الأربعاء، ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٤ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الأخوة الإيمانية والمرآة

لمؤمن مرآة المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه

الأخوة الإيمانية والمرآة
خالد آل رحيم
الأربعاء ٠٧ أكتوبر ٢٠١٥ - ١١:٢٣ ص
1225

الأخوة الإيمانية والمرآة

كتبه/ خالد آل رحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

وصف الله تعالى المجتمع الإيماني بوصفين:

الأول: قوله تعالى: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، قال ابن عاشور: فالمراد هنا الذل بمعنى لين الجانب وتوطئة الكنف، وهو شدة الرحمة والسعي للنفع، ولذلك علق به قوله: على المؤمنين .

الآخر: قوله تعالى: ﴿رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ، قال الأشقر: أي متوادون متعاطفون على خلاف ما يفعله المنافقون إذا ولوا الأمر من لينهم لأهل الكفر وشدتهم على المسلمين، ولذلك حذر صلى الله عليه وسلم خليل السوء، فقال: اللهم إني أعوذ بك من خليل ماكر عينه تراني وقلبه يرعاني إن رأى حسنة دفنها إن رأى سيئة أذاعها (السلسلة الصحيحة).

وفي الحديث عند أبي داود وقد حسنه الألباني رحمه الله:

قال : والمؤمن مرآة المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه.

قال صاحب كتاب وقفات تصحيحية:

ولي مع هذا الحديث وقفة بلاغية شرعية لنتأمل دقائق معانيه ونستنبط عميق خوافيه ومنها:

-         أن المؤمن يُري أخاه عيوبه التى لا يمكن أن يراها من نفسه كما أن كثيرًا من أعضاء الجسد وعيوب البدن لا يمكن رؤيتها إلا بالمرآة فيعلمك أخوك المؤمن إذا جهلت ويذكرك إذا نسيت وينبهك إذا غفلت ويصوبك إذا أخطأت.

-         والمرآة صادقة فيما تعكسه من هيئتك وكذلك المؤمن صادق معك لا يحمل تجاهك غلا ولا غشًّا، يريك حسناتك ويشكرك عليها ويريك سيئاتك وينبهك إليها.

-         وهو يريك عيوبك كما هي دون تهويل أو تضخيم؛ فالمرآة إنما تُريك ما في بدنك دون زيادة أو نقصان.

-         المرآة صافية ناصعة كصفاء قلب المؤمن في إخلاصه لنصيحة أخيه وحب الخير له وكذلك من اجتمع فيه خلائق الإيمان.

-         والمرآة بالغة النعومة في ملمسها وكذلك الأخ في تعامله وكلامه ونصيحته.

-         والمرآة صامتة تُريك ما في بدنك بصمت وهكذا المؤمن الناصح الصادق ينصحك ولا يفضحك يخافتك ويهمس في أذنك بخطئك فلا تسمعه أذنك الأخرى.

-         وإذا ابتعدت عن المرآة زالت صورتك وهكذا المؤمن إذا غبت عنه كتم سرك ولم يهتك سترك بل تناسى عيبك ولم يُقلب في قلبه ذنبك.

-         والمرآة من خاصة الرجل ومقتنياته التي يحتفظ بها وكذلك الأخ المؤمن الصالح الناصح مما ينبغي أن يُقتني ويحتفظ بوده وخلته.

-         والمرآة من أهم وسائل الزينة وكذلك المؤمن يتزين بأخ له صالح.

-         والمرآة بالغة الحساسية فهى تحتاج إلى رعاية خاصة لتحتفظ بنقائها وتسلم من انكسارها، فكذلك تعاملك مع أخيك المؤمن لابد من مراعاته فلا تأتيه إلا بما تحب أن يأتيك.

-         والمرآة لا تريك إلا الموضع الذى تحتاجه منها فلا تتبع المواضع الأخرى وهكذا المؤمن مع أخيه يغضي عنه ولا يستقصي له كما قال رجاء بن حيوى: من عاتب إخوانه على كل شيء كثر أعداؤه.

-         والمرآة لا تطلع إلا على الظاهر فلا سبيل لها إلى الباطن وهكذا هو المؤمن يعامل أخاه بظاهره ولا يتكلف الخوض في باطنه ولا يطعن في نيته فضلا عن صدقه وإيمانه (انتهى).

-         ولذلك أخبرنا الله تعالي أن كل خلة وكل نسب مقطوع يوم القيامة إلا خُلة الإيمان فقال جل وعلا: ﴿الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ.

قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: صارت كل خلة عداوة يوم القيامة إلا المتقين، وروى الحافظ ابن عساكر عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أن رجلين تحابا في الله، أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب، لجمع الله بينهما يوم القيامة، يقول: هذا الذي أحببته فيَّ».

نسأل الله تعالى أن نكون من المتحابين فيه، وأن يجمعنا تحت ظل عرشه إخوانًا على سرر متقابلين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة