد ، بمعنى أن الاعتراف بأن الكلمة صحيحه ثم الانقياد لمقتضى الإلوهية بأن يكون عبد فعله أن يطيع شرع الرب ، لكن هنا في قضية الإيمان والكفر نعبر عن كل أعمال القلوب سوى التصديق أحياناً يعبرون عنها بالانقياد لأنه معبر عنها في الجملة .

قال : وأما الانقياد فإنه يتضمن الاستجابه والمحبة والرضا والقبول .

فهو هنا تكلم عن الانقياد وضم معه القبول ، وهو من الممكن أن يفصل الاثنين .

وضد ذلك الإباء والاستكبار ، فمن الممكن عند كلاهم عن الكفر يفرقونهم عن بعضه ويقولون أنهم نوع واحد .

فلماذا يبينون ذلك ؟

أولاً في باب دعوة الكفار من المهم جداً معرفة أنك من الممكن أن تواجه عدد كبير جداً من الكفار مشكلته الإباء والاستكبار ، وكل واحد منهم علاجه مختلف عن الآخر ، فعلاج الإعراض غير علاج الشك ، والواقع في الشك يحتاج إلى حجج ودلائل ، والواقع في الاستكابر يحتاج إلى ترهيب أكثر ومحاولة تليين قلبه ، إلى غير ذلك .

فقال : وضد ذلك الإباء والاستكبار ، ويكون هذا هو النوع الرابع من الكفر .

فيكون بالترتيب :

إما يحصل كفر وإعراض ، فإن نجا منه وسمع الحجة فقد يحصل له كفر شك وتكذيب فإن نجا منه وحصل عنده التصديق فقد يحصل له كفر إباء واستكبار ، فإن نجا منهم فلابد وأن يعترف بلسانه ، وإلا لم يكن نجا منهم .

ولذلك نتكلم عن الأمر الثالث وهو النطق باللسان ، فقال : وضده التكذيب .

وكأن التكذيب تكرر معنا مرتين ، فأحياناً يسمعون تكذيب اللسان جحود وتكذيب القلب تكذيب ، بمعنى أنه متصور وجود كفار كفروا لأنهم يروا أن النبي صلى الله عليه وسلم كاذباً ، وهؤلاء كفار بلا شك ولا يصلون إلى ذلك إلا نتيجه عمى في القلب ، ولكن أحيناً نفرق ونقول أن كفر التكذيب نعني به الذين يكذبون فعلاً ، وكفر الجحود الذين يكذبون بلسانهم { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم }

وكنوع من الاصطلاح ساعات يقولون كفر الجحود كنوع من الدلالة على من كذب بلسانه ، والذي كذب بلسانه يكون في قلبه شيء آخر غير التكذيب ، فهو عنده في قلبه من الصديق ولكن عنده إباء واستكبار ، أو عنده نوع يقولونه في الشرك شرك المحبة وهو أن يكون معظم في قومه وحصل لديه يقين بصدق الدين فيضطر يقول ما يقوله قومه حتى يظل معظماً عندهم . فهذا يسمى بشرك المحبة ، فهو جعل حبه لقومه أعلى من حبه لله فجحد الحق ، فهو كفر كفر جحود وشرك محبة ـ الاثنين جميعاً ـ كفر الجحود الذي كان سببه شرك المبحة ، فإذن الجحود كاصطلاح يطلقونه على توصيف حالة من كذب بلسانه مع تصديق قلبه ، وأما النطق باللسان فضده الجحود والإعراض .

يقول : فمن صدق بقلبه وكذب بلسانه فكفره كفر جحود ، ومن أقر بلسانه دون قلبه فكفره كفر نفاق . أيضاً الإعراض بالنسبة للسان أنه يقول أنه لن يتعرض لما جاء به الرسول تكذيباً ولا تصديقاً .

فهو كرر التكذيب الإعراض مرتين :

مرة كتوصيف حقيقي لحالة القلب ، بمعنى أن يكون واحد أعرض فعلاً فلم يسمع ولم يحصل عنده علم بما يدعو إليه الرسول ومن ثم صار هو معرض عن سماع الحجة ، ومن باب أولى لم تطالبه أن يقول رأيه في شيء لم يعلمه . لكن هناك من الناس بعد أن تسمع وتصدق بمعنى أن يحصل لديها علم بصدق خبر الرسول صلى الله عليه وسلم تقول بلسانها أن هذا كذب ، فهذا سماه كفر الجحود ، كأن يأتي بلسانه ويمتنع عن وصف هذا الكلام هل حق أو باطل .

