الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك

معاني التلبية منهج حياة للفرد المسلم والأمة الإسلامية

لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك
إبراهيم بركات
الأربعاء ٠٧ أكتوبر ٢٠١٥ - ١١:٤٨ ص
1332

لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك
معاني التلبية منهج حياة للفرد المسلم والأمة الإسلامية

كتبه/ إبراهيم بركات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

قال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ (آل عمران: 97)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا، قال: حج مبرور". (متفق على صحته).

والحج طهارة وتوبة واجتماع للأمة وترسيخ ثوابت الإيمان، قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا﴾ (الحج: 26). تلك طهارة القلب مِن الشرك ليقوم الحاج بطهارة التوحيد، وهذا أول تكليف: توحيد الله تبارك وتعالى ليتسنى له القيام ببقية المناسك والتكاليف الشرعية، ثم التكليف بطهارة المكان ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾، ثم الإعلان والنداء بالحج ﴿ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ ...﴾.
ومما نراه مِن مظاهر طهارة القلب: تعظيم شعائر الله عز وجل وتعظيم حرماته، وذلك له مِن الثمار مِن تقوى القلوب وما يتبع ذلك مِن الخير العميم للعبد عند الله في الدنيا والآخرة.
ومِن مقاصد الحج: تحقيق التوبة واللجوء إلى الله عز وجل، لذلك نرى من أهم علامات قبوله ومعاينة ثماره أن مَن حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه، كما في الحديث المتفق على صحته؛ لأن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، وذلك يعاين في كل مناسك الحج من بيت الله الحرام ومنى وعرفات ومزدلفة وحين رمي الجمار الثلاث، وكذلك عند الطواف والصلاة خلف الركن وفي السعي بين الصفا والمروة.

لبيك اللهم لبيك *** لبيك لا شريك لك لبيك
إن الحمد لك والملك *** لا شريك لك لبيك

هذه الكلمات المباركات منهج حياة؛ ففيها معنى الاستجابة؛ أي إجابتك لك يا ربي، والتكرار يفيد التوكيد؛ أي: أجبتك مسرعًا دون إبطاء، لهذا يجب على الحاج، بل على كل مسلم أن يستجيب لأمر الله عز وجل ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾؛ فالاستجابة لله عز وجل حياة ويقظة وبداية مرحلة جديدة مع بشائر الإيمان وثمار الإقبال علي الله عز وجل، كذلك التلبية تفيد الإقامة لله عز وجل في هذه الحياة؛ أي: إقامتي معك يا رب مأخوذ من ألب بالمكان إذا أقام به ثم التثنية أي إجابة بعد إجابة، وإقامة بعد إقامة، كما يقال: حنانيك؛ أي: رحمة بعد رحمة.
ومِن معانيها اتجاهي إليك وقصدي من قولهم: "داري تلب دارك؛ أي: تواجهها، والتثنية للتأكيد، ومن معانيها محبتي لك يارب من قول العرب: "امرأة لبه إذا كانت محبه لولدها"، كذلك مِن معانيها الإخلاص؛ أي: إخلاصي لك من لب الطعام ولبابه.
كذلك مِن معانيها الإلباب، وهو الاقتراب؛ أي: اقتراب إليك بعد اقتراب، كما يتقرب المحب من محبوبه، وكذلك سعديك من المساعدة وهي المطاوعة.

ومعناها مساعدة في طاعتك وما تحب مساعدة بعد مساعدة.
وكذلك مِن معانيها انقياد لك بعد انقياد مِن قولهم لبب الرجل إذا قبضت على تلبيبه ومنه لببته بردائه أي انقدت لك وسعت لك نفسي خاضعة ذليلة.

كذلك مِن معانيها انشراح الصدر واتساع القلب لقبول دعوتك وإجابتها متوجهًا إليك بلبب رخي بوجد المحب إلي محبوبه لا بكره ولا تكلف.
لذلك نرى كلمات التلبية وما فيها من استجابة وإقامة ووجهة وحب وإخلاص وانقياد وانشراح الصدر وسعادة تدل على يقظة جديدة للفرد المسلم مع حياة جديدة مع الأمة كلها في المناسك ليعود قائمًا بتوحيد الله والدعوة إليه عز وجل والاجتهاد في اجتماع كلمة الأمة باقي العام كما اجتمع أيام معدودات يقيم تكاليف الله الشرعية ويسعد بالذل والخضوع لله عز وجل بملابس الإحرام وبعد التحلل منها ويكن لباس بعد ذلك لباس التقوى، ولباس التقوى ذلك خير.
ومِن فضل الله على المسلمين في أيام الحج فضل صيام يوم عرفة تكفير ذنوب عامين لغير الحاج، وفضل العمل الصالح في العشر من ذي الحجة، وكذلك نرى فرحة المسلمين يوم العاشر من ذي الحجة بعيد الأضحي وما فيه من الذكر "الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد"، وما يجب على المسلم من فهم معاني تلك الكلمات المباركات كما فهم معاني كلمات التلبية.
ثم يحيا المسلم كل يوم مع الكلمات المباركات في الأذان وما يجب أن يردده مع المؤذن مِن الله أكبر الله أكبر.
نحيا على ذلك ونسأل الله حسن الخاتمة والموت على لا إله إلا الله.

وصلى اللهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com