فالشيخ يقول : فنتج عن هذا ستة أنواع من الكفر كلها ضد ما يتحقق به أصل الإسلام وهذه الأنواع هي :

كفر التكذيب

كفر الشك

كفر الإعراض

كفر الإباء

والخامس كفر الجحود وكفر الإعراض

وهو طبعاً قسمهم من قبل هذه التقسيمة :

ثلاثة ضد التصديق

وواحد ضد الانقياد

واثنين ضد نطق اللسان

والاثنين الذين ضد نطق اللسان لن يحصلوا إلا بخلل آخر في القلب ، ولذلك لم يدرجهم ابن القيم رحمه الله عندما تكلم عن أنواع الكفر ، وإنا أدرج الأربعة الأول وأدرج معهم كفر النفاق الذي أشار إليه الشيخ ولكن لم يعده ضمن الستة حين قال : فمن أقر بلسانه دون قلبه فكفره كفر النفاق ، فكأن ما جرى عليه ابن القيم رحمه الله أنه قال أن الأربعة الناشئين عن القلب ولأنه من الأمور التي كان فصل فيها جداً شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أن الكفر الظاهر لابد أنه نابع من كفر في الباطن ، فهم كفاية عند حصول تكذيب أو إعراض على اللسان يساوي أنه حصل في القلب إباء واستكبار .

فكر الجحود والاستكبار الذي وضعهم هنا الشيخ عند ابن القيم وعند ابن تيمية يكونون نوع من انواع كفر الإباء والاستكبار ، ولا مشاح في الاصطلاح كما ذكرنا .

يقول : ومن كفر الإباء والاستبار الامتناع عن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم والاستجابه لما يدعوا إليه ولو مع التصديق بالقلب واللسان وذلك ككفر أبي طالب وكفر من أظهر الاعتراف بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود وغيرهم ، فاعترفوا بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم ولكن قالوا أنهم لن يتبعوه ، فهذا كفر إباء واستكبار .

انظر إلى قول ابن القيم في أنواع الكفر :

قلنا أنها قال أربعة ، نوعان جعلهم الشيخ كفر في مقابلة نطق اللسان وهم داخلين في كفر الإباء والاستكبار لأنه لن يحصل أن يظهر على اللسان تكذيب أو حتى امتناع ـ أعراض ـ عن نطق الشهادتين أو الامتناع عن قبول الشرع إجمالاً إلا نتيجه وجود شيء في القلب إما تكذيب وإما إباء واستكبار وهو الغالب .

فإذن هم داخلين في الإباء والاستكبار .

الإمام ابن القيم تكلم على المسألة في مدارك السالكين في منزلة التوبة في أجناس ما يتاب منه ومنها الكفر .

قال : والكفر نوعان : أكبر وأصغر ، وتكلم عن الكفر الأصغر . ونحن هنا نتكلم في باب ما يدخل به العبد في الإسلام وما يخرج ، ونتكلم عن الكفر الأكبر .

قال : وأما الكفر الأكبر فخمسة أنواع :

كفر تكذيب

وكفر استكبار وإباء مع التصديق

وكفر إعراض

وكفر شك

وكفر نفاق

قال : فأما كفر التكذيب فهو اعتقاد كذب الرسل ، فهم يصفوا كفر التكذيب للذي عنده تكذيب حقيقي ، وإلا فمن جحد بلسانه جعل له الشيخ البراك قسم مستقل وهو عند ابن القيم داخل في كفر الإباء والاستكبار ، وهو كذلك .

قال : فهو اعتقاد كذب الرسل ، وهذا القسم قليل في الكفار . فإن الله تعالى أيد رسله وأعطاهم من البراهين والآيات على صدقهم ما أقام به الحجة وأزال به المعذرة ، قال الله تعالى عن فرعون وقومه { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً } إذن كفر جحود اللسان كان ناشيء من طلب العلو في الأرض ، فهذا كفر الإباء والاستكبار في الحقيقة ،وقال لرسوله { فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون } .

قال : وسمي هذا كفر تكذيب أيضاً فصحيح إذ هو تكذيب باللسان .

فهذا كفر تكذيب وكفر جحود ، وقد يكون أحياناً ناشيء عن تكذيب في القلب ، وأحياناً لا يكون ناشيء عن ذلك فهذا يكون إباء واستكبار في الواقع .

قال : وأما كفر الإباء فنحو كفر إبليس فإنه لم يجحد أمر الله ولا قابله بالإنكار وإنما تلقاه بالإباء والاستكبار ، ومن هذا كفر من عرف صدق الرسول  صلى الله عليه وسلم  وأنه جاء بالحق من عند الله ولم ينقاد له إباءاً واستكباراً وهو الغالب على كفر أعداء الرسل كما حكى الله عن فرعون وقومه { أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون } وقول الأمم لرسولهم { إن أنتم إلا بشر مثلنا } وقول { كذبت ثمود بطغواها } وهو كفر اليهود كما قال تعالى { فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به } وقال { يعرفونه كما يعرفون أبناءهم } وهو كفر أبي طالب ، فإنه صدقه ولم يشك في صدقه ولكن أخذته الحمية وتعظيم آباءه أن يرغب عن ملتهم ويشهد عليهم بالكفر .

يقول : وأما كفر الإعراض فأن يعرض بسمعه وقلبه عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصدقه ولا يكذبه ولا يواليه ولا يعاديه ولا يصغي إلى ما جاء به البتة ، كما قال أحد بنو عبد ياليل للنبي صلى الله عليه وسلم : والله أقول لك كلمة إن كنت صادقاً فأنت أجل في عيني من أن أرد عليك وإن كنت كاذباً فأنت أحقر من أن أكلمك ، وأعرض عن سماع الحجة ،

وأما كفر الشك فإنه لا يجزم بصدقه ولا بكذبه بل يشك في الأمر ، وهذا لا يستمر شكه إلا إذا ألزم نفسه الإعراض عن النظر في آيات صدق الرسول صلى الله عليه وسلم جملة ، فلا يسمعها ولا يلتفت إليها ، وأما مع التفاته إليها ونظره فيها فإنه لا يبقى معه شك ، لأنها مستلزمة للصدق لاسيما بمجموعها ، فإن دلالتها على الصدق كدلالة الشمس على النهار .

يقول : وأما كفر النفاق فهو أن يظهر بلسانه الإيمان وينطوي بقلبه على الكفر ، فهذا هو النفاق الأكبر ، وسيأتي بيان أقسامه إن شاء الله تعالى

يقول : وكفر الجحود كفر مطلق عام وكفر مقيد خاص ، فالمطلق أن يجحد ما أنزله الله وإرساله الرسول صلى الله عليه وسلم ، والخاص المقيد أن يجحد فرضاً من فروض الإسلام أو تحريم محرم من محرماته أو صفة وصف الله بها نفسه أو خبراً أخبر الله به عمداً أو تقديماً لقول من خالفه عليه لغرض من الأغراض .

وأما جحد ذلك جهلاً أو تأويلاً يعذر فيه صاحبه فلا يكفر صاحبه كحديث الذي جحد قدرة الله عليه وأمر أهله أن يحرقوه ويذروه في الريح ، ومع هذا فقد غفر الله له ورحمه بجهله ، إذا كان ذلك الذي فعله مبلغ علمه ولم يجحد قدرة الله على إعادة عناداً أو تكذيباً .

فهنا باختصار باب ما يدخل به العبد في الإسلام وأنواع الكفار الأصليين كيف نشأ كفرهم ، أو ما هو حجر العثرة الذي منعهم من أن يدخلوا في الإسلام . هل كان الإعراض عن سماع الحجة أم تكذيبها بعد سماعها أو الشك فيها أو كان الإباء والاستكبار بعد المعرفة والتصديق ولم يحصل الانقياد وإنما حصل إباء واستكبار كما بينا . فهذا يتبين به أسباب كفر الناس ،وهو نوع كبيان على مستوى دراسة القضية من الناحية العقدية ويفيد من الناحية الدعوية محاولة استنباط موقف كل كافر وموقفه من الشرع وعند أي نقطه يقف حتى يعطى العلاج المناسب من المناظرة أو من الترغيب أو من الترهيب أو ما شابه ذلك .

فهنا أجبنا على السؤال الأول من السؤالين الذين شرع الشيخ في الإجابة عليهما بعد أن ذكر حقيقة الإيمان عند أهل السنة والجماعة وعند غيرهم ، وبدأ في الإجابة على سؤالين كان الأول منهما بم يدخل الكافر الأصلي في الإسلام والثاني بم يخرج المسلم عن الإسلام .

هذا نوضحه في المرة القادمة إن شاء الله تعالى .

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

ربما يهمك أيضاً

الولاء والبراء -12
1563 ٢٧ يناير ٢٠١٦
الولاء والبراء -11
1704 ١٨ يناير ٢٠١٦
الولاء والبراء -10
2032 ١١ يناير ٢٠١٦
الولاء والبراء -9
2028 ٠٤ يناير ٢٠١٦
الولاء والبراء -8
1665 ٢٨ ديسمبر ٢٠١٥
الولاء والبراء -7
1429 ٢١ ديسمبر ٢٠١٥